المسلمون البلغار ما زالوا يعيشون بهاجس ماضيهم
كورنيتسا (بلغاريا) ـ ا ف ب: يعيش ابراهيم بيالك المسلم البلغاري منذ اربعين عاما مع رصاصة في ذراعه اطلقت عليه لانه رفض تغيير اسمه باخر مسيحي رغم التعليمات بالاندماج القسري في ظل الدكتاتورية الشيوعية.
وينتمي هذا الرجل البالغ من العمر 65 عاما صاحب البشرة السمراء والابتسامة الماكرة والذي يتحدر من كورنيتسا (جنوب)، الى اقلية البوماك التي تضم مئتي الف نسمة وتتحدث اللغة البلغارية لكنها تعتنق الدين الاسلامي.
فشعب البوماك بلغاري اعتنق الاسلام ابان هيمنة السلطنة العثمانية بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر.
وفي العام 1973 اصبح البوماك هدفا لسياسة اندماج قسرية استمرت طيلة احد عشر عاما واستهدفت ثمانمئة الف بلغاري من اصل تركي.
وقد اثار ختان الصبيان حملة اضطهاد وحظر ارتداء الملابس التقليدية كما كانت الاعياد التقليدية لا تحظى بتأييد النظام الشيوعي الذي كان يعتبر المسلمين بمثابة 'الطابور الخامس' لتركيا العدو اللدود والعضو في حلف شمال الاطلسي.
واكد الطبيب سيمون ستوينوف الذي كان يعمل انذاك في كورنيتسا ان سياسة 'الاستيعاب بدأت مطلع السبعينات (من القرن الماضي) بارغام البوماك على اعطاء كل مولود جديد اسما بلغاريا. وكانت النساء تخفي حملهن وتلد اطفالهن في منازلهن، ما تسبب بحوادث مشؤومة عدة'.
وروى حسين سرنالييف الذي كان موظفا في تعاونية زراعية 'طلب من مثقفينا تغيير اسمائهم منذ نهاية العام 1972'، مؤكدا 'اعتبرت ذلك اهانة: الم اكن مواطنا بلغاريا مخلصا؟'.
واضاف 'في كورنيتسا بدأنا بالاحتجاج اعتبارا من كانون الثاني/يناير 1973. وكان نحو عشرة منا يبقون ليلا نهاريا في الساحة الرئيسية حول موقد نار لاخطار الاخرين في حال تدخل الشرطة'.
وكان ابراهيم بيالك من بين هؤلاء ليلة 28 الى 29 اذار/مارس 1973 عندما 'وصل فرسان وقفز كلب بوليسي على ظهري. فتحت الشرطة النار لكن مياه خراطيم رجال الاطفاء هي التي فرقتنا'.
وروى الطبيب ستوينوف ان 'الشرطة كانت ترافقها سيارات اسعاف. وكان عناصر الشرطة يطلقون النار على الناس'.
وبعد انتشار الخبر هرع مسلمون من قريتي لاينيتسا وبرزنيتسا المجاورتين مسلحين بالعصي لانجاد سكان كورنيتسا، لكن الشرطة صدتهم.
ونقل الجرحى الى مستشفى غوتسي دلتشيف (جنوب) كما يتذكر ابراهيم بيالك قائلا 'في غرفة المستشفى ذات النوافذ المقفلة اقدم مدنيون على ضربنا وشتمنا. وضمد الطبيب جرحي لكنه لم يشأ اخراج الرصاصة التي لم تفارقني مطلقا'.
ودفع ثمن حريته بقبوله تغيير اسمه ليصبح ايفايلو بلكوف. ومع هذه الهوية تم ترحيله الى الطرف الاخر من بلغاريا الى منطقة فيدين (شمال) حيث بقي عشر سنوات. لكن زوجته التي لم تتلق اي اخبار عن ابراهيم، فتم ترحيلها مع طفليها --احدهما كان في الشهر الخامس واليوم اصبح رئيس بلدية كورنيتسا-- الى مكان اخر.
وحسين سارنالييف اصيب برصاصة في ساقه. وقد حكم عليه بالسجن لثماني سنوات بتهمة 'تشكيل مجموعة بهدف زعزعة اقتصاد البلاد وقلب النظام'.
وتم ترحيل زوجته زينب مع طفليها الى فراتسا (شمال غرب) للعمل في مزرعة بعد مصادرة منزلهما. وقالت هذه السيدة وهي تمسح دمعة 'لست آسفة لما عانيته بسبب ايماني. ما اسف لاجله هو انني لم اتمكن من توفير تعليم جيد لاولادي'.
وتحمل لوحة تذكارية في كورنيتسا اسم الضحايا الستة للتغيير القسري للاسماء في هذه القرية.
وبالرغم من اعادة اسماء المسلمين البلغار الذين يشكلون 13' من التعداد السكاني في العام 1990 بعيد سقوط النظام الشيوعي، فان الريبة والحذر ما زالا مستمرين.
ولفت يفغينا ايفانوفا برفسور الاتنولوجيا (علم الشعوب) في صوفيا الى ان سياسة الاندماج التي مورست غالبا منذ تحرير جنوب بلغاريا من الهيمنة العثمانية في 1912، اتت بنتائج عكسية ولم تؤد سوى الى حصر المسلمين.
وامام تنامي النزعة القومية في الوقت الحاضر يخشى ابراهيم بيالك من تكرار محاولات الاندماج 'فقد اعيدت الكرة مرات عديدة'.
المسلمون البلغار ما زالوا يعيشون بهاجس ماضيهم
2013-03-28
وينتمي هذا الرجل البالغ من العمر 65 عاما صاحب البشرة السمراء والابتسامة الماكرة والذي يتحدر من كورنيتسا (جنوب)، الى اقلية البوماك التي تضم مئتي الف نسمة وتتحدث اللغة البلغارية لكنها تعتنق الدين الاسلامي.
فشعب البوماك بلغاري اعتنق الاسلام ابان هيمنة السلطنة العثمانية بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر.
وفي العام 1973 اصبح البوماك هدفا لسياسة اندماج قسرية استمرت طيلة احد عشر عاما واستهدفت ثمانمئة الف بلغاري من اصل تركي.
وقد اثار ختان الصبيان حملة اضطهاد وحظر ارتداء الملابس التقليدية كما كانت الاعياد التقليدية لا تحظى بتأييد النظام الشيوعي الذي كان يعتبر المسلمين بمثابة 'الطابور الخامس' لتركيا العدو اللدود والعضو في حلف شمال الاطلسي.
واكد الطبيب سيمون ستوينوف الذي كان يعمل انذاك في كورنيتسا ان سياسة 'الاستيعاب بدأت مطلع السبعينات (من القرن الماضي) بارغام البوماك على اعطاء كل مولود جديد اسما بلغاريا. وكانت النساء تخفي حملهن وتلد اطفالهن في منازلهن، ما تسبب بحوادث مشؤومة عدة'.
وروى حسين سرنالييف الذي كان موظفا في تعاونية زراعية 'طلب من مثقفينا تغيير اسمائهم منذ نهاية العام 1972'، مؤكدا 'اعتبرت ذلك اهانة: الم اكن مواطنا بلغاريا مخلصا؟'.
واضاف 'في كورنيتسا بدأنا بالاحتجاج اعتبارا من كانون الثاني/يناير 1973. وكان نحو عشرة منا يبقون ليلا نهاريا في الساحة الرئيسية حول موقد نار لاخطار الاخرين في حال تدخل الشرطة'.
وكان ابراهيم بيالك من بين هؤلاء ليلة 28 الى 29 اذار/مارس 1973 عندما 'وصل فرسان وقفز كلب بوليسي على ظهري. فتحت الشرطة النار لكن مياه خراطيم رجال الاطفاء هي التي فرقتنا'.
وروى الطبيب ستوينوف ان 'الشرطة كانت ترافقها سيارات اسعاف. وكان عناصر الشرطة يطلقون النار على الناس'.
وبعد انتشار الخبر هرع مسلمون من قريتي لاينيتسا وبرزنيتسا المجاورتين مسلحين بالعصي لانجاد سكان كورنيتسا، لكن الشرطة صدتهم.
ونقل الجرحى الى مستشفى غوتسي دلتشيف (جنوب) كما يتذكر ابراهيم بيالك قائلا 'في غرفة المستشفى ذات النوافذ المقفلة اقدم مدنيون على ضربنا وشتمنا. وضمد الطبيب جرحي لكنه لم يشأ اخراج الرصاصة التي لم تفارقني مطلقا'.
ودفع ثمن حريته بقبوله تغيير اسمه ليصبح ايفايلو بلكوف. ومع هذه الهوية تم ترحيله الى الطرف الاخر من بلغاريا الى منطقة فيدين (شمال) حيث بقي عشر سنوات. لكن زوجته التي لم تتلق اي اخبار عن ابراهيم، فتم ترحيلها مع طفليها --احدهما كان في الشهر الخامس واليوم اصبح رئيس بلدية كورنيتسا-- الى مكان اخر.
وحسين سارنالييف اصيب برصاصة في ساقه. وقد حكم عليه بالسجن لثماني سنوات بتهمة 'تشكيل مجموعة بهدف زعزعة اقتصاد البلاد وقلب النظام'.
وتم ترحيل زوجته زينب مع طفليها الى فراتسا (شمال غرب) للعمل في مزرعة بعد مصادرة منزلهما. وقالت هذه السيدة وهي تمسح دمعة 'لست آسفة لما عانيته بسبب ايماني. ما اسف لاجله هو انني لم اتمكن من توفير تعليم جيد لاولادي'.
وتحمل لوحة تذكارية في كورنيتسا اسم الضحايا الستة للتغيير القسري للاسماء في هذه القرية.
وبالرغم من اعادة اسماء المسلمين البلغار الذين يشكلون 13' من التعداد السكاني في العام 1990 بعيد سقوط النظام الشيوعي، فان الريبة والحذر ما زالا مستمرين.
ولفت يفغينا ايفانوفا برفسور الاتنولوجيا (علم الشعوب) في صوفيا الى ان سياسة الاندماج التي مورست غالبا منذ تحرير جنوب بلغاريا من الهيمنة العثمانية في 1912، اتت بنتائج عكسية ولم تؤد سوى الى حصر المسلمين.
وامام تنامي النزعة القومية في الوقت الحاضر يخشى ابراهيم بيالك من تكرار محاولات الاندماج 'فقد اعيدت الكرة مرات عديدة'.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق