الخميس، فبراير 21، 2013

ندوة مناوئة للمسلمين الشيعة تثير سخطا واسع النطاق - راصد الإخبارية

ندوة مناوئة للمسلمين الشيعة تثير سخطا واسع النطاق - راصد الإخبارية

ندوة مناوئة للمسلمين الشيعة تثير سخطا واسع النطاق

شبكة راصد الإخبارية

حملت الندوة عنوان (الرافضة.. عقيدة وهدفا)
أثارت ندوة دينية مناوئة للمسلمين الشيعة سخطا واسعا لدى نخبة من الكتاب والمثقفين السعوديين فور الاعلان عن انعقادها الأحد المقبل في تبوك بتنظيم من مركز الدعوة والإرشاد.
وفاقم من حجم السخط على اقامة الندوة التي تأتي بعنوان "الرافضة.. عقيدة وهدفا" أنها جاءت بترخيص من هيئة سعودية رسمية وهي مركز الدعوة والإرشاد في تبوك.
وزاد الطين بلة نشر وكالة الأنباء السعودية الأربعاء اعلانا عن الندوة التي يلقيها في جامع البازعي في تبوك استاذ العقيدة بجامعة الملك سعود ابراهيم الفارس.
غير أن الوكالة عادت في وقت لاحق من اليوم نفسه ورفعت خبر الإعلان من موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت.
ودرج المتشددون السلفيون على نبز المسلمين الشيعة بمسمى "الرافضة" استنقاصا من قدرهم.
وأثأرت الندوة سخطا واسعا لدى نخبة من الكتاب والمثقفين السعوديين فور الاعلان عنها.
وأنشأ مغردون على الموقع الاجتماعي "تويتر" وسما تحت عنوان #الندوة_الطائفية أبدى خلاله الكثير من الكتاب والمثقفين سخطهم على الندوة المزمعة.

استنكار 

واعتبر الكاتب محمد الخليوي الندوة إثارة للفتنة ونشر الكراهية وأنها لا تخدم سوى الأعداء.
ووصف الخليوي الندوة عبر حسابه في تويتر بأنها "إثارة الفتنة والفرقة والمناطقية والتعصب والتمييز والطائفية ونشر الكراهية لا تخدم سوى الأعداء ويتوجب إيقاف هذا العفن".
وقال الناشط الحقوقي الشيخ مخلف الشمري "هذه الكراهية والعداء ضد الشيعة من بعض المتشددين تشوه سماحة الأسلام! كتابنا واحد ونبينا واحد وقبلتنا واحدة لماذ هذا العداء؟".
من جهته قال الدكتور عماد القاسم "أنا سني ولكني أبرء الى الله مما يعمل هؤلاء. فبدل أن يسعوالى لم شمل الأمة الممزق . نجدهم وبكل بجاحة يبادرون الى التفرقة".
فيما تسائل الأستاذ خالد المتعب "الى ماذا تسعون ؟! حرب أهليه وتناحر ؟! أم فرق تسد ؟! نأخذ أسلحتنا ونهاجم القطيف ،، هذا ما تريدون ؟! أم نهدر دمهم ؟! تبا لكم"
وقال أحمد عيد البلوي مشيرا إلى منظمي الندوة بالقول "لم تعجبهم مظاهر الوحدة الوطنية التي ظهرت حين رفع شعار #القطيف_تلبي_نداء_تبوك فبعثوا رسول الطائفية كي يقتل تلك الوحدة".
وشكك مغرد وصف نفسه بصحفي تبوك في دوافع اقامة الندوة في مدينة تبوك قائلا "يريدون نقل فتنهم لتبوك، اتمنى من امير المنطقه التدخل وايقافها فسكان تبوك عاشوا بعتدال لسنوات طويله، لماذا ينشرون الكره بها؟".
وتوقف المغرد خالد السلمي عند نشر وكالة الأنباء السعودية اعلانا عن الندوة، وقال "الإعلان عن الندوة كان من أوائل الأخبار على "واس" مع بدء إرسالها صباح اليوم. حريصين الجماعة".
أما وحيد الغامدي فأستغرب التناقض بين اقامة هذه الندوة وتأسيس مركز الحوار المذهبي قبل أشهر.
وقال الغامدي "لم تمض أشهر معدودات على قرار تأسيس مركز الحوار المذهبي !! لم يؤسس المركز بعد , ولم يتم الحوار , ولا يزال النفاق الممنهج"
وتابع القول "عندنا السياسي والداعية معاً يسوّقون المبادرات الإنسانية للاستهلاك الخارجي , ويمارسون المضادات لتلك الإنسانية في الداخل".
وتسائل الكاتب محمد الحمزة "متى سيدرك مؤججو نار الطائفية أنهم أدوات لتنفيذ أجندة تفريق المجتمع..! وبمثل الندوةالطائفية تنحر الوطنية ويباد التعايش الذي دعا له الدين".
وهاجم المغرد سامي المالكي ضيف ومنظمي الندوة بالقول "الملك ينشيء مركزاً لحوار الأديان، ووكالة الأنباء السعودية تعلن عن ندوة طائفية يقيمها متمشيخ قبيح!".
وقال الكاتب عبدالله الكويليت "مالم نُجرِّم الطائفية والعنصرية والمناطقية ،ستطل علينا الأفاعي التي تتستر باسم الدين أو الطائفة أو القبيلة . اوقفوا هذا السم".
ودعا الكاتب انس زاهد إلى الإقتداء بالتجربة الهندية في التعايش بين الأديان.
وقال زاهد "ليتنا نتعلم من التجربة الهندية حيث يتعايش المنتمون إلى عشرات الأديان رغم الفقر ووجود الأمية. كل هذا وما زلنا نسخر من الهنود".

الأربعاء، فبراير 20، 2013

مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية يشهد إزاحة الستار عن كتاب ( مدارك فقه أهل السنة على منهج وسائل الشيعة)


مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية يشهد إزاحة الستار عن كتاب ( مدارك فقه أهل السنة على منهج وسائل الشيعة)
حديث نت: خلال اختتام أعمال المؤتمر السادس والعشرين للتقريب بين المذاهب الإسلامية أزاح العلامة آية الله الشيخ المحمدي الري شهري رئيس مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية الستار عن الكتاب القيم (مدارك فقه أهل السنة على نهج وسائل الشيعة) وذلك بحضور الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي.
كما ألقى سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد كاظم الطباطبائي مؤلف كتاب (مدارك أهل السنة على نهج وسائل الشيعة) كلمة بمناسبة إماطة الستار عن هذا الكتاب الفريد، وأعرب أن هذا الكتاب هو حصيلة جهود مضنية في سبيل التقريب بين المذاهب الإسلامية.
وأضاف: لقد حضي كتاب (وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة) بأهمية بالغة عند علماء الشيعة؛ وذلك لان حجمه الذي بلغ الثلاثين مجلدا قد ضم ۱۰ آلاف عنوانا فقهيا فرعيا؛ مكونا مجموعة من ۳۰ ألف حديث.
وقال مؤلف كتاب (مدارك فقه أهل السنة): لقد حوى كتاب (مدارك فقه أهل السنة على نهج وسائل الشيعة) أحاديث أهل السنة خلال القرن الأول والثاني الهجريان، إضافة إلى أقوال أئمة المذاهب الأربعة، وقد جميع كل ذلك طبقا لنسق ونهج كتاب (وسائل الشيعة)، وخلال هذا العمل تم استخدام ۲۰۰ كتابا من المصادر الأولية والرئيسية عند أهل السنة؛ مما يشكل مجموع ۱۰۰۰ مجلدا.
وأضاف أستاذ جامعة القرآن والحديث: لقد تم هذا العمل بجهود الباحثين في مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية في مدينة قم، وسوف يتكون كتاب (مدارك فقه أهل السنة) إن شاء الله من ۲۰ مجلد؛ يضم الأحاديث الفقهية لأهل السنة، وهو يشكل إلى جانب كتاب (وسائل الشيعة) الذي يتكون من ۳۰ مجلد سلسلة من ۵۰ مجلدا تضم جميع الأحاديث الفقهية في الإسلام.
كما أشار رئيس مركز أبحاث: لم يقتصر الكتاب على الأحاديث المشتركة بين أهل السنة والشيعة فقد ضم الأحاديث الخلافية. وفي حال إتمام العمل على هذه السلسة فسوف يكون لهذا الكتاب دورا فعالا في تقليص نقاط الخلاف الطائفية في الجانب الفقهي.
أهم الخصائص في هذا الكتاب:
أول دراسةٍ بحثية شاملة في مجال الأحاديث الفقهية بين الفريقين. مجموعة متقنة تحتوي على ۲۰ مجلداً فقهياً في مجال الحديث تشكّل الركن الأساسي في المباني الفقهية.
استقصاء واستخراج اغلب الروايات والنصوص الروائية عند أهل السنّة، والتي تشمل أحاديث وآثار وأقوال الصحابة والتابعين - حتى القرن الثاني الهجري - وذلك من أهم المصادر الروائية عند أهل السنّة بصورة مباشرة من دون الرجوع الى كتب وسيطة.
استخراج آراء الائمة الأربعة من المنابع الأولية والمصادر الرئيسية عند أهل السنّة، وخصوصاً المصادر المعتمدة عند كل مذهبٍ من المذاهب الأربعة.
تنظيم وتخريج النصوص على اساس التبويب الفقهي لكتاب (وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة).
دراسة بحثية شاملة لأكثر من ۲۰۰ كتاباً من المصادر الروائية الرئيسية والجوامع الحديثية لأهل السنّة، مشكلةً ۱۰۰۰ كتاباً.
البيان الدقيق لوجه الصلة بين مختلف المواضيع والفروع الفقهية، اضافة الى الارجاعات العلمية بين مختلف الابواب الفقهية.
أهداف وفوائد كتاب:
تيسير الوصول الى النصوص الفقهية الخاصة بفرعٍ فقهيٍ محددٍ من مصادر الفريقين. التمهيد لاستثمار التأثير المتقابل إثر التداخل ما بين نصوص الإمامية وأهل السنّة.
توثيق الابحاث المقارنة في مجال الفقه من خلال المصادر الرئيسية.
تسليط الضوء على الظرائف الروائية عند الفريقين، مما يسهم في مد الجسور لانتفاع الفريقين من تلك الظرائف المذكورة في المصادر الروائية.
تسليط الضوء على نقاط الاشتراك والوحدة في النصوص الروائية.

الثلاثاء، فبراير 19، 2013

جريدة البشاير | الصفار يحذر من استغلال المذاهب في اثارة الفتنة |

جريدة البشاير | الصفار يحذر من استغلال المذاهب في اثارة الفتنة |




الصفار يحذر من استغلال المذاهب في اثارة الفتنة


الاحد 17 فبراير 2013   5:16:44 م
حذر الشيخ حسن الصفار من خطورة استغلال التنوع المذهبي، في اثارة الفتنة الطائفية، وتمزيق شمل الأمة؛ واصفا إياه بأنه من أخطر التحديات.
وأهاب بالمسؤولية التي يقع على عاتق الحكومات والأنظمة

السياسية في بلاد المسلمين في مواجهة هذا الخطر الداهم مطالبا بأن تكون الحكومة في كل بلد لكل شعبها، دون أي تحيّز مذهبي، أو تمييز طائفي، باعتماد مفهوم المواطنة والمساواة بين المواطنين، ومنع وتجريم أي تحريض على الكراهية وإثارة العداوة والبغضاء.

وأكد في الملتقى الرابع للوقف الجعفري الذي انعقد في الكويت يوم الأثنين برعاية من أمير دولة الكويت حيث مثله بالحضور والقاء كلمة عنه وزير العدل والأوقاف والشؤون الاسلامية الدكتور شريدة المعوشرجي بأن الأمة أحتضنت هذا التنوع المذهبي من العصر الاسلامي الأول، مؤكدا بأنه ليس بالأمر الجديد والطارئ، بل كان مصدر ثراء علمي وفكري، ومظهراً لحرية الرأية وشرعية الاجتهاد.

وطالب الصفار في المؤتمر الذي حضر حفل افتتاحه عدد من الوزراء والنواب، وحشد من الاعلاميين والمثقفين ورجال الدين ورجال الأعمال بضرورة التجديد والتطوير في الابحاث الفقهية والخطاب الديني لمواكبة تطورات الحياة ومتطلبات المجتمع المعاصر.

وأوضح في الملتقى الذي شارك في أعماله التي استمرت ثلاثة ايام عدد من العلماء والباحثين من الكويت والعراق ولبنان والأحساء والقطيف «إن العمل الأهلي التطوعي أصبح ميداناً أساساً في تنمية المجتمعات البشرية، وخدمة مصالحها في مختلف المجالات».

وبين في الملتقى التي دارت البحوث فيه حول معالجة بعض قضايا الوقف على ضوء التطورات المعاصرة من الناحية الفقهية والإدارية والاجتماعية بأن منظمات المجتمع المدني اليوم احتلت موقع الشراكة

مع الحكومات على المستوى العالمي، وصارت رديفة للجهود الحكومية الرسمية، وانتزعت لها حصانة في معظم دول العالم التي تقر بحق ابناء الشعوب في الانتظام والتعاون لخدمة مختلف الأغراض والمصالح المشروعة.

يذكر أن الشيخ الصفار وعلى هامش الملتقى لبى دعوة عدد من الديوانيات الكويتية للزيارة كديوانية الحاج جواد بوخمسين وديوانية المعرفي وديوانية الكاظمي وديوانية السيد محمد باقر المهري،

وألقى كلمة في الحسينية الجعفرية والتقى عدداً من العلماء والفضلاء المشاركين وتبادل معهم الرأي حول الأوضاع التي تمر بها المنطقة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية

الثلاثاء، فبراير 12، 2013

تليجراف: صدمة للاخوان المسلمين لرفض مرشحها للافتاء- الدستور الإلكتروني


أشرف أبو عريف
وصفت الصحيفة البريطانية THE TELEGRAPH عبر موقعها الرقمى رفض مرشح الاخوان المسلمين بالصدمة  "الانتكاسة".. جاء ذلك عندما رفضت هيئة الإفتاء واحدا من كبار رموز الاخوان المسلمين لمنصب " المفتى".
وقالت الصحيفة البريطانية إن اختيار هيئة كبار العلماء للشيخ شوقى إبراهيم عبدالكريم علام، أستاذ الشريعة والذى لا ينتمى لفصيل سياسى يمثل ضربة لجماعة الاخوان المسلمين.
وقالت الصحيفة أن عبدالرحمن البر، مرشح الاخوان المسلمين وأحد أعضاء مجلس شورى الجماعة، لم يلقى تأييد هيئة علماء الأزهر.
واشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الشيخ شوقى علام، 55 عاما، كان قد طُلب منه أن يبقى فى منصبه لعام إضافى بعد بلوغه سن المعاش.. كان ذلك وقت حكم المجلس العسكرى.
وأشارت THE TELEGRAPH إلى أن فتاوى الشيخ على جمعة كانت تقدمية مثل دعمه المساواة بين الرجل والمرأة وحق المرأة فى الترشح لمنصب الرئيس، وكان ضد ختان الإناث، وكان ضد قتل المرتد، وقوله ان الاسلام يتماشى مع الديمقراطية الليبرالية.
* المصدر:

http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/africaandindianocean/egypt/9863293/Egypt-setback-for-Brotherhood-as-its-choice-for-Grand-Mufti-is-rejected.html

البابا الذي قتلوه بدق مسمار في رأسه لأنه تجرأ واستقال

البابا الذي قتلوه بدق مسمار في رأسه لأنه تجرأ واستقال

البابا الذي قتلوه بدق مسمار في رأسه لأنه تجرأ واستقال

سجنوا سلستينو الخامس بعد استقالته وعذبوه والشاعر دانتي الليغيري وضعه بين سكان الجحيم

الإثنين 01 ربيع الثاني 1434هـ - 11 فبراير 2013م

جمجمة البابا المستقيل بعد فحصها
جمجمة البابا المستقيل بعد فحصها
لندن - كمال قبيسي قبل 7 قرون حدث زلزال كبير في الفاتيكان، من دون ضحايا ولا تسونامي ولا أي خراب في المباني والممتلكات، لكنه ما زال إلى الآن مسبباً للحرج والحيرة في إحدى أصغر الدول وأكثرها غموضاً في العالم، وهو قيام أحد البابوات بتقديم استقالته فجأة، وهو ما لم يفعله سواه لا قبله ولا بعده، سوى من أعلنوا اليوم الاثنين عن استقالته، وهو الألماني بنديكت السادس عشر.

السبب في الزلزال أن البابا، وهي كلمة مستمدة من اليونانية وتعني الأب، هو بالمفهوم الكنسي معصوم عن الخطأ، وهو أيضاً نائب المسيح وخليفة القديس بطرس ورئيس الفاتيكان وخادم سدنة الرب وبطريرك الغرب وأسقف روما، ومنصبه مقرر من المسيح سلفاً.


البابا سلستينو كما رسموه
لكن سلستينو الخامس فعلها بعد انتخابه في يوليو/تموز 1284 بحوالي 6 أشهر واستقال "لاكتشافه أمراء وعناصر كنسيين يتآمرون على حياته"، وفق رواية رسمية للفاتيكان، لم تقنع أحداً ولم تشف غضب معاصريه، أو تخفف مما ألم بهم من سخط واستغراب، طبقاً لما راجعته "العربية.نت" عن تاريخ البابا المستقيل.

وبين الساخطين عليه هو معاصره ذلك الزمان، شاعر إيطاليا الأكبر دانتي ألليغيري، والذي وضعه بين سكان الجحيم في ملحمته "جحيم دانتي" لشدة ما اغتاظ من استقالته التي خيبت الآمال وهزت الإيمان، ودفعت به هو نفسه لأن يعيش بعد الاستقالة منعزلاً "حتى وفاته بالتهاب في منتصف 1296 وحيداً"، بحسب ما يكتبون.

لكن باحثيْن لاهوتيين، من مسقط رأسه في مدينة "كيلا" الإيطالية، اكتشفا قبل 15 سنة ما يناقض الرواية الرسمية تماماً، حين أجريا فحصاً بأشعة أكس وغيرها على جمجمة الرجل الذي تم تطويبه قديساً بعد 17 سنة من وفاته.

عثروا في جمجمته على ثقب "اتضح من الاختبارات أنه من مسمار، أو ما شابه، دقه مجهول في رأسه"، وفق ما شرحه الباحثان، الأب دي ماتيس والأب كيرينو سالوموني، رئيس مركز الدراسات اللاهوتية في المدينة.

وقال الباحثان في كتاب ضخم أصدراه بعنوان "الاستقالة المزعومة" واطلعت "العربية.نت" على ملخص عنه، إن سلستينو الخامس لم يعش منعزلاً في صومعة بعد استقالته "بل قتل بمسمار دقه أحدهم في جبينه وهو نائم داخل سجن انفرادي زجه فيه بونيفاسيو الثالث عشر، المسؤول الأول عن الاستقالة".

ولم يكن بونيفاسيو الثالث عشر سوى من انتخبوه خليفة للبابا المستقيل، والشهير بنظرية غريبة تقول إن منصب البابوية هو "قوة كونية منذ الأزل"، وإن من يمس أملاك الكنيسة "يجب تدميره على الأرض، كما في السماء" كما قال.

ولأنه كان من أصحاب هذا الاعتقاد اقتحمت بلدة "أنياني" الإيطالية قوة من الجيش الفرنسي حين كان هناك، وزجته في السجن 3 أيام، ومن بعدها نقلوه إلى سجن في روما، ووراء قضبان زنزانة انفرادية مات بعمر 86 سنة منذ 7 قرون، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم لم يحمل أي بابا اسم سلستينو أبداً، ومن الصعب أن يحمله أي بابا في المستقبل أيضاً.

إعادة تكوين هيئة كبار العلماء السعودية برئاسة المفتي

إعادة تكوين هيئة كبار العلماء السعودية برئاسة المفتي

إعادة تكوين هيئة كبار العلماء السعودية برئاسة المفتي

الهيئة مكونة من 20 عضواً وتكون مدة العضوية 4 سنوات

الثلاثاء 03 ربيع الأول 1434هـ - 15 يناير 2013م

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ مفتي السعودية
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ مفتي السعودية
دبي - العربية.نت أصدر العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، اليوم الثلاثاء، أمراً ملكياً بإعادة تكوين هيئة كبار العلماء السعودية المكونة من 20 عضواً برئاسة المفتي، على أن تكون مدة عضوية أعضاء الهيئة أربع سنوات.

وينص الأمر الملكي على انتهاء خدمة فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الكليّة رئيس المحكمة العليا بناء على طلبه، ويعين فضيلة الشيخ غيهب بن محمد بن عبدالله الغيهب رئيساً للمحكمة العليا بمرتبة وزير.
وجاء في الأمر الملكي:
يعاد تكوين هيئة كبار العلماء من سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ رئيساً، وعضوية أصحاب الفضيلة التالية أسماؤهم:

1 - الشيخ صالح بن محمد اللحيدان
2 - الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
3 - الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ
4 - الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين
5 - الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي
6 - الشيخ عبدالله بن سليمان بن منيع
7 - الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد
8 - الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق
9 - الشيخ الدكتور أحمد سير مباركي
10- الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم بن عبدالعزيز العيسى
11- الشيخ الدكتور عبدالوهاب بن إبراهيم أبو سليمان
12- الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد الخنين
13- الشيخ الدكتور يعقوب بن عبدالوهاب بن يوسف الباحسين
14- الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الكليّة
15 - الشيخ محمد بن حسن بن عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ
16 - الشيخ الدكتور علي بن عباس بن عثمان حكمي
17- الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله بن عبدالرحمن الخضير
18- الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار محمد
19- الشيخ الدكتور قيس بن محمد بن عبداللطيف آل الشيخ مبارك
20- الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان

كما نص الأمر الملكي على إعفاء عبدالله اليحيى من منصبه كأمين عام للمجلس الأعلى للقضاء، وتعيين سلمان بن نشوان أميناً عاماً بدرجة رئيس محكمة استئناف.

النشأة الثانية لـ"هيئة كبار العلماء" في مصر - معهد العربية للدراسات والتدريب

النشأة الثانية لـ"هيئة كبار العلماء" في مصر

النشأة الثانية لـ"هيئة كبار العلماء" في مصر

الثلاثاء 26 صفر 1434هـ - 08 يناير 2013م

معهد العربية للدراسات
عام 1899 اختار الإمام الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر- ظهرت في عهده لأول مرة هيئة كبار العلماء التي أحياها عام 2012 قانون الأزهر والدستور المصري- حينئذ العالم الشيخ أحمد المنصوري وعينه شيخا لأحد الأروقة، ولم يكن الحاكم راضيا عن هذا العالم فأوعز إلي الإمام بالعدول عن تعيينه فرفض الإمام الرجوع عن قراره، وقال‏:‏ "إن كان الأمر لكم في الأزهر دوني فاعزله‏..‏ وإن كان الأمر‏ لي‏‏ دونكم فهذا هو الذي اخترته ولن أحيد‏ عنه، ولكن جاء رد الحاكم عبر رسله‏: (‏إن تشبثك برأيك قد يضرك في منصبك‏)‏. فقال لهم الإمام سليم البشري شيخ الأزهر حينئذ‏: (‏إن رأيي لي‏,‏ ومنصبي لهم‏,‏ ولن أضحي لهم بما يدوم في سبيل ما يزول‏)‏ هكذا رفض شيخ الأزهر التدخل في تعيين علمائه!
لأول وهلة يحمل تعبير هيئة كبار العلماء في مصر دلالة تاريخية قديمة، رغم أن ظهورها الأول ليس قديما لم يكن غير عام 1911، اي بعد ما يزيد على القرنين من إنشاء العثمانيين لمنصب مشيخة الأزهر أو الإمام الأكبر (سنة 1679ميلادية- 1090 هجرية) والتي تأخرت سبعة قرون ونصف حوالي 740 سنة بعد تأسيس الأزهر نفسه، وتعاقب على توليها سبعة وأربعون شيخا قبل الإمام الحالي الدكتور أحمد الطيب، وكان أول من تولاها الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي، المتوفَّى سنة 1101 هـ = 1690م.

تأخر ظهور مصطلح هيئة كبار العلماء 232 عاما أخرى بعد ظهور منصب المشيخة، وظهر تحديدا في سياق في عهد الإمامة الثانية للشيخ العلامة سليم البشري(1832-1916 ميلادية) الذي أصر علماء الأزهر على عودته شيخا للأزهر بعد أن أجبره الخديوي على ترك منصبه عام 1900 بعد أن رفض تدخل الأخير في شئون الأزهر ومنعه أحد كبار العلماء وهو الشيخ أحمد المنصوري الذي اختاره البشري ليدرس في أحد الأروقة فرض الشيخ سليم البشري هذا التدخل وقدم استقالته ولكن ثار العلماء بعد فترة وأعادوه ثانية عام 1909 ليستمر في المنصب حتى وفاته!! وحضرت هذه الهيئة في سجالات النصف الأول من القرن العشرين، ومثلت في لجنة الثلاثين التي وضعت دستور سنة 1923 كما قامت بعزل الشيخ على عبد الرازق- رحمه الله- من عضويتها بعد تأليفه كتابه" الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925 وبرز من شيوخها في هذه المعركة الراحل الشيخ محمد شاكر والد أبي فهر الشيخ محمود محمد شاكر والشيخ المحدث أحمد محمد شاكر رحمهم الله جميعا! ولكن تم إلغاؤها بقانون الأزهر التي وضعته ثورة يوليو سنة 1961 لتختفي منذ هذا الحين وتعود للظهور في كل من قانون الأزهر والدستور الجديد الذي تم إقرارهما هذا العام 2012.

فهل هذا الاستدعاء والعود التاريخي جزء من استحياء الدور الأزهري الوسطي خاصة مع الصعود المدوي للحركات والتيارات الإسلامية والمذهبية الأخرى، خاصة وأنه سبق ورودها في قانون الأزهر الذي وضعه شيخه الحالي ووافق عليه المجلس العسكري قبل تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، أم أن الدور الجديد المنوط بها- هذه الهيئة- في المادة الرابعة في مقومات الدولة المصرية يؤكد المنحى القديم لجماعة الإخوان المسلمين الذي اتضح في برنامج حزبها السياسي سنة 2007 ونص على دور وصائي لهيئة كبار العلماء ربطه البعض حينئذ بولاية الفقيه الإيرانية ولا زال البعض يشبهه بها مع الدستور الجديد الذي احتكرت وضعه والتصويت عليه الفصائل الإسلامية المنظمة وغير المنظمة وتحالفاتها آواخر ديسمبر الماضي، وهل سينجح شيخ الأزهر الحالي في تحصين الأزهر من التسييس الديني كما استطاع في السابق الشيخ سليم البشري، وتكاد وثيقة الأزهر الأولى والثانية التي نصتا على مدنية الدولة التي لا زال يرفضها التيار السلفي تؤكد على ذلك الدور الوسطي، أم أن اختراقات التيارات الإسلامية الصاعدة للمؤسسة الدينية، كما حدث عند أزمة اختيار وزير الأوقاف الحالي، وتشكيل هيئة كبار العلماء الحالية صار حقيقة، تستعصي على الإنكار والتجاهل...أسئلة عديدة تطرحها المادة الرابعة من الدستور الجديد حول هيئة كبار العلماء التي سنحاول التعريف بتطورها التاريخي ووضعها القانوني والدستوري الجديد والجدل السياسي معها.

أولا: (هيئة كبار العلماء) خلفية تاريخية

كتبَ القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن تنظيم الأزهر شهادة وفاة (هيئة كبار العلماء ),إذ جعل (مجمع البحوث الإسلامية ) يحل محلها، قبل أن تُبعث ( الهيئة ) للحياة مرة أخرى بالمرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2012 .. ويرجع الميلاد الأول ل ( هيئة كبار العلماء) إلى القانون رقم 10 لسنة 1911 , والذى أعدتة لجنة مكونه من أحمد فتحى زغلول - شقيق سعد زغلول - وكيل الحقانيه و إسماعيل صدقى وكيل الداخليه و عبد الخالق ثروت النائب العمومى , كانت قد تشكلت لهذا الغرض, و قد أقرت هذه اللجنة فى تقريرها , بأن :" الجامع الازهر ليس مدرسه خصوصيه فقط, بل هو كليه عظمى و معهد من أرقى معاهد التعليم بحسب وضعه, و المطلوب منه , هو تخريج علماء جديرين بهذا الاسم, و أئمه يركن اليهم فى كل أمر يرجع الى الدين الحنيف. و الانتظار بالجامع الازهر الى أن يتكون أولئك الجهابذه الاعلام مما لا يحسن الصبر عليهم, و لا سيما إذا لم يكن هناك من التدابير و الأوضاع ما يساعد على النبوغ و يمهد السبيل لظهور الكفاءات المتعدده و يسوق أهل هذه الجامعة الى سلوكه, فلابد من إكمال النظام بما يكمل معه مقام الجامع الازهر, و يضمن له الوصول إلى الدرجه العاليه التى كانت له أيام إشراقه و إكتظاظه بالائمه فى كل فن و أهل الراى فى كل علم, ذلك هو ما قصدته اللجنه بتدبير هيئة كبار العلماء"( 2 ).

كانت هيئة كبار العلماء تتكون من ثلاثين عالما اختصاصيا لكل واحد منهم كرسى خاص فى المحل الذى يخصص للتدريس العام بمعرفة شيخ الجامع الازهر, و يجوزأن يوجد البعض منهم فى المعاهد الاخرى بصفة شيخ المعهد أو وكيله, و قد روعى التمثيل المذهبى فى الهيئة, ليعكس حجم الانتماء المذهبى داخل الازهر حيث خصص للساده الاحناف- مذهب الأغلبية والدولة المصرية- أحد عشر كرسيا, و للسادة الشافعية تسعة كراسى, و للسادة المالكيه تسعة كراسى, و للسادة الحنابلة كرسى واحد و على هذا يكون المذهب الحنفى على رأس هذه المذاهب, بينما يتعادل المالكى و الشافعى, و يأتى المذهب الحنبلى فى المؤخرة لقلة تمثيله العددى., حيث إقتصر على عضو واحد فقط , وحدد القانون مجموعه من الشروط يجب أن تتوافر فى من يتم انتخابه عضوا فى هذه الهيئه .
لذا يمكن القول بان :"هيئة كبار العلماء وجدت لتجعل من الاسلوب القديم نمطا يحتذى به و يعتمد عليه فى إحياء القديم و إستمراره بنفس إسلوب السلف مع إختلاف الامكانيات و الظروف "( 3 ).

وقد اكتسبت هذه الهيئه مكانة خاصة داخل المؤسسات الدينيه, و فى المجتمع بشكل عام. حيث نص القانون على أن يكون تعيين كبار العلماء بإرادة سنية بناء على طلب شيخ الجامع الازهر بعد الإنتخاب باغلبية ستة عشر عالما من هيئة كبار العلماء, و يبقون فى وظائفهم ماداموا قادريين على أداء العمل المكلفين به, وعلى أن يعطى كل عالم ضمن الهيئه راتباً شهرياً قدره عشرون جنيها, و ينعم عليه بكسوة تشريف من الدرجة الاولى إن لم يكن حائزا لها من قبل. و مكانتهم فى التشريفات و فى الاحتفالات الرسمية تأتى بعد شيخ الازهر و مفتى الديار المصرية, ولا تخضع هذه الهيئة لنظام الازهر إلا فيما يتعلق بالقوانين و التنظيمات العامة"(4 ).

ويؤخذ على هيئة كبار العلماء بالأزهر فى مرحلتها الأولى ( 1911- 1961) , أنها كانت تتربص للفكر والإجتهاد وتلاحق المفكرين والمبدعين والمجتهدين ..مثلما جرى فى قضية "القاضى الشرعى الشيخ على عبد الرازق عام 1925الذى ألف كتاباً بعنوان(الإسلام وإصول الحكم ) و فصل فيه مابين الدين والخلافة ,وبرهن على أن الخلافة ليست أصلا من إصول الإسلام ,وإنما دفع إليها حاجة المسلمين إلى نظام يسوس الدولة الناشئة , وليس ثمة صلة دينية بين قواعد الإسلام وإقامة نظام الخلافة الإسلامية إلا ما تقتضيه إدارة الدولة من شئون الحكم وفقاً لدنيا المجتمع وحياتة "( 5 ) ,فقد إنتفضت الهيئة وقامت بمحاكمة عبد الرازق تأديبياً , رغم أنه قاضى شرعى وليس موظفاً بالأزهر , إذ شكلت له "محكمة من كبارعلماء الأزهر , فأدانتة وأصدرت حكما بتجريدة من شهادة العالمية , وفصله من وظيفتة " ( 6 ), وفى العام التالى ثار( كبار العلماء) ضد الدكتور طه حسين عندما أصدر كتابه ( الشعر الجاهلى ) , ورفعوا تقريراً عن الكتاب إلى شيخ الأزهر محمد أبو الفضل الجيزاوى ,والذى بدوره قدم بلاغاً للنائب العام ضد طه حسين مرفقاً به تقرير العلماء , وطالباً إتخاذ الوسائل الفعالة الناجعة ضد هذا الطعن على دين الدولة الرسمى" ( 7 ) ,وكان يكفى أن تتصدى الهيئة بتفنيد الآراء وبيان فسادها , دون ملاحقة على عبدالرازق تأديبياً وفصله من عمله , ومطاردة طه حسين بالبلاغ للنائب العام , لكنه التسلط الدينى، ويذكر أن مسمى (هيئة) كبار العلماء كان قد تغير إلى (جماعة) كبار العلماء , بالقانون رقم 26 لسنة 1936 م .

وبعامة فإن الباحثة زوات المغربى قد أنتهت إلى أن ( 8) :" هيئة كبار العلماء كان لها دور فعال ومؤثر إزاء بعض القضايا السياسية التى تعرضت لها مصر فى تلك الفترة , وإن إتخذت بوجه عام من تأييدها للسياسات التى تتبعها السلطة خطاً عاماً مؤيداً , وعلى العكس كان للهيئة دور بارز ومؤثر إزاء التدخل الأجنبى فى مصرحيث كان لها الريادة فى القضايا الوطنية ".

ثانيا: الأزهر تحولات عام 2012

شهد يوم 19 من شهر يناير من العام 2012 , أصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة ( المجلس العسكرى الحاكم آنذاك ) للمرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2012, تعديلا لقانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961, وكان هذا التعديل بناء على إقتراح من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب, وإذ تعرض الطيب لهجوم إخوانى عنيف على خلفية إستباقه لإنعقاد المجلس, وتعجله المرسوم من العسكرى, فإن الطيب عقد مؤتمراً صحفياً يوم أول فبراير 2012 , أى بعد بعد صدور المرسوم بنحو عشرة أيام, دافع فيه عن المرسوم موضحا فلسفتة والهدف منه, و ألقى بيانا يلخص هذا كله , ويستفاد منه أن مرسوم تعديل قانون الأزهر يهدف إلى ( 9 ) :

1- تحقيق الإستقلال ل(مؤسسة الأزهر الشريف) , بأن تصبح مؤهلة لإنتخاب شيخها.
2- إستعادة (هيئة كبار العلماء) ذات الرصيد التاريخى الغنى، علمياً وفكرياً ووطنياً، ليعود الأزهر الشريف إلى سابق عهده، منارة إسلامية للعالم كله، ومرجعية عليا للعالم الإسلامى
3- تقوم هيئة كبار العلماء بإنتخاب شيخ الأزهر عند خلو المنصب.
4- عودة مناهج الأزهر الأصيلة فى الشريعة واللغة والثقافة العميقة ليستمر الفكر الوسطى الرصين والفهم العلمى لصحيح الدين, وهو جوهر الرسالة الأزهرية .
وقد رددت نصوص المرسوم , هذه المعانى والأهداف التى أشار إليها الدكتور الطيب , ففى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية جاء : " أن الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية إعتبارية ويكون مقره القاهرة, وتكفل الدولة إستقلاله ", وأن:" الأزهر يمثل المرجع النهائى فى كل مايتعلق بشئون الإسلام وعلومه وإجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة ", و نصت المادة الخامسة على انتخاب شيخ الأزهر من بين أعضاء هيئة كبار العلماء, وحددت لذلك الشروط الواجب توافرها وطريقة الانتخاب .
وجاء بالمادة الثامنة بقانون الأزهر المعدل بهذا المرسوم بأن الأزهر يشمل خمس هيئات من بينها (هيئة كبار العلماء ), ومجمع البحوث الإسلامية, وقررت المادة 32 مكرر بأن تكون الهيئة برئاسة شيخ الأزهر, و تتألف من عدد لا يزيد على أربعين عضواً من كبارعلماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة، و تجتمع مرة على الأقل كل ثلاثة أشهرأو كلما دعت الضرورة بناءً على دعوة شيخ الأزهر أو نصف عدد أعضائها، و يكون اجتماعها صحيحاً إذا حضرته الأغلبية الملطقة لأعضائها، وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، و يرأسها أكبر الأعضاء سناً في حالة غياب الرئيس, و يكون للهيئة أمين عام يصدر بتعيينه أوندبه قرار من شيخ الأزهر , يكون مسئولاً عن إعداد جدول أعمالها ومتابعة تنفيذ ما تصدره من قرارات .

وقد حددت المادة 32 مكرراً (أ ) ستة إختصاصات للهيئة منها:
1-انتخاب شيخ الأزهرعند خلو منصبه.
2-ترشيح مفتى الجمهورية .
3- البت في المسائل الدينية و القوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الأخلاقي التي تواجه العالم و المجتمع المصري على أساس شرعي .
4- البت في النوازل والمسائل المستجدة التي سبق دراستها و لكن لا ترجيح فيها لرأي معين.

ويجوز للهيئة أن تستعين باللجان المتخصصة بمجمع البحوث الإسلامية ,ومن تراه من الخبراء لأداء مهامها دون أن يكون له صوت معدود في مداولاتها.

كما ان المادة 32 مكرراً (ب) وضعت شروطا يجب توفرها فيمن يختار عضواً بالهيئة منها :

- ألا يقل سنه عن خمسة و خمسين عاماً .
- أن يكون معروفاً بالتقوى و الورع في ماضيه و حاضره.
- أن يكون حائزاً لشهادة ( الدكتوراه ) و بلغ درجة الأستاذية في العلوم الشرعية أو اللغوية و أن يكون قد تدرج في تعليمه في المعاهد الأزهرية و كليات جامعة الأزهر.
- أن يكون ملتزماً بمنهج الأزهرعلماً و سلوكاً وهو منهج أهل السنة و الجماعة الذي تلقته الأمة بالقبول في أصول الدين، و في فروع الفقه بمذاهبه الأربعة.
وقد منح المرسوم , لشيخ الأزهر حق إختيار أعضاء الهيئة عند أول تشكيل لها, على أن يصدُر قراربتعيينهم من رئيس الجمهورية , وهو ماحدث بالفعل , فقد أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 24 فى 17 يوليو 2012 بتشكيل ( هيئة كبار العلماء) من 27 عالماً بينهم وزراء الأوقاف ورؤساء جامعة الأزهر والمفتيين السابقين والحاليين, وجاء التشكيل على النحو التالى ( 10 ) :

الأمام الأكبر أ. د / أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر رئيساً
وعضوية كل من :
أ.د / مصطفى عبد الجواد عمران ، أستاذ بقسم العقيدة و الفلسفة بكلية أصول الدين .

أ.د/ عبد الرحمن عبد النبي العدوي ، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر .
أ.د/ يوسف عبد الله القرضاوي ، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .
أ.د/ بركات عبد الفتاح دويدار، أستاذ بقسم العقيدة و الفلسفة بكلية أصول الدين و الدعوة .
أ.د/ محمد الأحمدي أبو النور ، أستاذ الحديث و وزير الأوقاف الأسبق .
أ.د / حسن محمود عبد اللطيف الشافعي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم، ورئيس مجمع اللغة العربية .
أ.د / محمد عمارة مصطفى عمارة، المفكر الإسلامي و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / عبد الفتاح عبد الله بركة، أستاذ العقيدة و الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية.
أ.د / محمود حمدي محمد زقزوق ، أستاذ العقيدة و الفلسفة و وزير الأوقاف الأسبق .
أ.د / عبد الفتاح حسيني الشيخ ، أستاذ أصول الفقه و رئيس جامعة الأزهر الأسبق.
أ.د / محمد رأفت عثمان, أستاذ الفقه المقارن، وعميد كلية الشريعة والقانون الأسبق.
أ.د / إسماعيل عبد الخالق الدفتار، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / نصر فريد واصل ، أستاذ الفقه و مفتي الديار المصرية الأسبق .
أ.د / طه مصطفى أبو كريشة، أستاذ اللغة العربية و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
د / محمد محمد أبو موسى ، الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر .
أ.د / القصبي محمود زلط ، أستاذ التفسير و علوم القرآن بكلية أصول الدين .
أ.د / أحمد طه ريان ، أستاذ الفقه بكلية الشريعة و القانون .
أ.د / محمد المختار محمد المهدي ، أستاذ اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية و العربية والرئيس العام للجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة.
أ.د / أحمد معبد عبد الكريم ، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين .
أ.د / عبد المعطي محمد بيومي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة بجامعة الأزهر ( توفي رحمه الله بعد تشكيل الهيئة).
أ.د / أحمد عمر هاشم، أستاذ الحديث و رئيس جامعة الأزهر الأسبق.
أ.د / محمد عبد الفضيل محمد عبد العزيز محمد المحلاوي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة و وزير الأوقاف .
أ.د / محمود مهني محمود إسماعيل ، نائب رئيس الجامعة و عضو مجمع البحوث الإسلامية.
أ.د / عبد الله الحسيني أحمد هلال ، أستاذ اللغة العربية و رئيس جامعة الأزهر و وزير الأوقاف السابق .
الأستاذ الشيخ / محمد محمد عبد الرحمن الراوي ، أستاذ التفسير و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / على جمعة محمد ، أستاذ أصول الفقه و مفتي الديار المصرية .
وتناولت المادة 32 مكرر(ج) , حالة خلو مقعد عضو الهيئة لأى سبب, وكيفية وشروط شغل مثل هذا المقعد, وحددت المادة 32مكرر(د) حالات سقوط العضوية وإجراءاتها عن عضو الهيئة.

على ضوء ما سبق والنصوص المسرودة ل(المرسوم) , وماساقه ( الدكتور الطيب ) فى بيانه دفاعا عنه.. يمكننا إستخلاص مرامى وأهداف المرسوم فيما يلى:

أولا – إنتزاع الامام الأكبر الدكتور الطيب لإستقلاله, وتحصين نفسه من العزل , ب"النص" على جعل منصبه بالإنتخاب لأول مرة فى العصر الحديث .. "إذ كان فقهاء المذاهب الأربعة وقاضى القضاة ونقيب الأشراف يتفقون فيما بينهم على من يكون شيخ الأزهر, ثم يصعدون إلى القلعة لينالوا الموافقة من الوالى حاكم مصر, فيقر من أتفق عليه ويلبسه الخلعة أو يتردد فى الموافقة, ومن ثم يفهم أنه معترض فيعاد النظر بينهم فى الأمر، أما فى العصر الحديث ومنذ عهد محمد على كان إختيار الشيخ متروكا للوالى ومن بعده الخديو ثم الملك، ونفس الأمر فى العهد الجمهورى"( 11 ) .. وهكذا يكون (الطيب) قد أوجد وأحيا ( هيئة كبار العلماء) , يقوم هو بإختيار أعضائها, ثم عليهم الدور فى إنتخابه عند اللزوم , ليصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيينه نفاذاً لإرادة هذه الهيئة , كما أنه يمكن لشيخ الأزهر الاستعانه بها فى المواقف والمعارك السياسية والفكرية المرتبطة بالدين , والتى صارت شائعة بعد ثورة 25 يناير.
وقد صدر هذا المرسوم بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين إلى صدارة المشهد البرلمانى وحصولهما معا على أغلبيتة , وقبيل إنعقاد جلسات مجلس الشعب بأيام ثلاثة, ومعلوم أن الطيب ليس على وفاق مع الإخوان,على خلفية قضية "ميليشات الأزهر"( 12 ) .
ثانياً – النص صراحة على أن : "الأزهر يمثل المرجع النهائى فى كل مايتعلق بشئون الإسلام , ( المادة 2 فقرة 2 مستحدثة ) , ويتساند مع هذا النص أن الهيئة تختص ب "البت في المسائل الدينية و القوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الأخلاقي على أساس شرعي ,وكذلك فى النوازل و المسائل المستجدة التي تكون محلاً لخلاف" ( مادة 32 مكرر أ ) , بمعنى أن المرسوم بسط سلطان هيئة كبار العلماء على عملية التشريع , وجعل لها الكلمة العليا , وحسماً للمسائل والقضايا محل الخلاف , وهذا يُفهم من كلمة ( البت) المُسنَدة للهيئة فى إختصاصاتها , وبوصف فهمى هويدى( 13): فإن" كلمة (البت) تعنى بالتعبير الدارج ( آخر كلام) الذى لا كلام بعده. الأمر الذى يجعل من رأى الهيئة نصوصا قطعية الدلالة، كأنها مُنَزلة من العليم الحكيم" .. ومع التسليم بأن مثل هذا السلطان للهيئة على عملية التشريع لايجوز أن يكون مستندا إلى مجرد قانون , وبحسب المراقبين , فإن (الطيب) بهذا المرسوم ,إنما وضع أساساً للدولة الدينية , وفرض وصاية الازهر على المجتمع بواسطة الهيئة , وهى نفسها الغاية التى تسعى إليها جماعة الإخوان المسلمين ومن والاها من السلفيين , وكأنما قدم الطيب هدية ل (الجماعة ) التى يتصارع معها من حيث أراد أن يعوق تقدمها ,إذ منحت الجماعة ومعها السلفيين بالدستور لهذه (الهيئة) سنداً وشرعية دستورية , لتنفيذ المهام والأدوار التى أرادها الطيب , وإن كان من المتوقع أن يُعاد تشكيل الهيئة إنتزاعاً لها من الوسطية الأزهرية , إلى الأخونة والسلفنة , وهذا أمر يمكن تدبيره بتعديل قانون الأزهر مرة أخرى من خلال مجلس الشورى ذات الأغلبية الإخوانية السلفية.

ثالثا: (هيئة كبار العلماء) والدستور الجديد

سيل من التشريعات يُنتَظر إقرارها خلال الفترة المقبلة نفاذا لمواد الدستور الجديد الذى أحال فى الكثير من مواده للقانون, تفصيلا وتنظيما وتحديدا لما ورد بها من توجيهات دستورية, أو هيئات ومجالس مستحدثة, وقوانين لتنظيمها , وتشريعات للانتخابات البرلمانية والمحليات, والأزهر والمحكمة الدستورية العليا وغيرها , منفذة ومكملة للدستور.. كل هذه القوانين المتوقع تشريعها, مقيدة بأن (لا تخالف الشريعة الإسلامية )، بحسب الدستور الجديد الذى أقره الشعب بموافقة 63% من الناخبين المشاركين المصوتين رغم ما تعرض له من انتقادات واتهامات بالتزوير وعدم الإشراف القضائي الكامل, وصارنافذاً,بعدما وقَّعَ رئيس الجمهورية مرسوماً بإنفاذهِ يوم 25 ديسمبر 2012 .. فقد أتى هذا الدستور الجديد على ذكر ( هيئة كبار العلماء) , وأوجب أن يؤخذ رأيها فى كل مايتعلق بالشريعة الإسلامية, حيث نصت المادة الرابعة منه على أن:( الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية, وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء,,وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه, وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون).

عند تفكيك هذه المادة الرابعة بالدستور فيما يخص هيئة كبار العلماء ودورها, يمكننا أن نستخلص منها مايلى:

أولا: أن (هيئة كبار العلماء) هى المختصة من بين هيئات الأزهر الشريف, دون غيرها، بمراجعة القوانين والتشريعات, ل(إبداء الرأى) , فيما إذا كانت هذه القوانين والتشريعات أو اللوائح مطابقة للشريعة الإسلامية , أم لا؟ إذ شرعية الهيئة صارت الآن مستمدة مباشرة من الدستور الذى كَّرمها بوضعية خاصة ومكانة أعلى من كل هيئات الأزهر الشريف ,بما فى ذلك مجمع البحوث الإسلامية الذي كان معروفاً بأنه يحل محل هيئة كبار العلماء بعد إلغائها عام 1961 ميلادية.

ثانياً: أن شيخ الأزهر يُختار من بين أعضاء هذه الهيئة, وهو غير قابل للعزل .
ثالثاً: أن هناك تعديلات قادمة قريباً لابد أن تطال قانون تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 وتعديلايه, وهذا يُفهم بوضوح مما ورد بالمادة الرابعة من عبارة : ( ويحدد القانون طريقة إختياره من بين أعضاء الهيئة , والمقصود هنا شيخ الأزهر ) , و العبارة : ( وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون ) التى أُختتمت بها المادة الرابعة .

رابعاً: أن هذه الهيئة تعمل وتستظل فى عملها وإبداء رأيها فى القوانين ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية من عدمه, بالمواد أرقام 2 التى تجعل (مبادئ الشريعة الإسلامية) هى المصدر الرئيسى للتشريع , وتفسيرهذه ( المبادئ), المحدد فى المادة 219 بأنها: ( تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة), وغير ذلك من مواد الدستور المرتبطة, وما يستجد من تعديلات منتظرة لقانون الأزهر.

وبالنظر إلى كثرة القوانين المُحَال إليها بمواد (الدستور), فضلا عن نزوعه المثالي والأخلاقي نحو حفظ الهوية الإسلامية والقيم الدينية للدولة, مما نستشرف معه أننا أمام دور كبير منتظر ومهام جسام ل(هيئة كبار العلماء) , وأن المسرح التشريعى و السياسى والإجتماعى سوف يشهد حضوراً طاغياً لها ليمثل أول دستور مصري بعد ثورة 25 يناير سنة 2011 طور العودة العميقة لها بعد أن الغتها (ثورة يوليو)1952 , بالقانون رقم 103 لسنة 1961, والمعروف بقانون تطوير الأزهر وهو ما قد يعد ميزة في حال استمر الوسطيون يملكون الخيوط الفاعلة داخل المؤسسة الأزهرية ولم تنجح محاولات الاختراق السلفي والإخواني لهذه المؤسسة العريقة.

أخيرا.. بداية ماضية ومرجعية دستورية جديدة:
فى أول تنفيذ ل نص (هيئة كبار العلماء) والمادة الرابعة من الدستور المصري الجديد، " قرر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر يوم الاربعاء ( 2 يناير 2013 ) , إحالة مشروع قانون الصكوك الإسلامية السيادية!! إلى (الهيئة ), مطالبا إياها بوضع المشروع على جدول أعمالها في اجتماعها القادم لمناقشته وإعلان الرأى الشرعى المستفيض بشأنه"( 1 ) , وكان الإمام الأكبر قد تلقى مشروع الصكوك ،لمناقشته وبيان مدى مطابقتة للشريعة الإسلامية.
وأيما كان قرار أو رأي هيئة كبار العلماء، موافقة أو رفضا، فإن القضية الأكثر أهمية تكمن فى الوضع والدور الدستوري الجديد لهيئة كبار العلماء التي سبق ان حدد هويتها قانون الأزهر الجديد الذي أقر بمرسوم عسكري أوائل العام 2012، وهو الدور الذي لم تعرفه هيئة علمائية في مصر منذ ظهور هذا الاسم عام 1911، وحتى إلغائها عام 1961 كما سنوضح.

هل هي مرجعية الدستور الجديد بعد تقليض هوية ودور المحكمة الدستورية العلي من هيئة قضائية إلى جهة تقاضي واستشارة فقط ذات رقابة سابقة على مشروعات القوانين وليست لاحقة كما كان وضعها السابق وكما هو وضعها حتى في مشروع الدستور التونسي الذي صدر عن المجلس الوطني التأسيسي التونسي بعد ثورتها، ستعرض هذه الدراسة للنشأة والتطور التاريخي ل هيئة كبار العلماء وصولا لوضعها في الدستور الجديد الذي تم إقراره، وهويتها وأعضائها والإطار القانوني الحاكم لها، وعلاقتها بالمؤسسة الدينية( الأزهر) الذي تنازعه على مرجعيته تيارات إسلامية وتشكك في شيوخه وتسعى للاستحواذ عليه في رأي البعض، كتعبير عن الوسطية الفكرية الإسلامية وكذلك دور الوسيط السياسي بين الأقطاب السياسية المتنافرة في مصر...

المحكمة الدستورية العليا لم تعد هى المرجع الإساسى فىيما يخص توافق القوانين مع الدستور من عدمه ..هذا المعنى يؤكده المستشارعبد الرحمن الجارحي عضو هيئة قضايا الدولة إذ يرى
أن:" المادة الرابعة من الدستور هى صيغة خطيرة تؤسس للدولة الدينية , وأنها إستبدلت المحكمة الدستورية بهيئة كبار العلماء، بما يعني الرجوع إلى حكم العمائم ورجال الدين" ( 14 ) .

هذا الرأى يتفق معه الدكتور حازم عبد العظيم بأن : " عودة تشريع القوانين إلى مؤسسة دينية هو تأسيس للدولة الدينية, وأن هيئة كبار العلماء المذكورة في الدستور الجديد جاءت لتأسيس لـ"ولاية الفقيه"( 15 ) .

ولايختلف عنهما رأى الدكتور على السلمى مؤكداً بأن :" الأخذ برأى هيئة كبار العلماء يذَكرنا بولاية الفقيه فى إيران , كما أنه يستقطع جزءاً من حق التشريع من البرلمان وجزءاً من حق التطبيق بالقضاء, وأنه سيكون هناك تَحَرُج أن يخالف البرلمان رأي الأزهر أو الهيئة، وهو ما ينتقص سلطة التشريع من البرلمان" ( 16 ) .. والمعنى أن آراء الهيئة قد لاتكون ملزمة دستوريا, لكنها بالتأكيد ملزمة أدبياً, ويصعب عملياً على (البرلمان المنتخب) أن يرفض رأياً ل(الهيئة) عندما يقطع فى أمرٍما بأنه يخالف الشريعة الإسلامية أو يوافقها,بما يخصم من سلطته , كما أن مكانة الهيئة و والصلاحية المقررة لها ,تعلو على سلطة المحكمة الدستورية العليا التى لم تعد وحدها المرجع فى دستورية القوانين, مثلما تعلو على البرلمان, بموجب المادة الرابعة بالدستور وسلطة الدين.

وليس ببعيد عن هذا المعنى ما يراه الخبير القانونى الدكتور هشام نصر فإن "الغرض من هيئة كبار العلماء لايختلف كثيرا عن الغرض من نظيرتها الايرانية المسماة بمجلس صيانة الدستور والمنصوص عليها في المادة الحادية والتسعين بالدستور الإيرانى, بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور، والذي يتكون من فقهاء يختارهم القائد في إيران, ورئيس الجمهورية في مصر"( 17 ) . غير أن أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة , له رؤية مغايرة تماما, إذ يرى أن: "السلفيين يحاولون محو دور الأزهر تمهيداً لنشر أفكارهم، التي فيها التشدد والعنف الفكري, وأن المادة الرابعة تهدف لتجريد الأزهر لتحجيم دوره وتقزيم رسالته لحساب السلفيين وأيضاً، للأسف، إرضاء للتيارات المدنية التي توهمت أن الأزهر سيكون كهنوتاً أو سلطة فوق السلطة ..بينما الأزهر هو الضمان للتعايش وقبول الآخر ونشر قيم التسامح والوسطية"( 18 ).

اللافت هنا أن كريمة كان بصدد الرد على القطب السلفى د. ياسر برهامى عندما قال: "بعد تشكيل هيئة كبار العلماء، ووضع القانون يمكن أن نعزل شيخ الأزهر بالقانون" ( 19 ) , وقوله فى موضع آخربأن : "قانوناً سيصدر خلال أيام ينص على انتخاب شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء التي سيتم انتخابها, وأن الدستور هو قضبان سوف نسير عليها لتطبيق الشريعة خلال الفترة القادمة "( 20 ) .

وهذا يعنى أن برهامى يتحدث عن تعديل قانون الأزهر قريباً, بحيث تتغير بنية هيئة كبار العلماء وتشكيلهامجدداً ,وهو أمر يصعب حدوثه اللهمَّ إلا بالإتفاق مع جماعة (الإخوان المسلمين) التى يمتلك حزبها ( الحرية والعدالة) , أكثرية المقاعد , وهما معا يشكلون الأغلبية , كما أن حديث برهامى عن عزل شيخ الأزهر بالقانون , يتفق مع الرغبة الإخوانية فى عزل الطيب ..ومن هنا يمكن فهم إنزعاج كريمة وتخوفه من تنفيذ هذا المخطط الذى يجعل من هيئة كبار العلماء والأزهر كهنوتاً وسلطة فوق السلطة لحساب الفكر السلفى المتشدد , ويضرب وسطية الأزهر وتوسطه.

صراع على الأزهر:

من جماع ما تقدم يتضح أن عودة هيئة كبار العلماء مع إسناد هذا الدور الرقابى على التشريع من منظور ملائمته للشريعة الإسلامية وتوافقه معها ومع المحددات الإخرى الموجودة بالدستور من قيم وأخلاقيات المجتمع , وتفسير لمبادئ الشريعة الإسلامية على النحو الوارد بالمادة 219 بالدستور.. إنما يعنى أننا أمام تحولات وطور جديد للمؤسسة الدينية والاصولية الدينية على السواء، ربما لم تعرفه حتى عند إنشائها العام 1911 قبل قرن من الزمان.

وربما تأتي هواجس الشعور بالخطر من صراع منتظر على هوية وإعادة هيكلة الأزهر نفسه من قبل التيارات الإسلامية وبخاصة من قبل الإخوان المسلمين الذين يفاصلونه مفاصلة سياسية وتاريخية، اتضحت في الانتقادات التاريخية التي وجهها الشيخ يوسف القرضاوي القريب من جماعة الإخوان لشيخ الأزهر في حواره المنشور بالشروق المصرية منتصف فبراير عام 2012، وفندها العلامة الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني للأزهر وكبير مستشاري الشيخ ورئيس مجمع اللغة العربية، في بيانه المنشور بجريدة بنفس الجريدة في 21 فبراير سنة 2012، وكذلك من قبل التيارات السلفية التي تخاصم الأزهر مخاصمة مرجعية وتاريخية قبل وبعد الثورة، وسبق أن جعل شيخ الأزهر عند توليه منصبه العام 2009 نقدها أحد أبرز أولوياته، رغم لقاءات التودد والحوار بين الطرفين بعد الثورة، كما اتخذت هذه الدعوة موقفا نقديا وتحفظات عميقة ضد وثيقة الأزهر، وقد اتضح هذا الموقف في الفيديو المسرب للشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية بعد إقرار الدستور والذي كشف فيه عن توجه وتحفز سلفي بالتعاون مع الإخوان لتعديل قانون الأزهر الصادر هذا العام وتغيير هيكلته وهيئة كبار علمائه، وقرر ذلك دون احتمال مما آثار الكثيرين من شيوخ الأزهر وعلمائه وكذلك الكثير من القوى المدنية.

والأخطر أن التفسير القائم بالمادة 219 يفتح الباب واسعا للمزيد للانقسامات الفكرية والمذهبية, وعلى الرغم من أن (هيئة كبار العلماء) بتشكيلها الحالى( 27) , تتكون فى غالبيتها من وزراء الأوقاف ورؤساء جامعة الأزهر والمفتين السابقين والحاليين, ومثل هؤلاء بوظائفهم ومعارفهم السابقة والحالية, ينتمون إلى الفكر الإسلامى الوسطى المعتدل, ويخَففون من درجة القلق, غير أنه ليس مؤكداً أن يستمر الحال هكذا, إذ يبين من نص المادة الرابعة بالدستور التى شرعنت دستورياً للهيئة, ومن الأحاديث المتواترة للمعنيين مثل الشيخ السلفى برهامى , أن قانون الأزهر فى طريقه للتعديل ,بقصد إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء لأخونتها وسلفنتها , ومع أن الأمر قد لايكون سهلاً بمثل سهولة إستصدار التشريعات حالياً , فإن الأحونة والسلفنة لهيئة كبار العلماء ممكنة بدرجة كبيرة وليست مستبعدة وإن بعد حين قصير , وإن حدث ذلك , فسوف يكون بمثابة رصاصة الرحمة على ( الدولة المدنية ) , سيما وأن تاريخ الهيئة الذى إستدعاه الأمام الأكبر لايخلو من التشدد والتسلط الدينى, رغم أنه لم يكن للهيئة, مثل هذه السلطة بالدستور فى عصرها السابق قبل عام 1961.

إعداد: هاني نسيره- سعيد السني.

الهوامش

1- موقع إتحاد الإذاعة والتلفزيون ( أخبار مصر) – 2 يناير 2013 على الرابط:
http://www.egynews.net/wps/portal/news?params=205795
2- د. زوات عرفان المغربى, هيئة كبار العلماء ( 1911- 1961) , ,رسالة دكتوراة منشورة ,سلسة تاريخ المصريين, الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 2012 , ص ص (71 -72 )
3 – د. زوات عرفان المغربى , المرجع السابق ص ص ( 73-74)
4 - د. زوات عرفان المغربى , المرجع السابق ص 74
5 - بيارد دودج , ترجمة الدكتور حسين فوزى النجار, الأزهر فى ألف عام , سلسلة الألف كتاب , الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 2010 , ص 153.
6 – بيارد دودج , المرجع السابق , ص153
7 – د .زوات عرفان المغربى , مرجع سابق , ص 333
8- د. زوات عرفان المغربى , مرجع سابق , ص ص ( 470 -471) .
9- موقع اليوم السابع , 1 فبراير 2012 على الرابط : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=592002%20&
10 - قرار رئيس الجمهورية رقم 24 لسنة 2012 , الجريدة الرسمية , العدد 29 تابع ( أ) , 19 يوليو 2012 , المطابع الأميرية .
11 – حلمى النمنم , الأزهر الشيخ والمشيخة , مكتبة الأسرة , القاهرة , 2012 , ص 260
12- لمزيد من التفاصيل حول قضية ميليشيات الأزهر يمكن الرجوع إلى موقع جريدة المصرى اليوم ,20 فبراير 2007 على الرابط : http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=48685
لسابق تصديه عام 2006, إبان رئاستة لجامعة الأزهر, ل(طلاب الجماعة) عند قيامهم بإستعراض عسكرى فى قلب الجامعة , وهى القضية المعروفة إعلامياً ب (ميليشيات الأزهر) , والتى أودت ب ( خيرت الشاطر) نائب المرشد العام للجماعة خلف قضبان السجن لسنوات.
13 - جريدة الشعب , 26 يناير 2012 على الرابط :
http://www.elshaab.org/thread.php?ID=14378
14- موقع جريدة الشروق , 25 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=25122012&id=47c66a2e-5033-47d0-b1c8-f4ac9f505571 .
15 - موقع الموجز , 12 ديسمبر 2012 , على الرابط: http://www.elmogaz.com/node/59068
16 – موقع جريدة الوطن المصرية , 5 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.elwatannews.com/news/details/90352
17 – هشام نصر , دستور الجمهورية الإسلامية المصرية وولاية الفقية , دراسة منشورة , معهد العربية للدراسات والتدريب , 8 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.alarabiya.net/articles/2012/12/08/253901.html
18– موقع العربية نت , 24 ديسمبر2012 , على الرابط : http://www.alarabiya.net/mob/ar/256864.html
19 – العربية نت , المرجع السابق
20- بوابة الوفد الإليكترونية , 28 ديسمبر 2012 على الرابط : http://www.alwafd.org/%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%86/339269-%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%89-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85

الاثنين، فبراير 11، 2013

الرئيس مرسي يرفض التجديد لـ"علي جمعة" والقرضاوي يحضر غدا إختيار المفتي الجديد | المختصر للأخبار

الرئيس مرسي يرفض التجديد لـ"علي جمعة" والقرضاوي يحضر غدا إختيار المفتي الجديد | المختصر للأخبار

المختصر / انتهت اللجنة المشكلة من قبل هيئة كبار العلماء من بحث ترشيحات أعضاء الهيئة لاختيار مفتى الجمهورية الجديد، والذى يعد أول مفتى منتخب للديار المصرية، وفقا للتعديلات الجديدة على قانون الأزهر 103، والتى أقرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت إدارته للبلاد، وصدق عليها الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، وستقدم اللجنة عددا من الأسماء التى تنطبق عليها الشروط المعتمدة من قبل هيئة كبار العلماء، فى اجتماع الهيئة غدا الاثنين، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وسيتم اختيار ثلاثة أسماء، يتم الاقتراع السرى عليهم والحاصل على أعلى الأصوات يرفع اسمه إلى رئيس الجمهورية لاعتماده.
ويحضر غدا الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، وعضو الهيئة الاجتماع، كما سيشارك أيضا الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، التى تنتهى فترة ولايته، أول مارس المقبل.
و كشف مصدر مطلع أن فرصة التجديد للدكتور على جمعة أصبحت مستحيلة، وذلك طبقا للدستور، وخاصة فى المادة رقم 227 والتى تنص "كل منصب يعين له الدستور أو القانون مدة ولاية محددة، غير قابلة للتجديد، أو قابلة لعام واحد، ويحتسب بدء هذه الولاية من تاريخ شغل المنصب، وتنتهى هذه الولاية فى كل الأحوال متى بلغ صاحبها السن المقررة قانونا لتقاعد شاغلها".
فيما أفصح مصدر  بدار الإفتاء، أن هيئة كبار العلماء برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ِشيخ الأزهر، أوصت بالتجديد للمفتى الحالى الدكتور على جمعة، وتم رفع تلك التوصية إلى رئاسة الجمهورية، ولكن قوبلت بالرفض معللة ذلك بأن هذا غير قانونى نظرا لبلوغه سن المعاش، بالإضافة إلى تجديد المجلس العسكرى له لمدة عام.
ومن الشروط المحددة لاختيار المفتى أن يكون عالما بأصول الفقه وأصول الشريعة، وأن يتقن لغة أجنبية ثانية، وأن يكون عالما بكل قواعد اللغة العربية، وأن يكون معروفا بالتقوى والورع فى ماضيه وحاضره، وأن يكون أزهريا منذ بداية دراسته، وأن يكون حائزا على شهادة "الدكتوراه" وبلغ درجة الأستاذية فى العلوم الشرعية أو اللغوية، وأن يكون قد تدرج فى تعليمه فى المعاهد الأزهرية وكليات جامعة الأزهر، وأن يكون له بحوث ومؤلفات رصينة تم نشرها.
وتضيف اللائحة أن المرشح لابد ألا تكون قد وقعت عليه عقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف أو النزاهة أو عقوبة تأديبية أو أحيل إلى المحاكمة الجنائية أو التأديبية، وأن يكون ملتزما بمنهج الأزهر علما وسلوكا، وهو منهج أهل السنة والجماعة الذى تلقته الأمة بالقبول فى أصول الدين وفى فروع الفقه بمذاهبه الأربعة.
المصدر: كلمتي

السبت، فبراير 09، 2013

الزواج المسيحي والزواج المدني

الزواج المسيحي والزواج المدني

الزواج المسيحي والزواج المدني

  بقلم: الأب ريمون جرجس

ما يُـسمى " الزواج المدني" أخذ يَظْهر، في السنواتِ الأخيرة بشَكْل واضح في بعض المجتمعات العربية، عن طريق أول المنابر في أيامنا المعاصرة،أي عن طريق وسائل الإعلام الغربي والعربي، التي لها تأثيرٌ كبير في إظـهار واقتراح النماذج فيما يخص المـسألةَ الأخلاقيّةَ الأدبية، والتي تتصـل بالبُنَى والأنظمة الأساسية المتعلقة بالمؤسسة الزوجية، ما يُناقضْ في بعض الأحيان القَيمَ المسـيحية، وتُعيق لدى الشبيبة النموَّ العادي في الإيمان المسيحي، وتَحولُ دونَ قيام صِلَة بالكنيسة واكتشاف قيمةِ الزواج المقدسة والمتطلبات التي تترتب على الاحتفال به .
كما ظهر أيضاً بنوع ٍخاص، من خلال هذه الوسائل، فِقْدان هويةِ الزواج والعيلة المسيحية، حيث أنّ البرامج أو المسلسلات التلفزيونية مثلاً، تُسهل سُوءَ التثقيف وترويج موضوع الزواج المدني على أنَّها عروض حديثة وطبيعية.
وفي المُقابل قد يُلاحَظ في مناسبات كثيرة، ضَعْفاً شديداً لدي كافة الأسر المسيحية، في فـهم والقدرةِ على التمييز بين الأُسس اللاهوتية والقانونية، التي تقوم عليها هذه المؤسسة الزوجية في الكنيـسة والأفكار التي تقدّمها وسائل الإعلام. حتى أنّ هناك بعضَ المسيحيين، وهم أقلَّة، طالبوا بالاعتراف بالزواج المدني تحت شكّل نظام المدني الاختياري الموحّد للأحوال الشخصيّة (مثلاً في لبنان) من قِبل السلطة المدنيّة، وذلك تحت راية حقوق الإنسان، مما يؤدي إلى تخطّي عقبات الدين وإلى التحرر من قيود الشريعة الدينية. وأن كان هذا ناجماً بالأخص عن أسباب أيديولوجية مثل الحركة العلمانية والفكر الديمقراطي الحر، أو لأسباب أيديولوجية لرفض الزواج الكنسي، أو لتجنّب أعباء قضائية، أو التخلص من الرباط الزوجي في حال فشل حياتهم المشتركة.
أمام هذه الأسباب كافة أرى من الضرورة التوجه بصورة خاصة إلى الشبان والشابات الذين يتأهبون لسلوك طريق الزواج، أحياناً خارج القطر، حول المعنى المسيحي لسر الزواج وقوانينه الكنسية، وتمييزه في نفس الوقت عن الزواج المدني . لا أرغب من خلال هذه المحاضرة اليوم إلى إطلاق موقف - مؤيد أو رافض - من موضوع الزواج المدني كخيار شخصي وصيغة حياة زوجية وعائلية. ولكن سوف ألتزم بالتأكيد، من موقعي ككاهن كاثوليكي، جـانب التأييد لإقرار تعاليم وقوانين الكنيسة الكاثوليكيّة. وإنّي إذ أقوم بهذه المهمّة أولاً بإعادة ذكر صوت الكنيـسة للذين يبحثون في حيرة وقلق عن الحقيقة، من خلال الإرشاد الرسولي للبابا يوحنا بولس الثاني، فيما يخص قيمة الزواج المدني، فالكنيسة موقَنَة كُلَّ اليقين بالضغوطات العديدة التي تُحاول تشويه حقيقة الزواج المسيحي السريّ:
"غالباً ما يتأتّى أن يفضّل كاثوليك عقدَ زواج مدني فقط، أو إرجاء الزواج الديني، إلى ما بعد، على الأقل، وذلك بدافع من أسباب عقائدية أو عملية. فلا يمكن أذن مساواة وضعهم بوضع من يتساكنون دون أي وثاق زواجي، ذلك لأن، لديهم على الأقل، قصداً في اتباع نمط حياة محدّد، مستقرّ، على الأرجح، ولو بقي لديهم، على الغالب، مجال لطلاق محتمل. و بما ان الزوجين يطلبان من الدولة الاعتراف علناً بهذا الوثاق، فانهما يظهران استعدادهما للقبول، في وقت معاً، بما في هذا الزواج من فوائد و التزامات. لكن الكنيسة لا يمكنها أن تسلّم بهذا الوضع. فعلى العمل الرسولي، في هذه الحالة، أن يسعى إلى إفهام الزوجين واجب التوفيق بين ما اختاراه من حياة و يعترفان به من إيمان، و أن يبذل ما في الطاقة ليعمل أمثال هؤلاء الأزواج على تصحيح وضعهم وفقاً للمبادئ المسيحية. و برغم على ما يجب على الرعاة الكنيسة أن يعاملوهم به من محبة بالغة و يحثّوهم على الاشتراك في حياة جماعتهم الخاصة، فلا يجوز، و ياللاسف، أن يسمحوا لهم بإقتبال الأسرار" .
إنّ ما يستند إليه يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي، فيما يخص سرّ الزواج، ينبع من إيمان الكنيسة الجامعة، التي لها موقف تقليدي يؤكّد أنّ الزواج المسيحي سرّ. لذلك نعرض في بداية المحاضرة إيمان الكنيسة الجامعة في حقيقة الزواج المستند إلى الكتاب المقدس، وإرشادات و تعاليم السلطة التشريعية، لأن يدركها المؤمن المسيحيّ و يحترمها وبخضوع لها.

1- الزواج المسيحي سرّ
أنّ الإرادة الإلهيّة التي ظهرت في الخلق تشمل كل إنسان و هي تعبر عن الدعوة الشاملة لكل إنسان كي يحيا زواجه كما يريده الله فرصة لتجسيد رزح التكامل البشري في شركة حياة . و قد قال البابا بيوس الحادي عشر في رسالته 31 كانون الأول 1930 في "الزواج المسيحي" Casti connub:
"أن الزواج لم يضعه البشر ولم يجّددوه، بل الله. و ليس على يد البشر، و لكن على يد صانع الطبيعة نفسه ومجدّد الطبيعة، المسيح الرب، جُعلت للزواج شرائعه، و ثُبّت ورُفع. و بالتالي لا يمكن أن يكون لهذه الشرائع أي تعلّق بالإرادات البشرية، و لا أيّ تعاهد مخالف، حتى من الزوجين نفسيهما. أمّا طبيعة الزواج فليست على الإطلاق خاضعة لحرّية الإنسان، بحيث إن كل من عقده مرّة يكون بالفعل نفسه خاضعاً لشرائعه الإلهية، و مقتضياته الجوهرية" .
انطلاقاً من هذا المبدأ نفسه، الزواج يَنعمْ بحماية فائقة الطبيعة إذ أنَّ الله هو مصدره وواضع نظامه، فلا يجوز للإنسان أن يتلاعب بنظام هذه المؤسسة على هواه و يخضعها عن خطأ لشتى أنواع المداخلات. و من خلال هذا البعد الإلهي يتضح لنا البعد الإلهي في الزواج المسيحي.
إن السيد الرب يسوع المسيح لا يكتفي برد الزواج إلى ذلك الكمال الأصلي، الذي كانت الخطيئة البشرية قد شوهته، إنما يقرر له أساساً جديداً يضفي عليه معناه الديني في ملكوت الله. فإنه بالعهد الجديد الذي يؤسسه في دمه الخاص (متى 28:26)، يصير هو نقسه عريس الكنيسة (التي هي مجموعة المؤمنين). وأنّ ما جاء على لسان القديس بولس الرسول من أقوال ووصايا متعلقة بقداسة الزواج وسموه "و هذا السرّ لعظيم بـارتباطه بـسر اتـحاد الكنيـسة " ( أفسس 32:5 ) ومن ثمّ حثّه عـلى عـقده "في الربّ" (1 كو 39:7)، أدخل الزوجين في سرّ المسيح الفصحي، و جعل بالفعل عينه من الأسرة المسيحية أسرة على مثال الكنيسة. فخضوع الكنيسة للمسيح، وحب المسيح المخلص للكنيسة، التي افتداها ببذل ذاته من أجلها ، هما القاعدة الحية التي يجب على الزوجين الإقتداء بها. وإنهما القادران على ذلك لأن نعمة الخلاص تمس حبهما ذاته، مكرسة له مثله الأعلى ( أفسس 5: 21- 33 ).
يقول اللاهوتي المعاصر إدوار سخيليبكس في تعريفه لسرّ: "إنّ يسوع المسيح هو تجسّد الله. ومحبته هي التجسيد البشري لمحبة الله الخلاصيّة، ومجيء الله إلينا بصورة منظورة. ولأنّ هذه الأعمال الإنسانية هي في الوقت عينه أعمال الله، أي أعمال الله في صورة تجلّ بشري، فهي تملك في جوهرها قدرة إلهية للخلاص. و بما أنّ هذه القدرة الإلهيّة قد ظهرت لنا في صورة أرضية منظورة، فأعمال المسيح الخلاصية هي أعمال من نوع "السرّ". والسرّ هنا يعني عطيّة خلاصيّة يمنحنا إياها الله بشكل خارجي يمكن إدراكه وتيقّنه، و به تصير تلك العطيّة واقعاً و حقيقة" .
وأنّ قلنا أن الـزواج سرّ فهذا يعني أنّّ المحبة الله التي ظهرت في يسوع المسيح قد سكبت في قلبي اللـذين يـرتبطان ليصير حبهما أحدهما للآخـر على مثال حـبّ المسيح للكنيسة. و بذلك يصبح زواج المعمدين رمزاً واقعياً للعهد الجديد الأبدي المختوم بدم المسيح .
وأنّ الرموز و الشعائر التي ترافق الاحتفال بالزواج لهي دليل على أن الكنائس الشرقية بشكل خاص، قد وعت منذ الأجيال الأولى أنّ الزواج المسيحي هو عمل الكنيسة بحد ذاته يمجدّ الله في المسيح يسوع و في الكنيسة. وهو شأن الأسرار يمنح النعمة بقوة العمل نفسه. لذلك الزواج المسيحي سر مقدس والحب الزوجي هو عهد بين الزوجين وليس عقدا، و ليس للسلطة المدنية أي صلاحية في الأمور الروحية كالأسرار، و هذا بمثابة مبدأ التعليم اللاهوتي للكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، لا يمكن التخلي عنه.
وقد أكدت السلطة التعليميّة في الكنيسة الكاثوليكيّة، التي نجدها في إرشادات والوثائق الكنسيّة، على أنّ الزواج هو "مؤسسة" إلهية لها نظامها و شرائعها و غايتها. وجوهر هذه المؤسسة بأنها مقدَّسة وقد رفعها المسيح إلى مقام السرّ . نذكر أهمّ هذه الوثائق:

1- المجمع التريدنتيني (المسكوني التاسع عشر) 1545-1563 في كانون الأول قد قرر:
"أن قال أحد أن الزواج ليس بالحقيقة أحد أسرار الناموس الإنجيلي السبعة التي أنشأها المسيح ربنا، ولكنه أمر اختلقه البشر في الكنيسة وأنه لا يمنح النعمة، فليكن محروماً ".
2- البابا بيوس التاسع في براءة له سنة1851 ميلادية بعبارةِ Apostolica Sedis يقول:
"ما من أحد من الكاثوليك يجهل ولا يسعه أن يجهل كون الزواج سراً بالحقيقة من أصل الأسرار السبعة للشريعة الأنجيلية مرسوماً من السيد المسيح. ولذا كان من الممتنع أن يتم زواج بين المؤمنين وما يكون له صبغةالسر. فإن وقع الاقتران بين الرجل وامرأة مسيحيين بمعزل عن السر فلا يكون زواجاً وأن وقع على مقتضى رسم الشريعة المدنية وانما يكون من قبيل التسري القبيح المهلك المحرم من الكنيسة منذ زمن طويل. فمن ثم قد تقرر امتناع انفصال السر عن عقد الزواج" .
3- و قد جاء في التعليم البابا لاون الثالث عشر ما يلي:
"وليس لأحد أيضاً أن يتأثّر بهذا التمييز الذي يعلنه بشدة أصحاب التشريع الملكي، بين العقد والسرّ، لكي يحفظوا للكنيسة ما هو من السرّ ويسلّموا العقد لصلاحية السلطات المدنية وإدارتها. مثل هذا التمييز، أو بالحري هذا الفصل، لا يمكن قبوله، إذ من المترف به أن العقد، في الزواج المسيحي، لا يمكن فصله عن السرّ، وبالتالي لا يمكن أن يوجد عقد صحيح وشرعي لا يكون بالفعل ذاته سرّاً، لأن المسيح الرب قد رفع الزواج إلى كرامة السرّ، والزواج هو العقد نفسه إذا ما تم بحسب الحق" .
4- و قد جاء أيضاً في رسالة "الزواج المـسيحي"، "Casti connubii "، 31 كانون الأول 1930 للبابا بيوس الحادي عشر:
" ولأنّ المسيح قد اختار علامةً لهذه النعمة الرضى الزوجي الذي يجري تبادله بوجه صحيح بين المؤمنين، فالسر متجد بوجه وثيق جداً بالزواج المسيحي بحيث لا يمكن أن يوجد زواج حقيقي بين معمدين بدون ان يكون بالفعل عينه سراً" .

5- وقد جاء المجمع الفاتيكاني الثاني وأصدر الدستور العقائدي "فرح و رجاء" الذي أعلنه البابا بولس السادس بتاريخ 7\ 12\ 1965 حيث قدم مفهوم اللاهوتي الجديد لـسرّ الزواج المسيحي، حين اعلن أنه (العدد 48):
"رباط مقدس الذي لا يخضع لمزاج الهوى البشريّ. فإنّ الله نفسه هو واضع الزواج...وكما أنّ الله قطع مع شعبه قديماً عهد محبة وأمانة، هكذا أراد الآن مخلص البشر، عروس الكنيسة، أن يقابل الأزواج المسيحيين بسرّ الزواج...كما أحبّ هو الكنيسة وبذل ذاته لأجلها...إنّ الحبّ الزوجيّ الحقيقي يرتكز على الحبّ الالهي وهو يستمد معالم طرقه وغناه من قوة المسيح الفدائية ومن عمل الكنيسة الخلاصيّ".
هذا المفهوم للزواج، أعطى أولاً، للمؤسسة الزوجية بعداً جديداً و أدخل العهد الزوجي في نطاق النظام الكنسي، وأضفى عليها صفة العهد بدل صفة العقد، لأنّ صفة العهد هي أكمل و أصح من صفة العقد بالنسبة للزواج الكنسي، وخصوصية العهد تتعدى الضوابط القانونية العائدة لسائر العقود . ثانياً فهو يساهم في إبعاد مؤسسة الزواج عن أي مؤسسة مدنية.
انطلاقاً من هذه المبادئ اللاهوتية في تفسير النظرة المسيحية للزواج من كل جوانبه، نجد أنّ لغة التشريع الكنسي الجديد، في الحديث عن الزواج، مستوحى من تصريحات المجمع الفاتيكاني الثاني. فالقانون الجديد للكاثوليك الشرقيين 1990 يقدم تعريفاً لسرّ الزواج: ق. 776-البند 2- بترتيب من المسيح، الزواج الصحيح بين المعمّدين هو سرّ بذات الفعل، به يجمع الله بين الزوجين على مثال الاتحاد السرمدي بين المسيح و الكنيسة، ونعمة السرّ تمنحهما نوعا من التكريس والحصانة".
فلأنّ السيد المسيح بترقية عقد الزواج إلى مـقام الأسرار قد وهب الكنيـسة عليه سلطاناً مطلقاً وخاصاً ومانعاً لغيره يخولها دون سواها سن الشرائع المتعلقة به، فهي – الكنيسة - تطالب لوحدها بحق التشريع والحكم في الأمور الزوجية ، وذلك بما يجب القيام به من الطقوس وشكليات لصحّة الزواج وجوازه، و تطالب بهذا الحق تجاه السلطات المدنية. كما أنّ لها الحق أيضاً في أن تنظر وتحكم في جميع الدعاوى الزوجية العائدة إلى صحـة الزواج أو بطلانه أو فسخه وإلى واجب المـساكنة وشرعية الأولاد وفسخ الخطبة ومفاعيل الزواج الأساسية . وقد بحثت القوانين 828-842 في الإجراءات القانونية التي يجب ممارستها لإتمام الاحتفال الزوجي. وهذه الإجراءات شكلية رسمها الشرع الكنسي لصحة العهد وجوازه.
لذلك زواج المعمدين ينظمه الشرع الإلهي و الكنسي بموجب القانون 780 ش.ك -البند 1 حيث ينصّ بوضوح كما يلي:
- يحكم زواج الكاثوليك، حتى إذا كان طرف واحد كاثوليكياً، لا الشرع الإلهي فحسب، بل القانون الكنسي أيضاً، مع عدم الإخلال باختصاص السلطة المدنية، في ما يتعلق بأثار الزواج المدنية المحض.
لذلك يخضع الزواج عند الكنائس الكاثوليكية جميعها لأحكام القانون الكنسي وجميع المعمّدين ما عدا الغير كاثوليكي مقيّدين بتطبيقه بموجب القانون 11 اللاتيني وقانون 1490 ش ك . والشرع الكاثوليكي الشرقي يلزم أيضاً المؤمنين المتحديـن بالمسيح وفي الكنيسة التي هي جسده (أفسس 5\23) المحافظة أينما كانوا بطقوسهم الليتورجية الشرعية ونظامهم الخاص وعليهم أيضاً أن يحصلوا فيها معرفة أحـسن وأن يمارسوهـا ممارسـة أكمل وإذا ما ابعدوا عنها اضطرارياً بفعل ظروف الزمان والأشخاص فليجتهدوا أن يرجعوا إلى تقاليد اجدادهم . وبموجب القانون 39 ش ك :
"إنّ طقوس الكنائس الشرقية يجب حفظها ودعمها بورع، لكونها تراث كنيسة المسيح بأسرها، يشع فيه التقليد المنحدر من الرسل عن طريق الأباء، ويؤكّد بتنوعّه وحدة الأيمان الكاثوليكي الإلهية".
وأيضاً القانون 12 ش.ك يقرر:
"يجب على المؤمنين، كل بسيرته، أن يحافظوا دوما على الشركة مع الكنيسة".
وذلك من خلال خضوعهم و توقيرهم بالعقل والإرادة لتعاليم الكنيسة .
لهذا السبب تطلب الكنيسة عادة للمؤمنين من أبنائها الإلتزام بالصيغة الكنسيّة الطقسية والقانونية لإجراء الزواج. ثمّة أسباب كثيرة تساعد في تعليل هذا القرار:
-" الزواج الأسراريّ عمل ليتورجيّ. فيجدر، من ثمّ، أن يحتفل به في الكنيسة في إطار ليتورجي علنيّ، - يندرج الزواج في نظام كنسيّ، و يُنشىء في الكنيسة حقوقاً وواجبات بين الأزواج و تجاه الأولاد، - لمّا كان الزواج حالة حياة ضمن الكنيسة، كان لا بدّ من أن يحظى باليقين، - إنّ الطابع العلنيّ في الرضى الزوجين يحمي ميثاقهما ويساعدهما في الوفاء به" .

الصيغة القانونية للزواج
أمّا فيما يتعلق بالصيغة الزواج القانونية، غير الصيغة الطقسية، فقد وضِعتْ لتكون إثباتاً رسمياً لانعقاد الزواج ومنعاً لانعقاده بدون حضور السلطة الكنسية المختصة. لذلك لكي يكون للزواج كيانه الديني لا بد أن يحتفل به أمام الكنيسة ويتم بصلاة على يد الأسقف أو الكاهن لينالوا بركة الله ونعمته.
ومن الجملة فان الكنائس الشرقية، قد شددت منذ الأجيال الرسولية لزوم حضور كاهن وشهود من المؤمنين عند "عقد" زواج المسيحيين وأن يمنح البركة للمتعاقدين بموجب الطقس الكنسي. فالسّر الزوجي قد حمل الكنيسة منذ أواخر القرن الأول على دعوة المؤمنين إلى عقده أمام الأسقف أو الكاهن. وهـذا واضح في إحـدى رسـائل القديس اغناطيوس الأنطاكي إلى بوليكاربوس:
"على الرجال والنساء الذين يتزوجون أن يكون اتحادهم على يد الأسقف، حتى يكون الزواج حسب الرب لا حسب الشهوة ليصير كل شيء لمجد الله" .
وفي القرن الـرابع لنا شهادات عن أهم طقوس الزواج نجدها في مؤلفات الأباء القديسين: مثلاً تـسليم الخواتم، جمع اليدين بواسطة الكاهن، بركة الكاهن، الأكاليل، الكأس المشتركة .
في الكنيسة اللاتينية فقد كان الـزواج رضائيـاً ولم تُصدر صيغـةً كنسيةً خاصة لعقد الزواج إلاً في العصر الوسيط، ولم تُعمّم هذه الصيغةُ بوجه مُلزم وضروريّ لصحـة الـزواج إلاّ في المجمع المسمى "التريدنتيتي" في القرن السـادس عشر (1545-1563). فمنذ ذلك الحين أصبح الزواج لديهم عقداً شكلياً، لا بد فيه من حضـور رجل دين والشهود. فالمرسوم Tametsi 11 تشرين الثاني 1563يصرّح ما يلي:
"أما من يقدمون على عقد زواج في غير حضور الخوري أو كاهن آخر مفوّض من قبل الخوري أو الأسقف المحليّ، وأمام شاهدين أو ثلاثة، فالمجمع المقدس يعلن أنهم غير أهل البتّة لأن يقوموا بهذا العقد، ويرسم أن مثل هذه العقود غير صحيحة وباطلة كما أن هذا القرار يبطلها ويلغيها" .
من هذا النصّ ينتج أنّ الصيغة القانونية أسست لأسباب قانونية رعويّة أكثر من أن تكون لاهوتيّة، وبما أنّ المتطلبات اللاهوتية تتم بواسطة إظهار الرضى الحر لكلا الطرفين معمدين، الكافي لصحة الزواج، فالزواجات بدون حضور الكاهن، (ex iure naturae) بحد ذاتها صحيحة، تحت شرط أن يكون هناك الأهلية القانونية لدى الزوجين وتبادل الحر للرضاهما الزوجيّ.
وفيما بعد هذه الصيغة القانونية التريدنتينية ثبتت في المرسوم دائرة المجمع المقدّس Netemere"" 2 آب 1907، بحسب هذا المرسوم:
"إن الزواجات المعقودة أمام الخوري أو الرئيس المحليّ، أو كاهن مفوّض من أيّ منهما، وأمام شاهدين على الأقل هي وحدها صحيحة" .

هذه العقيدة أدخلت في الشرع الجيد للكنيسة اللاتينية 1983 ينصّ ما يلي: ق. 1108 البند 1:
ليست زيجات صحيحة إلا التي عقدت أمام الرئيس الكنسي المحليّ أو الراعي المحليّ، أو الكاهن أو شماس الذي منحه أحدهما صلاحية مباركة الزواج، وأمام شاهدين لاأقل، ولكن وفقاً لأحكام القوانين التالية ومع عدم الإخلال بالاستثناءات المذكمرة في القانون 144;1112§1,1116 و1127,§§ 1-2.
والتعليم المسيحي الكاثوليكي الجديد1992 يصف الاحتفال بالزواج في كلا التقليدين الغربي والشرقي كما يلي: "بحسب التقليد اللاتيني، الزوجان هما خادما نعمة المسيح، يمنحان أحدهما الآخر سرّ الزواج، بالإعراب عن رضاهما أمام الكنيسة. أمّا في تقاليد الكنائس الشرقيّة، فالمحتفلون –أساقفة أو كهنة- هم شهود على الرضى المتبادل بين الزوجين، ولكنّ بركتهم ضروريّة أيضاً لصحّة السرّ" .
فالسر الزوجي لا يقوم في هذه الكنائس الشرقية بمجرد رضا الزوجين المتبادل، بل لكي تنعقد الرابطة الزوجية صحيحة لا بد أن يتم الزواج على يد كاهن وبحضور شاهدين وبمراسيم دينية معينة . فإذا لم يتوفر هذا الشكل الديني كان الزواج بمقام مانع مبطل للزواج.

ويشير التعليم المسيحي الكاثوليكي 1992 بهذا السياق ما يلي:
"الليتورجيّات، على أنواعها (الشرقيّة) حافلة بصلوات البركة والدعاء، تتوجّه إلى الله بطلب نعمته وبركته للزوجين، ولا سيّما للزوجة. في صلاة الاستدعاء الملحوظة في حفلة الزفاف، ينال الزوجان الروح القدس عربون شركة الحبّ بين المسيح والكنيسة. فالمسيح هو خاتم ميثاقهما ومصدر حبّهما على مدى الزمن، والقوّة التي بها تتجدّد أمانتهما" .
لذلك حفاظاً على التقليد الشرقي، الكنائس الشرقية الكاثوليكية لا تعتبر صحيحة إلاّ الزواجات التي تُعقد برتبة مقدسة، أي التي يُحتفل بها بحضور وبركة الرئيس الكنسيّ المحليّ أو الخوري المحليّ، أو كاهن حصل من أحد هذين الاثنين على صلاحيّة مباركة الزواج بحضور الشاهدين فقط.
يجب أن نلاحظ أن واجب الرتبة المقدسة، أي أن يبارك كاهن الإكليل ليكون صحيحاً، هي من ميزات الشرع الشرقي. ففي الكنيسة اللاتينية يطلب فقط حضور الرئيس المحلي، أو كاهن أو حتى شماس إنجيلي ينتدب.
أمّا في الكنائس الشرقيّة، على الكاهن ليس فقط أن يحضر الزواج، بل أن يباركه. والبركة تعني أنه يعمل كخادم حقيقيّ للسرّ، بحكم سلطان التقديس الكهنوتي (الممنوح له)، كي يوحدّ الله العروسين على مثال الوحدة غير الزائلة القائمة بين المسيح والكنيسة، ولكي تقدسهما نعمة السرّ . إذن مطلوب حضور الكاهن بضرورة جوهرية وإذا لم يحضر فلا يحسب الزواج كنسياً، لأن حضوره لصحة الزواج يلزم بضرورة.

بمقتضى الشرع الشرقي الكاثوليكي الجديد 1990 الذي ينص أن لصحة الزواج للمتعمدين في إحدى الكنائس الكاثوليكية الشرقية، يتطلب حضور الكاهن ومنح البركة مما ورد في الكتب الطقسية:
ق 828 البند 1- ليست زيجات صحيحة إلا التي يحتفل بها بطقس مقدس، أمام الرئيس الكنسي المحليّ أو الراعي المحليّ، أو الكاهن الذي منحه أحدهما صلاحية مباركة الزواج، و أمام شاهدين لا أقل، ولكن وفقاً لأحكام القوانين التالية ومع عدم الإخلال بالاستثناءات المذكورة في القانون 832 والقانون 834 البند 2. البند 2- بالطقس المقدس يعني هنا اشتراك الكاهن بحضوره وبركته.
عندما يتعذّر، بدون مشقّة جسيمة، وجود كاهن ذي صلاحية على قاعدة الشرع، أو الوصول إليه، أو أيضاً في حال خطر الموت، إذا تُوقّع توقّعاً صوابيّاً أن عدم الإمكانية هذا سوف يدوم على الأقل شهراً. في مثل هذه الحال، يحسن إذا أمكن ذلك أن يُستدعى كاهن آخر، وإن كان غير كاثوليكي، لمباركة الزواج (ق 832، البندان 1 و 2). ويحدد القانون 832، البند 3 أنه إذا عُقد الزواج، لأسباب استثنائية، أمام الشهود فقط، فعلى الزوجين أن يقبلا من الكاهن، في أقرب وقت ممكن، بركة الزواج .
بالنسبة لمجموعات المسيحية كالبروتستانت فهناك بعض الـفروقات تتعلق بمفهوم الزواج. حيث يصفه مارتن لوثر بأنّه "أمر من أمور العالم الخارجيّ". لم يقصد بذلك القول إنّ الزواج مسألة دنيويَّة محض، بل إنّه لا ينتمي إلى نظام الخلاص، بل إلى نظام الخلق فقط. على هذا الأساس أنكر لوثر على الكنيسة صلاحيَّتَها في وضع قانون للزواج وأسند عقد الزواج إلى السلطة المدنيّة. ومن ثمّ فالزواج الصحيح المعقود أمام السلطة المدنيّة هو، في نظر البروتستانتيّ، زواج صحيح أيضاً أمام الله والكنيسة . لهذا المعتقد ليس لديهم أي مشكلة في قبول النظام العقد المدني، لسبب أنهم يتفهمون الزواج على أنّه "شيء علماني" وليس بسرّ.

بالاستنـاد إلى المجموعة من الأحـكام أطلـق عليها تسمية "نظام المجمع الأعلى وقانوني أصول المحاكمات والأحـوال الشخصية للطائفة الإنجيلية في سورية ولبنان، في 24 آب 1949". فإنّ المادة 21 يثبت:
" أنّ الزواج عقد يجري بين ذكر وأنثى يقصد منه الاقتران الجنسي الطبيعي والاشتراك في المعيشة العائلية مدى العمر". وتأتي المادة 22 ما يلي: "يتم الزواج بكامل حرية المتعاقدين ورضائهما المتبادل، ومصادقة الولى أو الوصي على زواج من كان قاصراً أو محجوراً عليه، وبعد إجراء المراسم التي تفرضها الكنيسة التي تعقده لها" . ولا يخفي أن المجموعات البروتستانتية متعددة ومتشعبة ولكل منها مراسمها الخاصة.

2- الزواج المدني
الزواج المدني هو ارتباط عقدي، تنظمه القوانين المدنيّة في كل ما يتعلق بانعقاده وانحلاله وموانعه ومفاعيله وغير ذلك، كسائر العقود ويستمد أنظمته من الشريعة المدنية. فالعنصر الأساسي الذي لا مفرُّ منه للإنشاء الزواج المدني هو الرضى المصُّرح من كلا الزوجين أمام السلطة الشرعية المختصة في أن يتخذ أحدهما الأخر زوج أو زوجة، مع القرار المصرّح من السلطة المدنية أن الزوجين قد اتحدا في عقد زواج . فالمقارنة البسيطة بين الزواج المسيحي بصفته سرا من أسرار الكنيسة والعقود المدنية تظهر لنا ما يأتي:
في العقد المدني يمكن للمتعاقدين تنظيم علاقاتهما على الوجه الذي يريانه مناسبا شرط التقيد بالقوانين المرعيّة الإجراء وعدم مخالفتها للنظام العام، كما أن إرادة المتعاقدين التي تتجلى في الاتفاق تبقى السيدة في التنظيم والتعديل في حين ان العلاقة القانونية الناتجة عن سر الزواج هي من وضع إرادة الله، أي أنها مستمدة من الحق الطبيعي والحق الكنسي الذي هو امتداد للحق الطبيعي. كما أن إرادة الزوجين لا تضع الشريعة بل تخضع لها بحيث انهما لا يستطيعان إجراء أي اتفاق مخالف لها وحيث تحديدها لمدة الزواج مثلاً: باعتبار ان ديمومته مستمدة من الحق الطبيعي . لذلك الزواج الكنسي هو عمل كنسي.
وفي جميع الأحوال، فالزواج المدني هو زواج غير دائم، شأنه شأن جميع الارتباطات العقدية، يجوز لأي من عاقديه أن يتحلل من أحكامه. ويتم انحلال الزواج بين المتزوجين زواجاً مدنياً في ضوء القانون المدني نفسه، والقضاء المدني هو الذي يفصل مثل هذه المنازعات ويحكم بها.

نبذة تاريخية
الحكم المدنيّ حتى القرن التاسع عشر، في معظم الدول الأوروبية، كان يعترف بوجود نظام تشريعي كنسي، مع السلطة مستقلة التي كانت لها. وفي الدول الكاثوليكية كانت القوانين الكنسية محترمة، حيث اعتاد المسيحيون اعتماد تعاليم الكنيسة في الزواج وظل الزواج خاضعاً لأحكام الكنيسة وحده، منفصلاً عن الحالة المدنية، تحكمه قواعد خاصة في القانون الكنسي. وفي القرن التاسع عشر هذا الوضع قد طُمس لأسباب كثيرة ومنها كان نتيجة الأكثر أهمية للثورة الفرنسية سنة 1792 التي أسست مفهوم علمنة الدولة، بمعنى أنّ الدولة، منفصلة عن الكنيسة، هي السلطة العليّة الوحيدة ولديها الاختصاص القانوني في تنظيم كل نواحي الحياة البشرية . وبهذا الشكل أخذت سيادة الدولة في فرنسا تزاحم الكنيسة، وبدأت السلطة المدنيّة تطغى على النفذ الدينيّ، وبـدأ إدماج الزواج في الحالة المدنية إلى أن اعتمد الزواج المدني وحده. وانتقلت هذه الحركة من فرنسا إلى بعض الدول المجاورة في إبّان القرن التاسع عشر حيث استعملوا التـشريع الفرنـسي كنموذج (إيطاليا سنة 1866، سـويسرا سنة 1874، ألمانيا سنة 1875، ببلجيكا 1830) ، فشملت الأحوال الشخصية مسائل انعقاد الزواج وانحلاله.
أمّا عن ردة فعل الكنيسـة على أثر إعلان عـلمنة الـزواج من قبـل الثورة الفرنسيـة فقد جاءت على لسان البابا بيوس التاسع الذي أعلن حـق الكنيـسة وسلطانها الحصري على نظـام زواج المعمـدين وقرّر أن كـل زواج يعقد أمـام السلطة المدنية ليس سوى حالة تسرّ مشينة ومخجلة تحرّمها الكنيسة (Acerbissimum1852):
 "لايمكن أن يحصل زواج، بين مؤمنين، لا يكون في الوقت عينه سراً. ولذلك كل اتحاد آخر عند المسيحيين، رجل وامرأة خارجاً عن الزواج، وإن عقد بقوة الشريعة المدنية، ليس سوى تسرًّ مخز ومسيء" .
ويرى مجمع التوبة المقدس 15 كانون الثاني 1866:
"من النافل تذكير أيّ كان بأن كون الزواج واحداً من الأسرار السبعة التي أسسها المسيح الربّ هو عقيدة معروفة جداً في ديانتنا الجزيلة القداسة، وأن منحه بالتالي يخص فقط الكنيسة نفسها، التي أودعها المسيح ذاته توزيع أسراره الإلهيّة. ويرى كذلك من النافل تذكير أيّ كان بالصيغة التي رسمها المجمع التريدنتيني والتي بدون حفظها في الأماكن التي أصدرت فيها لا يمكن أن يعقد زواج صحيح. وعلى الرعاة، انطلاقاً من هذه المبادئ وهذه العقائد الكاثوليكيّة ومن غيرها، أن ينشئوا تعليمات عملية يقنعون بها كذلك المؤمنين بما أعلنه سيدنا الجزيل القداسة في المجمع السري، في 27 أيلول 1852. ويستطيعون أن يستنتجوا من ذلك بسهولة أن الإجراء المدني لا يٌنكَر عليه فقط، أمام الله وكنيسته، ألاّ يكون سراً، بل لا يمكن أيضاً أن يٌعَدَّ عقداً، بأيّ وجه من الوجوه، كما أن السلطة المدنية لا تقدر على ربط مؤمن في الزواج، كذلك هي غير قادرة على حله. لذا...يكون أيّ حكم يصدر عن سلطة علمانية في شأن فصل الأزواج الذين ارتبطوا بزواج شرعيّ أمام الكنيسة غير ذي قيمة. والزوج الذي يسيء استعمال هذا الحكم فيتجاسر على الاقتران بشخص آخر يكون في الحقيقة زانياً، كذلك يكون في الحقيقة متسرراً من يجرؤ على البقاء في الزواج بفعل إجراء مدني فحسب. وكلاهما لا يستحقان الحلّ ما داما لم يندما ولم يرتدا إلى التوبة خاضعين لفرائض الكنيسة" .
وقد ردد ذلك التعليم البابا لاون الثالث عشر في الرسالة العامة " Arcanum divinae sapientiae" 10 شباط 1880: بعد أن جدّد المسيح الزواج هكذا، ورفعه إلى كمال سام، وضع بين يدي الكنيسة واستودعها نظامه كلّه، وقد مارست الكنيسة هذه السلطة على زواج المسيحيين في كل زمان ومكان، وفعلت ذلك مبيّنة أن السلطان هو خاص بها، وغير صادر عن تنازل من البشر، ولكنه منحة إلهية من إرادة مؤسّسها..." .
الأنظمة مختلفة لعقد زواجات في الترتيبات التشريعية المدنية

1- النظام إلزامي :
المفروض على جميع المواطنين بدون تمييز في مذاهبهم الدينية. يقوم هذا المفهوم على أن لا تشريع في الدولة إلا تشريعها، ولا نظام إلا نظامها، ولا محكمة إلا محكمتها، والزواجات التي تعقد أمام السلطة الدينية ليس لها أي مفاعيل مدنية.
فالدول التي تتبنى هذا نظام إلزامي، تضع قانوناً واحداً يعالج أمور الزواج لكافة مواطنيها ضاربة بعرض الحائط الانتماءات الدينية أو الكنسية، وتجعل من الزواج عقداً يتم بالإيجاب والرضى بين الزوجين أمام السلطة المدنية المختصة ضمن شروط يحددها القانون الموحّد دون النظر إلى دين العروسين، فيصبح الزواج عقداً مدنياً كباقي العقود يفقد قدسيته الخاصة. حتى ولو قام العروسان بعد ذلك بالزواج دينياً لدي الكنيسة فإنّ الزواج المدني يبقى هو الزواج الذي يرتب الآثار القانونية في حياة الزوجين وحتى بعد الموت من حيث الأحكام المتعلقة بالإرث والوصاية والوصية. ويعتبر وحده الزواج القانوني المعترف به من قبل الدولة، وبشكل عام يمنع الاحتفال بالزواج الديني لأشخاص الذين لم يعقدوا سابقاً زواج مدني.
هذا النظام بدأ أثناء الثورة الفرنسية في فرنسا سنة 1797 حيث كان لها الدور في علمنة الزواج وتأسيس الزواج المدني من خلال دستور 14 أيلول 1791المادة 7 بمبدأ : "الشريعة لا تعترف بزواج إذا لم يكن عقد مدني". وفي 25 تشرين الأول 1792 تم إصدار مرسوم الذي فرض على جميع المواطنين الذين يرغبون عقد زواج، أن يتم زواجهم بصيغة موحدة أمام رئيس البلدية.
وقد أصبح الزواج الآن في فرنسا مدنياً إنما يجوز للزوجين بعد إتمام الزواج المدني أن يعقداه "دينياً" على يد أحد الكهنة دفعاً للحرج الذي قد يقعان فيه إذا كان الزواج المدني مخالفاً لعقائد المذهب الذي يدينان به بأن كانا تابعين للكنيسة الكاثوليكية مثلاً. وقصارى القول أن القانون المدني يحتم الزواج على حسب أوضاعه وأصوله ولكنه يدع للزوجين الحرية في إجراء الزواج الديني إلى جانب الزواج المدني. وقد نصت المادتين 199 و200 من قانون العقوبات الفرنسي على معاقبة الكاهن الذي يتولى الزواج الديني بين زوجين قبل الزواج المدني باعتبار أنه مرتكب لجريمة جنحة .
الفرنسيون الذين يرغبون عقد زواج خارج القطر، هم ملتزمون، فيما يخص صيغة الزواج، بشريعة مكان الاحتفال بالزواج. أما الشروط الضرورية أو الأهلية للزواج، يجب تطبيق شريعة الفرنسية. وللحصول على وثيقة التي تثبت الأهلية الزوجية يمكن تحريرها من الأشخاص الدوبلوماسيين أو من القنصل الفرنسي (المادة 170) .
وتبنت هذا النظام فيما بعد بعض الدول الأوروبية نذكرمثلاً: سويسرا، بيلجيكا، المانيا، ايطاليا سنة 1865 حتى سنة 1929، تشيلي ، أرجنتين، فنزويلا.
أما في تونس حسب 1957 شرع، مادة 36،الغير مسلمين هم ملتزمون بالزواج أمام اثنين من موثقين أو أمام مسؤول قانوني مدني. وفي تركيا 1926 شرع مادة 110 الزواج يمكن أن يعقد فقط بصيغة المدنية وفى الوقت الذي لا تعترف الدولة بأي زواج خارج عن الزواج المدني الرسمي الذي يتم بمعرفة دائرة الزواج في البلديات، فإنها تمنع في نفس الوقت الزواج الديني، وتفرض الفقرة الرابعة من المادة 237 من قانون العقوبات التركي: "عقوبة الحبس لمدة بين شهرين وستة أشهر لكل من أجرى زواجًا في إطار المراسم الدينية فقط.
في العموم هذه الدول كانت مسيطرة تحت النظام اشتراكي دكتاتوري حيث كان هدفها علمنة السلطة السياسية. النظام إلزامي للزواج المدني يطبق أيضاً على المسيحيين الغير كاثوليك، مثل كولومبيا- برتغال- كوستاريكا.
النظام التشريعي الذي يلزم الزواج المدني ورافضاً الاحتفال بالزواج الديني قبل المدني، يشكل ضرر جوهري لحقوق الانسان الأساسي المبرمة في الأمم المتحدة 26\ 6\ 1945، ومن الحقوق التي تضْمَنُها المواثيق الدولية، نبذ التمييز بسبب الجنس أو الدين، والمساواة في الحقوق أمام القانون لا سيما بين الرجل والمرأة، والحق في الزواج وتكوين أسرة، وحرية التفكير والمعتقد والدين والاعتراف بحق الأقليات الدينية في ممارسة تعاليم دياناتها، وحق ممارسة هذه الحريات. لذلك الكنيسة الكاثوليكية اعترضت على هذا النوع من النظام إلزامي.

2- النظام الاختياري :
حيث يختـار المـواطنون بحرية بين الزواج المـدني أو الزواج الديني وفقاً لأحكام وأنظمة المعترفة عليها. وهذا النظام يتكون بالاعتراف بعدة صيغ قانونية مختلفة لعقد زواج، وفيما يتعلق بشروط الضرورية كأهلية لصحة الزواج والمـوانع الزوجية ومفاعيل الزواج فهي تبقى منظمة وفق التشريع المدني. مثلاً: مطلوب من أجل صحة الصيغة العقد الزواج أن يكون على الأقل أحد الزوجين منتسباً إلى طائفة دينية معترف بها في الدولة، وأنّ خادم السر لديه التصريح من السلطة المدنية لعقد الزواج. كـما أن تسجيل المـدني للـزواج مـفروض دائمـاً في سجلات الدولة، حيث له طابع إعلاني ودليل وليس بمثابة أساسي للزواج المعقد. لدينا نموذج لهذا النظام في مالطا، إنكلترا التي أدخلته في عام 1836، ومن ثمُّ أمريكا، كندا، بلاد اسكندنافية، استراليا، برازيل.

3- النظام الكاثوليكي الإتّفـاقي :
حيث هناك أمام المواطنين حرية الاختيار بين صيغتين للزواج: الزواج المدني والزواج الكنسي. مثلاً في إيطاليا في 18 شباط 1984، تم إبرام اتفاق بين الكـرسي الرسولي ودولة إيطاليا . وأنُّ مفاعيل القانونية لزواج الذي تم حسب قانون الكنيسة تصبح معترف بها إذا تم تسجيله في سجلات المدنية . هذا التسجيل هو عمل أساسي وجوهري لاعتراف بالزواج مدنياً. هذا النظام يعمل به أيضاً في أسبانيا، كولومبيا ومالطا.
وهنـاك أخيراً النظام ما يسمى الدينيّ إلزاميّ، هـو مـا فرض على جميع المؤمنين وفقاً لأنظمة والقوانين الدينية التي يتبعها الزوجان. والدول التي تتبنى الزواج الدينيّ إلزاميّ فالأمر مختلف جداً إذ لا يوجد فيها قانون واحد يعالج موضوع الأحوال الشخصية بل تتعدد هذه القوانين بعدد الكنائس أو الطوائف ضمن الدين الواحد. وبخصوص الآثار القانونيّة لزواج الدينيّ فذلك مرتبط بتسجيله في الدوائر الرسمية في الدولة كبرهان لتأكيد إتمام العهد الزواجي حسب شرائع الكنيسة. والزواج المتمم هو صحيح حتى ولو لم يسجل ولم تعترف به الحكومة.
أمّا فيما يتعلق صلاحية السلطة المدنية في الزواج المعمدين في البلدان ذو نظام الديني إلزامي، فهي لا تتعـدى مفاعيلـه المـدنية المحضة، لذلك فليس لها فيه أن تضع الموانع المانعة أو المبطلة، أو أن تنظر في الدعاوى الزوجية، أو تقوم بغير ذلك مما يمس الزواج نفسه، لأن جميع هذه المسائل كما ذكرنا من صلاحية السلطة الكنسية دون سواها. فصلاحية السلطة المدنية هي تنظيم زواج المعمدين بعد الاحتفال كل ما يتعلق بالولاية والوصاية واثبات الوفاة وتعيين الحصص الشرعية للوراثة وأن تنظر في الدعاوى المتعلقة بها، وأن تضع الشروط الموافقة للاعتراف بها، كأن تأمر بتسجيل الزواج في سجلاتها وتعاقب كل مخالفة بهذا الشأن.
وكما يجب الانتباه إلى الواجب الذي يقع على الكاهن الرعية أو من يمتلك الاختصاص بقبول طلب الاحتفال بالزواج بأنّ الزواج الكنسي لا يحصل على الآثار القانونية في حالة وجود لحظة الاحتفال أحد الظروف التالية: - أحد المتزوجين لم يٌكمل العمر القانوني المطلوب عند القانون المدني، - وجود عدم الأهلية الصحية لدى أحد المتزوجين وذلك حسب القانون المدني.
هذا النظام المذكور أعلاه يجري في بعض الدول العربية في الشرق الأوسط: لبنان، سورية، أردن، مصر.على أنّ الحكومات لهذه الدول قد اعترفت بسلطان واختصاص الكنيسة في النظر والحكم في بعض المواد الأحوال الشخصية باسم مؤسسها الإلهي، وليس بتفويض من الدولة إلى الكنيسة. حيث هذه الدول لا تعترف بمراسيم مدنية في داخل القطر.
في لبنان، إنّ نظام الأحوال الشخصية في لبنان هو إطار دستوري مميّز، نجده في نصّ المادة التاسعة من الدستور اللبنانيّ التي جاء بها:
"حرية الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان المذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام، وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينيّة".
ومـن المهم التركيز بوجه خاص على المادة التاسعة من الدستور التي يرجع وضعها إلى ما قبل العام 1926، وتحديداً إلى الأنظمة الدستورية العثمانية وقت كان ما يسمى بنظام "الملّة" . والتي ضَمِنَتْ حرية المُعتَقَدْ "بصورة مطلقة" واحترام أنظمة الأحوال الشخصية " للأهلين على اختلاف مللهم " بحيث هذه المادة الدستورية الصريحة شكلت بين اللبنانيين، إلى حد بعيد، قاسماً جامعاً بينهم، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم. وهذا يشير إلى أن للأحوال الشخصية في لبنان، على اختلاف أنظمتها، دينية كانت أم مدنية، اطاراً دستورياً حاضناً، قد كفلت الحريات وممارسة الشعائر.
وجاء قانون 2 نيسان 1951 ليحدّد صلاحيّات المراجع المذهبيّة للطوائف المسيحيّة (المادة الثالثة) وتكليفها بتقديم النصوص التشريعية العائدة لأحوالها الشخصيّة. من المفيد سرد مضمون المادة 33:
"على الطوائف التي يشملها هذا القانون أن تقدّم للحكومة قانون أحوالها الشخصيّة وقانون أصول المحاكمات لدى محاكمها الروحيّة في مدة سنة من تاريخ وضع هذا القانون موضع التنفيذ، للاعتراف بها خلال ستة أشهر، على أن تكون متوافقة مع المبادئ المختصّة بالنظام العام والقوانين الأساسية للدولة والطوائف. ويتوقف تطبيق القانون الحاضر بشأن كلّ طائفة تتخلّف أو تتأخر عن التقيّد بأحكام هذه المادة".

فالمادة 16 من القانون 2 نيسان 1951 تنص على أنّه يكون باطلاً :
"كل زواج يجريه في لبنان لبناني ينتمي إلى إحدى الطوائف المسيحية أو إلى الطوائف الإسرائيلية أمام مرجع مدني ".
وهذا ما يتماشى مع القانون السوري بموجب نص المادة 24 من القرار 60 ل.ر. المعدّلة بالقرار 146 ل.ر. والتي تشترط للاحتفال بالزواج أمام مرجع ديني طائفي، أن يخضع له أحد الطرفين المتعاقدين. وهذا ما سار عليه الاجتهاد القضائي في سورية . على أنّ عقود زواج السوريين واللبنانيين التي تجري بموجب طقس إحدى الطوائف التابعة للقانون العادي المعترف بها أو غير المعترف بها تعتبر صحيحة إذا كانت الصكوك التي تثبتها قد نظمت وفقاً للقواعد المحددة في الأحكام التالية:
المادة 22: يوضع صك زواج السوريين واللبنانيين المنتمين لطائفة معترف بها ذات نظام للأحوال الشخصية حالا بعد الاحتفال به. ويحرر باللغة المستعملة عادة في هذه الطائفة- يعطي خادم الدين الذي احتفل بالزواج علماً به لمأمور الأحوال الشخصية في مكان محل إقامة الزوجين بشهادة محررة باللغة العربية وفي جميع الأحوال في مهلة لا تتجاوز خمسة أيام بعد الاحتفال بالزواج.
المادة 24: فيما عدا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 25 يكون لاغياً وليس له مفعول شرعي الزواج المحتفل به وكذلك الصكوك أو الموجبات المتعلقة بالأحوال الشخصية المتممة أو المعقودة وفقاً لقانون لا يخضع له أحد الطرفين المتعاقدين. يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 20 خادم الدين أو ضابط الأحوال الشخصية الذي احتفل بهذا الزواج أو استلم هذه الصكوك أو عاينها.
يزول البطلان المنصوص عليه أعلاه إذا استحصل المتعاقدين فيما بعد على تحرير قيود سجلات الأحوال الشخصية المتعلقة بهما واصبحا خاضعين للقانون الذي احتفل بموجبه بزواجهما أو تممت أو عقدت وفقاً له الصكوك أو الموجبات العائدة لنظام الأحوال الشخصية.
وبمقتضى المادة 25 من القرار 37 ل.ر، السلطات اللبنانية المدنيّة تعتبر عقد زواج بين لبناني ولبنانية في خارج لبنان حسب المراسيم المدنيّة صحيحاً. والزواج المذكور يسجل في دائرة الأحوال الشخصية المختصة، ويُفرضْ على اللبنانيين الذين يتزوجون في الخارج أن يقوموا بتسجيل زواجهم في لبنان بغض النظر عن طبيعته، دينيا كان أم مدنيا. ويتم ذلك في القنصلية الأقرب لهم، بالاعتماد على وثيقة تُثبت هذا الزواج. بعد هذا الإجراء يُسجل الزواج في الأحوال الشخصية اللبنانية ويعترف عليه. أما النتائج المترتبة عن عقد الزواج هذا فهو ليس له أي وجود قانوني بنظر أي من الطوائف التي ينتمي إليها الزوجين، مما يخلق مشاكل لا نهاية لها لكل من يختار هذا المنفذ.

تنص المادة 25 من القرار 60 ل.ر (م 45 قرار 146 ل.ر. تاريخ 18\11\38):
"إذا عقد في بلد أجنبي زواج بين سوري ولبناني أو بين سوري أو لبناني وأجنبي كان صحيحاً، إذا احتفل به وفقاً للأشكال المتبعة في هذا البلد. إذا كان نظام الأحوال الشخصية التابع له الزوج لا يقبل بشكله ولا بمفاعيله كما هي ناتجة عن القانون المحتفل بالزواج وفقاً له، فيكون الزواج خاضعاً في سوريا ولبنان للقانون المدني" .
فالقانون اللبناني والسوري إذن يعترف بالزواج المدني المبرم في الخارج في حال انعقاده وفقاً للأصول الشكليّة المتّبعة في بلد العقد، فلا يعتبره مخالفاً لقواعد النظام العام . ويسجّل في دائرة الأحوال الشخصية المختصّة وينتج كافة مفاعيله. وفي حال نشوب نزاع بين فريقي العقد المجري في الخارج، فإنّه بالإضافة إلى صلاحيّة محكمة مكان إجراء العقد إذا كان الزوجان مقيمان فيه فإنّ القضاء المدنيّ اللبناني يكون أيضاً مختصاً للبت في النزاع، ويطبق في هذه الحالة قانون البلد الذي جرى فيه العقد. إذا عقد مثلاً زواج بين لبنانيّة ولبنانيّ في قبرص فيمكنهما في حال نشوب نزاع بينهما وفي حال إقامتهما في لبنان أن يرفعا إلى المحكمة اللبنانيّة المدنيّة المختصّة التي تطبق على نزاعهما القانون القبرصيّ.
فالقاعدة هي إخضاع الزواج إلى قانون مكان الاحتفال بالزواج، أو في بلد الإبرام، وقاعدة إخضاع ذلك الزواج إلى القانون المدني . إنّ تطبيق القانون المدني الأجنبي على زواج اللبنانيين الحاصل في الخارج هو استثناء على مبدأ الخضوع إلى القانون الشخصي. وهذا الاستثناء هو مقيّد بشرطين يقتضي توافرهما معاً: افتقار التشريع اللبناني إلى نظام مدني للزواج ورفض نظام الأحوال الشخصية التابع له الزوج، للزواج المدني المبرم في الخارج. إلاّ أنّ هذا الاستثناء لا محلّ لإعماله عندما يتبع الزواج المدني زواجاً دينيناً يجعل الرابطة الزوجية مقبولة من قانون طائفة الزوج .
أمّا موضوع الزواج المدني في داخل لبنان فقد أحدث هزة سياسية وشعبية كبيرة في السنوات الأخيرة. فقد سبق طرح مشروع موحد مدني للأحوال الشخصية من قبل (الحزب الديمقراطي) في العام 1971 وجرى طرحه على مجلس النواب بواسطة أحد مؤسسي هذا الحزب. لكن الظروف التي افرزها اندلاع الحرب الأهلية في البلاد منذ 13 أبريل عام 1975 اخرج ذلك المشروع من دائرة الضوء ومن ثم عُيدَ لطرحِه في العام 1996 وفي العام 1998 عندما أعلن الهراوي عن ولادة مشروع للأحوال الشخصية والزواج المدني الاختياري في لبنان. وكان هناك الكثير من الدعاة إلى الزواج المدني في لبنان حجّتهم كانت متعلقة بحقوق الإنسان وحريّة المعتقد والزواج، وأيضاً وبشكل خاص، بالقرار رقم 60 ل.ر وتعديلاته المتعلق بإقرار نظام الطوائف الدينيّة والصادر لاحقاً للمادة التاسعة من الدستور بتاريخ 13 آذار 1936، عن المفوض السامي للجمهوريّة الفرنسيّة د. دي مارتيل الذي كان يمارس مهام السلطة الاشتراعيّة زمن الانتداب الفرنسي على لبنان . ويُعتبر القرار 60 ل.ر على جانب كبير من الأهمية من حيث إقراره بوجود طوائف مدنية إلى جانب الطوائف الدينية التاريخية، أسماها "طوائف تابعة للقانون العادي" وأوْلاها حق تنظيم شؤونها وإدارتها " بحريّة ضمن حدود القوانين المدنيّة " (المادة 14 من القرار). وكمِثْلِ الطوائف الدينية، التي أسماها القرار "طوائف ذات النظام الشخصي"، فإنه يمكن للطوائف التابعة للقانون العادي، بحسب القرار، الحصول على الاعتراف بها شرط ألا تتعارض مبادئها مع الأمن أو الآداب العامة، أو مع دساتير الدول ودساتير الطوائف، وأن يكون عددها كافياً والضمانات الكافلة استمرار وجودها (المادة 15 من القرار).
وفيما جاء القرار على ذكر الطائفة المدنية، لم يُقرّ لها فيما بعد، على خلاف الطوائف الدينية، قانونٌ للزواج ولسائر مسائل الأحوال الشخصيّة الأخرى. ولذلك تقول "حركة حقوق الناس" التي تقف وراء إطلاق صيغة اقتراح قانون المدني الاختياري للأحوال الشخصية راهناً، أنه " لا تجري المطالبة حالياً لاكتساب حقّ وكأنّه غير موجود أو غير مقرّ رسميّاً. بل المطالبة هي لإقرار قانون يترّجم عمليّاً هذا الحقّ الدستوريّ والقانونيّ المحصّن عالميّا ً".
وقد اعتبرت السلطة اللبنانية باطلاً كل زواج يجري في لبنان أمام مرجع مدني أحدهم ينتمي إلى إحدى الكنائس المسيحية (المادة 16 من قانون 2 نيسان 1951) . لأن عقد الزواج وأحكامه والموجبات الزوجية وصحة الزواج وبطلانه هم من اختصاص المراجع المذهبية (المادة 3من قانون 2نيسان 1951 ) . إذن الطوائف المسيحية على كافة الأحوال لا تعترف بالزواج المدني ولا بمفاعيله.
في مصر، بصدور القانونيين رقمي 461 و462 لسنة 1955، الذي أضاف أوّلها للمحاكم المدنّية العاديّة الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصيّة، وألغى ثانيهما المحاكم الشرعية وأوجب على المحاكم المدنيّة تطبيق الشريعة التي كانت تطبّقها تلك المحاكم، كما ألغى المحاكم المليّة وأوجب على المحاكم المدنيّة تطبيق الشريعة المسيحيّة التي كانت تطبّقها المحاكم المليّة.
بتاريخ 21 من أيلول سنة 1955 أصدرت الدولة قانوناً رقم 462 لسنة 1955ألغت به هذه المحاكم المليّة، والمحاكم الشرعيّة، وأحالت الدعاوى التي كانت منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنيّة لاستمرار النظر فيها وفقاً لأحكام قانون المرافعات، وذلك ابتداءً من أوّل حزيران 1956، وشكّلت بالمـحاكم الوطنيّة دوائر لنظر قضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين التي كـانت من اختصاص المجالس المليّة .
بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 462 لسـنة 1955 نجد أنّ نطاق ذلك الإلغاء يقتصر بالنسبة لاختصاص المجلس الملّي على ما كان له من ولاية القضاء في بعض مسائل الأحوال الشخصية دون أن يمتدّ إلى السلطات الممنوحة لرجال الدين المسيحيّ، الذي يقوم عليه النظام الكنسي بما يفرضه لرجال الدين من حقوق والتزامات، وما يوجب على المؤمنين بهذا النظام من ولاء وخضوع . ونصّت الفقرة الثانية من المادّة السادسة من هذا القانون على أنّه: "بالنسبة للمنازعات المتعلّقة بالأحوال الشخصيّة للمصريّين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملّة الذين لهم جهات قضائية مليّة منظّمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام – في نطاق النظام العام- طبقاً لشريعتهم" . ومؤدّي هذا بالضرورة أنّه يتعين لتطبيق الشريعة الطائفيّة على المنازعة أن يكون طرفاها متّحدي الطائفة والملّة . وتنص المادة السابعة منه:
"لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدّمة تغيير الطائفة أو الملّة بما يخرج أحد الخصوم من وحدة طائفيّة إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلاّ إذا كان التغيير إلى الإسلام فأنه في هذه الحالة تطبق الشريعة الاسلاميّة" .
أما بخصوص الزواج المدني، ففي مصر لا وجود له في نظر القانون المصري ويجب أن يتبع في الزواج رسوم وأوضاع المذهب التابع له الزوجان ومن ثم فالزواج المدني عقد باطل وتعتبر علاقة الطرفين فيه علاقة غير شرعية بل يترتب عليها تبادل حقوق وواجبات الزوجية وقد أستثنى المشرع عقود الزواج التي تعقد في الممالك الأجنبية . ولعله من المناسب هنا أن نشير إلى أنّ الزواج بين الأجانب في مصر، تختص بنظر المنازعات المتعلّقة به دوائر الأحوال الشخصيّة للأجانب المشكّلة بالمحاكم المصريّة. والقانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948، فيما يتعلق بالحالة المدنيّة والأهلية لزواج الأجانب في مصر يتعيّن تطبيق قانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص. أما الشروط الموضوعيّة لصحة الزواج فيسري عليها قانون كلّ من الزوجين. أمّا آثار الزواج فيسري عليها قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج .
فقد نصت المادة 35 من قانون الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادر 1955 تقرر: "كل قبطي أرثوذكسي تزوج خارج القطر المصري طبقاً لقوانين البلد الذي تم فيه الزواج يجب عليه – في خلال ستة أشهر من تاريخ عودته إلى القطر المصري- أن يتقدم إلى الرئيس الديني المختص "لإتمام" الإجراءات اللازمة طبقاً لقوانين وطقوس الكنيسة الأرثوذكسية".
ويلاحظ على هذا النص أولا أنه يجعل من زواج القبطي الأرثوذكسي خارج البلاد طبقاً لقوانين البلد الذي تم فيه الزواج، زواجاً صحيحاً، بصورة مطلقة مع أن من المحتمل أن يتزوج زواجاً مدنياً، وهذا الزواج يقع باطلا من أصله. من هنا تظهر الأهمية التي يعطيها المشرع للصيغة القانونية وخصوصاً مايتعلق بصلاة الإكليل والتي بدونها لا زواج صحيح. ومن ثم يصبح الزواج في حالة عقده مدنياً في الخارج في حاجة إلى "إعادة" الزواج أو تصحيحه على أساس ديني ليكون صحيحاً وموجوداُ قانوناً وذلك بعد الرجوع إلى مصر .
ولهذا فانّ المسيحيين من المصريين الذين يجرون عقود زواجهم في الخارج يكلفون بتنفيذ شرائعهم. ذلك أنه إذا كانت القاعدة أن العقد يخضع من حيث الشكل لقانون البلد الذي أبرم فيهLocus regit actum إلا أنه بالنسبة للزواج ، إذا كان قانون بلد أحد الزوجين يحتم شرط الانعقاد الديني، فان العقد لا يعتبر صحيحاً إذا عقد بغير ذلك خارج البلد .
أمّا المسيحيين من المصريين الغير مسلمين، مختلفيّ الطائفة والملّة، والذين يجرون عقود زواجهم في داخل مصر فهم يخضعون من حيث الشكل لصيغة المدنيّة (شرع رقم 78\ 1955) .

الخاتمة
في ختام هذا البحث، أنّا نشعر بأننا نسمع صدى الإرشاد الذي وجهه أسقف روما، إن هو إلا نسيج من تعاليم الكنيسة الأولى والكنيسة اليوم، تلخص المبادئ القانونية المسيحية للإيمان الكاثوليكية فيما يخص أهمية صيغة الاحتفال بالزواج كعنصر أساسي له، ولا صحة لزواج إذا لم يراع تطبيق القوانين الخاصة بهذه الصيغة. وأن ما يقابل ذلك هو الرفض أن يعقد المعمدين زواجاً مدنيّاً الذي لا يلبث أن يدفع إلى التهاون في المبادئ الإيمانيّة فيحط من القيم الأدبية، ويزعزع أركان الأخلاق بقطع روابطهما بالدين. فالتشريع المدني في الزواج الذي يلجأ إليه بعض المسيحيين يتساوى أحيانا وزواج التجربة أو المساكنة الحرة وهو يشكل تحجيماً لحقيقة الزواج ويقلل من قيمة الاتحاد الزوجي ونوعيته .

مصادر المحاضرة
 كتب :
*      ابراهيم شاهين، أنت والقانون، دراسة قانونية في الزواج وانحلاله والدعاوى الزوجية لدى الطوائف الكاثوليكية، الجزء الثاني، 1995.
 *     ابراهيم طرابلسي، الزواج ومفاعيله لدى الطوائف المشمولة في قانون 2 نيسان 1951، 1996.
*      "أزمة نظام الأوال الشخصيّة في لبنان"، مجلس كنائس الشرق الأوسط 1990.
*      الفي بقطر حبشي، الأحوال الشخصية في القانون المصري، مجلس كنائس الشرق الأوسط 1990.
*      الزواج المختلط وأجكامه في القانون المصريّ، مجلس كنائس الشرق الأوسط 1990.
*      الياس رحّال، فسخ الزواج لصالح الإيمان...والإنسان، بيروت- لبنان، 2001.
*    تادرس ميخائيل تادرس، شرح الاحوال الشخصية للمصريين الغير مسلمين، 1956.
*      توفيق حسن فرج، أحكام الأحوال الشخصية لغير المسلمين من المصريين، القاهرة 1969.
*      حنانيا الياس كساب, مجموعة الشرع الكنسي او قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة، منشورات النور 1985.
*حنّا مالك، الأحوال الشخصية ومحاكمها للطوائف المسيحية في سورية ولبنان، 1985.
*      دنتسنغر-هونرمان، الكنيسة الكاثوليكية في وثائقها، الجزء الأول والثاني ، ترجمة المطران يوحنّا منصور –الأب حنّا الفاخوري، منشورات المكتبة البولسية، 2001.
*      سامي بديع منصور، "حدود ومجالات التغيير في النظام القانون العائلي"، المجلة القانونية، لبنان 3 (1994)35-53.
*      سليم بسترس، اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، الجزء الثالث، منشورات المكتبة البولسية 1989.
*      صليب سوريال، دراسات في قوانين الأحوال الشخصي لعقدى الخطبة والزواج وبطلانه وفسخه، دار العالم العربي 1990.
*      ماهر محمصاني وابتسام مسرّة، الأحوال الشخصية، النصوص المرعية الإجراء في لبنان، بيروت 1970.
*      منصور عواد، مسألة الاحوال الشخصية، بيروت 1952.
*      نبيل ظواهرة، مجموعة قوانين الاحوال الشخصية لجميع المذاهب والاديان في سورية ولبنان، دمشق 1973.
*      نبيل الظواهرة الصائغ، موسوعة الأحوال الشخصية لجميع المذاهب الأديان في سورية، الأردن ولبنان، دمشق 1985.
*     وهيب الخواجه، "سر الزواج في الحق القانوني الشرقي الجديد"، المجلة القانونية، لبنان 1(1992) 109-122.
*      كارل راهنر.-هربرت فورغريملر، معجم اللاهوت الكاثوليكي، بيروت-لبنان 1986.
      FATAL A., Le statut légal des non-musulmans en pays d’Islam, Beyrouth. Imp. Catholique, 1958.
      GEORGE H.J., Matrimonio cristiano, studio storico dottrinale, ed. Paoline1954.
      PRADER, J., Il matrimonio nel Mondo, Padova, 1986.

وثائق :
*      البابا يوحنّا بولس الثاني، ارشاد رسولي إلى الأساقفة والكهنة ومؤمني الكنيسة الكاثوليكية جمعاء في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم1980.
*      الوثيقة حول "الاعداد لسر الزواج"، اصدرت من المجلس الحبري للعيلة، 1996.
*      توجيه لتطبيق المبادىء الليترجيّة الواردة في "مجموعة قوانين الكنائس الشرقية"، أٌصدر من مجمع الكنائس الشرقية 1996.
*      مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، منشورات المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقية المسيحية، القاهرة 1995.
عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون