الأربعاء، نوفمبر 28، 2012

فكر: الإسلام و الثورة ل د. محمد عمارة عرض وتعليق أحمد عبد الحميد

فكر: الإسلام و الثورة ل د. محمد عمارة

المصدر: ماجد مرسي



يعرض الدكتور محمد عمارة في كتابة الإسلام و الثورة جوانب عدة من التوجهات الفكرية الإسلامية و موضوع الثورة. ما معنى الثورة؟ هل هي من الإسلام؟ هل الإسلام نفسه ثورة؟ ما هو موقف السنة النبوية منها؟ هل لنا تراث نظري و خبرة عملية في الخبرة و التطبيق؟ و لماذا اتفق موقف الإسلام من الثورة على حين اختلف عليها المفكرون المسلمون؟ في هذا التلخيص الوجيز نعرض سريعا الأفكار الأساسية التي بنى عليها المفكرون المسلمون توجهاتهم و بنت عليها جماعات عدة سلوكياتها, و سنتغاضى عن الجانب التاريخي التطبيقي في الكتاب طمعا في التركيز على الأفكار و المفاهيم المختلفة. وعليه نعرضها كالتالي: أولا معنى كلمة الثورة في اللغة و الدين, ثانيا الثلاث توجهات الفكرية الكبرى تجاه الثورة بمعناها الضيق الذي سنختار. و أخيرا نعرض تعليقا سريعا في الحاشية يفتح أبوابا عدة للنقاش.

مقدمة: الثورة ما بين الرفض و القبول


هناك من يتخذ من الثورة موقفا عدائيا كسبيل لتغيير الحياة وتبديل النظم و تطور المجتمعات. وهو موقف يكرس “الواقع” و يمنحه “الشرعية” و “البركة”, و إن كان لابد من التغيير فليكن “إصلاحا” لا يصل لحد “الثورة” ولا يبلغ الجذور و الأعماق في عملية التغيير.

من ناحية أخرى فريق آخر, يقبل الثورة فقط “عندما تحدث” باعتبارها “واقعة” قد حدثت و “نازلة” يسلم بها المؤمنون الذين امتحنوا ولهم أجر الصبر على معايشتها و العيش في كنفها! وفي أحسن الأحوال ينظرون إلها “كمحظور و محرم” تبيحه “الضرورة” و الضرورات تبيح المحذورات!

وكلاهما فريق واحد يرى أصحابه أن الصلات غير قائمة أصلا بين الإسلام-كفكر خالص و كفكر وضع في التطبيق بمجتمع عصر النبوة و صدر الإسلام – وبين “الثورة” كطريق إنساني لتغيير المجتمعات و الانتقال بها إلى درجات جديدة في سلم التطور. ومن هنا نبدأ في دراسة قضية (الإسلام… و الثورة)

معنى كلمة ثورة و أصولها في اللغة و الدين:


العرب و المسلمون الأوائل استخدموا الكلمة بعدة معان منها: الهياج, و الإنقلاب و التغييرو الوثوب و الانتشار و الغضب. ففي لسان العرب لابن منظور نطالع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “أثيروا القرآن, فإن فيه خبر الأولين و الآخرين” وحديث “من أراد العلم فليثور القرآن” و تثويره قراءته و التدبر في معانيه وتفسيره. و نقرأ في القرآن ” أَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا” (الروم 9) أي قلبوا وجهها… و أيضا بمعنى الانتصار للمظلوم في الآية: “وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ“  (الشورى 39) وهي أيضا الحركة من بعد السكون…”اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً“ (فاطر 9) أي تهيجه كي ينتشر, و نذكر بقرة بني إسرائيل التي كانت “بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ” (البقرة 71). كما استخدم العرب مصطلح “الملحمة” للدلالة على بعض معاني مصطلح الثورة فدل عندهم على التلاحم في الصراع والقتال حتى جعلوا من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم “نبي الملحمة” حيث مارس التغيير بالوسيلتين معا: القتال و الإصلاح العميق.

وغير ذلك أيضا لفظ الفتنة و استخدموا مصطلح “الخروج” وغلب على الأدب السياسي لكثير من فرق المسلمين ومدارسهم الفكرية, حتى اشتق منه اسم “الخوارج” لثورتهم المستمرة كما استخدموا ايضا مصطلح “النهضة” لأن “النهوض” كالثورة يعني الوثوب و الإنقضاض وفي الحديث الذي يرويه ابي أبي أوفى نقرأ “كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس” رواه أحمد بن حنبل. وعدة أحاديث أخرى تستخدم مستطلح النهضة و المناهضة بمعنى البروز و الوثوب و الصراع مع الأعداء لإحداث التغيير و الاقتحام للمستقبل و امتلاك الجديد و إحراز الفتح المبين! وقد ظل مصطلح النهضة بمعنى الثورة كذلك حتى أننا نطالعه في كتابات الأفغاني و سعد زغلول.

و يدعو الكاتب القارئ المتدبر للقرآن أن يراجع معه مصطلح آخر استخدمه القرآن للدلالة على “التغيير الثوري” ألا وهو “الانتصار“. و يقول أن إضافة للمعاني السابقة فإن الثورة تأتي أيضا بإنتقام للمظلومين من الظالم على تفاوت درجات الانتقام ومواطنه وكذلك “النصر” والانتصار. فالنصر يعني إعانة المظلوم, والانتصار يعني الانتصاف من الظلم و أهله و الإنتقام منهم. والقرآن يذكر الانتصار بهذا المعنى كفعل يأتيه “الأنصار” ضد البغي في سورة الشورى 37-43: ” والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور” .

و الخلاصة أن الثورة في تعريفها الأعم و مرادنا هي: “العلم الذي يوضع في الممارسة والتطبيق, من أجل تغيير المجتمع تغييرا جذريا وشاملا, والانتقال به من مرحلة تطورية معينة إلى أخرى أكثر تقدما, الأمر الذي يتيح للقوى الاجتماعية المتقدمة في هذا المجتمع أن تأخذ بيدها مقاليد الأمور, فتصنع الحياة الأكثر ملاءمة و تمكيناً لسعادة الإنسان ورفاهيته, محققة بذلك خطوة على درب التقدم الإنساني نحو مثله العليا التي ستظل دائما وأبدا زاخرة بالجديد الذي يغير التقدم و يستعصي على النفاد و التحقيق”

التوجهات الفكرية الإسلامية و الثورة


وعليه فظهور الإسلام في شبه الجزيرة ثورة…. إلخ. و بداية الاختلاف كانت في المسألة الفكرية السياسية الثورية وما يسمى ب”قضية السيف“. السؤال هو: هل تجوز الثورة ( بمعنى الخروج) على الحاكم؟ وهو الجانب الذي سنركز عليه هنا.

التوجه الفكري الأول: الخروج بالسيف


جميع التيارات الفكرية الإسلامية التي انحازت للثورة نظريا أو عمليا وقررت مشروعيتها قد استندت إلى أن القرآن قد “أوجب” على الأمة, متضامنة متكافلة, الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فإذا اقتضى النهوض بهذا التكليف استخدام “الفعل” بعد “القول” و “الاستعانة بالقوة” التي اصطلحوا تسميتها ب “قضية السيف” كان ذلك “مشروعا” لدى البعض و “واجبا” لدى البعض الآخر.

وهم في ذلك يستندون إلى قوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران 104: ” ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر” وقوله في نفس السورة 110 : “كنتم خير أمة أخرجت للناس, تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر“. وقالوا إذا كان الأمر بالمعروف يقف عند حدود الهدى والبيان, فإن النهي عن المنكر يتجاوز ذلك إلى الفعل. واستندوا في ذلك إلى عديد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم و منها: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه. فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان” رواه مسلم و الترمذي و النسائي وابن حنبل. والفعل هنا يسبق غيره من وسائل التغيير. ومن مثل قوله محذرا الأمة من النكوص عن هذا الطريق الصعب قوله: “لتأمرن بالمعروف, و لتنهون عن المنكر, ولتأخذن على يد الظالم, ولتأطرنه على الحق أطرا (أي تدخلونه في الحق وتجبرونه عليه) , أو ليضربن الله على قلوب بعضكم ببعض, ثم تدعون فلا يستجاب لكم” رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وابن حنبل. . وقوله: ” إذا رأيتم الظالم فلم تأخذوا على يديه يوشك الله أن يعمكم بعذاب من عنده” رواه الترمذي في سننه. ومن مثل الترغيب في هذا الطريق المحفوف بالمكاره و الملئ بالأشواك قوله: “أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر” رواه أبو داوود والترمذي و النسائي و ابن ماجه وابن حنبل. وقولة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب : “ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه فقتله” !

التوجه الفكري الثاني: الهجرة


في التراث الإسلامي الكثير من الآيات التي تدعو الإنسان لرفض الظلم و “العمل على تغييره”. فالثورة تعني “الهجرة” من حالة الاستسلام و السكون إلى حالة التمرد و الحركة. فيه هجران للركود والموت ووثبة يتجاوز بها الإنسان و المجتمع هذا الوضع الجائر ليستبدله بآخر أكثر إشراقا ووضاءة. فليست الهجرة فرارا وهروبا فهي حينها فعل إيجابي بل و وسيلة تأديب! و الذين لا يهجرون المجتمع الظالم هم ظالمون لأنفسهم. وهو أشد أنواع الظلم لأنهم حينها يظلمون أنفسهم و الأمة ومصالحها بل والقيم التي دعا إليها الله وبشر بها الرسول. وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى في سورة النساء 97:
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا” ذلك أنهم كانو “مستضعفين في الأرض” لا يعفيهم من مسؤولية التكليف بواجب التغيير للظلم. لأن منطقهم الاستسلامي هذا يعاكس إرادة الله في الأرض في آية جمعت من المعاني و الطاقات الثورية ما لم تجمعه شعارات كثيرة قال تعالى في سورة القصص 5-6: ” وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ“. فإن إرادة الله أن تكون القيادة والإمامة للمستضعفين في الأرض وأن تكون لهم وراثة ما في حوزة أوطانهم من ثروات وعلوم و إمكانيات.

التوجه الفكري الثالث: طاعة ولي الأمر المطلقة


بعد عرض سريع للتاريخ الإسلامي, رأينا فيه الخوارج, و تيارا من المرجئة, والمعتزلة ثم الزيدية و العلويين وبعضا من فرق الشيعة الإمامية مثل الإسماعيلية و كذلك الكيسانية… اجتماعها كلها فكرا و عملا على ضرورة اللجوء للثورة و العنف الثوري –السيف- كسبيل لإزالة الجور و الظلم و الفساد. ولم يشذ عن هذا إلا أحد تيارات المرجئة الذين ناصروا الأمويين, و إلا شيعة جعفر الصادق الذين علقوا السماح باستخدام السيف على ظهور إمامهم المنتظر الذي سيخرج ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا!.

وكذا مرت السنون وظلت الشيعة الاثنا عشرية على موقفها المناهض للثورة بينما حمل التيار الفكري الذي عرف “بأهل الحديث” وكذلك نفر من التيار الأشعري فكر المرجئة الذين ناهضوا الثورة ونهوا عن استخدامها في النهي عن المنكر و التغيير.

ولم ينكر هذا الفريق “وجوب” النهي عن المنكر لأنه ثابت في الكتاب و السنة ولكنهم حصروا وسائل النهي في النهي باللسان لا باليد فضلا عن السيف و خاصة إذا ترتب على ذلك تضحيات.

و آراء الأئمة في ذلك كالتالي:

و أصحاب الحديث و أبرز أئمتهم أحمد بن حنبل (780-855 م) قد انفردوا وحدهم ودون فرق و مدارس الفكر الإسلامي بتحريم السيف و إنكار الخروج المسلح على أئمة الجور و ظلمة الحكام و قالو: “إن السيف باطل, ولو قتلت الرجال و سبيت الذرية, وأن الإمام قد يكون عادلا ويكون غير عادل, وليس لنا إزالته و إن كان فاسقا, وأنكروا الخروج على السلطان ولم يروه” {تعليق واجب عن رأي ابن حنبل}

وهم قد استندوا في موقفهم هذا إلى اعتزال نفر من الصحابة للفتن و الصراعات التي شبت في صدر الإسلام, عندما عمى عليهم وجه الصواب و الخطأ, أو أدركوا الصواب و الخطأ ثم تحرجوا أن يجردوا السيف ضد من سبقت له صحبة الرسول صلى الله عليه و سلم. ومنهم سعد بن أبي وقاص و أسامة بن زيد و عبد الله بن عمر.. إلخ.

ولقد تبع ابن تيمية (1263- 1328 م) موقف استاذه ابن حنبل المعادي للثورة وأورد, تأييدا لهذا الموقف وقال: “إن المشهور من أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف, وإن كان فيهم ظلم. لأن الفساد في القتال و الفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة, فيدفع أعظم الفاسدين بالتزام الأدنى” {تعليق واجب عن رأي ابن تيمية}

ويرى الإمام أبو حامد الغزالي يرى خلع الحاكم المستبد الذي لم يستكمل شروط الإمامة إذا أمكن ذلك دون قتال. ويتعجب الدكتور محمد عمارة كيف يتصور إمكان ذلك مع استبداد الحاكم بالقوة و السيف! فالرأي عنده هو: وجوب طاعته والحكم بامامته فيقول: “و الذي نراه ونقطع: أنه يجب خلعه إن قدر, على أن يستبدل عنه من هو موصوف بجميع الشروط, من غير اثارة فتنة ولا تهيج قتال. وإن لم يكن ذلك إلا بتحريك قتال وجبت طاعته وحكم بإمامته” ! “.. فإن السلطان الظالم الجاهل متى ساعدته الشوكة و عسر خلعه, و كان في الاستبدال به فتنة ثائرة لا تطاق وجب تركه, ووجبت الطاعة له!..” وهو بذلك يرى في طاعة الإمام الجاهل الظالم مكاسب تتحقق للأمة تفوق الآمال المعلقة على خلعه بالثورة, و يتسائل: “كيف نفوت رأس المال في طلب الربح ؟!” {المصدر الاقتصاد في الاعتقاد ص137 و احياء علوم الدين ص 893}

ويرى ابن جماعة(1241 – 1333م) الذي عاش نفس ظروف وملابسات ابن تمية عندما صور الأمر و كأنه غابة تجب فيها الطاعة للأقوى من المستبدين حتى لو كان جاهلا فاسقا, فإذا أطاح به جاهل فاسق آخر كان هو الإمام المطاع! يقول إنه: ” إن خلا الوقت عن إمام, فتصدى لها من هو ليس من أهلها, و قهر الناس بشوكته وجنوده بغير بيعة أو استخلاف, انعقدت بيعته ولزمت طاعته.. ولا يقدح ذلك كونه كان جاهلا أو فاسقا. وإذا انعقدت الامامة بالشوكة و الغلبة لواحد ثم قام آخر فقهر الأول بشوكته وجنوده, انعزل الأول و صار الثاني إماما” { تعليق واجب عن رأي ابن جماعة}

وخلاصة ما سلف قد تكون لهذه المبررات العملية التي ساقها هذا النفر من أئمة أهل الحديث و الأشعرية حظوظ من الوجاهة في بعض المواقف و الملابسات … و بخاصة أمام المخاطر الخارجية التي هددت الدولة والحضارة. كأن ظل نمط الحكم المملوكي الذي كانت تغلب فيه القوة الجسدية و المخاطر الخارجية مما أدى إلى هذا الموقف المناهض للثورة. و أعطى الشرعية لنظام استبدادي حتى صار قاعجة وصار الخضوع للحاكم و الطاعة له هما الشريعة و القانون حتى قال نفر من الفقهاء “مَن يحكم يُطع”!

مواطن تعليق الكاتب الدكتور محمد عمارة


ولكن البعض يعول على أن تلك الآيات قد وردت في معرض القصص عن قوم سابقين ولا يستدل بها في مسئلتنا عن الثورة, فيرد الدكتور الكاتب بقوله أن علماء الأصول قد قالو: إن القرآن لم يذكر قصص الأولين مستهدفا التاريخ, بل أورد من هذا التاريخ وذلك القصص مواطن للعبرة, فهو يعالج قضايا المجتمع الإسلامي سواء أكان ذلك بالحديث المباشر أو بالعبرة والعظات يسوقها لنا من خلال قصص الأولين و تاريخ الأقدمين.

وجدت الكثير الكثير من التيارات الثورية المسلمة ما يؤيد موقفها من قضية السيف أو استخدام العنف الثوري –بتعبيرنا الحديث- في عملية التغيير وهي قضية خلافية كما أسلفنا. ووجدوا في السنة كما في الممارسة التي تمثلت في ظهور الإسلام وصراعات المؤمنين ضد خصومه –أحاديث عدة أكثرها دلالة الذي رواه الصحابي حذيفة بن اليمان:
قلت: يا رسول الله, أيكون بعد الخير الذي أعطينا شر, كما كان قبله؟!

قال: نعم!

قلت: فبمن نعتصم؟!

قال: بالسيف.

رواه أحمد بن حنبل في مسنده و أبو داود في سننه.

وغير هذه من الآيات و الدلائل في تقرير مشروعية الثورة بل ووجوبها في الإسلام.

خلاصة بحث الكاتب


و يخلص الكاتب إلى قوله: وعلى هذا تطالعنا المصادر و النصوص الإسلامية الأولى و الجوهرية: الكتاب و السنة بما يزكي حجج التيارات الثورية الإسلامية على مشروعية الثورة (يقصد في مفهومها الواسع) بل ووجوبها في الإسلام.

تعليقات واجبة و مناقشة سريعة


أولا ملاحظات:

يلاحظ أن معظم أحاديث السيف قد وردت في مسند أحمد بن حنبل, ثم نجد الإمام أحمد يحرم الخروج على الحاكم و من بعده تلميذه ابن تيمية كيف ذلك؟ بل قد نرى أن الليبرالين يحملون الكثير مثلا على ابن تيمية بسبب رسالته الجهادية التي يقال عنها أنها أحد أهم روافد الحركات الجهادية في العالم أجمع؟ كيف هذا التناقض؟؟
بمراجعة سريعة للتاريخ وحياة الإمامين نعرف أن وقتهما كانا في خضم الخطر التتري و المغولي و ربما مصحوبا أيضا بالخطر الصليبي على الأمة. لذا كان منطقيا جدا أن يحقنوا الدماء الداخلية خوفا من فتنة أكبر وهي ضياع الأرض و الدين معا. و مثلهم في ذلك رأي ابن جماعة الذي عايش المماليك حيث كثر الجهال الفساق من الحكام بحكم صراع المماليك المتوالي على السلطة في عصره لذا كان رأيه يبدو وكأنه يصف قوانين الغاب حيث البقاء للأقوى من المستبدين. و هم بذلك يطوعون الفكر للأوضاع السياسية التي عاشوا فيها في المقام الأول.

إذا ماذا عن رسالة ابن تمية الجهادية واتهامه بالجمود؟ نعرف أن ابن تيمية خرج لملاقاة جيش من ثلاثين ألفا من المغول بقيادة غازان الذي أعطاه الأمان للبلاد حينها –و إن نكص غازان عهده لاحقا- و نعرف أنه من الأئمة القلائل الذين يذكرهم التاريخ بأنهم رجالا محاربين يخرجون ضد الظلم و الجور و العدوان ب”الفعل” لا بمجرد القول. ونعرف أنه من سجن من أجل محاربته بدعا كثيرة على رأسها زيارة القبور و التبرك بها بل إنه كان من أوائل من دعوا “للتجديد” في الدين و البحث عن أصوله للوصول إلى السنة الصحيحة. ربما “جمد” فكر طلابه من بعده ولكن الرجل في الأصل كان من أول من دعوا للتجديد و المراجعة. و رسالته الجهادية و خطبه من أروع ما قيل في الجهاد من إمام و قائد وقد كان لازما حينها للدفاع عن الأوطان و الأعراض. يناطح الليبراليون الحاليين فكره بفكر “ابن رشد” ربما نفرد لذلك نقاشا خاصا من بعد.
و آخر الملاحظات وأهمها, عن رأي أبو حامد الغزالي فهو تقريبا الوحيد الذي كان له رأي يدعم فكرة الخروج بدون سلاح. وإن لم يرى الدكتور عمارة هذا ممكنا. ولنا في ذلك التفكر كثيرا. فكل الآراء الموضحة أعلاه هي آراء لأئمة عاشوا فترات صراع و حروب و إنقسامات و إنقلابات دموية على الحكم في ظروف تاريخية تختلف كلية عن معطيات حاضرنا الذي نعيش فيه. لذا كان لزاما علينا أن نتفكر كثيرا في تجديد الخطاب و الفكر الديني بما يناسب عصرنا نحن لا عصرهم و هي دعوة الكثير للتحرر من “الجمود”. قد رأينا من الثورات ما تم بغير سلاح في الهند و مثلها في مصر ولم نجد في تراثنا الفكري –بحسب الدكتور- ما يدعم هذا غير رأي أبو حامد الغزالي –الذي تعجب منه الدكتور عمارة- و أحاديث القول ك “أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر”. و لنا أن نذكر عمر بن الخطاب وحديث إسلامه حيث قال للرسول محمد صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله : ألسنا على الحق ؟ قال الرسول نعم , قال عمر أليسوا على الباطل ؟
قال رسول الله : نعم , فقال عمر بن الخطاب : ففيما الإختفاء ؟ قال رسول الله : فما ترى يا عمر ؟ قال عمر : نخرج فنطوف بالكعبة , فقال له رسول الله : نعم يا عمر , فخرج المسلمون لأول مرة يكبروا و يهللوا فى صفين, صف على رأسة عمر بن الخطاب و صف على رأسة حمزة بن عبد المطلب و بينهما رسول الله يقولون: الله أكبر و لله الحمد حتى طافوا بالكعبة فخافت قريش ودخلت بيوتها خوفاً من إسلام عمر و من الرسول و صحابته رضى الله عنهم. وفي هذا الحديث ذكر لأول مظاهرة “سلمية” نعرفها في الإسلام. وهي الحادثة التي يرتكن إليها الكثير في السماح بالتظاهر بشروط. إذا يبقى التأكيد على أهمية وجوب “الثورة” بمفهومها الواسع متى تحققت لوازم حدوثها.


ثانيا إسقاطات:

الآن بعد مرور سريع على الآراء الفكرية الثلاثة الكبرى بإمكاننا إسقاط تلك الأفكار على الجماعات الموجودة في العالم على اختلافها وبذلك نستطيع أن نعرف على ماذا يبنى هؤلاء أفعالهم في الأصل؟ لماذا حرم بعض الشيوخ الخروج على الحاكم؟ ولماذا أباحه البعض؟ بينما جعله الآخر “واجبا”؟ بينما قرر الآخر الهجرة؟ ونخلص من المناقشة بعدة ملاحظات نهائية:

  • الجمود قد لا يكون من المصدر و إنما من التلامذة في عصور لاحقة. الجمود أيضا قد يصاحبه انغلاق على مصادر بعينها أو فكر بعينه.
  • قد يتفق الجمع على الأصول و لكن يختلفون في التعريفات. مثلا: من هو الإمام العادل؟ المسلم؟ أي الفتن أكبر؟ ما الأولويات؟ وعندها تنشئ جماعات أخرى بفكر جديد فتجد مثلا جماعة سلفية جهادية و أخرى على النقيض تحرم الخروج على الحاكم و أخرى تعتزل العمل السياسي كلية.
  • قبل قراءة فتوى أو رأي لشيخ يجب معرفة الظروف التاريخية المحيطة برأيه.
  • لأن الأصول واحدة (الكتاب و السنة) ولكن المنظور الفكري مختلف فحن بحاجة لعلم “أصول الفقه”
  • لأن الأولويات مختلفة فنحن بحاجة لعلم “مقاصد الشريعة”

و أخيرا أسقطنا ما ناقشنا في جمع بسيط على التجربة الثورة الإيرانية و الجزائرية و المصرية و الحال الداخلي في باكستان. وكان من أهم ما جاء فيها: قد ينشأ عدة أحزاب على مرجعية دينية –مثل باكستان- ولا يكون لها أي أثر أو فعل يذكر بحكم جهل الناس وشراء ذممهم (بما في ذلك القائمين على الأحزاب الدينية نفسها). أو توجد حكومة دينية يرفضها الناس و تؤدي إلى تهميش الدين في شكله الجوهري لا الظاهري. و الأصل العمل على إثراء روح الاختلاف بعد الفهم لأن الإنسان بطبعه عدو ما يجهل. و الأولى بنا أن نعرف “المفهوم” فنفهم و نحلل “سلوك” الآخرين عندها ربما نعرف كيف نتعايش معهم و مع أفكارهم.

أعتذر عن طول المقال… و لكني آثرت أن أشارككم قدر ما استطعت لأنه ينير عدة مناطق مظلمة في آراء و تصرفات الكثير من الشيوخ و الحركات و الجماعات الدينية في الفترة الأخيرة.

تحياتي…

أحمد عبد الحميد
باحث مصري بأوروبا البلد
بلجيكا – لوفان
فبراير 2011

مصدر الصورة: ماجد مرسي: هنا

الجمعة، نوفمبر 23، 2012

The Concept of Brotherhood in Islam :: Gatestone Institute

 هذا المقال موضوع الاحالة في المقال السابق وهما معا مهمان لرؤية مفكر غربي للوحدة الاسلامية في ضوء الوقائع

How Muslims View Each Other and How They View Non-Muslims

by Harold Rhode
November 9, 2011 at 5:00 am

Hamas's Victory: How Muslims See It :: Gatestone Institute

The loser has no say in the terms; only the victor has. The current agreement emboldens Israel's and America's enemies.
Do Americans understand the Muslim view of war? Throughout the Muslim world, there were celebrations with people singing and dancing and giving each other sweets, celebrating Hamas's victory over the Israelis. Hamas suffered serious losses. As Ehud Barak, Israel's Defense Minister, stated at the news conference in which he announced the ceasefire, many Hamas leaders were eliminated and their military capabilities were sharply degraded.
But Hamas was not defeated. It will clearly be able to rain down rockets on the Israeli civilian population again when it chooses.
What we call terror is a legitimate tactic of Muslim warfare -- terror is how the Muslim prophet Muhammad subdued his enemies. He struck fear into their hearts, coercing them to surrender. Hamas is doing nothing more than following Muhammad's guidance.
Ironically, at the same time as Barak was proudly announcing the ceasefire -- and his colleagues Prime Minister Netanyahu and Foreign Minister Lieberman were chiming in -- Israeli radio could be heard interrupting their speeches with Code Red alerts to the people of the south to run to their shelters: Hamas and its cohorts had continued firing rockets at Israel.
Why did Hamas fire these rockets during the ceasefire announcement? The last day of the Israel-Hamas fight was the most violent: Hamas apparently wanted to prove it had the upper hand going towards a cease fire, and that it could impose a cease fire on Israel on Hamas's terms. That would erase the perception that Israel was trying to create of a Hamas crawling for dear life to the finish line, saved by the bell. To drive this point home, Hamas therefore fired rockets after the ceasefire to get the last shots, to thereby prove that Israel gave in to Hamas. For Hamas, this was all about managing perceptions as to which side needed the ceasefire more than the other. Moreover, this does not even touch on the additional point that Hamas is making that Israel did not launch a ground offensive because it was too afraid, concerned about the cost of doing so.
* * *
How would ibn Hazm, the great Muslim theorist on war, understand the ceasefire between Israel and Hamas? He probably would have believed -- as, most likely, do his modern day co-religionists -- that the Israelis were afraid to destroy Hamas's leadership.
Ibn Hazm wrote: "When at war, show your enemy no mercy, but when you have him at your mercy, you must give him breathing room but you dictate the terms." The loser has no say in the terms; only the victor has.
The terms of this agreement allow Hamas to live another day, re-arm and fight again. To the Muslims, this is a sign that Israel does not have either the ability or the will to make them surrender. Israel and its allies have thus proven to the Arabs, Turks, Iranians, and other Muslims, that Israel is weak and, for whatever reason, is incapable or unwilling to do what is necessary to subdue its enemies.
The current agreement emboldens Israel's and America's enemies. It gives them the emotional fortitude to fight on. Unless Israel destroys Hamas's leadership once and for all, it can expect many more years of terrorists showering death and destruction on its population. These Islamic terrorists are consequently inspired to think that America and other Western allies are easier targets for more Islamic fundamentalist terror.
Where does America fit into this picture? Muslims have a deep belief that all non-Muslims are united against the Muslims; people are either Muslims or non-Muslims. According to a classic Arabo-Islamic principle: "Unbelief is one nation". That means that all Muslims belong to one "nation" and all non-Muslims belong to another, united against the Muslims. Many Muslims therefore have difficulty making a distinction between Americans and Israelis, both members of the same non-Muslim people.
Many Muslims also believe that America pressured Israel to accept this ceasefire. In Muslim eyes, this means that non-Muslim America did not stand by its natural non-Muslim ally, Israel. America as an ally is therefore unreliable. If America would not even support its fellow non-Muslim ally, how can Muslims, such as, say, the Sunni Saudis, rely on the US to protect them from their existential enemy, Shi'ite Iran? The Saudis can only conclude that they have no alternative other than to seek different, less feckless, allies such as China or Russia to protect them from the Iranian regime. America, they likely recall, refused to support its ally, the Shah, against Khomeini, and thus America lost Iran as a great ally. It also quickly abandoned its ally Egyptian President Mubarak. Will America lose the Saudis as well?
It hard to imagine that at least some of Israel's leaders do not understand this Muslim mindset. That notion makes it even more difficult to understand why Israel stopped short of victory, unless Israel might possibly have decided to weaken Iran's ally, Hamas, to such an extent that it could then address the Iranian problem without worrying about an attack from Gaza.
Until the early 1970s, the Israelis seem to have understood their enemy's view of war; do they now? Being farther away, the Americans have had less of a need to do so. Will America ever understand the Muslim world they way it sees itself and make policy decisions more appropriate to, and in line with, that view? If America and Israel choose not to, they embolden their enemies, but do so at their peril.

الأربعاء، نوفمبر 21، 2012

جريدة الرياض : من فقه الخلاف إلى فقه الوفاق

جريدة الرياض : من فقه الخلاف إلى فقه الوفاق

من فقه الخلاف إلى فقه الوفاق

محمد محفوظ
    ثمة تحديات كبرى تواجه الواقع الإسلامي اليوم، وهذه التحديات ليست خاصة بطرف إسلامي دون آخر، وإنما هي تواجه المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم ومدارسهم الفقهية، وجميع علماء ودعاة هذه المذاهب والمدارس، يعبرون عن هذه التحديات، ويدعون أبناء الأمة جمعاء لمواجهة هذه التحديات وفق آليات عمل ومنهجيات تفكير متقاربة ومتطابقة في بعض عناصرها بين مختلف علماء ودعاة المدارس الفقهية الإسلامية..
فتحديات الأمة اليوم، شاخصة للجميع والجميع يدركها ويعبر عن خطورتها وصعوبتها في آن..

تحديات الأمة اليوم، شاخصة للجميع والجميع يدركها ويعبر عن خطورتها وصعوبتها في آن.. وما أود أن أثيره في هذا المقال، هو أن هذه التحديات لا يمكن للواقع الإسلامي المعاصر، أن يمتلك القدرة لمواجهتها- أي التحديات - بدون السعي العلمي والموضوعي المتواصل، للانتقال على مستوى النهج والاهتمام والأولويات من فقه الخلاف إلى فقه الوفاق.. وما أود أن أثيره في هذا المقال، هو أن هذه التحديات لا يمكن للواقع الإسلامي المعاصر، أن يمتلك القدرة لمواجهتها أي التحديات بدون السعي العلمي والموضوعي المتواصل، للانتقال على مستوى النهج والاهتمام والأولويات من فقه الخلاف إلى فقه الوفاق.. بمعنى أن جميع الفرق والمذاهب الإسلامية، تعرف ما يميزها عن بعضها البعض، وفي تراث الجميع العقدي والفقهي والمعرفي، الكثير من النصوص والإصدارات العلمية، التي تركز على عناصر التباين والخلاف، وتؤسس إليه علمياً ومنهجياً.. لذلك أعتقد أن فقه الخلاف أصبح عميقاً ومركوزاً في نفوس الناس وعقولهم، وهم يعيدون إنتاجه سواء على صعيد الموضوعات أو الأدلة المستخدمة في كل حقب وأزمنة الحياة الإسلامية.. ولكن الشيء المفقود والذي يجهله الجميع، ولم تبذل فيه جهود حقيقية على المستويين العلمي والمنهجي هو فقه الوفاق بين المسلمين..
فالإنسان المسلم المعاصر سواء من هذه المدرسة الفقهية والمذهبية أو تلك مليء بكل عناصر التمايز والخلاف بين المسلمين، وبإمكان الكثير من الناس أن يتحدثوا حول فقه الخلاف بين المسلمين ساعات وساعات.. ولكن لو طلبت منه أن يتحدث في فقه الوفاق، أو يدعو إليه، فإنه سيعاني من صعوبات حقيقية على هذا الصعيد.. ويبدو لنا كمسلمين إذا لم نتمكن جميعاً من ردم هذه المفارقة بين القدرة المتعاظمة لفقه الخلاف والفقر العميق في فقه الوفاق، فإن التحديات التي تواجه الأمة، سيكون تأثيرها على واقع الأمة ومستقبلها خطيراً وعميقا في آن..
لأنه لا يمكن لأي مكون من مكونات المذاهب الإسلامية والمدارس الفقهية، أن تتوحد مع بعضها أو تتعاون مع بعضها وتكف عن تأسيس مشاكل جديدة بين المسلمين بدون تأسيس فقه الوفاق وتطوير الجهود العلمية والمنهجية والاجتماعية التي تبذل في هذا السياق.. ففقه الوفاق بين المسلمين اليوم، أضحى من ضرورات الوجود الإسلامي المعاصر، وكل الأطراف الإسلامية بدون استثناء مقصرة في هذا السبيل..
وفي سياق العمل على تأسيس فقه الوفاق بين المسلمين المعاصرين، أود التأكيد على النقاط التالية :
1-ضرورة أن يكف علماء الأمة ودعاتها ومن ورائهم المعاهد الشرعية والحوزات الدينية والجامعات الإسلامية من إنتاج فقه الخلاف والنزاع والتباين بين المسلمين..
فموضوعات الخلاف تاريخية، وقد أشبعت بحثاً وتنقيباً لدى جميع الأطراف، حتى أضحت جميع الأدلة المستخدمة في كل موضوعات الخلاف والتباين معروفة ويكرر مضمونها الجميع.. فالتوقف عن توليد وإظهار موضوعات الخلاف والتعامل معها وكأنها خلافات معاصرة، هو أحد المقدمات الضرورية التي تساهم في تهيئة المناخات النفسية والاجتماعية والعلمية لتأسيس فقه الوفاق بين المسلمين.. ومن الضروري في هذا السياق بيان أن التراث الإسلامي بكل مدارسه ومذاهبه، مُلئ بصور احتقار المختلف الآخر وتوهينه، وإن إحياء هذا التراث لا يقود إلا إلى المزيد من الاحتقان المذهبي بين المسلمين، وإعادة إحياء خلافات التاريخ وتبايناته..
وفي مقابل هذا التراث المليء بصور التوهين للمختلف، هناك صور قليلة تعكس حالة الوفاق والتعاون والتعاضد والتضامن بين المسلمين.. والأكيد إننا كمسلمين معاصرين، لا نتحمل عبء التاريخ وصعوباته ومعاركه، فنحن لا نستطيع أن نعيد عقارب الساعة إلى الوراء، لهذا فإن المطلوب هو صناعة وعي إسلامي معاصر لدى جميع الأطراف الإسلامية تجاه أحداث التاريخ ومعاركه..
ويتقوم هذا الوعي الإسلامي بقيم الوعي الحضاري تجاه أحداث التاريخ، وضرورة الاستفادة من دروسه وعبره، وصيانة حقوق المختلف المادية والمعنوية، والاحترام المتبادل والعميق لثوابت ومقدسات كل الأطراف.. فالاختلاف والتباين في وجهات النظر تجاه أحداث التاريخ ورجاله، لا يشرع لأي طرف من الأطراف التعدي على مقدسات الآخرين.. فالاختلاف شيء والتعدي على مقدسات الآخرين شيء آخر.. لهذا فإن وعينا الإسلامي ينبغي أن يقودنا جميعاً إلى رفض كل أشكال الإساءة إلى ثوابت ومقدسات الآخرين..
2-لا يمكن أن نؤسس لفقه الوفاق والمشترك بين المسلمين، بدون تطوير الفقه المقارن بين المسلمين..
بحيث يتشكل طالب العلوم الدينية علمياً ومعرفياً وفي كل المؤسسات العلمية والحوزات الدينية على العلم بمباني وأدلة كل المدارس الفقهية في كل الموضوعات والأبحاث العلمية.. بحيث يتعامل الجميع مع تراث الجميع ومنجزاتهم العلمية ومبانيهم الفقهية، بوصفها جزءاً أصيلاً من التراث العلمي لجميع المسلمين..
ولا يمكن التعامل مع هذا التراث العلمي على هذا الأساس، إلا بالانفتاح عليه والتواصل معه ودراسته منهجياً..
3-إن بناء فقه الوفاق والمشترك بين المسلمين، يتطلب أن تتراكم كل الجهود العلمية والاجتماعية والثقافية.. لأنه لا يمكن أن يتحقق دفعة واحدة، وإنما هو بحاجة إلى مدى زمني تتراكم فيه كل الجهود والطاقات..
فلسان حال المسلمين اليوم:تعالوا جميعاً من مختلف مواقعنا، أن نقرر مع أنفسنا وضمائرنا أن لا نساهم بأية خطوة تعمق الشقاق والنزاع بين المسلمين، ونعمل من عناصر القوة التي نمتلكها بكل طاقتنا وجهودنا لإرساء حقائق الوفاق والمشترك بين المسلمين في فضائنا الاجتماعي والثقافي والعلمي والإعلامي..

الثلاثاء، نوفمبر 20، 2012

اليمن.. من الصراع الحزبي إلى الصراع المذهبي



اليمن.. من الصراع الحزبي إلى الصراع المذهبي

براقش . نت

اليمن.. من الصراع الحزبي إلى الصراع المذهبي

نـجـلاء نـاجـي الـبـعـدانــي

بات من الواضح أن الصراع في اليمن في طريقه إلى التحول من صراع حزبي سياسي إلى صراع ديني مذهبي، طرفاه الرئيسيان حزب الإصلاح- الإخوان المسلمين جناح السنة وجماعة الحوثيين جناح الشيعة، وهو مايعني أن اليمن على حافة حرب قادمة، ولامناص منها، كون طرف الصراع هذه المرة غير مستعدين للالتقاء والتحاور لتسوية الخلاف بطرق سلمية بعيدة عن فوهات البنادق المشرعة.

المتتبع للأحداث سيلاحظ أن الطرفين يستعدان لخوض معركة حامية الوطيس في ظل التعبئة المحمومة والحشود والتجهيزات التي لم تعد خافية على أحد، خصوصاً من طرف حزب الإصلاح الذي يقاتل على أكثر من جبهة ويعمد إلى تصعيد الأوضاع ورفع حدة التوتر مع غريمه الحوثي، على أمل أن يستطيع الحد من خطر المد الشيعي الذي بدأ يتوسع بشكل ملفت للنظر ويصل إلى كثير من المحافظات التي كانت سنية خالصة وهو مالم يكن في حسابات الإصلاح الذي وجد نفسه في مواجهة مذهب يتوسع كل يوم ويزداد أنصاره باستمرار، مستفيداً من الأزمة السياسية التي مكنته من نشر أفكاره واستقطاب أنصار ومؤيدين في كثير من المحافظات اليمنية على حساب الإصلاح أولاً كحزب وليس كمذهب.

ولهذا فإن الصراع الحوثي - الإصلاحي، أو بمعنى آخر الصراع الشيعي - السني القادم ستكون له انعكاسات خطيرة على السلم الاجتماعي والتعايش القائم بين أتباع المذهب الشيعي الزيدي والمذهب السني - الشافعي، كما أن هذا الصراع لن ينحصر هذه المرة في صعدة وأجزاء ومناطق من عمران وحجة كما يظن بعض المؤججين لهذا الصراع ودعاة الحرب، وإنما سيمتد إلى محافظات أخرى وبالذات العزيزة تعز التي ستغرق في أتون حرب مذهبية بعد أن وصل المد الحوثي إلى الكثير من مديرياتها ليزيد الطين بلة كما يقال ويتسع جرح هذه المحافظة الدامية والتي لازالت تنزف أشلاء ودماء ولم يستقر الوضع الأمني فيها حتى اللحظة.

ومايؤكد مخاوفنا من مواجهات قادمة هو تلك الحملات الإعلامية المتبادلة والمنشورات والكتيبات التي يتم توزيعها في المدارس والمساجد والتي تحمل في طياتها نذر مواجهات قادمة لامحالة، ولعل مالفت نظري هو ماجاء في أحد المنشورات من دعوة صريحة موجهة إلى كل شاب مسلم غيور على دينه أن ينتفض - كما جاء في الدعوة - ويستعد للموت، دفاعاً عن دينه وعقيدته ضد خطر الاثني عشرية الشيعية التي وصفها المنشور بأنها أخطر من الشيوعية وأن من واجب المسلمين التصدي لهذا الخطر الداهم القادم من إيران والذي يهدد الدين الإسلامي وأتباعه في اليمن.

وفي مقابل هذه الدعوات نجد الطرف الآخر يحرض أتباعه وأنصاره ويدعوهم للدفاع عن أنفسهم ومذهبهم، ويصف مايقوم به الإصلاح والجماعات السلفية بأنه مؤامرة على الإسلام والمسلمين بدعم أمريكي - اسرائيلي.

والغريب أن كل هذا الإعداد والتحضير للمواجهة يتم تحت مرأى ومسمع الجهات المسؤولة عن أمن الوطن اليمني وأبنائه وتأمين مستقبل حياتهم، بعيداً عن الصراعات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية.. إلــخ، لتبقى جميع الاحتمالات قائمة باستثناء احتمال تسوية الصراع الإصلاحي - الحوثي بطرق سلمية ودون إراقة دماء.

Saba Net :: سبأ نت :اختتام ورشة حول قانون العدالة الانتقالية والتعايش بين المذاهب في محافظة لحج في اليمن

Saba Net :: سبأ نت

اختتام ورشة حول قانون العدالة الانتقالية والتعايش بين المذاهب بلحج

[19/نوفمبر/2012]
لحج – سبأنت:
اختتمت اليوم بمحافظة لحج ورشة عمل لمناقشة قانون العدالة الانتقالية والتعايش بين المذاهب والتوظيف وآلياته في القانون اليمني بمشاركة 50 مشاركا ومشاركة من شباب محافظة لحج.

هدفت الورشة التي نظمتها منظمة الفرص المتساوية الدولية بالمحافظة على مدى ثلاثة أيام، إلى تعريف المشاركين الشباب بالقوانين في مجال الحقوق وتطوير وعيهم القانوني.

وفي الاختتام أشار منسق الورشة بالمحافظة ماجد الحوشبي إلى أهمية الورشة كونها تضمنت جانبا تطبيقيا حول المفاهيم التي تلقاها الشباب في الورشة والمتعلقة بالوعي القانوني، مشددا على ضرورة تنظيم مثل هذه الورش التي تهدف إلى نشر الوعي القانوني لدى شريحة الشباب فضلا عن دورها في ترسيخ مبدأ التعايش السلمي الخلاق لهذه الشريحة.

ولفت منسق الورشة إلى أن هناك العديد من الأنشطة والفعاليات في هذا المجال والتي سيتم تنظيمها في المحافظة خلال المرحلة القادمة.

سبأ

إردوغان: قوى دولية تبذر الصراعات بين المسلمين | موقع المسلم

إردوغان: قوى دولية تبذر الصراعات بين المسلمين | موقع المسلم

إردوغان: قوى دولية تبذر الصراعات بين المسلمين
المسلم ـ متابعات  | 5/1/1434 هـ

قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في افتتاح الاجتماع الثامن لمجلس الشورى الاسلامي لمنطقة اوراسيا المنعقد باسطنبول ان "الذين يتهمون الاسلام بالارهاب يغلقون اعينهم ويديرون رؤوسهم بعيدا عن القتل الجماعي الذي يتعرض له الاطفال في غزة"، مشيرًا إلى ان "اسرائيل التي ترتكب هذه المجازر في غزة هي دولة ارهابية وافعالها هي اعمال ارهابية"، منددا بما اسماه بالتخاذل الدولي ازاء العدوان المتواصل منذ خمسة ايام على القطاع.

واتهم اردوغان قوى خارجية لم يسمها بانها "تعمل على زرع بذور الصراعات في المناطق المسلمة مثل فلسطين والسودان والبوسنة والهرسك وميانمار "، لافتا إلى ان "المسألة بين اسرائيل والفلسطينيين لم يعد مجرد صراع بل حرب".
واوضح ان "غزة تتعرض لحرب "اسرائيلية" شاملة امام اعين العالم من دون ان يتحرك مع تزايد سقوط العديد من القتلى والجرحى الذي وصل الى اكثر من 90 جريحا ومئات الجرحى".

كما صف رئيس الوزراء التركي، "اسرائيل" بانها "دولة ارهابية لقصفها قطاع غزة بالطائرات".

في الوقت ذاته، أوضح اردوغان إن النزعة الطائفية تضر بالصور الإنسانية للإسلام، مؤكدا أن الإسلام هو العامل المحدد والوحيد للمسلمين وليس الطوائف والمذاهب العرقية.

وأضاف أردوغان، فى كلمته أمام المنتدى الإسلامى الاوروآسيوى فى إسطنبول، أنه "فى بعض الأحيان وبسبب المذاهب تحدث الصراعات، كما هو يحدث حاليا، ومع الآسف، فى سوريا، حيث يقتل العديد من المواطنين وبدون رحمة".
وطالب بضرورة اتخاذ تدابير وقائية ضد ظاهرة العداء للإسلام "إسلاموفوبيا"، مشددا على أنه يجب على الأمم المتحدة أن تتخذ خطوات بهذا الصدد وأن تقوم بإعداد بنية قانونية وفى أقرب وقت ممكن لكى تسترشد بها جميع البلدان.
كما أكد أردوغان عدم ثقته فى الأمم المتحدة فى القيام بهذه المهمة قائلا: "إن هناك العديد من القرارات غير العادلة"، ولفت إلى أنه يتطرق إلى هذا الموضوع فى كل المحافل الدولية، كما يثيره أمام هذا الملتقى الإسلامى فى إسطنبول.
وانتقد رئيس الوزراء التركي النظام الدولي لتطبيقه معايير مزدوجة في التعامل مع قضايا المسلمين، خاصة في فلسطين وسوريا وميانمار.
وتساءل أردوغان "أين القوى الكبرى والدول الغربية مما يحصل حاليًّا في غزة"، موضحًا أن موقف القادة الغربيين مثير للاستغراب، حيث يقولون إن إسرائيل تستخدم حقها في الدفاع عن نفسها، رغم أنها هي من تهاجم.
ولفت إلى إزدواجية المعايير التي تتبعها المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تجاه المسلمين، فأشار إلى أنه ليست هناك قرارات دولية صدرت، لمصلحة المسلمين، فيما لم يُطبق أي قرار أو عقوبة بحق كيان الاحتلال الصهيوني حتى الآن.
ومن الجدير بالذكر أن "منظمة الشئون الإسلامية أوروآسيا" بدأت أعمال الملتقى الثامن لها فى إسطنبول بافتتاح رئيس الوزراء التركى له، بإشراف رئاسة الشئون الدينية فى تركيا وحضور علماء دين من 32 دولة فى أوروبا وآسيا، تحت شعار "الآفاق الإسلامية فى أوراسيا: من التراث إلى المستقبل".
وتستمر أعمال الملتقى حتى الثانى والعشرين من الشهر الحالى، فيما تناقش جلساته عددا من الموضوعات منها "أسس المعرفة والحكمة القديمة فى أوروآسيا"، و"المؤسسات الدينية فى أوروآسيا بين الماضى والمستقبل"، و"التقاليد الإسلامية والتصورات الجديدة فى أوروآسيا"، و"مستقبل المسلمين فى أوروآسيا"، و"تجربة التعايش المشترك فى أوروآسيا.

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون