الخميس، سبتمبر 05، 2013

جريدة السياسة::كلها في الجنة إلا فرقة واحدة في النار .. انها المكفرة : د. معن الجربا -

السياسة::كلها في الجنة إلا فرقة واحدة في النار .. انها المكفرة


14/04/2013
كلها في الجنة إلا فرقة واحدة في النار .. انها المكفرة
أراهن أن عموم المسلمين لم يسمعوا بهذا الحديث ولم يعلموا بوجوده أصلا , وبالنسبة لي فإن سبب اخفاء هذا الحديث عن الناس معروف وواضح جدا , فالسبب يكمن في امبراطوريات إعلامية فاسدة وعلماء سلاطين, فكل حزب بما لديهم فرحون , والكل يريد ان يدور اتباعه في فلكه هو دون غيره , ولا سبيل لذلك الا ان يكون هو وحده الفرقة الناجية وغيره من فرق المسلمين في النار .. هذا كله يجعل من هذا الحديث الذي جعلته عنوان مقالتي أثراً بعد عين , فلن تجد له أي اشارة على ألسنة علماء السلاطين ولا في آلاتهم الاعلامية الكبرى التي يبرمجون بها الفكر الجمعي للأمة, يقول هذا الحديث الشريف عن رواية أنس "تفترق أمتي على سبعين أو إحدى وسبعين فرقة , كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة" , ويقول الحديث في رواية عند الديلمي "تفترق أمتي على سبعين أو إحدى وسبعين فرقة , الهالك منها واحدة".. هذا الحديث الشريف صححه الحاكم ورواه الطبراني ورواه الشعراني في "الميزان" من حديث ابن النجار , ومن وجهة نظري فان هذا الحديث هو الأصح والاقرب لروح النصوص الشرعية وعمل السلف الصالح وذلك للأسباب التالية :
أولا- فعلى سبيل المثال فإن الامام البخاري والامام مسلم وضعا شروطا قاسية لقبول رواة الاحاديث ومن ضمن هذه الشروط "العدالة" , والعدالة تعني ان يكون الراوي "مسلماً ¯ بالغاً ¯ عاقلاً ¯ صاحب مروءة ¯ سليماً من أسباب الفسق", والمفاجأة التي سيفاجأ فيها كثير من شباب المسلمين ان الامامين البخاري ومسلم يقبلان الرواية عن "السني والشيعي والجهمي والاباضي والقدري والمعطل والخارجي وغيرهم" . اذن افلا يوحي لنا هذا الامر شيئا ? بكل تأكيد ان هذا الامر يوحي بشيء مهم ولكن لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد, هذا الشيء هو ان السلف الصالح كانوا يرون جميع فرق المسلمين على خير , ويرونهم مجتهدين فمن اصاب منهم له اجران ومن اخطأ له اجر , خصوصا اذا علمنا ان الامامين مسلم والبخاري لم يدونا ذلك الحديث المشهور بين الناس في صحيحهما والذي يقول "كلها في النار وواحدة في الجنة" وهو المضاد تمام للحديث الذي ذكرناه في بداية المقالة والذي يقول "كلها في الجنة الا فرقة واحدة".
ثانيا: ان مكة المكرمة والتي حرم رب العباد سبحانه دخولها على غير المسلمين , لم يمنح اي خليفة منذ اكثر من 1400 سنة الى يومنا هذا اي فرقة من فرق المسلمين من الدخول الى مكة , بحجة انها كافرة او ضالة , بل واقع الحال ان كل فرق المسلمين تدخل مكة المكرمة عبر السنين والقرون منذ البعثة والى يومنا هذا .
ثالثا: قال سبحانه وتعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس" فكيف تكون هي خير امة اخرجت للناس و تسعة وتسعون في المئة منها في النار?
رابعا: قال عليه الصلاة والسلام في احاديث عدة ان هذه الأمة هي "اكثر اهل الجنة عددا" , ومنها قوله (صلى الله عليه وسلم) " أنتم ثلث أهل الجنة أو نصف أهل الجنة " رواه الطبراني وإسناده جيد . فكيف يكون المسلمون هم اكثر اهل الجنة ولا يوجد منهم الا فرقة واحدة هي الفرقة الناجية? فان قال احدهم ان الفرقة الناجية هم السواد الاعظم من المسلمين وهم الاكثرية , سنقول له ان السواد الأعظم من المسلمين هم "الأشاعرة والماتريدية" حيث انهم يشكلون 90 في المئة من اهل السنة والجماعة قديما وحديثا , ورغم ذلك في ان السلفية اليوم يكفرونهم او يضللونهم او يبدعونهم برغم قوله (صلى الله عليه وسلم) "لا تجتمع امتي على ضلال" وهذا الحديث لا ينطبق الا على السواد الاعظم من المسلمين وهم الاشاعرة والماتريدية , اما السلفية التي تعتقد انها هي وحدها الفرقة الناجية فهي اصلا لا تشكل الا عشرة في المئة من أهل السنة والجماعة على احسن تقدير , ناهيك اذا حسبنا الشيعة والمعتزلة وغيرهما من المذاهب فإن السلفية لن تشكل حينئذ الا خمسة في المئة من عموم المسلمين .
فبعد هذا كله الا تعتقدون معي ان حديث "كلها في الجنة الا واحدة في النار" , هو الاقرب لروح نصوص القرآن والسنة وفعل السلف الصالح ? انا شخصيا اعتقد ذلك ولكن اذا اخذنا برواية هذا الحديث القائل "كلها في الجنة الا واحدة" , فهل تعرفون من هذه الفرقة التي ستكون في النار? الذي يرجح لدي ان هذه الفرقة هي التي تكفر باقي المسلمين , ونستطيع ان نطلق عليها اسم فرقة "المكفرة - الزنادقة", مع ملاحظة ان هذه الفرقة التي اطلقنا عليها اسم "المكفرة" سيكون فيها من جميع فرق المسلمين , بمعنى ان كل سني او شيعي او معتزلي او جهمي او قدري او معطل او مجسم يكفر باقي فرق المسلمين سيكون من ضمن فرقة "المكفرة" التي تستوجب النار , وذلك لقوله (صلى الله عليه وسلم) فيما رواه البخاري ومسلم "أيما رجل قال لأخيه يا كافر , فقد باء بها أحدهما).
وفي الجزء الثاني من هذه المقالة سنناقش ان شاء الله صحة الحديث المشهور عند عموم الناس الذي يقول "كلها في النار وواحدة في الجنة".
كاتب سعودي
maanaljarba@hotmail.com

د. معن الجربا
15/04/2013
كلها في الجنة إلا فرقة واحدة في النار .. إنها المكفرة
انتهينا بالأمس في الجزء الاول من هذه المقالة من مناقشة الحديث الشريف الذي يقول "تفرق امتي بضع وسبعون شعبة كلها في الجنة الا فرقة واحدة في النار", اما في هذا الجزء من المقالة فسنخصصه لمناقشة الحديث المشهور عند عموم المسلمين وهو "حديث الفرقة الناجية" والذي يشكل نصا معاكسا تماما للحديث الذي ناقشناه في الجزء الاول من هذه المقالة , ولمعلومية الجميع فإن هذا الحديث الذي سنناقشه اليوم كان السبب وراء كل الحروب والقتل والتكفير بين المسلمين , حيث ان كل فرقة تعتقد انها هي التي على الحق وغيرها كافر وضال حلال دمه وماله وعرضه . 
وللأسف فإن عموم الناس يعتقدون ان هذا الحديث برواياته الثماني "حديث صحيح" , ولكن الحقيقة غير ذلك . فليست كل هذه الروايات الثماني صحيحة , بل كلها "ضعيفة" إلا رواية واحدة , وهذه الرواية الوحيدة الصحيحة لم يذكر فيها عبارة أن "كلها في النار إلا واحدة" , بل هذه الرواية ذكرت ان الامة ستفترق الى بضع وسبعين شعبة فقط , وهذا الافتراق لا يعني بالضرورة انها ضالة او انها في النار , انما هو اخبار عن واقع سوف يحدث في المستقبل وهو تأكيد لسنة الله عزوجل في اختلاف البشر وفقا لاجتهاداتهم, فالمصيب له اجرين والمخطئ له اجر .
ونصت هذه الرواية الصحيحة كما وردت في حديث أبي هريرة الذي رواه أبو داود و الترمذي وبن ماجة وبن حبان و الحاكم وفيه يقول النبي (عليه الصلاة والسلام) "افترقت اليهود على اثنتين و سبعين فرقة وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة" , وستلاحظون كما ذكرت سابقا بأن هذا الحديث ليس فيه عبارة " كلها في النار الا واحدة" .. أما الروايات الاخرى التي بها عبارة "كلها في النار الا واحدة" فكلها روايات ضعيفة , ولكن البعض قد حاول ان يقوي هذه الاحاديث الضعيفة بضم الاحاديث الى بعضها البعض , بينما العلماء يرون أن التقوية بكثرة طرق رواية الحديث الضعيف لا يؤخذ بها في كل الاحوال وبخاصة اذا كانت في أمور العقائد والتكفير والتي تستوجب التوثيق الشديد .
لذلك نجد الإمام ابن حزم يقول عن حديث الفرقة الناجية السالف الذكر بطرقه الثماني المختلفة "إنها احاديث موضوعة لا موقوفة و لا مرفوعة , وكذلك جميع ما ورد في ذم القدرية و المرجئة و الأشعرية فإنها أحاديث ضعيفة غير قوية" , أما العلامة ابن الوزير فيقول في هذا الحديث في سنده" من لا تصح الرواية عنه" , ويقول الإمام الشوكاني "أما زيادة "كلها في النار إلا واحدة" فقد ضعفها جماعة من المحدثين" , كذلك غيرهم الكثير من علماء السلف والخلف ضعفوا هذا الحديث .
واليكم هذه الدراسة الاسنادية في نقد حديث الفرقة الناجية والذي تمت روايته من ثمانية طرق كما ذكرنا سابقا , قام بهذه الدراسة الدكتور حاكم المطيري المحسوب على التيار السلفي "كلية الشريعة قسم التفسير والحديث جامعة الكويت 2009" , وبعد جمع كل طرق هذا الحديث , وصل الباحث إلى تضعيف الروايات الثماني على النحو التالي :
1 ¯ الرواية الاولى : ثبت أن حديث عوف بن مالك منكر لضعف عباد بن يوسف, ولتفرده بهذا الحديث, ومخالفته الثقات الذين رووا الحديث عن صفوان, حيث خالفوه في إسناد وجعلوه من حديث معاوية بن أبي سفيان ليثبت بذلك أنه لا أصل له عن عوف بن مالك,وأنه خطأ من عباد بن يوسف ولم يتابع عليه .
2 ¯ الرواية الثانية : ثبت ضعف حديث معاوية لأن مداره على أزهر بن أبي عبد الله, وهو ناصبي غال, يسب عليا (رضي الله عنه), وقد طعن فيه أبو داود وذكره ابن الجارود في الضعفاء, وقد تفرد بهذا الحديث عن معاوية, مما يقضي بأنه منكر وأحسن أحواله أنه حديث ضعيف .
3 ¯الرواية الثالثة : ثبت ضعف حديث عبد الله بن عمرو وأنه حديث منكر, لأن مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي, وهو شديد الضعف منكر الحديث, وقد تفرد بهذا الحديث ولم يتابع عليه, وقد اشتهر برواية الغرائب والمناكير, ورواه بالعنعنة, وهو مشهور بالتدليس, بل شر أنواعه وهو التدليس عن المتروكين ما يدل على أنه حديث منكر, ولا أصل له عن عبد الله بن عمرو .
4 ¯ الرواية الرابعة : ثبت أيضا أن حديث سعد بن أبي وقاص حديث منكر, إذا مداره على موسى بن عبيدة , وهو منكر الحديث لا يكتب حديثه, وقد تفرد بهذا الحديث ولم يتابع عليه من حديث سعد ما يقضي على حديثه هذا بالنكارة.
5 ¯ الرواية الخامسة : ثبت أن حديث عمرو بن عوف المزني باطل لا أصل له, إذا مداره على كثير بن عبد الله, وهو منكر الحديث جداً, يروي عنه أبيه عن جده نسخة موضوعة وهذا الحديث منها .
6 ¯ الرواية السادسة : ثبت أيضاً أن حديث أبي أمامة في الافتراق مداره على أبي غالب, وقد ضعفه النسائي, وقال عنه ابن سعد وابن حبان :" منكر الحديث ", وقد اختلف عليه الرواة الذين ذكروا حديث الافتراق عنه, وقد كشفت رواية حماد بن زيد وداود بن أبي السليك أن حديث الافتراق موقوف على أبي أمامة من كلامه لم يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم), فوهم عليه بعض الرواة وجعلوه مرفوعاً, وعلى كل حال فتفرده بهذا الحديث مع ضعفه يجعل حديثه هذا في عداد المناكير على فرض ثبوت الرواية عنه مرفوعة, فكيف وقد جاءت أيضاً موقوفة وهو الصحيح?
7 ¯ الرواية السابعة : ثبت أيضا أن حديث أنس مع كثرة طرقه عنه ليس فيها إسناد واحد صحيح ولا حسن, بل ولا ضعيف, بل مدارها كلها على المتروكين كيزيد بن أبان الرقاشي, وقد قال عنه مسلم " متروك الحديث", ومبارك بن سحيم وهو "متروك ", وزياد النميري وهو " منكر الحديث " كما قال ابن حبان, وابن لهيعة وهو " متروك بعد اختلاطه"وقد رواه بالعنعنة وهو مشهور بالتدليس, وسليمان بن طريف وهو "منكر الحديث" ومتهم بالوضع, ونجيح بن عبد الرحمن وقد قال عنه البخاري :" منكر الحديث ", وسعد بن سعيد وهو " متروك الحديث " كما قال النسائي, وهذه كل طرقه عن أنس, لا يصح منها شيء, فبان خطأ قول الشيخ الألباني بأنه صحيح قطعا عن أنس اغترارا برواية قتادة المعلولة المدلسة عن الرقاشي.
8 ¯ الرواية الثامنة : ثبت أن حديث أبي هريرة هو أحسنها حالاً ¯ وإسناده حسن ¯ وليس في حديثه زيادة :"كلها في النار إلا واحدة", ومداره على محمد بن عمرو الليثي وهو صدوق له أوهام, وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة, ولهذا تجنب مسلم تخريج حديثه هذا .. "هنا انتهى كلام الدكتور حاكم المطيري " .
سأصل معكم في نهاية هذه المقالة الى نتيجة مفادها ان كلا الحديثين الاول الذي يقول "كلها في الجنة الا واحدة في النار" , والثاني الذي يقول "كلها في النار الا واحدة في الجنة" , كلا الحديثين ليسا حجة على الأمة لانه لا اجماع على صحتهما , ولا يجوز ان ينتشر التكفير والتقتيل وتفريق وحدة المسلمين واضعاف شوكتهم بسبب هذا الحديث او ذاك .
ولكن ما اثلج صدري ان بعض المحققين استطاعوا التوفيق والجمع بين الحديثين حيث قالوا : لو كان الحديثان صحيحان فانه لابد ان يكون حديث " كلها في الجنة الا واحدة في النار " يتكلم عن "أمة الإجابة" , اما حديث " كلها في النار الا واحدة " فهو يتكلم عن "أمة الدعوة" , وما هو معلوم للجميع ان النبي عليه الصلاة والسلام قد بعث للناس كافة , وهذه تسمى امة الدعوة اي "كل الناس منذ البعثة الى يوم القيامة" , اما امة الاجابة فهم الذين اجابوا دعوته اي "جميع المسلمين منذ البعثة الى يوم القيامة" .
اخيرا فإن من يدلس على الناس ويروج الاحاديث التي تفرق الأمة رغم عدم ثبوت صحتها , ويخفي الاحاديث التي تجمع الأمة رغم انسجامها مع روح النصوص القرآنية والاحاديث النبوية الاخرى وعمل السلف الصالح  , لا شك لدي انه يطعن الأمة من ظهرها في مقتل سواء كان عن حسن نية او سوء نية .
* كاتب سعودي

maanaljarba@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون