الأربعاء، ديسمبر 07، 2011

As-Safir Newspaper - عناية جابر : ألغيت ندوة عن ترانسترومر حائز نوبل لأسباب إدارية
إلغاء الطائفية مستحيل والاستغناء عنها ممكن



إلغاء الطائفية مستحيل والاستغناء عنها ممكن

(من اليمين) المولى، سنو، السمّاك ومسوح في ندوة «إلغاء الطائفية السياسية» (علي علوش)





في اليوم الثالث من معرض الكتاب العربي العالمي، بدأت الأروقة تتضح أمامنا، وبدأ الإيقاع يصبح أليفاً وبعيداً عن إرباكات البدايات. المتاهات التي كنّا ندخلها للعثور على دار نشر، أصبح الطريق إليها أكثر وضوحاً. السائل عن مواقع الدور، وعن المكتب الاعلامي، وعن المداخل والمخارج هنا وهناك، اصبح الأثر الذي يعيّنه بنفسه هو الهادي والموصل إلى المبتغى. أمس الاثنين استوت القاعة الضخمة على أغلب زائريها، كما زاد عدد مشتريات الكتب بين أيدي الجائلين. حركة الناس لم تعد متأملة، بل لاح ما يشبه الثقة على الوجوه في سعيهم إلى مبتغاهم واختياراتهم. كنّا نأمل ان يكون لفعاليات أمس الاثنين مذاقها الطيّب والمختلف خصوصاً مع الأمسية الشعرية التي كانت مقررة حول الاعمال الشعرية الكاملة للشاعر السويدي توماس ترانسترومر الحائز جائزة نوبل للآداب لهذه السنة وكان ليشارك فيها (صادرة عن دار الجمل) الشاعر والمترجم قاسم حمادي، والزميل الشاعر والمترجم إسكندر حبش، وكنّا نأمل ان تكون هذه الندوة عماد أنشطة أمس الاثنين نظراً إلى أهميتها، سوى انها ألغيت في اللحظة الأخيرة، نتيجة عدم تجهيز القاعة التي كانت لتعقد فيها، ما اضطر الشعراء إلى الانسحاب وإلغاء الأمسية. أردنا فعلاً ان نسمع شذرات مترجمة للشاعر السويدي، وكلمتين تضيئان بعض الوقفات الشعرية لترانسترومر، إلا ان الأمور سارت في اتجاه آخر.
ندوة «كيف نلغي الطائفية السياسية» شارك فيها كل من محمد السماك والأب جورج مسوح وسعود المولى، وأدارها عبد الرؤوف سنو، الذي أشار إلى ان إلغاء الطائفية السياسية هو موضوع مستعص وشائك، ويحتوي على إشكاليات كثيرة تجعل الإقدام عليه محفوفاً بالمخاطر. كما اعتبر سنو انه مع تغير الديموغرافيا لمصلحة المسلمين في الستينيات من القرن الماضي، ظهرت مطالبة إسلامية بكسر احتكار الموارنة لرئاسة الجمهورية وللمفاتيح الأساسية في الادارة، ليشرح بعدها المراحل التاريخية لهذا الصراع، تداعي الميثاق الوطني، اتفاق الطائف ـ وثيقة الوفاق الوطني. سنو رأى أخيراً او تساءل بالأحرى عن إمكان جعل أبناء الطوائف الدينية ينظرون إلى أنفسهم على انهم أبناء وطن واحد أولاً، وليسوا أبناء طوائف ومذاهب، ويرون في لبنان الوطن هويتهم ومصالحهم.

تفجر العصبيات

محمد السماك اعتبر ان معالجة موضوع الندوة في لبنان يتطلب التذكير بأمرين شكليين لكنهما مهمان: الأول هو ان إلغاء الطائفية أمر مستحيل، لكن الاستغناء عن الطائفية أمر ممكن، وهناك فرق كبير بين عملية الإلغاء وعملية الاستغناء إذ يحمل الإلغاء طابع القسرية والفرض، والمجتمع المتعدد لا يتحمل هذا الأسلوب من التغيير. رأى السماك ان لبنان ليس الدولة الوحيدة في العالم التي تعايشت سلباً أو إيجاباً مع نظام طائفي بصيغة ما. فالتاريخ عرف امبراطوريات تمتعت بتعدد ديني وعنصري، وخلص السماك إلى ان العالم العربي بدأ يشهد بداية تفجرات لعصبيات طائفية ومذهبية مقلقة، بل مخيفة.

العدالة والكرامة

سعود المولى تحدث في مستهل مداخلته عن الرؤية الإسلامية لإلغاء الطائفية السياسية، معتبراً ان الحديث عن الطائفية السياسية في لبنان هو حديث عن الصيغة اللبنانية وعن النظام السياسي الأصلح والأفضل أو الأنسب لبلد هو لبنان. يرى المولى ان ما حكم الفكر السياسي اللبناني والعربي هو واقع تصوري أصبح مقياساً للعمل والسلوك على حد تعبير تيودور هانف، كما تطرق إلى موضوع الطوائف والطائفية السياسية، مشيراً إلى ان المشكلة في بلادنا تكمن بالتحديد في السيطرة السلطوية الاستبدادية التي لا تولد دولة مركزية ديموقراطية في مجتمعات تعددية، وإنما تقود إلى تفتت طائفي وقبلي أساسه ما نسميه استراتيجيات الهوية. حول الصيغة اللبنانية وإلغاء الطائفية السياسية، اعتبر المولى ان لبنان انجز، برغم كل تشكيك، أفضل صيغة في التاريخ للعيش المشترك وان الواجب الديني أولاً، والسياسي ثانياً، يفترضان المحافظة عليها وصونها وترسيخها، مستشهداً بما قاله الإمام شمس الدين بأن الأطروحة الحارة والساطعة والمتوهجة التي سادت العقدين الأخيرين عن سعي المجتمع اللبناني لإلغاء نظامه القائم فعلاً، وبأن تنظيم العلاقة بين الدولة والدين، وإحلال التناغم والانسجام بينهما على أساس العدالة والكرامة، وفي هذا فليتنافس المتنافسون.

المواطنة والحرية

مسوح رأى انه قبل إلغاء الطائفية السياسية، لا بد من القيام بعدة خطوات ضرورية، من دونها لا يمكن الوصول إلى إلغاء حقيقي للطائفية، بل نكون قد انتقلنا إلى حالة طائفية جديدة تسيطر فيها الأكثريات العددية الطائفية والمذهبية على الأقليات. يجب إزالة الطائفية من النفوس قبل النصوص أو من النصوص قبل النفوس، وينبغي العمل على تهيئة الناس عبر السعي إلى تحقيق إنشاء مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف، وانتخاب المجلس النيابي بعيداً عن الانتماء الطائفي، وسن قانون للأحزاب يمنع تشكل أحزاب غير متنوعة دينياً وطائفياً، وقانون للاعلام يمنع استعمال المنابر الاعلامية لشحن المواطنين بالطائفية، سن قانون مدني اختياري، في مرحلة اولى للأحوال الشخصية والعمل على كتاب تربية دينية مشترك بين المسيحيين والمسلمين يتعرف فيه الطالب على دينه ودين شريكه في الوطن بلغة علمية ومنطقية بعيدة عن التبشير أو الدعوة، ودعم قيام هيئات المجتمع المدني التي تدافع عن قيم المواطنة والحرية وحقوق الإنسان والديموقراطية.
يذكر ان دار «الرمك» نظمت ندوة تجربتي في الكتابة، ضمت مشاركين ومشاركات تحدثوا في علاقتهم بالكتابة وبداياتها، وأدار الندوة الروائي علي سرور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون