النشأة الثانية لـ"هيئة كبار العلماء" في مصر
النشأة الثانية لـ"هيئة كبار العلماء" في مصر
الثلاثاء 26 صفر 1434هـ - 08 يناير 2013م
معهد العربية للدراسات
عام 1899 اختار الإمام الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر- ظهرت في عهده لأول مرة هيئة كبار العلماء التي أحياها عام 2012 قانون الأزهر والدستور المصري- حينئذ العالم الشيخ أحمد المنصوري وعينه شيخا لأحد الأروقة، ولم يكن الحاكم راضيا عن هذا العالم فأوعز إلي الإمام بالعدول عن تعيينه فرفض الإمام الرجوع عن قراره، وقال: "إن كان الأمر لكم في الأزهر دوني فاعزله.. وإن كان الأمر لي دونكم فهذا هو الذي اخترته ولن أحيد عنه، ولكن جاء رد الحاكم عبر رسله: (إن تشبثك برأيك قد يضرك في منصبك). فقال لهم الإمام سليم البشري شيخ الأزهر حينئذ: (إن رأيي لي, ومنصبي لهم, ولن أضحي لهم بما يدوم في سبيل ما يزول) هكذا رفض شيخ الأزهر التدخل في تعيين علمائه!
عام 1899 اختار الإمام الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر- ظهرت في عهده لأول مرة هيئة كبار العلماء التي أحياها عام 2012 قانون الأزهر والدستور المصري- حينئذ العالم الشيخ أحمد المنصوري وعينه شيخا لأحد الأروقة، ولم يكن الحاكم راضيا عن هذا العالم فأوعز إلي الإمام بالعدول عن تعيينه فرفض الإمام الرجوع عن قراره، وقال: "إن كان الأمر لكم في الأزهر دوني فاعزله.. وإن كان الأمر لي دونكم فهذا هو الذي اخترته ولن أحيد عنه، ولكن جاء رد الحاكم عبر رسله: (إن تشبثك برأيك قد يضرك في منصبك). فقال لهم الإمام سليم البشري شيخ الأزهر حينئذ: (إن رأيي لي, ومنصبي لهم, ولن أضحي لهم بما يدوم في سبيل ما يزول) هكذا رفض شيخ الأزهر التدخل في تعيين علمائه!
لأول وهلة يحمل تعبير هيئة كبار العلماء في مصر دلالة تاريخية قديمة، رغم أن ظهورها الأول ليس قديما لم يكن غير عام 1911، اي بعد ما يزيد على القرنين من إنشاء العثمانيين لمنصب مشيخة الأزهر أو الإمام الأكبر (سنة 1679ميلادية- 1090 هجرية) والتي تأخرت سبعة قرون ونصف حوالي 740 سنة بعد تأسيس الأزهر نفسه، وتعاقب على توليها سبعة وأربعون شيخا قبل الإمام الحالي الدكتور أحمد الطيب، وكان أول من تولاها الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي، المتوفَّى سنة 1101 هـ = 1690م.
تأخر ظهور مصطلح هيئة كبار العلماء 232 عاما أخرى بعد ظهور منصب المشيخة، وظهر تحديدا في سياق في عهد الإمامة الثانية للشيخ العلامة سليم البشري(1832-1916 ميلادية) الذي أصر علماء الأزهر على عودته شيخا للأزهر بعد أن أجبره الخديوي على ترك منصبه عام 1900 بعد أن رفض تدخل الأخير في شئون الأزهر ومنعه أحد كبار العلماء وهو الشيخ أحمد المنصوري الذي اختاره البشري ليدرس في أحد الأروقة فرض الشيخ سليم البشري هذا التدخل وقدم استقالته ولكن ثار العلماء بعد فترة وأعادوه ثانية عام 1909 ليستمر في المنصب حتى وفاته!! وحضرت هذه الهيئة في سجالات النصف الأول من القرن العشرين، ومثلت في لجنة الثلاثين التي وضعت دستور سنة 1923 كما قامت بعزل الشيخ على عبد الرازق- رحمه الله- من عضويتها بعد تأليفه كتابه" الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925 وبرز من شيوخها في هذه المعركة الراحل الشيخ محمد شاكر والد أبي فهر الشيخ محمود محمد شاكر والشيخ المحدث أحمد محمد شاكر رحمهم الله جميعا! ولكن تم إلغاؤها بقانون الأزهر التي وضعته ثورة يوليو سنة 1961 لتختفي منذ هذا الحين وتعود للظهور في كل من قانون الأزهر والدستور الجديد الذي تم إقرارهما هذا العام 2012.
فهل هذا الاستدعاء والعود التاريخي جزء من استحياء الدور الأزهري الوسطي خاصة مع الصعود المدوي للحركات والتيارات الإسلامية والمذهبية الأخرى، خاصة وأنه سبق ورودها في قانون الأزهر الذي وضعه شيخه الحالي ووافق عليه المجلس العسكري قبل تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، أم أن الدور الجديد المنوط بها- هذه الهيئة- في المادة الرابعة في مقومات الدولة المصرية يؤكد المنحى القديم لجماعة الإخوان المسلمين الذي اتضح في برنامج حزبها السياسي سنة 2007 ونص على دور وصائي لهيئة كبار العلماء ربطه البعض حينئذ بولاية الفقيه الإيرانية ولا زال البعض يشبهه بها مع الدستور الجديد الذي احتكرت وضعه والتصويت عليه الفصائل الإسلامية المنظمة وغير المنظمة وتحالفاتها آواخر ديسمبر الماضي، وهل سينجح شيخ الأزهر الحالي في تحصين الأزهر من التسييس الديني كما استطاع في السابق الشيخ سليم البشري، وتكاد وثيقة الأزهر الأولى والثانية التي نصتا على مدنية الدولة التي لا زال يرفضها التيار السلفي تؤكد على ذلك الدور الوسطي، أم أن اختراقات التيارات الإسلامية الصاعدة للمؤسسة الدينية، كما حدث عند أزمة اختيار وزير الأوقاف الحالي، وتشكيل هيئة كبار العلماء الحالية صار حقيقة، تستعصي على الإنكار والتجاهل...أسئلة عديدة تطرحها المادة الرابعة من الدستور الجديد حول هيئة كبار العلماء التي سنحاول التعريف بتطورها التاريخي ووضعها القانوني والدستوري الجديد والجدل السياسي معها.
تأخر ظهور مصطلح هيئة كبار العلماء 232 عاما أخرى بعد ظهور منصب المشيخة، وظهر تحديدا في سياق في عهد الإمامة الثانية للشيخ العلامة سليم البشري(1832-1916 ميلادية) الذي أصر علماء الأزهر على عودته شيخا للأزهر بعد أن أجبره الخديوي على ترك منصبه عام 1900 بعد أن رفض تدخل الأخير في شئون الأزهر ومنعه أحد كبار العلماء وهو الشيخ أحمد المنصوري الذي اختاره البشري ليدرس في أحد الأروقة فرض الشيخ سليم البشري هذا التدخل وقدم استقالته ولكن ثار العلماء بعد فترة وأعادوه ثانية عام 1909 ليستمر في المنصب حتى وفاته!! وحضرت هذه الهيئة في سجالات النصف الأول من القرن العشرين، ومثلت في لجنة الثلاثين التي وضعت دستور سنة 1923 كما قامت بعزل الشيخ على عبد الرازق- رحمه الله- من عضويتها بعد تأليفه كتابه" الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925 وبرز من شيوخها في هذه المعركة الراحل الشيخ محمد شاكر والد أبي فهر الشيخ محمود محمد شاكر والشيخ المحدث أحمد محمد شاكر رحمهم الله جميعا! ولكن تم إلغاؤها بقانون الأزهر التي وضعته ثورة يوليو سنة 1961 لتختفي منذ هذا الحين وتعود للظهور في كل من قانون الأزهر والدستور الجديد الذي تم إقرارهما هذا العام 2012.
فهل هذا الاستدعاء والعود التاريخي جزء من استحياء الدور الأزهري الوسطي خاصة مع الصعود المدوي للحركات والتيارات الإسلامية والمذهبية الأخرى، خاصة وأنه سبق ورودها في قانون الأزهر الذي وضعه شيخه الحالي ووافق عليه المجلس العسكري قبل تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية، أم أن الدور الجديد المنوط بها- هذه الهيئة- في المادة الرابعة في مقومات الدولة المصرية يؤكد المنحى القديم لجماعة الإخوان المسلمين الذي اتضح في برنامج حزبها السياسي سنة 2007 ونص على دور وصائي لهيئة كبار العلماء ربطه البعض حينئذ بولاية الفقيه الإيرانية ولا زال البعض يشبهه بها مع الدستور الجديد الذي احتكرت وضعه والتصويت عليه الفصائل الإسلامية المنظمة وغير المنظمة وتحالفاتها آواخر ديسمبر الماضي، وهل سينجح شيخ الأزهر الحالي في تحصين الأزهر من التسييس الديني كما استطاع في السابق الشيخ سليم البشري، وتكاد وثيقة الأزهر الأولى والثانية التي نصتا على مدنية الدولة التي لا زال يرفضها التيار السلفي تؤكد على ذلك الدور الوسطي، أم أن اختراقات التيارات الإسلامية الصاعدة للمؤسسة الدينية، كما حدث عند أزمة اختيار وزير الأوقاف الحالي، وتشكيل هيئة كبار العلماء الحالية صار حقيقة، تستعصي على الإنكار والتجاهل...أسئلة عديدة تطرحها المادة الرابعة من الدستور الجديد حول هيئة كبار العلماء التي سنحاول التعريف بتطورها التاريخي ووضعها القانوني والدستوري الجديد والجدل السياسي معها.
أولا: (هيئة كبار العلماء) خلفية تاريخية
كتبَ القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن تنظيم الأزهر شهادة وفاة (هيئة كبار العلماء ),إذ جعل (مجمع البحوث الإسلامية ) يحل محلها، قبل أن تُبعث ( الهيئة ) للحياة مرة أخرى بالمرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2012 .. ويرجع الميلاد الأول ل ( هيئة كبار العلماء) إلى القانون رقم 10 لسنة 1911 , والذى أعدتة لجنة مكونه من أحمد فتحى زغلول - شقيق سعد زغلول - وكيل الحقانيه و إسماعيل صدقى وكيل الداخليه و عبد الخالق ثروت النائب العمومى , كانت قد تشكلت لهذا الغرض, و قد أقرت هذه اللجنة فى تقريرها , بأن :" الجامع الازهر ليس مدرسه خصوصيه فقط, بل هو كليه عظمى و معهد من أرقى معاهد التعليم بحسب وضعه, و المطلوب منه , هو تخريج علماء جديرين بهذا الاسم, و أئمه يركن اليهم فى كل أمر يرجع الى الدين الحنيف. و الانتظار بالجامع الازهر الى أن يتكون أولئك الجهابذه الاعلام مما لا يحسن الصبر عليهم, و لا سيما إذا لم يكن هناك من التدابير و الأوضاع ما يساعد على النبوغ و يمهد السبيل لظهور الكفاءات المتعدده و يسوق أهل هذه الجامعة الى سلوكه, فلابد من إكمال النظام بما يكمل معه مقام الجامع الازهر, و يضمن له الوصول إلى الدرجه العاليه التى كانت له أيام إشراقه و إكتظاظه بالائمه فى كل فن و أهل الراى فى كل علم, ذلك هو ما قصدته اللجنه بتدبير هيئة كبار العلماء"( 2 ).
كانت هيئة كبار العلماء تتكون من ثلاثين عالما اختصاصيا لكل واحد منهم كرسى خاص فى المحل الذى يخصص للتدريس العام بمعرفة شيخ الجامع الازهر, و يجوزأن يوجد البعض منهم فى المعاهد الاخرى بصفة شيخ المعهد أو وكيله, و قد روعى التمثيل المذهبى فى الهيئة, ليعكس حجم الانتماء المذهبى داخل الازهر حيث خصص للساده الاحناف- مذهب الأغلبية والدولة المصرية- أحد عشر كرسيا, و للسادة الشافعية تسعة كراسى, و للسادة المالكيه تسعة كراسى, و للسادة الحنابلة كرسى واحد و على هذا يكون المذهب الحنفى على رأس هذه المذاهب, بينما يتعادل المالكى و الشافعى, و يأتى المذهب الحنبلى فى المؤخرة لقلة تمثيله العددى., حيث إقتصر على عضو واحد فقط , وحدد القانون مجموعه من الشروط يجب أن تتوافر فى من يتم انتخابه عضوا فى هذه الهيئه .
لذا يمكن القول بان :"هيئة كبار العلماء وجدت لتجعل من الاسلوب القديم نمطا يحتذى به و يعتمد عليه فى إحياء القديم و إستمراره بنفس إسلوب السلف مع إختلاف الامكانيات و الظروف "( 3 ).
وقد اكتسبت هذه الهيئه مكانة خاصة داخل المؤسسات الدينيه, و فى المجتمع بشكل عام. حيث نص القانون على أن يكون تعيين كبار العلماء بإرادة سنية بناء على طلب شيخ الجامع الازهر بعد الإنتخاب باغلبية ستة عشر عالما من هيئة كبار العلماء, و يبقون فى وظائفهم ماداموا قادريين على أداء العمل المكلفين به, وعلى أن يعطى كل عالم ضمن الهيئه راتباً شهرياً قدره عشرون جنيها, و ينعم عليه بكسوة تشريف من الدرجة الاولى إن لم يكن حائزا لها من قبل. و مكانتهم فى التشريفات و فى الاحتفالات الرسمية تأتى بعد شيخ الازهر و مفتى الديار المصرية, ولا تخضع هذه الهيئة لنظام الازهر إلا فيما يتعلق بالقوانين و التنظيمات العامة"(4 ).
ويؤخذ على هيئة كبار العلماء بالأزهر فى مرحلتها الأولى ( 1911- 1961) , أنها كانت تتربص للفكر والإجتهاد وتلاحق المفكرين والمبدعين والمجتهدين ..مثلما جرى فى قضية "القاضى الشرعى الشيخ على عبد الرازق عام 1925الذى ألف كتاباً بعنوان(الإسلام وإصول الحكم ) و فصل فيه مابين الدين والخلافة ,وبرهن على أن الخلافة ليست أصلا من إصول الإسلام ,وإنما دفع إليها حاجة المسلمين إلى نظام يسوس الدولة الناشئة , وليس ثمة صلة دينية بين قواعد الإسلام وإقامة نظام الخلافة الإسلامية إلا ما تقتضيه إدارة الدولة من شئون الحكم وفقاً لدنيا المجتمع وحياتة "( 5 ) ,فقد إنتفضت الهيئة وقامت بمحاكمة عبد الرازق تأديبياً , رغم أنه قاضى شرعى وليس موظفاً بالأزهر , إذ شكلت له "محكمة من كبارعلماء الأزهر , فأدانتة وأصدرت حكما بتجريدة من شهادة العالمية , وفصله من وظيفتة " ( 6 ), وفى العام التالى ثار( كبار العلماء) ضد الدكتور طه حسين عندما أصدر كتابه ( الشعر الجاهلى ) , ورفعوا تقريراً عن الكتاب إلى شيخ الأزهر محمد أبو الفضل الجيزاوى ,والذى بدوره قدم بلاغاً للنائب العام ضد طه حسين مرفقاً به تقرير العلماء , وطالباً إتخاذ الوسائل الفعالة الناجعة ضد هذا الطعن على دين الدولة الرسمى" ( 7 ) ,وكان يكفى أن تتصدى الهيئة بتفنيد الآراء وبيان فسادها , دون ملاحقة على عبدالرازق تأديبياً وفصله من عمله , ومطاردة طه حسين بالبلاغ للنائب العام , لكنه التسلط الدينى، ويذكر أن مسمى (هيئة) كبار العلماء كان قد تغير إلى (جماعة) كبار العلماء , بالقانون رقم 26 لسنة 1936 م .
وبعامة فإن الباحثة زوات المغربى قد أنتهت إلى أن ( 8) :" هيئة كبار العلماء كان لها دور فعال ومؤثر إزاء بعض القضايا السياسية التى تعرضت لها مصر فى تلك الفترة , وإن إتخذت بوجه عام من تأييدها للسياسات التى تتبعها السلطة خطاً عاماً مؤيداً , وعلى العكس كان للهيئة دور بارز ومؤثر إزاء التدخل الأجنبى فى مصرحيث كان لها الريادة فى القضايا الوطنية ".
كانت هيئة كبار العلماء تتكون من ثلاثين عالما اختصاصيا لكل واحد منهم كرسى خاص فى المحل الذى يخصص للتدريس العام بمعرفة شيخ الجامع الازهر, و يجوزأن يوجد البعض منهم فى المعاهد الاخرى بصفة شيخ المعهد أو وكيله, و قد روعى التمثيل المذهبى فى الهيئة, ليعكس حجم الانتماء المذهبى داخل الازهر حيث خصص للساده الاحناف- مذهب الأغلبية والدولة المصرية- أحد عشر كرسيا, و للسادة الشافعية تسعة كراسى, و للسادة المالكيه تسعة كراسى, و للسادة الحنابلة كرسى واحد و على هذا يكون المذهب الحنفى على رأس هذه المذاهب, بينما يتعادل المالكى و الشافعى, و يأتى المذهب الحنبلى فى المؤخرة لقلة تمثيله العددى., حيث إقتصر على عضو واحد فقط , وحدد القانون مجموعه من الشروط يجب أن تتوافر فى من يتم انتخابه عضوا فى هذه الهيئه .
لذا يمكن القول بان :"هيئة كبار العلماء وجدت لتجعل من الاسلوب القديم نمطا يحتذى به و يعتمد عليه فى إحياء القديم و إستمراره بنفس إسلوب السلف مع إختلاف الامكانيات و الظروف "( 3 ).
وقد اكتسبت هذه الهيئه مكانة خاصة داخل المؤسسات الدينيه, و فى المجتمع بشكل عام. حيث نص القانون على أن يكون تعيين كبار العلماء بإرادة سنية بناء على طلب شيخ الجامع الازهر بعد الإنتخاب باغلبية ستة عشر عالما من هيئة كبار العلماء, و يبقون فى وظائفهم ماداموا قادريين على أداء العمل المكلفين به, وعلى أن يعطى كل عالم ضمن الهيئه راتباً شهرياً قدره عشرون جنيها, و ينعم عليه بكسوة تشريف من الدرجة الاولى إن لم يكن حائزا لها من قبل. و مكانتهم فى التشريفات و فى الاحتفالات الرسمية تأتى بعد شيخ الازهر و مفتى الديار المصرية, ولا تخضع هذه الهيئة لنظام الازهر إلا فيما يتعلق بالقوانين و التنظيمات العامة"(4 ).
ويؤخذ على هيئة كبار العلماء بالأزهر فى مرحلتها الأولى ( 1911- 1961) , أنها كانت تتربص للفكر والإجتهاد وتلاحق المفكرين والمبدعين والمجتهدين ..مثلما جرى فى قضية "القاضى الشرعى الشيخ على عبد الرازق عام 1925الذى ألف كتاباً بعنوان(الإسلام وإصول الحكم ) و فصل فيه مابين الدين والخلافة ,وبرهن على أن الخلافة ليست أصلا من إصول الإسلام ,وإنما دفع إليها حاجة المسلمين إلى نظام يسوس الدولة الناشئة , وليس ثمة صلة دينية بين قواعد الإسلام وإقامة نظام الخلافة الإسلامية إلا ما تقتضيه إدارة الدولة من شئون الحكم وفقاً لدنيا المجتمع وحياتة "( 5 ) ,فقد إنتفضت الهيئة وقامت بمحاكمة عبد الرازق تأديبياً , رغم أنه قاضى شرعى وليس موظفاً بالأزهر , إذ شكلت له "محكمة من كبارعلماء الأزهر , فأدانتة وأصدرت حكما بتجريدة من شهادة العالمية , وفصله من وظيفتة " ( 6 ), وفى العام التالى ثار( كبار العلماء) ضد الدكتور طه حسين عندما أصدر كتابه ( الشعر الجاهلى ) , ورفعوا تقريراً عن الكتاب إلى شيخ الأزهر محمد أبو الفضل الجيزاوى ,والذى بدوره قدم بلاغاً للنائب العام ضد طه حسين مرفقاً به تقرير العلماء , وطالباً إتخاذ الوسائل الفعالة الناجعة ضد هذا الطعن على دين الدولة الرسمى" ( 7 ) ,وكان يكفى أن تتصدى الهيئة بتفنيد الآراء وبيان فسادها , دون ملاحقة على عبدالرازق تأديبياً وفصله من عمله , ومطاردة طه حسين بالبلاغ للنائب العام , لكنه التسلط الدينى، ويذكر أن مسمى (هيئة) كبار العلماء كان قد تغير إلى (جماعة) كبار العلماء , بالقانون رقم 26 لسنة 1936 م .
وبعامة فإن الباحثة زوات المغربى قد أنتهت إلى أن ( 8) :" هيئة كبار العلماء كان لها دور فعال ومؤثر إزاء بعض القضايا السياسية التى تعرضت لها مصر فى تلك الفترة , وإن إتخذت بوجه عام من تأييدها للسياسات التى تتبعها السلطة خطاً عاماً مؤيداً , وعلى العكس كان للهيئة دور بارز ومؤثر إزاء التدخل الأجنبى فى مصرحيث كان لها الريادة فى القضايا الوطنية ".
ثانيا: الأزهر تحولات عام 2012
شهد يوم 19 من شهر يناير من العام 2012 , أصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة ( المجلس العسكرى الحاكم آنذاك ) للمرسوم بقانون رقم 13 لسنة 2012, تعديلا لقانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961, وكان هذا التعديل بناء على إقتراح من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب, وإذ تعرض الطيب لهجوم إخوانى عنيف على خلفية إستباقه لإنعقاد المجلس, وتعجله المرسوم من العسكرى, فإن الطيب عقد مؤتمراً صحفياً يوم أول فبراير 2012 , أى بعد بعد صدور المرسوم بنحو عشرة أيام, دافع فيه عن المرسوم موضحا فلسفتة والهدف منه, و ألقى بيانا يلخص هذا كله , ويستفاد منه أن مرسوم تعديل قانون الأزهر يهدف إلى ( 9 ) :
1- تحقيق الإستقلال ل(مؤسسة الأزهر الشريف) , بأن تصبح مؤهلة لإنتخاب شيخها.
2- إستعادة (هيئة كبار العلماء) ذات الرصيد التاريخى الغنى، علمياً وفكرياً ووطنياً، ليعود الأزهر الشريف إلى سابق عهده، منارة إسلامية للعالم كله، ومرجعية عليا للعالم الإسلامى
3- تقوم هيئة كبار العلماء بإنتخاب شيخ الأزهر عند خلو المنصب.
4- عودة مناهج الأزهر الأصيلة فى الشريعة واللغة والثقافة العميقة ليستمر الفكر الوسطى الرصين والفهم العلمى لصحيح الدين, وهو جوهر الرسالة الأزهرية .
وقد رددت نصوص المرسوم , هذه المعانى والأهداف التى أشار إليها الدكتور الطيب , ففى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية جاء : " أن الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية إعتبارية ويكون مقره القاهرة, وتكفل الدولة إستقلاله ", وأن:" الأزهر يمثل المرجع النهائى فى كل مايتعلق بشئون الإسلام وعلومه وإجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة ", و نصت المادة الخامسة على انتخاب شيخ الأزهر من بين أعضاء هيئة كبار العلماء, وحددت لذلك الشروط الواجب توافرها وطريقة الانتخاب .
وجاء بالمادة الثامنة بقانون الأزهر المعدل بهذا المرسوم بأن الأزهر يشمل خمس هيئات من بينها (هيئة كبار العلماء ), ومجمع البحوث الإسلامية, وقررت المادة 32 مكرر بأن تكون الهيئة برئاسة شيخ الأزهر, و تتألف من عدد لا يزيد على أربعين عضواً من كبارعلماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة، و تجتمع مرة على الأقل كل ثلاثة أشهرأو كلما دعت الضرورة بناءً على دعوة شيخ الأزهر أو نصف عدد أعضائها، و يكون اجتماعها صحيحاً إذا حضرته الأغلبية الملطقة لأعضائها، وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، و يرأسها أكبر الأعضاء سناً في حالة غياب الرئيس, و يكون للهيئة أمين عام يصدر بتعيينه أوندبه قرار من شيخ الأزهر , يكون مسئولاً عن إعداد جدول أعمالها ومتابعة تنفيذ ما تصدره من قرارات .
وقد حددت المادة 32 مكرراً (أ ) ستة إختصاصات للهيئة منها:
1-انتخاب شيخ الأزهرعند خلو منصبه.
2-ترشيح مفتى الجمهورية .
3- البت في المسائل الدينية و القوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الأخلاقي التي تواجه العالم و المجتمع المصري على أساس شرعي .
4- البت في النوازل والمسائل المستجدة التي سبق دراستها و لكن لا ترجيح فيها لرأي معين.
ويجوز للهيئة أن تستعين باللجان المتخصصة بمجمع البحوث الإسلامية ,ومن تراه من الخبراء لأداء مهامها دون أن يكون له صوت معدود في مداولاتها.
كما ان المادة 32 مكرراً (ب) وضعت شروطا يجب توفرها فيمن يختار عضواً بالهيئة منها :
- ألا يقل سنه عن خمسة و خمسين عاماً .
- أن يكون معروفاً بالتقوى و الورع في ماضيه و حاضره.
- أن يكون حائزاً لشهادة ( الدكتوراه ) و بلغ درجة الأستاذية في العلوم الشرعية أو اللغوية و أن يكون قد تدرج في تعليمه في المعاهد الأزهرية و كليات جامعة الأزهر.
- أن يكون ملتزماً بمنهج الأزهرعلماً و سلوكاً وهو منهج أهل السنة و الجماعة الذي تلقته الأمة بالقبول في أصول الدين، و في فروع الفقه بمذاهبه الأربعة.
وقد منح المرسوم , لشيخ الأزهر حق إختيار أعضاء الهيئة عند أول تشكيل لها, على أن يصدُر قراربتعيينهم من رئيس الجمهورية , وهو ماحدث بالفعل , فقد أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 24 فى 17 يوليو 2012 بتشكيل ( هيئة كبار العلماء) من 27 عالماً بينهم وزراء الأوقاف ورؤساء جامعة الأزهر والمفتيين السابقين والحاليين, وجاء التشكيل على النحو التالى ( 10 ) :
الأمام الأكبر أ. د / أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر رئيساً
وعضوية كل من :
أ.د / مصطفى عبد الجواد عمران ، أستاذ بقسم العقيدة و الفلسفة بكلية أصول الدين .
أ.د/ عبد الرحمن عبد النبي العدوي ، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر .
أ.د/ يوسف عبد الله القرضاوي ، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .
أ.د/ بركات عبد الفتاح دويدار، أستاذ بقسم العقيدة و الفلسفة بكلية أصول الدين و الدعوة .
أ.د/ محمد الأحمدي أبو النور ، أستاذ الحديث و وزير الأوقاف الأسبق .
أ.د / حسن محمود عبد اللطيف الشافعي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم، ورئيس مجمع اللغة العربية .
أ.د / محمد عمارة مصطفى عمارة، المفكر الإسلامي و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / عبد الفتاح عبد الله بركة، أستاذ العقيدة و الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية.
أ.د / محمود حمدي محمد زقزوق ، أستاذ العقيدة و الفلسفة و وزير الأوقاف الأسبق .
أ.د / عبد الفتاح حسيني الشيخ ، أستاذ أصول الفقه و رئيس جامعة الأزهر الأسبق.
أ.د / محمد رأفت عثمان, أستاذ الفقه المقارن، وعميد كلية الشريعة والقانون الأسبق.
أ.د / إسماعيل عبد الخالق الدفتار، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / نصر فريد واصل ، أستاذ الفقه و مفتي الديار المصرية الأسبق .
أ.د / طه مصطفى أبو كريشة، أستاذ اللغة العربية و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
د / محمد محمد أبو موسى ، الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر .
أ.د / القصبي محمود زلط ، أستاذ التفسير و علوم القرآن بكلية أصول الدين .
أ.د / أحمد طه ريان ، أستاذ الفقه بكلية الشريعة و القانون .
أ.د / محمد المختار محمد المهدي ، أستاذ اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية و العربية والرئيس العام للجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة.
أ.د / أحمد معبد عبد الكريم ، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين .
أ.د / عبد المعطي محمد بيومي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة بجامعة الأزهر ( توفي رحمه الله بعد تشكيل الهيئة).
أ.د / أحمد عمر هاشم، أستاذ الحديث و رئيس جامعة الأزهر الأسبق.
أ.د / محمد عبد الفضيل محمد عبد العزيز محمد المحلاوي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة و وزير الأوقاف .
أ.د / محمود مهني محمود إسماعيل ، نائب رئيس الجامعة و عضو مجمع البحوث الإسلامية.
أ.د / عبد الله الحسيني أحمد هلال ، أستاذ اللغة العربية و رئيس جامعة الأزهر و وزير الأوقاف السابق .
الأستاذ الشيخ / محمد محمد عبد الرحمن الراوي ، أستاذ التفسير و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / على جمعة محمد ، أستاذ أصول الفقه و مفتي الديار المصرية .
وتناولت المادة 32 مكرر(ج) , حالة خلو مقعد عضو الهيئة لأى سبب, وكيفية وشروط شغل مثل هذا المقعد, وحددت المادة 32مكرر(د) حالات سقوط العضوية وإجراءاتها عن عضو الهيئة.
على ضوء ما سبق والنصوص المسرودة ل(المرسوم) , وماساقه ( الدكتور الطيب ) فى بيانه دفاعا عنه.. يمكننا إستخلاص مرامى وأهداف المرسوم فيما يلى:
أولا – إنتزاع الامام الأكبر الدكتور الطيب لإستقلاله, وتحصين نفسه من العزل , ب"النص" على جعل منصبه بالإنتخاب لأول مرة فى العصر الحديث .. "إذ كان فقهاء المذاهب الأربعة وقاضى القضاة ونقيب الأشراف يتفقون فيما بينهم على من يكون شيخ الأزهر, ثم يصعدون إلى القلعة لينالوا الموافقة من الوالى حاكم مصر, فيقر من أتفق عليه ويلبسه الخلعة أو يتردد فى الموافقة, ومن ثم يفهم أنه معترض فيعاد النظر بينهم فى الأمر، أما فى العصر الحديث ومنذ عهد محمد على كان إختيار الشيخ متروكا للوالى ومن بعده الخديو ثم الملك، ونفس الأمر فى العهد الجمهورى"( 11 ) .. وهكذا يكون (الطيب) قد أوجد وأحيا ( هيئة كبار العلماء) , يقوم هو بإختيار أعضائها, ثم عليهم الدور فى إنتخابه عند اللزوم , ليصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيينه نفاذاً لإرادة هذه الهيئة , كما أنه يمكن لشيخ الأزهر الاستعانه بها فى المواقف والمعارك السياسية والفكرية المرتبطة بالدين , والتى صارت شائعة بعد ثورة 25 يناير.
وقد صدر هذا المرسوم بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين إلى صدارة المشهد البرلمانى وحصولهما معا على أغلبيتة , وقبيل إنعقاد جلسات مجلس الشعب بأيام ثلاثة, ومعلوم أن الطيب ليس على وفاق مع الإخوان,على خلفية قضية "ميليشات الأزهر"( 12 ) .
ثانياً – النص صراحة على أن : "الأزهر يمثل المرجع النهائى فى كل مايتعلق بشئون الإسلام , ( المادة 2 فقرة 2 مستحدثة ) , ويتساند مع هذا النص أن الهيئة تختص ب "البت في المسائل الدينية و القوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الأخلاقي على أساس شرعي ,وكذلك فى النوازل و المسائل المستجدة التي تكون محلاً لخلاف" ( مادة 32 مكرر أ ) , بمعنى أن المرسوم بسط سلطان هيئة كبار العلماء على عملية التشريع , وجعل لها الكلمة العليا , وحسماً للمسائل والقضايا محل الخلاف , وهذا يُفهم من كلمة ( البت) المُسنَدة للهيئة فى إختصاصاتها , وبوصف فهمى هويدى( 13): فإن" كلمة (البت) تعنى بالتعبير الدارج ( آخر كلام) الذى لا كلام بعده. الأمر الذى يجعل من رأى الهيئة نصوصا قطعية الدلالة، كأنها مُنَزلة من العليم الحكيم" .. ومع التسليم بأن مثل هذا السلطان للهيئة على عملية التشريع لايجوز أن يكون مستندا إلى مجرد قانون , وبحسب المراقبين , فإن (الطيب) بهذا المرسوم ,إنما وضع أساساً للدولة الدينية , وفرض وصاية الازهر على المجتمع بواسطة الهيئة , وهى نفسها الغاية التى تسعى إليها جماعة الإخوان المسلمين ومن والاها من السلفيين , وكأنما قدم الطيب هدية ل (الجماعة ) التى يتصارع معها من حيث أراد أن يعوق تقدمها ,إذ منحت الجماعة ومعها السلفيين بالدستور لهذه (الهيئة) سنداً وشرعية دستورية , لتنفيذ المهام والأدوار التى أرادها الطيب , وإن كان من المتوقع أن يُعاد تشكيل الهيئة إنتزاعاً لها من الوسطية الأزهرية , إلى الأخونة والسلفنة , وهذا أمر يمكن تدبيره بتعديل قانون الأزهر مرة أخرى من خلال مجلس الشورى ذات الأغلبية الإخوانية السلفية.
1- تحقيق الإستقلال ل(مؤسسة الأزهر الشريف) , بأن تصبح مؤهلة لإنتخاب شيخها.
2- إستعادة (هيئة كبار العلماء) ذات الرصيد التاريخى الغنى، علمياً وفكرياً ووطنياً، ليعود الأزهر الشريف إلى سابق عهده، منارة إسلامية للعالم كله، ومرجعية عليا للعالم الإسلامى
3- تقوم هيئة كبار العلماء بإنتخاب شيخ الأزهر عند خلو المنصب.
4- عودة مناهج الأزهر الأصيلة فى الشريعة واللغة والثقافة العميقة ليستمر الفكر الوسطى الرصين والفهم العلمى لصحيح الدين, وهو جوهر الرسالة الأزهرية .
وقد رددت نصوص المرسوم , هذه المعانى والأهداف التى أشار إليها الدكتور الطيب , ففى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية جاء : " أن الأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية إعتبارية ويكون مقره القاهرة, وتكفل الدولة إستقلاله ", وأن:" الأزهر يمثل المرجع النهائى فى كل مايتعلق بشئون الإسلام وعلومه وإجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة ", و نصت المادة الخامسة على انتخاب شيخ الأزهر من بين أعضاء هيئة كبار العلماء, وحددت لذلك الشروط الواجب توافرها وطريقة الانتخاب .
وجاء بالمادة الثامنة بقانون الأزهر المعدل بهذا المرسوم بأن الأزهر يشمل خمس هيئات من بينها (هيئة كبار العلماء ), ومجمع البحوث الإسلامية, وقررت المادة 32 مكرر بأن تكون الهيئة برئاسة شيخ الأزهر, و تتألف من عدد لا يزيد على أربعين عضواً من كبارعلماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة، و تجتمع مرة على الأقل كل ثلاثة أشهرأو كلما دعت الضرورة بناءً على دعوة شيخ الأزهر أو نصف عدد أعضائها، و يكون اجتماعها صحيحاً إذا حضرته الأغلبية الملطقة لأعضائها، وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، و يرأسها أكبر الأعضاء سناً في حالة غياب الرئيس, و يكون للهيئة أمين عام يصدر بتعيينه أوندبه قرار من شيخ الأزهر , يكون مسئولاً عن إعداد جدول أعمالها ومتابعة تنفيذ ما تصدره من قرارات .
وقد حددت المادة 32 مكرراً (أ ) ستة إختصاصات للهيئة منها:
1-انتخاب شيخ الأزهرعند خلو منصبه.
2-ترشيح مفتى الجمهورية .
3- البت في المسائل الدينية و القوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الأخلاقي التي تواجه العالم و المجتمع المصري على أساس شرعي .
4- البت في النوازل والمسائل المستجدة التي سبق دراستها و لكن لا ترجيح فيها لرأي معين.
ويجوز للهيئة أن تستعين باللجان المتخصصة بمجمع البحوث الإسلامية ,ومن تراه من الخبراء لأداء مهامها دون أن يكون له صوت معدود في مداولاتها.
كما ان المادة 32 مكرراً (ب) وضعت شروطا يجب توفرها فيمن يختار عضواً بالهيئة منها :
- ألا يقل سنه عن خمسة و خمسين عاماً .
- أن يكون معروفاً بالتقوى و الورع في ماضيه و حاضره.
- أن يكون حائزاً لشهادة ( الدكتوراه ) و بلغ درجة الأستاذية في العلوم الشرعية أو اللغوية و أن يكون قد تدرج في تعليمه في المعاهد الأزهرية و كليات جامعة الأزهر.
- أن يكون ملتزماً بمنهج الأزهرعلماً و سلوكاً وهو منهج أهل السنة و الجماعة الذي تلقته الأمة بالقبول في أصول الدين، و في فروع الفقه بمذاهبه الأربعة.
وقد منح المرسوم , لشيخ الأزهر حق إختيار أعضاء الهيئة عند أول تشكيل لها, على أن يصدُر قراربتعيينهم من رئيس الجمهورية , وهو ماحدث بالفعل , فقد أصدر رئيس الجمهورية قراره رقم 24 فى 17 يوليو 2012 بتشكيل ( هيئة كبار العلماء) من 27 عالماً بينهم وزراء الأوقاف ورؤساء جامعة الأزهر والمفتيين السابقين والحاليين, وجاء التشكيل على النحو التالى ( 10 ) :
الأمام الأكبر أ. د / أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر رئيساً
وعضوية كل من :
أ.د / مصطفى عبد الجواد عمران ، أستاذ بقسم العقيدة و الفلسفة بكلية أصول الدين .
أ.د/ عبد الرحمن عبد النبي العدوي ، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر .
أ.د/ يوسف عبد الله القرضاوي ، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .
أ.د/ بركات عبد الفتاح دويدار، أستاذ بقسم العقيدة و الفلسفة بكلية أصول الدين و الدعوة .
أ.د/ محمد الأحمدي أبو النور ، أستاذ الحديث و وزير الأوقاف الأسبق .
أ.د / حسن محمود عبد اللطيف الشافعي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم، ورئيس مجمع اللغة العربية .
أ.د / محمد عمارة مصطفى عمارة، المفكر الإسلامي و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / عبد الفتاح عبد الله بركة، أستاذ العقيدة و الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية.
أ.د / محمود حمدي محمد زقزوق ، أستاذ العقيدة و الفلسفة و وزير الأوقاف الأسبق .
أ.د / عبد الفتاح حسيني الشيخ ، أستاذ أصول الفقه و رئيس جامعة الأزهر الأسبق.
أ.د / محمد رأفت عثمان, أستاذ الفقه المقارن، وعميد كلية الشريعة والقانون الأسبق.
أ.د / إسماعيل عبد الخالق الدفتار، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / نصر فريد واصل ، أستاذ الفقه و مفتي الديار المصرية الأسبق .
أ.د / طه مصطفى أبو كريشة، أستاذ اللغة العربية و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
د / محمد محمد أبو موسى ، الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر .
أ.د / القصبي محمود زلط ، أستاذ التفسير و علوم القرآن بكلية أصول الدين .
أ.د / أحمد طه ريان ، أستاذ الفقه بكلية الشريعة و القانون .
أ.د / محمد المختار محمد المهدي ، أستاذ اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية و العربية والرئيس العام للجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة.
أ.د / أحمد معبد عبد الكريم ، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين .
أ.د / عبد المعطي محمد بيومي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة بجامعة الأزهر ( توفي رحمه الله بعد تشكيل الهيئة).
أ.د / أحمد عمر هاشم، أستاذ الحديث و رئيس جامعة الأزهر الأسبق.
أ.د / محمد عبد الفضيل محمد عبد العزيز محمد المحلاوي ، أستاذ العقيدة و الفلسفة و وزير الأوقاف .
أ.د / محمود مهني محمود إسماعيل ، نائب رئيس الجامعة و عضو مجمع البحوث الإسلامية.
أ.د / عبد الله الحسيني أحمد هلال ، أستاذ اللغة العربية و رئيس جامعة الأزهر و وزير الأوقاف السابق .
الأستاذ الشيخ / محمد محمد عبد الرحمن الراوي ، أستاذ التفسير و عضو مجمع البحوث الإسلامية .
أ.د / على جمعة محمد ، أستاذ أصول الفقه و مفتي الديار المصرية .
وتناولت المادة 32 مكرر(ج) , حالة خلو مقعد عضو الهيئة لأى سبب, وكيفية وشروط شغل مثل هذا المقعد, وحددت المادة 32مكرر(د) حالات سقوط العضوية وإجراءاتها عن عضو الهيئة.
على ضوء ما سبق والنصوص المسرودة ل(المرسوم) , وماساقه ( الدكتور الطيب ) فى بيانه دفاعا عنه.. يمكننا إستخلاص مرامى وأهداف المرسوم فيما يلى:
أولا – إنتزاع الامام الأكبر الدكتور الطيب لإستقلاله, وتحصين نفسه من العزل , ب"النص" على جعل منصبه بالإنتخاب لأول مرة فى العصر الحديث .. "إذ كان فقهاء المذاهب الأربعة وقاضى القضاة ونقيب الأشراف يتفقون فيما بينهم على من يكون شيخ الأزهر, ثم يصعدون إلى القلعة لينالوا الموافقة من الوالى حاكم مصر, فيقر من أتفق عليه ويلبسه الخلعة أو يتردد فى الموافقة, ومن ثم يفهم أنه معترض فيعاد النظر بينهم فى الأمر، أما فى العصر الحديث ومنذ عهد محمد على كان إختيار الشيخ متروكا للوالى ومن بعده الخديو ثم الملك، ونفس الأمر فى العهد الجمهورى"( 11 ) .. وهكذا يكون (الطيب) قد أوجد وأحيا ( هيئة كبار العلماء) , يقوم هو بإختيار أعضائها, ثم عليهم الدور فى إنتخابه عند اللزوم , ليصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيينه نفاذاً لإرادة هذه الهيئة , كما أنه يمكن لشيخ الأزهر الاستعانه بها فى المواقف والمعارك السياسية والفكرية المرتبطة بالدين , والتى صارت شائعة بعد ثورة 25 يناير.
وقد صدر هذا المرسوم بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين إلى صدارة المشهد البرلمانى وحصولهما معا على أغلبيتة , وقبيل إنعقاد جلسات مجلس الشعب بأيام ثلاثة, ومعلوم أن الطيب ليس على وفاق مع الإخوان,على خلفية قضية "ميليشات الأزهر"( 12 ) .
ثانياً – النص صراحة على أن : "الأزهر يمثل المرجع النهائى فى كل مايتعلق بشئون الإسلام , ( المادة 2 فقرة 2 مستحدثة ) , ويتساند مع هذا النص أن الهيئة تختص ب "البت في المسائل الدينية و القوانين، والقضايا الاجتماعية ذات الطابع الأخلاقي على أساس شرعي ,وكذلك فى النوازل و المسائل المستجدة التي تكون محلاً لخلاف" ( مادة 32 مكرر أ ) , بمعنى أن المرسوم بسط سلطان هيئة كبار العلماء على عملية التشريع , وجعل لها الكلمة العليا , وحسماً للمسائل والقضايا محل الخلاف , وهذا يُفهم من كلمة ( البت) المُسنَدة للهيئة فى إختصاصاتها , وبوصف فهمى هويدى( 13): فإن" كلمة (البت) تعنى بالتعبير الدارج ( آخر كلام) الذى لا كلام بعده. الأمر الذى يجعل من رأى الهيئة نصوصا قطعية الدلالة، كأنها مُنَزلة من العليم الحكيم" .. ومع التسليم بأن مثل هذا السلطان للهيئة على عملية التشريع لايجوز أن يكون مستندا إلى مجرد قانون , وبحسب المراقبين , فإن (الطيب) بهذا المرسوم ,إنما وضع أساساً للدولة الدينية , وفرض وصاية الازهر على المجتمع بواسطة الهيئة , وهى نفسها الغاية التى تسعى إليها جماعة الإخوان المسلمين ومن والاها من السلفيين , وكأنما قدم الطيب هدية ل (الجماعة ) التى يتصارع معها من حيث أراد أن يعوق تقدمها ,إذ منحت الجماعة ومعها السلفيين بالدستور لهذه (الهيئة) سنداً وشرعية دستورية , لتنفيذ المهام والأدوار التى أرادها الطيب , وإن كان من المتوقع أن يُعاد تشكيل الهيئة إنتزاعاً لها من الوسطية الأزهرية , إلى الأخونة والسلفنة , وهذا أمر يمكن تدبيره بتعديل قانون الأزهر مرة أخرى من خلال مجلس الشورى ذات الأغلبية الإخوانية السلفية.
ثالثا: (هيئة كبار العلماء) والدستور الجديد
سيل من التشريعات يُنتَظر إقرارها خلال الفترة المقبلة نفاذا لمواد الدستور الجديد الذى أحال فى الكثير من مواده للقانون, تفصيلا وتنظيما وتحديدا لما ورد بها من توجيهات دستورية, أو هيئات ومجالس مستحدثة, وقوانين لتنظيمها , وتشريعات للانتخابات البرلمانية والمحليات, والأزهر والمحكمة الدستورية العليا وغيرها , منفذة ومكملة للدستور.. كل هذه القوانين المتوقع تشريعها, مقيدة بأن (لا تخالف الشريعة الإسلامية )، بحسب الدستور الجديد الذى أقره الشعب بموافقة 63% من الناخبين المشاركين المصوتين رغم ما تعرض له من انتقادات واتهامات بالتزوير وعدم الإشراف القضائي الكامل, وصارنافذاً,بعدما وقَّعَ رئيس الجمهورية مرسوماً بإنفاذهِ يوم 25 ديسمبر 2012 .. فقد أتى هذا الدستور الجديد على ذكر ( هيئة كبار العلماء) , وأوجب أن يؤخذ رأيها فى كل مايتعلق بالشريعة الإسلامية, حيث نصت المادة الرابعة منه على أن:( الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم. ويؤخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية, وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء,,وتكفل الدولة الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه, وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون).
عند تفكيك هذه المادة الرابعة بالدستور فيما يخص هيئة كبار العلماء ودورها, يمكننا أن نستخلص منها مايلى:
أولا: أن (هيئة كبار العلماء) هى المختصة من بين هيئات الأزهر الشريف, دون غيرها، بمراجعة القوانين والتشريعات, ل(إبداء الرأى) , فيما إذا كانت هذه القوانين والتشريعات أو اللوائح مطابقة للشريعة الإسلامية , أم لا؟ إذ شرعية الهيئة صارت الآن مستمدة مباشرة من الدستور الذى كَّرمها بوضعية خاصة ومكانة أعلى من كل هيئات الأزهر الشريف ,بما فى ذلك مجمع البحوث الإسلامية الذي كان معروفاً بأنه يحل محل هيئة كبار العلماء بعد إلغائها عام 1961 ميلادية.
ثانياً: أن شيخ الأزهر يُختار من بين أعضاء هذه الهيئة, وهو غير قابل للعزل .
ثالثاً: أن هناك تعديلات قادمة قريباً لابد أن تطال قانون تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 وتعديلايه, وهذا يُفهم بوضوح مما ورد بالمادة الرابعة من عبارة : ( ويحدد القانون طريقة إختياره من بين أعضاء الهيئة , والمقصود هنا شيخ الأزهر ) , و العبارة : ( وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون ) التى أُختتمت بها المادة الرابعة .
رابعاً: أن هذه الهيئة تعمل وتستظل فى عملها وإبداء رأيها فى القوانين ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية من عدمه, بالمواد أرقام 2 التى تجعل (مبادئ الشريعة الإسلامية) هى المصدر الرئيسى للتشريع , وتفسيرهذه ( المبادئ), المحدد فى المادة 219 بأنها: ( تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة), وغير ذلك من مواد الدستور المرتبطة, وما يستجد من تعديلات منتظرة لقانون الأزهر.
وبالنظر إلى كثرة القوانين المُحَال إليها بمواد (الدستور), فضلا عن نزوعه المثالي والأخلاقي نحو حفظ الهوية الإسلامية والقيم الدينية للدولة, مما نستشرف معه أننا أمام دور كبير منتظر ومهام جسام ل(هيئة كبار العلماء) , وأن المسرح التشريعى و السياسى والإجتماعى سوف يشهد حضوراً طاغياً لها ليمثل أول دستور مصري بعد ثورة 25 يناير سنة 2011 طور العودة العميقة لها بعد أن الغتها (ثورة يوليو)1952 , بالقانون رقم 103 لسنة 1961, والمعروف بقانون تطوير الأزهر وهو ما قد يعد ميزة في حال استمر الوسطيون يملكون الخيوط الفاعلة داخل المؤسسة الأزهرية ولم تنجح محاولات الاختراق السلفي والإخواني لهذه المؤسسة العريقة.
أخيرا.. بداية ماضية ومرجعية دستورية جديدة:
فى أول تنفيذ ل نص (هيئة كبار العلماء) والمادة الرابعة من الدستور المصري الجديد، " قرر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر يوم الاربعاء ( 2 يناير 2013 ) , إحالة مشروع قانون الصكوك الإسلامية السيادية!! إلى (الهيئة ), مطالبا إياها بوضع المشروع على جدول أعمالها في اجتماعها القادم لمناقشته وإعلان الرأى الشرعى المستفيض بشأنه"( 1 ) , وكان الإمام الأكبر قد تلقى مشروع الصكوك ،لمناقشته وبيان مدى مطابقتة للشريعة الإسلامية.
وأيما كان قرار أو رأي هيئة كبار العلماء، موافقة أو رفضا، فإن القضية الأكثر أهمية تكمن فى الوضع والدور الدستوري الجديد لهيئة كبار العلماء التي سبق ان حدد هويتها قانون الأزهر الجديد الذي أقر بمرسوم عسكري أوائل العام 2012، وهو الدور الذي لم تعرفه هيئة علمائية في مصر منذ ظهور هذا الاسم عام 1911، وحتى إلغائها عام 1961 كما سنوضح.
هل هي مرجعية الدستور الجديد بعد تقليض هوية ودور المحكمة الدستورية العلي من هيئة قضائية إلى جهة تقاضي واستشارة فقط ذات رقابة سابقة على مشروعات القوانين وليست لاحقة كما كان وضعها السابق وكما هو وضعها حتى في مشروع الدستور التونسي الذي صدر عن المجلس الوطني التأسيسي التونسي بعد ثورتها، ستعرض هذه الدراسة للنشأة والتطور التاريخي ل هيئة كبار العلماء وصولا لوضعها في الدستور الجديد الذي تم إقراره، وهويتها وأعضائها والإطار القانوني الحاكم لها، وعلاقتها بالمؤسسة الدينية( الأزهر) الذي تنازعه على مرجعيته تيارات إسلامية وتشكك في شيوخه وتسعى للاستحواذ عليه في رأي البعض، كتعبير عن الوسطية الفكرية الإسلامية وكذلك دور الوسيط السياسي بين الأقطاب السياسية المتنافرة في مصر...
المحكمة الدستورية العليا لم تعد هى المرجع الإساسى فىيما يخص توافق القوانين مع الدستور من عدمه ..هذا المعنى يؤكده المستشارعبد الرحمن الجارحي عضو هيئة قضايا الدولة إذ يرى
أن:" المادة الرابعة من الدستور هى صيغة خطيرة تؤسس للدولة الدينية , وأنها إستبدلت المحكمة الدستورية بهيئة كبار العلماء، بما يعني الرجوع إلى حكم العمائم ورجال الدين" ( 14 ) .
هذا الرأى يتفق معه الدكتور حازم عبد العظيم بأن : " عودة تشريع القوانين إلى مؤسسة دينية هو تأسيس للدولة الدينية, وأن هيئة كبار العلماء المذكورة في الدستور الجديد جاءت لتأسيس لـ"ولاية الفقيه"( 15 ) .
ولايختلف عنهما رأى الدكتور على السلمى مؤكداً بأن :" الأخذ برأى هيئة كبار العلماء يذَكرنا بولاية الفقيه فى إيران , كما أنه يستقطع جزءاً من حق التشريع من البرلمان وجزءاً من حق التطبيق بالقضاء, وأنه سيكون هناك تَحَرُج أن يخالف البرلمان رأي الأزهر أو الهيئة، وهو ما ينتقص سلطة التشريع من البرلمان" ( 16 ) .. والمعنى أن آراء الهيئة قد لاتكون ملزمة دستوريا, لكنها بالتأكيد ملزمة أدبياً, ويصعب عملياً على (البرلمان المنتخب) أن يرفض رأياً ل(الهيئة) عندما يقطع فى أمرٍما بأنه يخالف الشريعة الإسلامية أو يوافقها,بما يخصم من سلطته , كما أن مكانة الهيئة و والصلاحية المقررة لها ,تعلو على سلطة المحكمة الدستورية العليا التى لم تعد وحدها المرجع فى دستورية القوانين, مثلما تعلو على البرلمان, بموجب المادة الرابعة بالدستور وسلطة الدين.
وليس ببعيد عن هذا المعنى ما يراه الخبير القانونى الدكتور هشام نصر فإن "الغرض من هيئة كبار العلماء لايختلف كثيرا عن الغرض من نظيرتها الايرانية المسماة بمجلس صيانة الدستور والمنصوص عليها في المادة الحادية والتسعين بالدستور الإيرانى, بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور، والذي يتكون من فقهاء يختارهم القائد في إيران, ورئيس الجمهورية في مصر"( 17 ) . غير أن أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة , له رؤية مغايرة تماما, إذ يرى أن: "السلفيين يحاولون محو دور الأزهر تمهيداً لنشر أفكارهم، التي فيها التشدد والعنف الفكري, وأن المادة الرابعة تهدف لتجريد الأزهر لتحجيم دوره وتقزيم رسالته لحساب السلفيين وأيضاً، للأسف، إرضاء للتيارات المدنية التي توهمت أن الأزهر سيكون كهنوتاً أو سلطة فوق السلطة ..بينما الأزهر هو الضمان للتعايش وقبول الآخر ونشر قيم التسامح والوسطية"( 18 ).
اللافت هنا أن كريمة كان بصدد الرد على القطب السلفى د. ياسر برهامى عندما قال: "بعد تشكيل هيئة كبار العلماء، ووضع القانون يمكن أن نعزل شيخ الأزهر بالقانون" ( 19 ) , وقوله فى موضع آخربأن : "قانوناً سيصدر خلال أيام ينص على انتخاب شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء التي سيتم انتخابها, وأن الدستور هو قضبان سوف نسير عليها لتطبيق الشريعة خلال الفترة القادمة "( 20 ) .
وهذا يعنى أن برهامى يتحدث عن تعديل قانون الأزهر قريباً, بحيث تتغير بنية هيئة كبار العلماء وتشكيلهامجدداً ,وهو أمر يصعب حدوثه اللهمَّ إلا بالإتفاق مع جماعة (الإخوان المسلمين) التى يمتلك حزبها ( الحرية والعدالة) , أكثرية المقاعد , وهما معا يشكلون الأغلبية , كما أن حديث برهامى عن عزل شيخ الأزهر بالقانون , يتفق مع الرغبة الإخوانية فى عزل الطيب ..ومن هنا يمكن فهم إنزعاج كريمة وتخوفه من تنفيذ هذا المخطط الذى يجعل من هيئة كبار العلماء والأزهر كهنوتاً وسلطة فوق السلطة لحساب الفكر السلفى المتشدد , ويضرب وسطية الأزهر وتوسطه.
عند تفكيك هذه المادة الرابعة بالدستور فيما يخص هيئة كبار العلماء ودورها, يمكننا أن نستخلص منها مايلى:
أولا: أن (هيئة كبار العلماء) هى المختصة من بين هيئات الأزهر الشريف, دون غيرها، بمراجعة القوانين والتشريعات, ل(إبداء الرأى) , فيما إذا كانت هذه القوانين والتشريعات أو اللوائح مطابقة للشريعة الإسلامية , أم لا؟ إذ شرعية الهيئة صارت الآن مستمدة مباشرة من الدستور الذى كَّرمها بوضعية خاصة ومكانة أعلى من كل هيئات الأزهر الشريف ,بما فى ذلك مجمع البحوث الإسلامية الذي كان معروفاً بأنه يحل محل هيئة كبار العلماء بعد إلغائها عام 1961 ميلادية.
ثانياً: أن شيخ الأزهر يُختار من بين أعضاء هذه الهيئة, وهو غير قابل للعزل .
ثالثاً: أن هناك تعديلات قادمة قريباً لابد أن تطال قانون تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 وتعديلايه, وهذا يُفهم بوضوح مما ورد بالمادة الرابعة من عبارة : ( ويحدد القانون طريقة إختياره من بين أعضاء الهيئة , والمقصود هنا شيخ الأزهر ) , و العبارة : ( وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون ) التى أُختتمت بها المادة الرابعة .
رابعاً: أن هذه الهيئة تعمل وتستظل فى عملها وإبداء رأيها فى القوانين ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية من عدمه, بالمواد أرقام 2 التى تجعل (مبادئ الشريعة الإسلامية) هى المصدر الرئيسى للتشريع , وتفسيرهذه ( المبادئ), المحدد فى المادة 219 بأنها: ( تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة), وغير ذلك من مواد الدستور المرتبطة, وما يستجد من تعديلات منتظرة لقانون الأزهر.
وبالنظر إلى كثرة القوانين المُحَال إليها بمواد (الدستور), فضلا عن نزوعه المثالي والأخلاقي نحو حفظ الهوية الإسلامية والقيم الدينية للدولة, مما نستشرف معه أننا أمام دور كبير منتظر ومهام جسام ل(هيئة كبار العلماء) , وأن المسرح التشريعى و السياسى والإجتماعى سوف يشهد حضوراً طاغياً لها ليمثل أول دستور مصري بعد ثورة 25 يناير سنة 2011 طور العودة العميقة لها بعد أن الغتها (ثورة يوليو)1952 , بالقانون رقم 103 لسنة 1961, والمعروف بقانون تطوير الأزهر وهو ما قد يعد ميزة في حال استمر الوسطيون يملكون الخيوط الفاعلة داخل المؤسسة الأزهرية ولم تنجح محاولات الاختراق السلفي والإخواني لهذه المؤسسة العريقة.
أخيرا.. بداية ماضية ومرجعية دستورية جديدة:
فى أول تنفيذ ل نص (هيئة كبار العلماء) والمادة الرابعة من الدستور المصري الجديد، " قرر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر يوم الاربعاء ( 2 يناير 2013 ) , إحالة مشروع قانون الصكوك الإسلامية السيادية!! إلى (الهيئة ), مطالبا إياها بوضع المشروع على جدول أعمالها في اجتماعها القادم لمناقشته وإعلان الرأى الشرعى المستفيض بشأنه"( 1 ) , وكان الإمام الأكبر قد تلقى مشروع الصكوك ،لمناقشته وبيان مدى مطابقتة للشريعة الإسلامية.
وأيما كان قرار أو رأي هيئة كبار العلماء، موافقة أو رفضا، فإن القضية الأكثر أهمية تكمن فى الوضع والدور الدستوري الجديد لهيئة كبار العلماء التي سبق ان حدد هويتها قانون الأزهر الجديد الذي أقر بمرسوم عسكري أوائل العام 2012، وهو الدور الذي لم تعرفه هيئة علمائية في مصر منذ ظهور هذا الاسم عام 1911، وحتى إلغائها عام 1961 كما سنوضح.
هل هي مرجعية الدستور الجديد بعد تقليض هوية ودور المحكمة الدستورية العلي من هيئة قضائية إلى جهة تقاضي واستشارة فقط ذات رقابة سابقة على مشروعات القوانين وليست لاحقة كما كان وضعها السابق وكما هو وضعها حتى في مشروع الدستور التونسي الذي صدر عن المجلس الوطني التأسيسي التونسي بعد ثورتها، ستعرض هذه الدراسة للنشأة والتطور التاريخي ل هيئة كبار العلماء وصولا لوضعها في الدستور الجديد الذي تم إقراره، وهويتها وأعضائها والإطار القانوني الحاكم لها، وعلاقتها بالمؤسسة الدينية( الأزهر) الذي تنازعه على مرجعيته تيارات إسلامية وتشكك في شيوخه وتسعى للاستحواذ عليه في رأي البعض، كتعبير عن الوسطية الفكرية الإسلامية وكذلك دور الوسيط السياسي بين الأقطاب السياسية المتنافرة في مصر...
المحكمة الدستورية العليا لم تعد هى المرجع الإساسى فىيما يخص توافق القوانين مع الدستور من عدمه ..هذا المعنى يؤكده المستشارعبد الرحمن الجارحي عضو هيئة قضايا الدولة إذ يرى
أن:" المادة الرابعة من الدستور هى صيغة خطيرة تؤسس للدولة الدينية , وأنها إستبدلت المحكمة الدستورية بهيئة كبار العلماء، بما يعني الرجوع إلى حكم العمائم ورجال الدين" ( 14 ) .
هذا الرأى يتفق معه الدكتور حازم عبد العظيم بأن : " عودة تشريع القوانين إلى مؤسسة دينية هو تأسيس للدولة الدينية, وأن هيئة كبار العلماء المذكورة في الدستور الجديد جاءت لتأسيس لـ"ولاية الفقيه"( 15 ) .
ولايختلف عنهما رأى الدكتور على السلمى مؤكداً بأن :" الأخذ برأى هيئة كبار العلماء يذَكرنا بولاية الفقيه فى إيران , كما أنه يستقطع جزءاً من حق التشريع من البرلمان وجزءاً من حق التطبيق بالقضاء, وأنه سيكون هناك تَحَرُج أن يخالف البرلمان رأي الأزهر أو الهيئة، وهو ما ينتقص سلطة التشريع من البرلمان" ( 16 ) .. والمعنى أن آراء الهيئة قد لاتكون ملزمة دستوريا, لكنها بالتأكيد ملزمة أدبياً, ويصعب عملياً على (البرلمان المنتخب) أن يرفض رأياً ل(الهيئة) عندما يقطع فى أمرٍما بأنه يخالف الشريعة الإسلامية أو يوافقها,بما يخصم من سلطته , كما أن مكانة الهيئة و والصلاحية المقررة لها ,تعلو على سلطة المحكمة الدستورية العليا التى لم تعد وحدها المرجع فى دستورية القوانين, مثلما تعلو على البرلمان, بموجب المادة الرابعة بالدستور وسلطة الدين.
وليس ببعيد عن هذا المعنى ما يراه الخبير القانونى الدكتور هشام نصر فإن "الغرض من هيئة كبار العلماء لايختلف كثيرا عن الغرض من نظيرتها الايرانية المسماة بمجلس صيانة الدستور والمنصوص عليها في المادة الحادية والتسعين بالدستور الإيرانى, بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور، والذي يتكون من فقهاء يختارهم القائد في إيران, ورئيس الجمهورية في مصر"( 17 ) . غير أن أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة , له رؤية مغايرة تماما, إذ يرى أن: "السلفيين يحاولون محو دور الأزهر تمهيداً لنشر أفكارهم، التي فيها التشدد والعنف الفكري, وأن المادة الرابعة تهدف لتجريد الأزهر لتحجيم دوره وتقزيم رسالته لحساب السلفيين وأيضاً، للأسف، إرضاء للتيارات المدنية التي توهمت أن الأزهر سيكون كهنوتاً أو سلطة فوق السلطة ..بينما الأزهر هو الضمان للتعايش وقبول الآخر ونشر قيم التسامح والوسطية"( 18 ).
اللافت هنا أن كريمة كان بصدد الرد على القطب السلفى د. ياسر برهامى عندما قال: "بعد تشكيل هيئة كبار العلماء، ووضع القانون يمكن أن نعزل شيخ الأزهر بالقانون" ( 19 ) , وقوله فى موضع آخربأن : "قانوناً سيصدر خلال أيام ينص على انتخاب شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء التي سيتم انتخابها, وأن الدستور هو قضبان سوف نسير عليها لتطبيق الشريعة خلال الفترة القادمة "( 20 ) .
وهذا يعنى أن برهامى يتحدث عن تعديل قانون الأزهر قريباً, بحيث تتغير بنية هيئة كبار العلماء وتشكيلهامجدداً ,وهو أمر يصعب حدوثه اللهمَّ إلا بالإتفاق مع جماعة (الإخوان المسلمين) التى يمتلك حزبها ( الحرية والعدالة) , أكثرية المقاعد , وهما معا يشكلون الأغلبية , كما أن حديث برهامى عن عزل شيخ الأزهر بالقانون , يتفق مع الرغبة الإخوانية فى عزل الطيب ..ومن هنا يمكن فهم إنزعاج كريمة وتخوفه من تنفيذ هذا المخطط الذى يجعل من هيئة كبار العلماء والأزهر كهنوتاً وسلطة فوق السلطة لحساب الفكر السلفى المتشدد , ويضرب وسطية الأزهر وتوسطه.
صراع على الأزهر:
من جماع ما تقدم يتضح أن عودة هيئة كبار العلماء مع إسناد هذا الدور الرقابى على التشريع من منظور ملائمته للشريعة الإسلامية وتوافقه معها ومع المحددات الإخرى الموجودة بالدستور من قيم وأخلاقيات المجتمع , وتفسير لمبادئ الشريعة الإسلامية على النحو الوارد بالمادة 219 بالدستور.. إنما يعنى أننا أمام تحولات وطور جديد للمؤسسة الدينية والاصولية الدينية على السواء، ربما لم تعرفه حتى عند إنشائها العام 1911 قبل قرن من الزمان.
وربما تأتي هواجس الشعور بالخطر من صراع منتظر على هوية وإعادة هيكلة الأزهر نفسه من قبل التيارات الإسلامية وبخاصة من قبل الإخوان المسلمين الذين يفاصلونه مفاصلة سياسية وتاريخية، اتضحت في الانتقادات التاريخية التي وجهها الشيخ يوسف القرضاوي القريب من جماعة الإخوان لشيخ الأزهر في حواره المنشور بالشروق المصرية منتصف فبراير عام 2012، وفندها العلامة الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني للأزهر وكبير مستشاري الشيخ ورئيس مجمع اللغة العربية، في بيانه المنشور بجريدة بنفس الجريدة في 21 فبراير سنة 2012، وكذلك من قبل التيارات السلفية التي تخاصم الأزهر مخاصمة مرجعية وتاريخية قبل وبعد الثورة، وسبق أن جعل شيخ الأزهر عند توليه منصبه العام 2009 نقدها أحد أبرز أولوياته، رغم لقاءات التودد والحوار بين الطرفين بعد الثورة، كما اتخذت هذه الدعوة موقفا نقديا وتحفظات عميقة ضد وثيقة الأزهر، وقد اتضح هذا الموقف في الفيديو المسرب للشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية بعد إقرار الدستور والذي كشف فيه عن توجه وتحفز سلفي بالتعاون مع الإخوان لتعديل قانون الأزهر الصادر هذا العام وتغيير هيكلته وهيئة كبار علمائه، وقرر ذلك دون احتمال مما آثار الكثيرين من شيوخ الأزهر وعلمائه وكذلك الكثير من القوى المدنية.
والأخطر أن التفسير القائم بالمادة 219 يفتح الباب واسعا للمزيد للانقسامات الفكرية والمذهبية, وعلى الرغم من أن (هيئة كبار العلماء) بتشكيلها الحالى( 27) , تتكون فى غالبيتها من وزراء الأوقاف ورؤساء جامعة الأزهر والمفتين السابقين والحاليين, ومثل هؤلاء بوظائفهم ومعارفهم السابقة والحالية, ينتمون إلى الفكر الإسلامى الوسطى المعتدل, ويخَففون من درجة القلق, غير أنه ليس مؤكداً أن يستمر الحال هكذا, إذ يبين من نص المادة الرابعة بالدستور التى شرعنت دستورياً للهيئة, ومن الأحاديث المتواترة للمعنيين مثل الشيخ السلفى برهامى , أن قانون الأزهر فى طريقه للتعديل ,بقصد إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء لأخونتها وسلفنتها , ومع أن الأمر قد لايكون سهلاً بمثل سهولة إستصدار التشريعات حالياً , فإن الأحونة والسلفنة لهيئة كبار العلماء ممكنة بدرجة كبيرة وليست مستبعدة وإن بعد حين قصير , وإن حدث ذلك , فسوف يكون بمثابة رصاصة الرحمة على ( الدولة المدنية ) , سيما وأن تاريخ الهيئة الذى إستدعاه الأمام الأكبر لايخلو من التشدد والتسلط الدينى, رغم أنه لم يكن للهيئة, مثل هذه السلطة بالدستور فى عصرها السابق قبل عام 1961.
إعداد: هاني نسيره- سعيد السني.
وربما تأتي هواجس الشعور بالخطر من صراع منتظر على هوية وإعادة هيكلة الأزهر نفسه من قبل التيارات الإسلامية وبخاصة من قبل الإخوان المسلمين الذين يفاصلونه مفاصلة سياسية وتاريخية، اتضحت في الانتقادات التاريخية التي وجهها الشيخ يوسف القرضاوي القريب من جماعة الإخوان لشيخ الأزهر في حواره المنشور بالشروق المصرية منتصف فبراير عام 2012، وفندها العلامة الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني للأزهر وكبير مستشاري الشيخ ورئيس مجمع اللغة العربية، في بيانه المنشور بجريدة بنفس الجريدة في 21 فبراير سنة 2012، وكذلك من قبل التيارات السلفية التي تخاصم الأزهر مخاصمة مرجعية وتاريخية قبل وبعد الثورة، وسبق أن جعل شيخ الأزهر عند توليه منصبه العام 2009 نقدها أحد أبرز أولوياته، رغم لقاءات التودد والحوار بين الطرفين بعد الثورة، كما اتخذت هذه الدعوة موقفا نقديا وتحفظات عميقة ضد وثيقة الأزهر، وقد اتضح هذا الموقف في الفيديو المسرب للشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية بعد إقرار الدستور والذي كشف فيه عن توجه وتحفز سلفي بالتعاون مع الإخوان لتعديل قانون الأزهر الصادر هذا العام وتغيير هيكلته وهيئة كبار علمائه، وقرر ذلك دون احتمال مما آثار الكثيرين من شيوخ الأزهر وعلمائه وكذلك الكثير من القوى المدنية.
والأخطر أن التفسير القائم بالمادة 219 يفتح الباب واسعا للمزيد للانقسامات الفكرية والمذهبية, وعلى الرغم من أن (هيئة كبار العلماء) بتشكيلها الحالى( 27) , تتكون فى غالبيتها من وزراء الأوقاف ورؤساء جامعة الأزهر والمفتين السابقين والحاليين, ومثل هؤلاء بوظائفهم ومعارفهم السابقة والحالية, ينتمون إلى الفكر الإسلامى الوسطى المعتدل, ويخَففون من درجة القلق, غير أنه ليس مؤكداً أن يستمر الحال هكذا, إذ يبين من نص المادة الرابعة بالدستور التى شرعنت دستورياً للهيئة, ومن الأحاديث المتواترة للمعنيين مثل الشيخ السلفى برهامى , أن قانون الأزهر فى طريقه للتعديل ,بقصد إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء لأخونتها وسلفنتها , ومع أن الأمر قد لايكون سهلاً بمثل سهولة إستصدار التشريعات حالياً , فإن الأحونة والسلفنة لهيئة كبار العلماء ممكنة بدرجة كبيرة وليست مستبعدة وإن بعد حين قصير , وإن حدث ذلك , فسوف يكون بمثابة رصاصة الرحمة على ( الدولة المدنية ) , سيما وأن تاريخ الهيئة الذى إستدعاه الأمام الأكبر لايخلو من التشدد والتسلط الدينى, رغم أنه لم يكن للهيئة, مثل هذه السلطة بالدستور فى عصرها السابق قبل عام 1961.
إعداد: هاني نسيره- سعيد السني.
الهوامش
1- موقع إتحاد الإذاعة والتلفزيون ( أخبار مصر) – 2 يناير 2013 على الرابط:
http://www.egynews.net/wps/portal/news?params=205795
2- د. زوات عرفان المغربى, هيئة كبار العلماء ( 1911- 1961) , ,رسالة دكتوراة منشورة ,سلسة تاريخ المصريين, الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 2012 , ص ص (71 -72 )
3 – د. زوات عرفان المغربى , المرجع السابق ص ص ( 73-74)
4 - د. زوات عرفان المغربى , المرجع السابق ص 74
5 - بيارد دودج , ترجمة الدكتور حسين فوزى النجار, الأزهر فى ألف عام , سلسلة الألف كتاب , الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 2010 , ص 153.
6 – بيارد دودج , المرجع السابق , ص153
7 – د .زوات عرفان المغربى , مرجع سابق , ص 333
8- د. زوات عرفان المغربى , مرجع سابق , ص ص ( 470 -471) .
9- موقع اليوم السابع , 1 فبراير 2012 على الرابط : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=592002%20&
10 - قرار رئيس الجمهورية رقم 24 لسنة 2012 , الجريدة الرسمية , العدد 29 تابع ( أ) , 19 يوليو 2012 , المطابع الأميرية .
11 – حلمى النمنم , الأزهر الشيخ والمشيخة , مكتبة الأسرة , القاهرة , 2012 , ص 260
12- لمزيد من التفاصيل حول قضية ميليشيات الأزهر يمكن الرجوع إلى موقع جريدة المصرى اليوم ,20 فبراير 2007 على الرابط : http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=48685
لسابق تصديه عام 2006, إبان رئاستة لجامعة الأزهر, ل(طلاب الجماعة) عند قيامهم بإستعراض عسكرى فى قلب الجامعة , وهى القضية المعروفة إعلامياً ب (ميليشيات الأزهر) , والتى أودت ب ( خيرت الشاطر) نائب المرشد العام للجماعة خلف قضبان السجن لسنوات.
13 - جريدة الشعب , 26 يناير 2012 على الرابط :
http://www.elshaab.org/thread.php?ID=14378
14- موقع جريدة الشروق , 25 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=25122012&id=47c66a2e-5033-47d0-b1c8-f4ac9f505571 .
15 - موقع الموجز , 12 ديسمبر 2012 , على الرابط: http://www.elmogaz.com/node/59068
16 – موقع جريدة الوطن المصرية , 5 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.elwatannews.com/news/details/90352
17 – هشام نصر , دستور الجمهورية الإسلامية المصرية وولاية الفقية , دراسة منشورة , معهد العربية للدراسات والتدريب , 8 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.alarabiya.net/articles/2012/12/08/253901.html
18– موقع العربية نت , 24 ديسمبر2012 , على الرابط : http://www.alarabiya.net/mob/ar/256864.html
19 – العربية نت , المرجع السابق
20- بوابة الوفد الإليكترونية , 28 ديسمبر 2012 على الرابط : http://www.alwafd.org/%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%86/339269-%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%89-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85
http://www.egynews.net/wps/portal/news?params=205795
2- د. زوات عرفان المغربى, هيئة كبار العلماء ( 1911- 1961) , ,رسالة دكتوراة منشورة ,سلسة تاريخ المصريين, الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 2012 , ص ص (71 -72 )
3 – د. زوات عرفان المغربى , المرجع السابق ص ص ( 73-74)
4 - د. زوات عرفان المغربى , المرجع السابق ص 74
5 - بيارد دودج , ترجمة الدكتور حسين فوزى النجار, الأزهر فى ألف عام , سلسلة الألف كتاب , الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 2010 , ص 153.
6 – بيارد دودج , المرجع السابق , ص153
7 – د .زوات عرفان المغربى , مرجع سابق , ص 333
8- د. زوات عرفان المغربى , مرجع سابق , ص ص ( 470 -471) .
9- موقع اليوم السابع , 1 فبراير 2012 على الرابط : http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=592002%20&
10 - قرار رئيس الجمهورية رقم 24 لسنة 2012 , الجريدة الرسمية , العدد 29 تابع ( أ) , 19 يوليو 2012 , المطابع الأميرية .
11 – حلمى النمنم , الأزهر الشيخ والمشيخة , مكتبة الأسرة , القاهرة , 2012 , ص 260
12- لمزيد من التفاصيل حول قضية ميليشيات الأزهر يمكن الرجوع إلى موقع جريدة المصرى اليوم ,20 فبراير 2007 على الرابط : http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=48685
لسابق تصديه عام 2006, إبان رئاستة لجامعة الأزهر, ل(طلاب الجماعة) عند قيامهم بإستعراض عسكرى فى قلب الجامعة , وهى القضية المعروفة إعلامياً ب (ميليشيات الأزهر) , والتى أودت ب ( خيرت الشاطر) نائب المرشد العام للجماعة خلف قضبان السجن لسنوات.
13 - جريدة الشعب , 26 يناير 2012 على الرابط :
http://www.elshaab.org/thread.php?ID=14378
14- موقع جريدة الشروق , 25 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=25122012&id=47c66a2e-5033-47d0-b1c8-f4ac9f505571 .
15 - موقع الموجز , 12 ديسمبر 2012 , على الرابط: http://www.elmogaz.com/node/59068
16 – موقع جريدة الوطن المصرية , 5 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.elwatannews.com/news/details/90352
17 – هشام نصر , دستور الجمهورية الإسلامية المصرية وولاية الفقية , دراسة منشورة , معهد العربية للدراسات والتدريب , 8 ديسمبر 2012 على الرابط :
http://www.alarabiya.net/articles/2012/12/08/253901.html
18– موقع العربية نت , 24 ديسمبر2012 , على الرابط : http://www.alarabiya.net/mob/ar/256864.html
19 – العربية نت , المرجع السابق
20- بوابة الوفد الإليكترونية , 28 ديسمبر 2012 على الرابط : http://www.alwafd.org/%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%86/339269-%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%89-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق