صحيفة عكاظ - لا مكان للصراعات المذهبية في عالم اليوم
لا مكان للصراعات المذهبية في عالم اليوم
الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة مكة المكرمة التاريخية في شهر رمضان المبارك الماضي لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الدينية هي دعوة مباركة من ملك شهم يسوؤه ما تمر به الأمة الإسلامية من تناحر وتشرذم كثيرا ما ينتهي بطريقة أو بأخرى إلى التمحور حول الخلافات المذهبية التاريخية خاصة الخلاف السني الشيعي الذي فرق العالم الإسلامي إلى معسكرين جاهزين للاصطدام في أي حين ومكان مهما كانت تفاهة موضوع الخلاف ومهما اختلفت دوافعه الحقيقية وحتى لو لم يكن لهذا الخلاف أي علاقة بالجذور التاريخية التي أدت إلى نشأة هذين المذهبين الأساسيين أو فروعهما المختلفة. المكانة الكبيرة التي تحتلها الخلافات المذهبية في نفوس كثير من المسلمين، وربما أغلبهم، والأثر الهائل الذي تطغى به على تفكيرهم وما تتركه من ريبة وشك ينعكسان على تعاملاتهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض واستمرار ذلك لمئات السنين هو أمر مؤلم ومحير ولا يمكن تفسيره إلا كظاهرة من ظواهر الجهل والتخلف التي لازالت تطغى على عالمنا الإسلامي بحيث تسمح لأي عدو خارجي أو داخلي بإثارة الفتنة بسهولة بين أبناء الوطن الواحد أو الأوطان المتجاورة ليشهروا السلاح في وجه بعضهم البعض متنكرين لكل ما يجمع بينهم من أخوة المنشأ والوطن والقرابة والزمالة والقيم والتراث بل من أركان الدين الإسلامي الحنيف. لا شك أن استمرار هذه العقلية الجاهلية هو أمر خطير يعرقل تنمية العالم الإسلامي بل يرسخ ضعفه وتخلفه. وقد دفع العالم الإسلامي ثمن ذلك غاليا في السنوات الأخيرة بما حدث من تقسيم نهائي للسودان تمحور حول الاختلاف الديني وصراعات مذهبية دامية في لبنان والعراق واليمن والجزائر وما يجري حاليا من مجازر مروعة في سوريا. لا شك أن أغلب هذه الصراعات بدأت نتيجة عوامل سياسية أو اقتصادية لا علاقة لها باختلاف الأديان أو المذاهب ولكنها تحولت إلى صراعات دينية ومذهبية بسبب استمرار عقلية الطائفية الدينية وسهولة استغلالها. في اعتقادي أن العالم الإسلامي أهمل كثيرا موضوع الحوار بين المذاهب الإسلامية وكذلك بين الأديان المختلفة التي توجد على أرضه. لم يقدر خطرها تقديرا كافيا، ولم يتعامل معها بجدية. وهكذا استمر للأسف تأثيرها كامنا في النفوس مثل استمرار النار تحت الرماد. وقد آن الأوان لكشف كل ما هو مخبأ، والمصارحة بكل ما هو مكتوم. الزمن لم يعد مناسبا لاستمرار خلافات مبنية على أحداث مر عليها أكثر من ألف عام. الشعوب الإسلامية يجب أن تتحرر من الشكوك التي تهدم الثقة بين إخوان الدين القويم وأبناء الوطن الواحد وتؤدي إلى الاقتتال والدمار لكي تلتفت إلى ما يحقق لها التنمية والحياة الكريمة في عصر العلم والتقدم. الحوار المخلص الصريح بداية ضرورية لذلك ولكنه يجب أن يؤدي إلى وضع وتطبيق الأنظمة والقوانين العادلة التي تمنع التفرقة والتمييز بين أبناء الوطن الواحد وتضمن مساواتهم في المعاملة وفي تكافؤ الفرص، وذلك هو الضمان لبناء لحمة حقيقية تمنعهم من التكتل على أساس المذهب أو الدين..
في الختام، يجب أن نتذكر أن الصراعات المذهبية لم تقتصر على العالم الإسلامي بل لعبت دورها بين كثير من الشعوب الأخرى ولكن تأثيرها تضاءل أو تلاشى في أغلب الدول المتقدمة منذ سنين طويلة حتى أصبحت فكرة إثارتها حاليا مثيرة للسخرية. وقد آن الأوان للعالم الإسلامي أن يلقي بالخلافات المذهبية والدينية والعنصرية إلى مزبلة التاريخ لكي يلحق بعجلة النمو والتقدم.
في الختام، يجب أن نتذكر أن الصراعات المذهبية لم تقتصر على العالم الإسلامي بل لعبت دورها بين كثير من الشعوب الأخرى ولكن تأثيرها تضاءل أو تلاشى في أغلب الدول المتقدمة منذ سنين طويلة حتى أصبحت فكرة إثارتها حاليا مثيرة للسخرية. وقد آن الأوان للعالم الإسلامي أن يلقي بالخلافات المذهبية والدينية والعنصرية إلى مزبلة التاريخ لكي يلحق بعجلة النمو والتقدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق