تكشف معلومات جديدة تخبط مجموعة من كبار رجال المال والاقتصاد والتجار والصناعة والساسة الغربيين بشأن الموقف الغربي مما يسمي بـ''ربيع الثورات العربية'' وما حدث في المنطقة كمثال مغاير وأهميته الإقليمية في ظل الربحية المرتقبة من التمكين الشيعي في منطقة الخليج العربي. وروى أحد المطلعين على بواطن الأمور في هذه المجموعة بحكم عمله وتمتعه بقدر عال من الثقافة أن شركة مقاولات أمريكية دأبت على التعامل وبصورة متكررة منذ عشرين عاماً مع مجموعة مقاولات شهيرة تتخذ من منطقة سنابس مقراً لها، وأن الابن الأكبر لصاحب المجموعة كان يفاخر بوجود مجموعة بيلدربيرج "The Bilderberg Group" على قائمة عملاء شركته، ظناً منه أنها مجموعة مقاولات عملاقة ذات حضور دولي رغم ذكر مندوب الشركة الأمريكية لصلة الشركة بالمجموعة على سبيل الترويج لمكانتها في السوق وسطوتها على المشاريع. وطيلة العقد الأخير، أبرزت تقارير متفرقة في الصحافة الأمريكية مؤهلات القيادات الاقتصادية السياسية الإقليمية المرغوبة جداً لدى شركاء وأذرع مجموعة بيلدربيرج -دون الإشارة إليها بطبيعة الحال- نظراً لثقافتهم الغربية وأهليتهم للقيام بدور استراتيجي وإقليمي فاعل جداً يعود بالنفع الكبير على المجموعة. والمجوعة المذكورة هي أكبر شركة مقاولات صناعية وإنشائية وبنى تحتية في العالم فازت بعقد إنشاء المصهر بشركة ''ألبا'' وقبل ذلك نالت الشركة نصيب الأسد في إعادة إعمار العراق عن طريق المكتب العراقي للاستشارات والإنشاء لملياردير عراقي ومقره لغاية عام 2007 كان في مبنى يوروتاور في سنابس - مقر شركة ريف والحكومة الإلكترونية سابقاً. وهذه الشركة هي أيضاً من فاز بنصيب الأسد في إعمار الكويت بعد الغزو، كما إن رئيس مجلس إدارة الشركة يدير هذه الإمبراطورية الإنشائية من مقر الشركة في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وهو عضو كبير في مجموعة بيلدربيرج. نسخة غير أخلاقية لمنتدى دافوس إذا ما تركنا وراءنا نظريات المؤامرة وأساطير الجماعات السرية عبر التاريخ وكافة الأدبيات المبالغة والمثيرة للغط حول جذورها وعقائدها، خصوصاً الجانب المستفز للعاطفة العربية والإسلامية حول ارتباطاتها اليهودية والصهيونية، فيجدر بنا عندها التجرد من هذه المنغصات التي تخفي السبب الحقيقي لوجود مثل هذه المنظمات والمجالس والمجموعات. ويقول المثل الأمريكي الدارج They're all in it for the money ويعني بالعربية ''أنهم جميعاً في ذلك من أجل المال''. لذلك نجد هذه المجموعة ذائعة الصيت لأنها تجمع صناع القرار الاقتصادي السياسي ورجال الساعة في التقدم العلمي والتقني والتجاري، وتكون اجتماعاتهم السنوية بمثابة النسخة غير الأخلاقية لمنتدى دافوس الاقتصادي، ويقومون خلالها بتحديد التحركات المقبلة على الخارطة الربحية الجماعية مع مراعاة مصالحهم الفئوية في ظل نظيرتها المشتركة، بحيث لا يكون العمل الفئوي يصب في مصلحة العمل الجماعي ونجاحه على المدى الطويل. المشكلة أن المرئيات والمحاضر لا تعلن نظراً لاصطدامها بالمثل التي يتغنى بها الأعضاء أمام مجتمعات الغرب الديمقراطي والحرية المزعومة، والأهم من ذلك هو خضوع الساسة الظاهرين على مسرح الحكم في تلك الدول لإملاءات الكواليس البيلدربيرجية وغيرها من التجمعات غير المعلنة، وعندما يتخبط دهاة بيلدربيرج -وهم بشر يخطئون- نرى تخبط الساسة المؤتمرين بأمرهم، وهو ما رأيناه مؤخراً في الموقف الغربي من ''ربيع الثورات العربية'' وما حدث في المنطقة كمثال مغاير وأهميته الإقليمية في ظل الربحية المرتقبة من التمكين الشيعي في الخليج. من هي »بيلدبيرج«؟ مجموعة بيلدربيرج هي مجموعة من كبار الماليين والاقتصاديين والتجاريين والصناعيين والسياسيين ورموز الملكيات القديمة المساهمين في الجهد التنموي الجمعي في دول الغرب المتقدمة، اجتمع هؤلاء لضمان ازدهار مصالحهم وتفوّق إمكاناتهم وتصدر أجنداتهم في المبيعات والأرباح والاستحواذ العلمي والمعرفي والتجاري بصورة استعمارية تبدأ بحشد الدعم السياسي بواسطة ليّ أذرع صناع القرار مرة بالثواب وأخرى بالعقاب والتسلط على الدول الأضعف والأكثر إغراء إما بالاستعمار غير المباشر أو بالتدمير الاقتصادي أو الحربي حسب الحاجة ومقاومة الدول المستهدفة لرغبتهم. إنهم بالتالي أقوى جماعة ضغط -لوبي- دولي على الإطلاق ولها تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية عن طريق تواجد أعضائها في رئاسة أو عضوية لجان فائقة النفوذ كالهيئة الثلاثية ومجلس العلاقات الخارجية والبنك الدولي ومجلس الدفاع الأعلى وصندوق النقد الدولي، إضافةً إلى بيوت خبرة استشارية ذات حضور دولي، مر بعضها بدولتنا. أدوار خطيرة تأسست النواة الأولى لمجموعة بيلدربيرج في باريس عام 1952عندما اجتمع عدد من أقطاب وأساطين المال والسياسة والصناعة والتجارة في جو من السرية من أجل إعلان الأهداف التي ستواصل مسيرة الإقطاع بصورته الحديثة دون سلوك طريق شديد الخطورة مثلما أدى الإقطاع الجشع والمسيّس قبل الخمسينات بسنين طويلة إلى نشوب حروب عالمية. في 29 مايو ,1954 تبلورت الرؤى التي أسست لزواج المصالح المختلفة والمشتركة في اجتماع الأعضاء الـ130 بفندق بيلدربيرج في مدينة أوولستربيك الهولندية، وتيمناً بهذا الإنجاز أطلق اسم الفندق على المجموعة، وتقرر عقد الاجتماع بصورة سنوية وفي إطار من السرية والتكتم بين الساسة ورجال الأعمال المشاركين. في مايو 1973 اجتمع 84 من الأعضاء في السويد لمناقشة تهاوي الدولار الأمريكي والصراع العربي الإسرائيلي. كما اجتمع عدد غير معلوم من كبار أعضاء المجموعة عشية عيد الميلاد في ديسمبر 1974 وتحدد في هذا الاجتماع الذي انعقد في مقر مجهول أثناء أزمة وقف النفط تحرك الغرب لاغتيال المرحوم الملك فيصل بن عبدالعزيز (عاهل السعودية في ذلك الوقت). في يونيو 1991 تقرر بعد اجتماع المجموعة الشروع الفعلي في تفكيك الاتحاد السوفيتي المفلس تمهيداً لغزوه رأسمالياً والتحالف مع أباطرته الجدد. لم يتبين أحد نتائج الاجتماعات اللاحقة بصورة واضحة نظراً لدخولها في طي التكتم الشديد، إلا أن صحافيي التحقيقات يلاحقون المقار المرتقبة للاجتماعات السنوية ويرصدون الشخصيات المتوافدة عليها ويحددون الأجندات بواسطة التخمين الآني وترقب النتائج اللاحقة. انفصال جنوب السودان شكلت مجموعة بيلدربيرج ختم التفويض لتمكين الأكراد من مفاصل تصدير النفط العراقي نظراً لما تتمتع به هذه القومية العرقية المذهبية من صفات جيوسياسية تاريخية مناسبة للشراكة الاقتصادية الآنية. شكلت المجموعة -بصفتها جماعة ضغط جبارة- حجر زاوية في شرعنة انفصال جنوب السودان للاستثمار في الإقليم المستقل دون المرور عبر البيروقراطية الحاكمة الرئيسة في الخرطوم واقتسام الأرباح معها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق