رسالة الى مجمع البحوث الاسلامية - القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الرقم:م/ت 125266
التاريخ: 20 ذي الحجة 1433ه5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012م
مجمع البحوث الإسلامية – القاهرة
فضيلة الشيخ علي عبد الباقي (حفظه الله)
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعاؤنا لكم بالتوفيق وقبول الطاعات
جريدة الشرق الأوسط في عددها (12390 الصادر يوم الثلاثاء المصادف 14 ذي الحجة 1433هـ الموافق 30 اكتوبر 2012م) http://www.aawsat.com/details.asp?section=17&issueno=12390&article=702021&search=%E6%E1%ED%CF%20%DA%C8%CF%20%C7%E1%D1%CD%E3%E4&state=true
. نشرت خبراً مفصلاً عن ندوة دعا اليها مجمع البحوث الاسلامية على مدى ثلاثة أيام وعلى قاعة الامام محمد عبده في جامعة الأزهر، تحت عنوان: (الأزهر سيظل مدافعاً عن أهل السنة، وتشيّعه مجرد أوهام) وتضمن الخبر إشارات لأحاديث نسبت إلى عدد من العلماء من الأزهر الشريف ومن الاساتذة والاكاديميين وأحد المسؤولين السلفيين، ونسب الخبر اليهم كلاماً خطيراً ضد وحدة المسلمين والنيل من مذهب أهل البيت (ع)، والخبر مرفق بهذه الرسالة، ونود ان نثبت بعض الملاحظات الضرورية بخصوص ما نشرته صحيفة (الشرق الأوسط) التي هي غير محايدة تماماً ومدعومة من الاتجاه الوهابي. ومن هذه الملاحظات:
1- اننا في الامانة الدائمة للمؤتمر الدولي للتقريب بين المذاهب الاسلامية في لندن حيث انعقد للمرة السادسة، نكن جميل الاحترام لمجمع البحوث الاسلامية وللسادة العلماء والاساتذة المشاركين في هذه الندوة، وقد لا يكون هذا الخبر مطابقاً بالدقة لما طرح في الندوة فللجريدة المذكورة سياسة واضحة في التصدي لاشاعة ثقافة (شيعة فوبيا) كما الغرب الذي يروج لثقافة (اسلام فوبيا).
2- انطلاقاً من ايماننا بالمبادئ التي يستند اليها التقريب ووحدة المسلمين فأننا نجد تهويلاً كبيراً في موضوع اثارة تشييع مصر (من خلال حالات قليلة لا تشكل اتجاهاً عاماً وهذه الحالات تصدر من مختلف المذاهب وفي اماكن متعددة من العالم) فهموا من خلالها ان هناك مساعي لتشييع مصر وعودة الدولة الفاطمية كما نسبت الجريدة المذكورة ذلك للمتحدثين الكرام.
3- ان هذه الاثارات انما هي لأجل تأزيم الاوضاع في المنطقة فهناك أنظمة حاكمة لا تعيش إلا من خلال الفتن واختلاق الأزمات، وليس خافياً التحرك الوهابي في شمال أفريقيا بشكل خاص والذي لا يعمل لصالح ابناء هذه المنطقة بقدر ما يهدف لتمزيقها بالطائفية وتخويفها من ابناء جلدتها وممن ينطق الشهادتين الذي تكفل الاسلام حرمة دمه وماله وعرضه.
4- الهدف من هذا الترويج الاعلامي هو ان لا تتقارب مصر مع ايران، وان لا تتشكل وحدة اسلامية مؤثرة في توجيه مسارات المنطقة، وان ما أفسده الغرب على دول الربيع العربي هو بسعيه لمصادرة صحوتها الاسلامية حيث دفع بهذه الدول للمعاناة وتدمير بناها التحتية كما في العراق ودول شمال افريقيا، فالغرب لا يريد تغييراً على طريقة الشعوب والجماهير وانما يعمل لتفتيت وتجزئة كل ما يصادفه من جسم هذه الأمة الاسلامية. لكن الشعوب تبقى تقاوم الهيمنة الاستكبارية سواء في العراق أو شمال أفريقيا أو غيرها من المناطق.
5- ما أثير من ملاحظات حول مدرسة أهل البيت من قبل الأخوة المتحدثين، كان قد أجيب عليها في مناسبات علمية كثيرة خاضها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية على مدى اكثر من عشرين عاماً ومن قبله دار التقريب بين المذاهب الاسلامية في مصر، واطمأن العلماء المنصفون للرؤية العقدية والفقهية لمدرسة أهل البيت (ع) والتي لم تخرج على ما تسالم عليه المسلمون جميعاً انما تحتاج هذه الموضوعــات احياناً لمران فكري وتأمل في تفسير وبيان الفكرة، وبقيت مدرسة أهل البيت (ع) كــما المذاهب السنية الأخرى تختلف فيما بينها في موضوعات ومسائل حتى هذا اليوم مـنذ
تأسيسها. ولم يندمج أي منها أو بعضها في مذهب واحد، وهذه صورة من التنوّع الفكري في المدرسة الاسلامية.
6- اذن لماذا نخلق من الاوهام حقائق ونعرّض المسلمين لأفهام واذواق ونظرات لا تخدم مصلحة وحدة المسلمين وعزتهم؟ لماذا لا نترك الخلافات بين المسلمين ليتوجهوا ويتصدوا لمن يريد ان ينهب ثروات المسلمين ويدمر سيادتهم ويمزق وحدتهم؟ أليس ذلك من أولويات العمل الذي يحفظ للمسلمين عزتهم وقوتهم؟
(وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(سورة الانفال: 46)، وهل مشكلتنا اليوم تلك الخلافات التاريخية ام ان المشكلة الكبرى هي تكالب دول الهيمنة على دول العالم الاسلامي وشعوبها؟
7- نحن نسرّ بمثل هذه الندوات اذا ما دعي اليها علماء ومتخصصون من الشيعة والاباضية والزيدية وغيرهم لتتم الصورة واضحة جلية من خلال حوار علمي بعيد عن الاعلام المشوّه وغير المحايد.
8- نتمنى على مجمع البحوث الاسلامية ان يفسح المجال في اروقة جامع الأزهر الشريف ومدرّجاته العلمية لفكر المسلمين الآخرين ليبينوا ويدافعوا عن الحقائق الضائعة من خلال كرسي العلوم كما هو حق للآخرين، لتتوطّد العلاقة بين الجامع الأزهر وبين الحوزات العلمية وغير من منابر العلم.
9- ان المؤتمر الدولي للتقريب بين المذاهب الاسلامية دعا على مدى ست سنوات مختلف الشخصيات الاسلامية والعلمائية من هذه المذاهب ولم يقتصر على مذهب واحد من اجل ان تتلاقح الافكار وتذوب الحواجز وتشتد الرؤى الصادقة التي تدعم وحدة المسلمين بتقارب أتباع مذاهبهم. ونتمنى على كافة المحافل العلمية المبادرة الى هذا الأسلوب الحضاري.
10- ليس من مسؤوليتنا ترحيل المذاهب الاسلامية وتحويل الاتباع وانما الهدف كل الهدف ان تقوى أواصر الوحدة الاسلامية لتضييق الأمر على المتربصين بالمسلمين ومنعهم من الأيذاء، ومن اجل الظهور القوي الذي يريده الله لنا جميعاً امة واحدة: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)(سورة الانبياء: 92).
اننا في المؤتمر الدولي للتقريب نبارك كل جهد علمي منصف من أية جهة صدر يخدم الوحدة الاسلامية ويحقق الصورة النقية للاسلام المحمدي ولتبق المذاهب على تنوعها واجتهاداتها ولا حاجة لأحد بتحويل الاتباع من مذهب لآخر: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(سورة يوسف: 108).
11- واخيراً نأمل من مجمع البحوث الاسلامية التصدي لهذا الاسفاف الاعلامي والترويج المغرض الذي يزيد من الكراهية والاختلاف الموهوم والذي وارءه ارادات تريد تمزيقنا وتشتيت صفوف الامة الاسلامية ولندعم الرسالة الاعلامية التي تحقق رضا الله سبحانه ورسوله الكريم ورفعة كتابه الخالد القرآن العظيم.
تقبل الله طاعاتكم في طريق بناء أواصر الوحدة الاسلامية وتذويب الفوارق وتقارب الافكار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الامانة الدائمة
المؤتمر الدولي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
لندن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق