مؤتمر دور العلماء والدعاة في ضبط الخطاب الديني: وحدة الأمة .. نبذ الفرقة والتعصب .. تعزيز القيم الروحية والإنسانية
بدأت يوم 24/10/2010م فعاليات مؤتمر دور العلماء والدعاة في ضبط الخطاب الديني ووحدة الأمة الذي تقيمه وزارة الأوقاف في قصر الأمويين للمؤتمرات بمشاركة عدد كبير من العلماء والمفكرين والباحثين والدعاة من مصر ولبنان وفلسطين وإيران وتركيا إضافة إلى سورية.
وزير الأوقاف: وحدة الأمة واجب أخلاقي وديني
وقال الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف في افتتاح المؤتمر إن عصمة الأمة تكمن في وحدتها واجتماعها والحفاظ على قيمها الأصيلة معتبرا أن الحفاظ على وحدة الأمة واجب أخلاقي وديني وان الرسالات السماوية في صفائها ونقائها وجوهرها واحدة ومصدرها واحد وتسعى جميعها لتحقيق سعادة الإنسان وحريته وكرامته.
وحذر الوزير السيد من محاولات زرع الفتنة من قبل أعداء الأمة وبث الفرقة والنزاع بين أبنائها بالاستناد إلى خطاب يخلط بين العدو والصديق والمخالف في الرأي والمغتصب للأرض والمقدسات ويحول النظر عن المعركة الحقيقية مع العدو الإسرائيلي ومن يقف وراءه ويفتعل معارك وهمية عبر إثارة النعرات والفتن ليلهي بها العقول ويشغل بها القلوب التي يجب ان تتكاتف ضد العدو الحقيقي.
ولفت وزير الأوقاف إلى خطورة ما يقوم به الإعلام الغربي عبر رسم صورة نمطية سوداوية عن الدين الإسلامي بشكل عام والخطاب الديني بشكل خاص وتشويه المصطلحات مؤكدا أن ضبط الخطاب الديني أولوية كبيرة بالنسبة للأمة ليكون عامل وحدة وتوعية وسبيلا لكشف الحقائق.
ودعا السيد إلى ضبط وتطوير الخطاب الديني المعزز لثقافة التسامح كضرورة ملحة وتحويله إلى خطاب فاعل متميز من شأنه أن يؤهل الأمة لتكون رائدة في المجتمع الإنساني لافتا إلى الدور الذي يمكن أن تؤديه المؤسسات التعليمية الشرعية في تصحيح المفاهيم وتشكيل رأي عام ينسجم مع القيم الوطنية بعيدا عن كل ألوان التشدد معتبرا أن النموذج السوري في التسامح والتآخي يعتبر نموذجا يحتذى للآخرين من خلال الالتزام بالقضايا الوطنية والأخلاقية.
***
حسون: نبذ الخلافات المؤدية للفرقة
من جهته أكد سماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية أهمية المؤتمر في وضع الأسس السليمة والصحيحة لتحقيق وحدة الصف الإسلامي ونبذ الخلافات التي تؤدي إلى الفرقة والتشرذم مبينا أهمية الوحدة الإسلامية في ظل الظروف الراهنة وضرورة التعاون بين أبناء الأمة الواحدة على اختلاف مذاهبهم الفكرية ومدارسهم الفقهية لان الشرائع السماوية مصدر ثراء فكري وروحي وإنساني.
وشدد حسون على أهمية دور العلماء التنويري والإرشادي في إيجاد السبل الكفيلة بتحقيق وحدة الأمة من خلال إخماد نار الفتن المذهبية والطائفية وعدم السماح للمتعصبين بفرض أفكارهم التي تمزق الأمة وتعمل على تفكيكها.
وأشار المفتي العام للجمهورية إلى ضرورة أن يجمع المؤتمر بين الإنسان والكلمة لأنهما حجر الانطلاق لأي حضارة مطالبا وسائل الإعلام المختلفة في العالمين العربي والإسلامي بتبني سياسة واضحة تعتمد على تحقيق الوحدة ونبذ الفرقة والخلاف.
***
جمعة: الوحدة بين المذاهب
من جهته أكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية على أهمية المؤتمر في تحقيق وحدة الصف الإسلامي التي تعتبر فرضا من فروض الدين وأساسا من أساساته وخاصة في هذه الظروف التي تمر بها الأمة حاليا حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء الدين الواحد.
ودعا جمعة إلى تحويل توصيات المؤتمر عند صدورها إلى واقع ملموس لتحقيق الوحدة بين المذاهب الإسلامية ونبذ التعصب والفرقة مطالبا العلماء والمفكرين بالحض على تعاليم الإسلام السمح وإتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلى الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده.
***
موسوي: مواجهة الغزو الثقافي
بدوره تحدث الدكتور سيد احمد موسوي السفير الإيراني بدمشق عن أهمية الخطاب الديني في مواجهة الغزو الثقافي والفكري الهادف لإفراغ الإسلام من مضمونه وتقديمه للعالم على انه دين عنف وإرهاب مبينا دور علماء الدين وقادة الرأي في التعرف على مكامن الخلل وإزالتها بشكل نهائي والعمل على تعزيز القيم الإسلامية والارتقاء بها في سبيل الوصول إلى الوحدة الإسلامية التي باتت اليوم ضرورة ملحة.
***
آيدن: تعزيز قيم التسامح
من ناحيته أشار الدكتور عاكف آيدن نائب رئيس الشؤون الدينية في تركيا إلى مسؤولية العلماء في وحدة الأمة من خلال العمل على إزالة الفروق والاختلافات وتعزيز قيم التسامح والتعاون الجماعي في المجتمع معتبرا أن الاختلافات الفكرية داخل العالم الإسلامي ثروة لأبناء الأمة وليست سببا لإبعادهم عن الموضوعات الرئيسية لها.
ولفت آيدن إلى أهمية تبني أسلوب جيد ومحبب يقدم من خلاله الخطاب الديني الحقائق بلغة واضحة ومفهومة وينبه إلى الأخطاء بأسلوب ملائم مشيرا إلى ضرورة إقران الدعوة بالتصرفات الحسنة.
***
قاسم: دعم المقاومة
وأكد سماحة الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله ضرورة تضافر جهود علماء الأمة وقادتها للوقوف أمام الأخطار التي تحدق بالأمة جمعاء جراء المخططات والمشاريع الرامية لتفتيتها وتمزيقها لافتا إلى المسؤولية الشرعية التي تقع على عاتق العلماء والدعاة في مواجهة كل أسباب التوتر المذهبي أو الديني.
وأشار قاسم إلى الفتاوى الجريئة والشجاعة التي تصدر من كبار علماء الأمة الإسلامية التي تحمل مضامين الوحدة مبينا أهمية التنسيق بين علماء الأمة حول جميع القضايا التي من شأنها توحيدها ورص صفوفها.
ودعا قاسم الأمة الإسلامية إلى دعم المقاومة وتجنيبها كل الأخطار المحتملة لأنها صاحبة الحق والأرض مؤكدا أن الأمة الإسلامية معنية بالقضية الفلسطينية لان فلسطين قلبها النابض وأساس القضايا جمعاء.
***
عيواص: الوحدة الوطنية والعيش المشترك
من جانبه أكد غبطة البطريرك اغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم على ضرورة مواجهة التحديات التي أوجدها أعداء الأمة بالإيمان بالله والثقة بالنفس والمحافظة على الوحدة الوطنية لافتا إلى ان المسلمين والمسيحيين في سورية يعيشون أخوة وسيعملون يدا بيد لحماية الوطن.
وقال البطريرك اغناطيوس أن للخطاب الديني دورا هاما في توعية الشعوب بحياتهم الروحية والاجتماعية والوطنية ودفعهم إلى احترام الآخر انطلاقا من مبادئ الشريعة على عكس ما تقوم به بعض وسائل الإعلام اليوم التي باعدت بين الشعوب وزادت في ابراز الفوارق وتعميق سؤ الفهم بين الأديان والمذاهب المختلفة منوها بالتعاون الإسلامي المسيحي لنشر الحضارة العربية التي ساهمت في تطور العالم وازدهاره.
-*-*
اختري: للإعلام دور هام
وأوضح الأمين العام للمجمع العالمي لآل البيت عليهم السلام الشيخ محمد حسن اختري أهمية المؤتمر في توحيد الأمة الإسلامية وتعزيز تلاحمها وتكاتفها وفتح باب الحوار والنقاش للتفاهم حول العديد من القضايا لافتا إلى ضرورة خروج المؤتمر بمقترحات وتوصيات من شانها معالجة مشاكل الأمة الإسلامية وهمومها.
وبين اختري مسؤولية العلماء والدعاة في الدفاع عن حقوق الأمة وعزتها وعن الأسس والقيم الإنسانية مشيرا إلى دور الإعلام في توضيح المعارف الدينية والشؤون الاجتماعية للأمة الإسلامية والعالم وكشف المخططات الإسرائيلية وحشد الرأي العام العالمي للدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة والعمل على استرجاع الحقوق المغتصبة وحماية المقدسات.
**
نصر: توحيد الرؤية حيال القضايا الكبرى
بدوره أشار الباحث الشيخ كميل نصر إلى خطورة المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية في العصر الراهن حيث تواجه ألوانا من التحديات ومحاولات الهيمنة ما يتطلب من العلماء والحكومات اتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بتحقيق وحدة الصف الإسلامي مؤكدا ضرورة تجديد الخطاب الإسلامي بما يتناسب مع الواقع الحالي للأمة ويؤدي إلى النهوض بها من خلال مد جسور التعاون مع مختلف الأديان والمذاهب.
وطالب نصر بضرورة بلورة رؤية موحدة حيال القضايا الكبرى التي تواجه الأمة الإسلامية والتأكيد على مبدأ الوسطية والاعتدال على النحو الذي جاء به الإسلام الصحيح وحث عليه.
***
التسخيري: الابتعاد عن كل ما يفرق الأمة
من جانبه أشار سماحة آية الله الشيخ محمد على التسخيري الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أهمية أن يكون الخطاب الديني موضوعيا وان يركز على وحدة الأمة ورص صفوفها والابتعاد عن كل ما يفرقها وان يتناسب مع واقعها الحالي.
***
البوطي: مواجهة بذور الفتنة
من جهته شدد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي المشرف على الحلقات العلمية وخطيب الجامع الأموي بدمشق على أهمية وحدة الأمة في هذه الظروف الراهنة من اجل صد عمليات الغزو الثقافية والفكرية التي تتربص بالمسلمين ووحدتهم من خلال المؤسسات الصهيوينة العدوانية التي تقوم باستعمال كافة الوسائل لزيادة الشرخ وزرع بذور الفتنة بين الأشقاء المسلمين باختلاف مذاهبهم.
***
غانم: الرسالات السماوية تدعو للمحبة
وقال الباحث الإسلامي سليمان غانم أن الرسالات السماوية أكدت أن الحب هو سبب إيجاد الكون والخلق ثم كان الصدق هو السبب في استمرار هذا التكوين بأسره فالذي جاء به سيدنا موسى هو الذي أتى به سيدنا عيسى وهو الذي ختم به سيد المرسلين رسالته فالجميع رسل الله وكلهم دعوا إلى معرفته وعبادته وهكذا فإذا كان الأمر كذلك بين الرسالات السماوية فالأجدى أن يكون الأمر كذلك بين مذاهب الدين الواحد التي تندرج كلها تحت لواء الإسلام العظيم فالرحاب الإيمانية تتسع للجميع.
***
جلسات الحوار
بعد ذلك بدأت الجلسة العلمية الأولى للمؤتمر وتحدث فيها كل من فضيلة الدكتور الشيخ نبيل الحلباوي مشرف الشؤون العلمية والتربوية في معهد السيدة رقية للدراسات الإسلامية عن أثر الخطاب الديني على الأمن المجتمعي فيما تحدث فضيلة الدكتور إبراهيم سلقيني مفتي حلب عن ملامح الخطاب الإسلامي الصحيح وتناول الشيخ علي فضل الله في محاضرته الخطوات العملية في ضبط الخطاب الديني.
وتحدث سماحة آية الله السيد مجتبى الحسيني ممثل الإمام الخامنئي في سورية عن الخطاب الديني ومرجعيته الدينية المعتمدة والدكتور حسام الدين فرفور رئيس قسم التخصص والدراسات التخصصية في مجمع الفتح الإسلامي عن واقع التنوع المذهبي والدكتور عبد الناصر جبري مدير معهد الدعوة الإسلامية في بيروت عن خطر استغلال الدين في النزاعات السياسية والشيخ غزال غزال مفتي اللاذقية عن مسؤولية الكلمة في ميزان الشريعة. ويناقش المؤتمر الذي يستمر يومين خطر الفضائيات والبث الطائفي وأغراضه والإعلام وصناعة الأهداف الوهمية والمؤامرة والخلط بين المقاومة والإرهاب في الإعلام وجذور المنبر في الوعي الإعلامي وثقافة التقريب ومقاصد الشريعة الإسلامية وأثرها في وحدة الأمة ومسؤولية علماء الدين ودور الإفتاء في وحدة الأمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق