As-Safir Newspaper - قاسم قصير : نحـو مشـروع عربـي ـ إسـلامي لمواجهـة «الفتنـة المذهبيـة»
بيروت تشهد لقاءات بين قيادات «إخوانية» ومسؤولين إيرانيين
نحـو مشـروع عربـي ـ إسـلامي لمواجهـة «الفتنـة المذهبيـة»
قاسم قصير
أضحت بيروت محوراً لكثير من اللقاءات والاجتماعات الإسلامية التي تناقش سبل التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة. وعلى هذا الأساس، استقبلت العاصمة اللبنانية مؤخراً قيادات «إخوانية» عربية وقيادات في أحزاب إسلامية مصرية، إضافة إلى عدد من المسؤولين الإيرانيين الذين شاركوا في مؤتمرات إسلامية حول قضايا فلسطين والوحدة الإسلامية والتطورات الجارية في الدول العربية.
وقد أتاح وجود هؤلاء المسؤولين الإيرانيين في بيروت عقد لقاءات بعيدة عن الأضواء مع بعض قيادات «الاخوان المسلمين»، تحت عنوان «البحث في كيفية التعاون لمواجهة المستجدات الحاصلة في مصر وسوريا، وكيفية وضع خطة عمل مستقبلية تواجه مخاطر الفتنة المذهبية والتحديات الناشئة عن وصول «الحركات الاسلامية» الى مواقع متقدمة في الحكم في عدد من الدول العربية».
وتشير المعلومات الى أن المسؤولين الإيرانيين عبروا عن ارتياحهم لأجواء اللقاءات التي عقدت ووعدوا بمتابعة الافكار والملاحظات التي قدمت من قبل المسؤولين في «الاخوان المسلمين» لمعالجة الثغرات القائمة في العلاقة بين الطرفين والبحث في تعزيز التواصل والتعاون مستقبلا.
وفي موازة هذه الاجواء، بدأت اوساط قيادية اسلامية لبنانية تدرس كيفية العمل لمواجهة اجواء «الفتنة المذهبية» المتزايدة في العالمين العربي والاسلامي، وبالتالي السعي للتوصل الى مشروع عربي - اسلامي متكامل لمنع أية فتنة شيعية - سنية جديدة قد تمتد تداعياتها عشرات السنين اذا لم يجر تفاديها منذ الآن.
وفي هذا الاطار، قدم النائب علي فياض خلال لقاء خاص مع كوادر إسلامية مشروعا جديدا تحت عنوان «وستفاليا عربية إسلامية»، وهو مشروع شبيه بالمعاهدة التي حصلت في أوروبا في وستفاليا في العام 1648 وأنهت الحرب الدينية بين «الأمم» الاوروبية في القرن السابع عشر، بعد أن دامت طيلة 30 سنة.
ويعتبر فياض «ان المشروع الجديد يهدف لمنع حصول حرب مذهبية جديدة قد تمتد لعشرات السنين في ظل ما نشهده من مخاطر وتحديات في العالمين العربي والإسلامي».
وأوضح فياض «ان من الأسباب التي دفعته لطرح المشروع ما يلي:
1- ازدياد الأزمات والاحداث في كل دول المنطقة ووصول النار الى منازل الجميع.
2- أظهرت التطورات ان الانتماء الطائفي والمذهبي في ظل الأزمات يتقدم على الاهتمام بالقضايا الكبرى والاهتمامات الشاملة (قضية فلسطين، العروبة، الوحدة الإسلامية).
3- ينبغي أن تشكل حماية الاستقرار الداخلي للدول العربية والاسلامية هدفا استراتيجيا للقوى والحركات الإسلامية لان عدم وجود الاستقرار يقدم خدمة كبرى لأعداء العرب والمسلمين ولا سيما العدو الصهيوني.
4- تشهد المنطقة ازمات ومعضلات كبرى لا يمكن حلها من دون تسويات سياسية، خصوصا ان الصراع بين القوى المحلية او الاقليمية لا افق له في ظل التوازنات القائمة».
وعلى ضوء هذه المعطيات، يطرح قيادي اسلامي مجموعة سيناريوهات يمكن ان تحصل في المرحلة المقبلة:
الاول، استمرار الصراع وتحوله الى صراع مذهبي وطائفي يمتد الى كل دول المنطقة.
الثاني، احتمال التوصل الى اتفاقات دولية او اقليمية لمعالجة بعض الملفات الاساسية بما قد يساهم في تخفيف التوتر وإن كان ذلك غير مضمون النتائج لان القوى المحلية في كل دولة عربية او اسلامية قد تنجح في التفلت من الاتفاقات الكبرى وتستمر في الصراع.
الثالث، العمل من أجل حصول توافق عربي - إسلامي تشارك فيه عدد من الدول الفاعلة كإيران وتركيا والسعودية اضافة لقوى المقاومة والحركات الإسلامية كـ«حزب الله» و«حماس» و«الاخوان المسلمين»، يتضمن حلولا لعدد من الأزمات وتوافقا على التعاون الشامل بدل الذهاب نحو الصراع.
ويضيف فياض «نحن اليوم بحاجة لاتفاقية «وستفاليا عربية ـ إسلامية» شبيهة باتفاقية وستفاليا الاوروبية التي حصلت في العام 1648 والتي ادت الى نشوء الدول القطرية الحديثة في اوروبا والتي ساهمت برسم حدود جديدة في اوروبا ومهدت لرسم الحدود الدولية، على أن تمهد هذه الاتفاقية لتأسيس «نظام اقليمي عربي - اسلامي» يساهم في معالجة كل الخلافات القائمة خصوصا في سوريا والبحرين والعراق ولبنان، ويتزامن ذلك مع المفاوضات الحاصلة دوليا سواء على صعيد الملف النووي الايراني او المفاوضات لعقد مؤتمر دولي لمعالجة الازمة السورية».
وتابع ان المطلوب أن يتضمن هذا التفاهم اعترافات متبادلة بين الدول العربية والاسلامية والحركات الاسلامية بوجود مصالح متبادلة وبأهمية المشاركة السياسية وعدم التوجه نحو الصراعات المسلحة لحل المشكلات والعمل للتوصل الى حلول كبرى للأزمات المختلفة.
ومع ان قيادات اسلامية تدرك ان هناك عقبات عدة قد تحول دون تحقق مثل هذا المشروع إقليميا ودوليا، يشير فياض الى ان طرح هذا المشروع «سيساعد في العودة الى طاولة الحوار ووضع الجميع امام مسؤولياتهم ويقف حاجزا امام الجهات المتطرفة التي تعمل لإشــعال نار الفتنة في كل دول المنطقة تحت عناوين مختلفة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق