الحوالة النقدية الصومالية.."دراسة فقهية معاصرة"الحوالة النقدية الصومالية.."دراسة فقهية معاصرة"
مقالات - مقالات شرعية
برهان آدم حِير
الجمعة, 08 يناير 2010
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلي آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.
أما بعد:
فبسبب التطور الهائل في المؤسسات المالية ظهرت إلي الوجود أنواع كثيرة من المعاملات والعقود أو أخذت عقود معروفة بثوب جديد فاحتاج الناس إلي معرفة الحكم الشرعي فيها، ومن ضمن تلك العقود الحوالات النقدية المعاصرة التي شاعت فى العالم وراجت بين المؤسسات المالية رواجا كبيرا.
الحوالة النقدية المعاصرة تمثل دورا كبيرا فى الاقتصاد سواء فى الأفراد والمؤسسات، وجعلت البنوك عموما والشركات الصومالية بشكل خاص تقوم بتحويل النقود داخل البلد وخارجه، وترتب على ذلك أحكام كثيرة.
هذا البحث المتواضع يلقي الضوء على الحوالة النقدية المعاصرة التى تستخدمها الشركات الصومالية. والكلام عن الحوالة النقدية المعاصرة يتناول المسائل التالية:
1.أولا: تعريف الحوالة النقدية المعاصرة. صورها
2.ثانيا: أنواع الحوالة النقدية المعاصرة
3.ثالثا: التكييف الفقهي للحوالة النقدية
4.رابعا: الاعتراضات او الأسئلة التى تثار حول الحوالة النقدية.
5.خامسا: عائد الشركات القائمة بالتحويل.
6.سادسا: نتائج البحث والتوصيات.
ماهية الحوالة النقدية
معنى الحوالة:
الحوالة لغة من التحويل بمعنى النقل والانتقال[1].
الحوالة النقدية المعاصرة Modern Remittance :عملية نقل النقود أو أرصدة الحسابات من حساب إلى حساب أو من بنك إلى بنك أو من بلد إلى بلد آخر وما يستتبع ذلك من تحويل العملة المحلية بالعملة الأجنبية أو الأجنبية بأجنبية أخرى[2].
وتعرف الحوالة أيضا بأنها أمر صادر من مصرف لآخر أو لفرع من فروع نفس المصرف لدفع مبلغ معين إلى شخص معين بناء على طلب عملائه[3].
تختلف الحوالة النقدية المعاصرة عن الحوالة الفقهية القديمة وهى: نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه[4].
ويستفاد من هذه التعريفات أن الحوالة النقدية المعاصرة ليست نقل دين من ذمة إلى ذمة-كما هي الحوالة بالمعني الفقهي التقليدي- وإنما هي عملية نقل مال وقد يقترن معها عقد صرف وبخاصة إذا كانت الحوالة من دولة إلى دولة أخرى
صور الحوالة النقدية المعاصرة:
الصورة الأولى أن يدفع العميل(محمد) إلى شركة قائمة بالتحويل فى الولايات المتحدة الأمريكية ألف دولار لدفع شخص معين( إبراهيم) فى الصومال، فتقوم الشركة بالتحويل إلى شركة أخرى أو فرعها فى ذلك البلد. وفى هذه الصورة ليس فيها عملية صرف.
وهذه الصورة تتكون من عملية واحدة وهي تحويل المبلغ من مكان إلى مكان آخر.
فيما يلي جدولة هذه الصورة:
الصورة الثانية: أن يدفع العميل-مريد التحويل-( محمد) للشركة فى الولايات المتحدة الأمريكية ألف دولار قابلا للصرف فى الصومال، فتقوم الشركة بصرف الدولار إلى شلن صومالي قبل التحويل، ثم تقوم الشركة بالتحويل إلى شركة أخرى أو فرعها لدفع المبلغ إلى شخص معين( إبراهيم) فى الصومال.
وهذه الصورة تحتوي على عمليتين:
الصرف
تحويل المبلغ
أنواع الحوالات
تنقسم الحوالات النقدية إلى قسمين رئيسيين هما:
•حوالات داخلية
•حوالات خارجية
النوع الأول: الحوالات الداخلية :
وهي عبارة عن أمر كتابي يصدره العميل إلى الشركة القائمة بالتحويل لدفع مبلغ من النقود إلى شخص آخر فى مدينة أخرى شريطة أن يقوم طالب التحويل بإيداع المبلغ المطلوب تحويله لدى الشركة، أو أن يكون له حساب جاري به يغطي هذا المبلغ المراد تحويله ثم تقوم الشركة بتحويله إلى الشخص الذي يحدده العميل على عنوانه"[5]. وهذا يعني نقل الشركة مبلغا( مثلا مائة دولار أمريكي)من مكان(بوصاصو) إلى مكان آخر(مقديشو) لدفع هذا المبلغ إلى شخص معين. وتأخذ الشركةعمولة(أجرة) ـ مثلا (خمسة دولار) على عملية التحويل.
وتتم عملية التحويل الداخلي عبر إحدى الوسائل التالية:
نظام الانترنت Online System
• البريد
•التليفون
•التلكس
• الفاكس
• شيك مصرفي
من الواضح أن الشركة لا ترسل المبلغ المراد تحويله فعلا، ولكنها تأمر أو تطلب شركة أخرى أو فرعا لها هناك لدفع المبلغ
النوع الثاني:الحوالات الخارجية
الحوالات الخارجية هي عملية نقل النقود من دولة(أمريكا) إلى دولة أخرى(الصومال) بناء على طلب العملاء[6].
وتتم عملية التحويل الخارجي عبرالوسائل المستخدمة فى الحوالة الداخلية، بالإضافة إلى الاعتماد المستندي أو الشيكات السياحية.
وتتقاضى الشركة أو البنك عمولة على الخدمات المقدمة للعميل.
التكييف الفقهي للحوالات النقدية
الحوالة النقدية المعاصرة تأخذ أشكالا عديدة وصورا مختلفة، لذلك فهل هذه العملية هي الحوالة الفقهية التقليدية أو سفتجة (قرض) أو وكالة أو هل هي إجارة ؟
تكييف الفقهاء المعاصرين للحوالة النقدية المعاصرة كالتالي
أولا: تخريج هذه العملية على أساس الحوالة:
دعنا نعود إلى مثالنا السابق، مثلا محمد الآمر بالتحويل مدين، وقريبه(إبراهيم) المستفيد من الحوالة دائن فذلك يحيل هذا على الشركة المأمورة بالتحويل، فتصبح الشركة بموجب هذه الحوالة مدينا للمستفيد، وهي بدورها قد تحيل المستفيد على شركة أخرى فى البلد الذي يقيم فيه المستفيد، فتتم بذلك حوالة ثانية، فيصبح بموجبها الشركة مدينا للمستفيد. وقد يكون للشركة الأولى فرع فى المكان الذي أرسل إليه المبلغ، ولا يكون هناك حوالة ثانية؛ لأن الفرع ممثل للشركة[7].
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل الحوالة النقدية المعاصرة هي الحوالة الفقهية المعروفة التقليدية؟ أو بعبارة أخرى هل العلاقة بين مُرسِل المبلغ وشركة الحوالة علاقة دائن ومدين؟ وهل هناك دين بينهما؟
الجواب هو أن الحوالة الفقهية التقليدية يشترط فيها كون المُحيل مدينا للمحال كما يشترط أن يكون المُحال عليه مدينا للمحيل، وهذان الشرطان لا يوجدان فى الحوالة النقدية المعاصرة. فليس على الشركةالقائمة بالتحويل دين لشخص من عملائها؛ لأن الحوالةالفقهية هي نقل الدين من ذمة إلى ذمة، والعلاقة بين العميل والشركة ليست علاقة دائن و مدين. بالإضافة إلى ذلك، أن أركان الحوالة غير متوفر فى الحوالة النقدية المعاصرة، فقد يكون المحيل والمحال عليه شخصاواحدا، مثلا أن يحيل شخص إلى حسابه فى بلد آخر. وكذلك لا يجوز أخذ الأجرة فى عقد الحوالة، لكن تتقاضى الشركات القائمة بالتحويل العمولة على التحويل[8].
ولذلك نرى أن التخريج على أنها حوالة فيه تكلف، ولو سميت هذه العملية بالحوالة، فإن الاعتبار فى العقود بالمعانى والمقاصد لا بالألفاظ والمبانى.
ثانيا: التخريخ على أساس السفتجة
ليسهل لنا تخريج الحوالة النقدية على أساس السفتجة، ما هي السفتجة؟، وهل هي عقد جائز شرعا؟
السفتجة هي" دفع شخص ماله فى بلد لشخص آخر ليقبضه من وكيله فى بلد آخر درءا لخطر الطريق ومؤونة الحمل"[9].
وأما حكمها فاختلف الفقهاء فيها[10]:
فذهب الحنفية والشافعية إلى كراهيتها مطلقا.
والمالكية فرقوا بين المبلغ الذي يخف حمله وما يثقل حمله، فأجازوها فيما ثقل حمله إذا لم يأمن المقرض الطريق على ماله.
وأما الحنابلة فمنهم من من أطلق المنع، ومنهم من أطلق الجواز، والراجح عندهم هو الجواز مطلقا كما يقول ابن قدامة:"والصحيح جوازه لأنه مصلحةلهما من غير ضرر بواحد منهما والشرع لايرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها بل بمشروعيتها ولأن هذا ليس بمنصوص على تحريمه ولا فى معنى المنصوص فوجب إبقاءه على الإباحة والأصل فى العقود الإباحة وليس فى السفتجة ما يمنع بقاءها على الأصل"[11].
ويظهر من تعريف السفتجة عند الفقهاء أن السفتجة عملية قرض، فالمبلغ الأصلي، الذي دفعه العميل إلى البنك ليقوم بتحويله إلى بلد آخر، هو قرض، وإلى هذا ذهب الشيخ مصطفى الزرقا[12] والدكتور محمد الأمين مصطفى أبوه الشنقيطي[13].
وهذا التخريج ليس بصحيح لوجود الفرق بين السفتجة والحوالة النقدية المعاصرة كالتالي:
أن السفتجة قرض كما سبق ذكره، والحوالة النقدية المعاصرة ليست قرضا.
ولأن المبلغ المدفوع إلى الشركة(البنك) ليس على أساس القرض، وإنما يدفع العميل إليها لنقل المبلغ إلى مكان آخر.
وأن المقترض فى السفتجة لا يأخذ أجرا، أما الشركات القائمة بالحوالة النقدية فإنها تأخذ أجرا على هذه العملية.
ثالثا: التخريج على أساس الوكالة:
قد ذهب بعض العلماء المعاصرين منهم الدكتور عثمان شبير[14] و الدكتور وهبة الزحيلي[15] والدكتور عبدالله العبادي[16] إلى أن الحوالة النقدية المعاصرة على أنها من قبيل الوكالة. ويرون أن العميل-مريد التحويل- بمثابة المُوكّل، وأما الشركة التى تقوم بتحويل المبلغ فتكون بمثابة الوكيل، بينما تكون عملية التحويل على أساس الوكالة بأجر.
وهذا التخريج لا يبدو وجيها بالنسبة لواقع الشركات القائمة بالحوالة وعملائها، فالشركات القائمة بالحوالة تقوم بضمان النقود إذا حصل أي تلف للنقود سواء بتعد أوبتقصير أم بدون ذلك، والشركات-حسب تخريج الوكالة- يد أمانة، والوكيل أمين فلا ضمان عليه لموكله إلا إذا حدث منه تعد أو تفريط[17]. وستتضح مسألة ضمان الشركات القائمة بالحوالة فى التخريج التالي.
رابعا: التخريج على أساس الإجارة:
يمكن تخريج الحوالة النقدية المعاصرة على عقد الإجارة. ويكون الوصف الفقهي لها هو أنها إجارة على نقل النقود. وأن أركانها قد توفرت فى عملية التحويل، فيكون العميل المُحوِّل بمثابة المستأجر، والشركة القائمة بالتحويل بمثابةالأجير، والمستأجرعليه هو خدمة التحويل، وما يتقاضاه البنك(الشركة) من العميل أجرة على التحويل[18].
الترجيح:
تخريج الحوالة النقدية المعاصرة على عقد الإجارة هو الراجح لقوته ولقربه إلى أصول الشريعة الإسلامية السمحاء ولمراعاته مصلحة الطرفين العميل والشركة. وقد قال به بعض العلماء والباحثين المعاصرين منهم الشيخ أحمد إبراهيم بك، ، والدكتور محمد رواس قلعة جي، والدكتور عبد الحميد إبراهيم، والدكتور سترين بن نواب الجعيد، والدكتور صالح بن زابن المرزوقي[19].
الاعتراضات التي تثار حول الحوالة النقدية
أولا: قد يتساءل البعض أن من شروط الصرف التقابض فى المجلس،سواء كان النقدان متحدين فى الجنس أو مختلفين، لقوله صلى الله عليه وسلم:" الذهب بالذهب ربا إلا هاء بهاء"[20] ومعنى هاء وهاء: مقابضة. أما ماتقوم به الشركات القائمة بالتحويل فهوأن العميل يُسلّم للشركة قيمة المبلغ الذي يريد تحويله، وقد لايُسلمها مبلغا أصلا، إذا كان له حساب لدى الشركة، ثم بعد ذلك يتسلم الشيك بالمبلغ المراد تحويله، أو يأتيه إشعار بأن الحوالة قد تمت برقيا أو هاتفيا، فإن التقابض فى عملية الصرف لم يتم، فهل هذا العقد مقبول شرعا؟
الجواب: أن العميل عندما يتسلم الشيك مثلا، أو يتسلم الإشعار بأن الشركة قد أرسلت برقية للشركة الأخرى المحول عليها، أو اتصلت بها هاتفيا، وأمرتها بصرف المبلغ حالا للمستفيد، ـ فإن القبض يتم حالا وبمجرد الانتهاء من عملية التحويل فى نفس الوقت وبتاريخ اليوم الذي يتم فيه البيع على أساس السعرالحاضر، لأن العميل يستطيع فى نفس اليوم أن يذهب للجهة المحول عليها، ويتسلم المبلغ وبدون تأخير[21]. أما إذا أخر البنك أو الشركة تسليم المبلغ فى تاريخ لاحق، مثلا بعد شهر، فهذا ممنوع شرعا، لان هذا لا يعتبر قبضا، ولأن تاريخ القبض قد تأخر فلا يحق للعميل أن يتسلم إلا بعد حلول التاريخ، ولربما تغيرت قيمة العملة المحولة فيتضرر أحد الطرفين.
أما إذا كان التأخير ليس بسبب الشركة أو البنك كأن يؤرّخ الشيك أو الإشعار الموجه إلى الشركة الأخرى باليوم نفسه الذي تم فيه إجراء الحوالة، بل كان بسبب العميل(مثلا: طالب فى أيام الاختبارات فلم يستطع أن يذهب إلى الشركة ليتسلم المبلع)، فلا بأس فى هذا لأن التقابض يُعدُّ ناجزا فى مجلس العقد، بدليل أن الشركة المحول عليها الخطاب ستحاسب العميل على نفس سعر اليوم الذي صدر منه الشيك أو الإشعار[22].
ثانيا: وإن قيل:" إن الأجير وهو الشركة لن تقوم بما استؤجر عليه وهو إيصال المال الذي دفعه إليها المستأجر إلى البلد المطلوب بل ستحتفظ به ليقبض المستأجر بدلا عنه فى البلد الآخر، والإجارة لا بد فى انعقادها من أجرة ليتحقق معناها فبماذا استحقت الأجرة إذا لم يقم الأجير بالعمل"[23]. أي لا يتم نقل النقود بعينها هناك، وإنما يعطى العميل نقودا أخرى.
والجواب على ذلك أن المقصود من الإجارة وهو نقل النقود قد تحقق إما حسيا وذلك بنقلها فعلا، أومعنويا وذلك بإعطاء العميل مثلها هناك فى فر ع الشركة ، والنقود لا تتعين بالتعيين كما هو الراجح من قولى العلماء فى النقود الذهبية والفضية، وكما هوالثابت فى النقود الورقية فى هذا العصر. بدليل أن المستأجر لو عدل عن تحويل النقود بعد دفعه إلى الشركة، فإنه لا يلزم الشركة ردها بعينها بل تعطيه مثلها[24].
ثالثا: قد يقول البعض بأن الحوالة النقدية مع الصرف تشكل عقدين فى عقد واحد، العقد الاول هو الصرف، والعقد الثاني عقد الإجارة, وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين فى بيعة، فما الحل لذلك؟
الجواب: هو أن الأمر ليس كذلك، فالصرف عقد قائم بنفسه، والإجارة عقد آخر، ولا علاقة بينهما. إن المنهي عنه إذا كان أحد العقدين شرطا للآخر، مثل أن يقول: لا أصرف لك إلا أن تحول المبلغ عبر الشركة. وهذا لا يحدث، بل قد لا يكون هناك صرف.
رابعا: قد يقال: كيف تضمن الشركات القائمة بالتحويل النقود عند الهلاك كما لو جمد مال الشركة أو وقع عليه حريق أو آفة لا دخل لها فيها، دون أن يثبت تعديها أو تقصيرها؛ لأن الأجير يده يد أمانة فلا يضمن إلا بالإهمال أو التفريط؟
الجواب على ذلك: الشركات القائمة بالتحويل كالأجير المشترك. (الأجير المشترك هو الذي يعمل لعامة الناس أو هو الذي يستحق الأجرة بالعمل) فيتحمل الأجير المشترك الضمان مطلقا عند بعض العلماء[25]. والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:" على اليد ماأخذت حتى تؤديه"[26]. وماروي عن علي رضي الله عنه أنه كان يضمّن الصباغ والصواغ ويقول: لا يصلح الناس إلا هذا"[27]. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يضمّن الأجير المشترك احتياطا لأموال الناس.[28]" وهذا القول هو الموافق لمقاصد الشريعة فى حفظ الأموال، وتضمينه هو سبب وجود الثقة فى هذه المعاملات. وإذا ثبت أنه لم يفرط، أو كان التلف مما لايمكن الاحتراز منه فلا وجه للقول بتضمينه وبهذا يتم الجمع بين المصلحتين؛مصلحة أصحاب الأموال والأجراء. أما إذا قلنا بعدم تضمينه فإن المفسدة التى تلحق أصحاب الأموال أعظم من المفسدة التى تلحق الأجراء فى حالة القول بتضمينه، وإذا علم الأجير أنه ضامن بعثه ذلك على التحرز وعدم التفريط، وأخذ الحيطة لنفسه"[29].
عائد الشركات القائمة بالتحويل من عملية التحويل
يكون ربح الشركات من خدمات التحويل كالتالي:
أجر تحويل المبلغ
يجوز أخذ العمولة على تحويل النقود على أساس أنها أجرة على خدمة وهي نقل النقود. وقال ابن حزم فى المحلى:" والإجارة جائزة على التجارة مدة مسماة فى مال مسمى أو هكذا جملة كالخدمة والوكالة، وعلى نقل جواب المخاصم طالبا كان أو مطلوبا وعلى جلب البينة وحملهم إلى الحاكم وعلى تقاضي اليمين وعلى طلب الحقوق والمجيء بمن وجب إحضاره لأن هذه الأعمال كلها أعمال محدودة داخلة تحت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاجرة"[30].
فرق السعر بين العملتين إذا صاحب الصرف مع عملية التحويل.
أما فرق السعر بين العملتين إذا كان مع التحويل صرف، فهذا جائز شرعا إذا توفرت فيه شروط الصرف، ومن أهمها شرط التقابض، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح، مثلا بمثل سواء بسوء يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد"[31].
أهم نتائج البحث والتوصيات:
النتائج:
الحوالة النقدية المعاصرة : نقل النقود من مكان إلى مكان آخر.
الوصف الفقهي للحوالة النقدية المعاصرة هو عقد إجارة. ولا يصح تكييفها على أساس الحوالة المعروفة ولا على أساس السفتجة كما يكون تكييفها على أساس الوكالة غيرموافق للواقع وبعبدا عن مراعاة مصلحة الطرفين.
لها صورتان: الأولى: صرف وتحويل النقود. والصورة الثانية: تحويل النقود فقط بدون صرف.
إذا كانت العملية تتكون من صرف وتحويل،فالقبض فى الصرف يكون حكميا.
الشركات القائمة بالتحويل بمثابة الأجير المشترك، فتضمن مطلقا إذا حصل تلف.
التوصيات:
1- الشركات الصومالية القائمة لابد أن تراعى ضوابط وشروط عقد التحويل، وخاصة فى الصرف مع الحوالة.
2-ينبغي أن تتأكد الشركات الصومالية القائمة بالتحويل تنفيذ عملية التحويل بصورة موافقة للشريعة الإسلامية.
الشركات الصومالية القائمة بالتحويل ينبغي لها أن تحصل رقابة شرعية أو مشتشارا شرعيا لها للإشراف على عملية التحويل.
أو صي الشركات الصومالية القائمة بالتحويل وغيرها استثمار أموالها عن طريق صيغ التمويل الإسلامية، مثلا: المضاربة ،المشاركة ، السلم والسلم الموازي، الاستصناع والاستصناع الموازي، المرابحة للآمر بالشراء، الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك، الصكوك الاستثمارية. وهذا يعود نفعه على الشركات و المجتمع الصومالى إن طبق بصورة محكمة.
--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
[1] لسان العرب، ابن منظور، 11/195
[2] البنوك الإسلامية المنهج والتطبيق مصطفى كمال السيد طايل ، ص: 125. دليل العمل من البنوك الإسلامية لحمد هاشم عوض، ص: 71
[3] الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الجزء الأول من المجلد الخامس، ص:9
[4] معجم لغة الفقهاء للدكتور محمد رواس قلعة جي ، ص: 187. حاشية ابن عابدين، ص: 4/288.
[5] البنوك الإسلامية المنهج والتطبيق، ص: 126
[6] البنوك الإسلامية المنهج والتطبيق، ص:128
[7] دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة، لمحمد الأمين مصطفى أبوه الشنقيطي،ص:415، الناشر: مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة.
[8] تجارة الذهب فى أهم صورها وأحكامها، صالح بن زابن المرزوقى، بحث منشورفى مجلة مجمع الفقه الإسلامي-جدة، الدورة التاسعة، العدد التاسع، ص:1/261. موقف الشريعة من المصارف الإٍسلامية المعاصرة، لعبد الله العبّادي، ص:334
[9] معجم لغة الفقهاء لمحمد رواس قلعة حي، مادة: سفتجة، ص:245
[10] الموسوعة الفقهية الكويتية، ص:18/195. القوانين الفقهية
[11] المغنى لابن قدامة، ص: 4/345
[12] المعاملات المالية المعاصرة فى ضوء الفقه والشريعة، لمحمد رواس قلعة جي،ص:101.
[13].دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة، محمد الأمين الشنقيطي، ص:
[14] المعاملات المالية المعاصرة فى الفقه الإسلامي، لمحمد عثمان شبير،277.
[15] المعاملات المالية المعاصرة ، لوهبة الزحيلي، ص: 462
[16] موقف الشريعة من المصارف الإسلامية المعاصرة، لعبد الله العبادي، ص: 334-335
[17] الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي، ص: 5/4109
[18] المرجع السابق، ص: 102
[19] المعاملات المالية المعاصرة فى ضوء الفقه الإسلامي، لمحمد رواس قلعة جي،ص:101.أحكام الأوراق النقدية والتجارية فى الفقه الإسلامي، ص:378. تجارة الذهب فى أهم صورها وأحكامها، صالح بن زابن المرزوقى،ص: 259.
[20] صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الشعير بالشعير، رقم:( 2065). صحيح مسلم، كتاب المساقاة،باب الصرف وبيع الذهب بالورق، رقم: ( 1586).
[21] موقف الشريعة من المصارف الإسلامية المعاصرة، عبد الله العبادي، ص335-336
[22] نفس المرجع السابق
[23] الموسوعة الفقهية، الحوالة: 212، ط تمهيدية، الأنموذج الثالث.
[24] أحكام الأوراق النقدية والتجارية،ستر الجعيد، ص: 374
[25] الفقه الإسلامية وأدلته، وهبة الزحيلي، ص: 5/3847
[26] رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه الحاكم عن سمرة بن جندب. انظر: نصب الراية: 4/167
[27] رواه البيهقي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي. انظر: سنن البيهقي، ص: 6/133
[28] أخرجه عبد الرزاق بسند منقطع عنه.
[29] أحكام الأوراق النقدية والتجارية،ستر الجعيد، ص::376
[30] المحلى لابن حزم، ص: 8/189
[31] رواه مسلم فى صحيحه: كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق، رقم(1585)