ألقى مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية د. كامل أبو جابر كلمة أول من أمس في فندق سنشري بارك رحب فيها نيابة عن سمو الأمير الحسن بن طلال راعي الحفل بالمشاركين مشيرا إلى أن هذا الموضوع ينطوي على تحديات جمة، وهو بحاجة إلى عدة لقاءات وندوات، وان اللقاء هو بمثابة مدخل إلى مدخل نستعرض فيه، بتركيز وعصف ذهني مكثف بعضا من مختلف جوانب الموضوع.
أشار أبو جابر إلى أن قلوب البشر تتصلب وتنكمش بنفس النسبة التي ينكمش بها عالمنا اليوم، حيث لم تساعد وسائل الاتصال والإعلام الحديثة على تقريب نفوس وقلوب الناس إلى بعضها، بل يبدو ومع بدايات الألفية الثالثة، التي استقبلناها بالترحاب، أن أجواء الكراهية والعنف والمقت تسيطر على القلوب والعقول حيث تسود في العالم ثقافة (الميديا) التي يسيطر عليها نفر محدود من الناس، وتروج للعنف والكراهية والاستهلاك والربح واللامحدود والإباحية والجنس، وحيث لا يوجد هناك لا وازع ديني، ولا مكارم أخلاق، ولا تمسك بالمبادئ الإنسانية النبيلة.
وأضاف أن الجوامع تفوق الاختلافات بين الأديان، الأمر الذي يشجع الجميع على أن المشكلة ليست في الدين، بل في نفوس الناس،مبينا أن الإسلام والمسيحية يتشاركان في الإيمان بإله واحد، وفي محبته وتقديسه، كما يتقاسمان معانٍ نبيلة كثيرة، منها أن يحب الإنسان لجاره ما يحبه لنفسه، مشيرا إلى أن هذه المبادئ الراقية أفسحت المجال لان يصبح مجتمعنا ألفسيفسائي المرتكز إلى قبول الآخر، واختلاف الملل والنحل، مجتمعا رحبا لا تناقش فيه العبادات وأمور الإيمان، وأن يقتصر على أمور المعاملات بين البشر فقط.
كما تحدثت ممثلة مكتب اليونسكو في عمان مانيا القاوقجي كادت آن اهتمام اليونسكو بعقد مثل هذه اللقاءات يأتي ضمن الأولويات في دعم الثقافة والحوار على أسس علمية لتحقيق التآخي الإنساني بين الشعوب، ودعم حقوق الكانسان .
بعد ذلك واصل المشاركون عقد الجلسات وتحدث في الجلسة التي أدارها د. علي محافظة كل من د. هشام نشابه رئيس جامعة المقاصد/ مدير المعهد العالي للدراسات الإسلامية في لبنان، والأب د. جورج مسوح رئيس مركز الدراسات الإسلامية المسيحية - جامعة البلمند في لبنان.
استعرض د. نشابه في ورقته التي جاءت بعنوان» تعليم الدين في لبنان» عملية التعليم الإسلامي في المدارس اللبنانية الحكومية والخاصة، مبينا انه ليس لمادة الدين الإسلامي منهاج واحد متفق عليه في المدارس الإسلامية في لبنان ، فالمدارس تعتمد مناهجها الخاصة بها، فيما تعتمد المدارس الحكومية على ما تقره دار الفتوى. وأضاف أن معظم الكتب الدينية المدرسية ما تزال غير جذابة وغير مشوقة رغم أنها شهدت في السنوات الأخيرة تحسنا ملموسا، مبينا الى انه بالرغم أن القرآن الكريم واحد لجميع المسلمين، الا ان مؤلفي كتب الدين ، يحرصون في جميع المراحل التعليمية على أن يظهروا الفوارق المذهبية في الكتب، وغالبا ما تظهر هذه الفوارق في اختيار آيات القرآن الكريم التي يضعونها في الكتب وفي اختيار الأحداث من السيرة النبوية، وفي اختيار الأئمة التي تدرس سيرهم. بعد ذلك تحدث الأب د. جورج مسوح في ورقته التي جاءت تحت عنوان» التحديات التربوية في إطار متعدد الأديان –التربية الدينية نموذجا» وطالب بضرورة القيام بتدريس مادة الدين للطلبة المسيحيين والمسلمين معا ، بحيث يتم اختيار المناهج التدريسية وفق أسس التوافق الإسلامي المسيحي ، التي تنادي بأن الله واحد ، محب للبشرية جمعاء، وان الدين هدفه إعلاء كلمة الله، وتقديم القيم المسيحية والإسلامية المبنية على العدل والمساواة بين الخلق، وحث المؤمنين على دعم الفقراء والمساكين والمعذبين في الأرض.
وتساءل د. مسوح أين الضرر في أن يعرف الطالب المسيحي والطالب المسلم جنبا إلى جنب أن الله واحد وهو خالق كل شيء؟ الا يشهدون جميعهم أن لا اله إلا الله؟ وأن الأنبياء جميعا دعوا إلى عبادة الواحد بأساليب البيئة الحضارية والثقافية التي وجدوا فيها؟ أليس الله رحيما بالناس بحيث يعلن لكل منهم عن نفسه بالطريقة التي تناسبهم من دون تغريبهم عن بيئتهم وثقافتهم؟ أين الضرر في أن يعرف المسيحي والمسلم أن أجدادهم كانوا أقسى وأكثر عدوانية من نصوصهم المقدسة؟ الم نكتف إلى اليوم من تكرار التعليم الديني ذاته والتأسيس لحروب دائمة بين أهل الأديان، والأديان بريئة مما يدعيه المدعون؟
بعد ذلك عقت الجلسة الثانية وأدارها د. موسى شتيوي مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية وتحدث فيها كل من د. محمد محمود خلف نائب رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة- دمشق والأب رشيد مستريح مدير عام كلية تراسنطة / الأردن ، حيث بين المحاضرين أسس التعليم الديني الإسلامي والمسيحي في سوريا مبينين أن هناك مناهج خاصة للتعليم الديني في المدارس والجامعات السورية لكل فئة دينية تهذب النفس وتدعو إلى نبذ الفرقة والعمل على التآخي بين جميع البشر مسلمين ومسيحيين.
بعد ذلك عقدت الجلسة الثالثة حيث تحدث فيها كل د. رسمي عبد الملك رستم عميد معهد الدراسات القبطية / مصر ود. كمال مغيث الخبير التربوي / المركز القومي للبحوث التربوية / مصر .
وأكد الباحث رستم ان دور الدراسات الدينية في التعليم من منظور مسيحي والمرتكزات الأساسية للتربية الدينية ، إضافة إلى الاهتمام بالأصول التربوية في تعاليم السيد المسيح وعند آباء البرية والجهود التعليمية في الكنيسة القبطية المصرية، فيما تحدث د. مغيث عن التعليم بين الدين والثقافة والمواطنة في مصر مبينا ان الدين والفكر ليس مجرد حقائق علمية موضوعية بل أن الوجدان يلعب دورا كبيرا في تحديد المواقف وتقدير الأمور.
بعد ذلك تحدث في الجلسة الرابعة كل من الأب د. رفيق خوري عن التربية الدينية في فلسطين ، بينما تحدث الأب د. إبراهيم دبور عن التعليم الديني والتفاعل الثقافي في الأردن من وجهة نظر مسيحية .
وأشار خوري إلى أن أهداف التربية الدينية وفقا لمناهج الدينية المسيحية تسعي غالى تربية الإنسان والمؤمن والمواطن على التنشئة المسيحية التي تعمل على صقل الأبناء ليكونوا أبناء صالحين في المجتمع ومؤدين دورا فاعلا في الحراك الاجتماعي والثقافي في فلسطين.
أما الأب د. دبور فأكد في ورقته على ضرورة التركيز على الأبعاد الدينية السمحة في المسيحية من خلال تقديم دروس المحبة المسيحية والحرية الدينية وحرية العقيدة، واحترام النظام والرئاسات والسلطات، وممارسة الإيمان بالأعمال.كما بين في الورقة الإطار العام للتعليم الديني المسيحي والتطلعات لتحقيق الأهداف المتعلقة بالتفاعل الثقافي الفعال.