السبت، يناير 19، 2013

البيان الختامي للمؤتمر الثاني لهيئة علماء الصومال

 كتب محرر دار الغربة : قديم لكن مضمونه راهن

البيان الختامي للمؤتمر الثاني لهيئة علماء الصومال




Sunday, 17 May 2009 21:27

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

 وبعد:

فقد انعقد المؤتمر الثاني لهيئة علماء الصومال في الفترة ما بين 11ـ16/5/1430هـ الموافق 6ـ11/5/2009م برئاسة رئيس الهيئة الدكتور بشير أحمد صلاد. انعقد المؤتمر في ظل ظروف حرجة يمر بها الشعب الصومالي المسلم الذي ظل يعاني من مآسي كثيرة قرابة عشرين عاما، وتعرض ولا يزال يتعرض لابتلاءات كثيرة من قتل نفوس معصومة ظلما وعدواناً، وفرار أعداد لا يعلمها إلا الله من منازلها خوفاً  من فتن الحرب وويلاتها.

ونظراً لانعدام الأمن والاستقرار هاجرت ولا تزال تهاجر أعداد كثيرة عبر خليج عدن في وسائل غير مناسبة وفي ظروف غير ملائمة فيغرقون ويهلكون، وتموت أعداد هائلة عبر الصحراء الليبية والبحر الأبيض المتوسط، ويتعرض الناجون من هذه المسيرة الطويلة والمغتربون في الغرب عامة إلي فتنة في دينهم وفقدان هويتهم.

ومن المآسي التي تواجه الشعب الصومالي نهب ثرواته البحرية وشيوع مياهه الإقليمية لكل طامع حتي أصبحت المياه الإقليمية تعج بأساطيل الدول الطامعة وتهدد وجود الكيان الصومالي المستقل، وفي هذا السياق ظهرت ظاهرة القرصنة التي تهدد الملاحة البحرية وتكون ذريعة لتنفيذ المخططات المشبوهة وتنذر بمخاطر جسيمة، كما تفيد بعض التقارير المعتبرة دفن نفايات سامة علي أرض ومياه الصومال.

في ظل هذه الظروف انعقد المؤتمر لدراسة الأوضاع والمستجدات وتشخيص جذور المشكلة وبيان الحلول المناسبة اضطلاعا بمهمة البيان الموكولة لأهل العلم صدعا بالحق وإنارة للسبيل لتبيين الانحرافات التي أدت إلي هذا الوضع المتدهور ليعلم الجميع أن المشكلة من عند أنفسنا قال تعالي: " قل هو من عند أنفسكم" وقوله تعالي: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير" وقال بعض السلف:" ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة" .

وفي سبيل البيان والتوضيح ترى الهيئة  أن الحل يكمن في اتباع القواعد الشرعية  الآتية: 

أولا: حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم

يدعو العلماء الحكومة والفصائل والشعب إلى تقوى الله سبحانه وتعالى في كل شأن من شؤونه، والاعتصام بحبل الله جميعا، وعدم التفرق في الدين والدنيا والسياسة، والدخول في السلم كافة، وطرح ونبذ كل وسائل العنف، وأساليب العداء، وطرق إثارة الشرّ والشغب، وتعظيم حرمة الأنفس المعصومة، والأموال المحترمة، والأعراض المصونة، والبعد الكامل عن استحلال الأنفس، والأموال والأعراض بأية ذريعة من الذرائع، وبأي تأويل من التأويلات، وقتل تلك الأنفس بأية طريقة من اغتيال وفتك، ومواجهة ،وإطلاق قذائف الهاون وغيره التي تعود بالضرر على المسلمين، وانتهاك حرمة الأموال والأعراض أوالتسبب في ذالك فإنه مجمع هلاك الدنيا والآخرة، وفتح باب الشرّ والفتنة على مصراعيه، وخزي وعذاب العاجل والآجل. ومن وقع في تلك الجرائم فقد تعرض لوعيد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه ضمان ما أتلفه وانتهكه من نفس أو مال أو عرض .

قال تعالى:"ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما"

روى الإمام البخاري رحمه الله من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خطب الناس يوم النحر فقال:" يا أيها الناس أي يوم هذا؟" قالوا: يوم حرام. قال:" فأي بلد هذا"؟ قالوا: بلد حرام. قال:"فأي شهر هذا"؟ قالوا: شهر حرام . قال:" فإن دماءكم، وأموالكم،وأعراضكم، عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال:"اللهم هل بلغت"؟ اللهم هل بلغت"؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته فليبلغ الشاهد الغائب، لاترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض.

ثانيا:التحذير من الغلو في الدين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والغلو في الدين ... " الحديث،  انطلاقا من هذا الحديث فإنه يجب على كل مسلم ما يلي:

ا) التزام منهج الوسطية في معالجة القضايا، والاجتناب عن الإفراط والتفريط، والغلو في الدين، وخاصة في أمور الدماء والأموال والأعراض.

ب) الالتفاف حول العلماء والرجوع إليهم في كيفية معالجة النوازل والمستجدات على وجه الخصوص، لاسيما في أوقات الفتن  والمحن قال تعالى

 { وإذا جاءهم أمر من الأمن اوالخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي ألامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم..}

ج‌)              الحذر من التسرع في التكفير والحكم على المسلمين بالردة والكفر، وبالتالي استحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم بذلك، لأن ذلك أمر لا يجوز شرعا أن يهجم فيه إلا خاصة أهل العلم، مع اعتبار الضوابط الشرعية من تحقق الخصلة المكفرة، وتوفر الشروط وانتفاء الموانع. (انظر قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي رقم175(1/19): إن الفتوى بالردة أو التكفير مردها إلي أهل العلم المعتبرين، مع تولي القضاء ما اشترطه الفقهاء من الاستتابة وإزالة الشبهات خلال مدد الإمهال الكافية تحقيقا للمصلحة الشرعية المعتبرة). وعليه:    

1)         فإن الحكومة المؤقتة مسلمة فلا يجوز تكفيرها والحكم عليها بالردة واستحلال قتالها علي هذا الأساس.

2)         كما أن الإخوة المعارضة مسلمون لا يجوز تكفيرهم أو الحكم عليهم بالردة فيستباح بذلك قتالهم.

ثالثا: تطبيق الشريعة:

إن هيئة علماء  الصومال ترحب في مؤتمرها الثاني بخطوة الحكومة والبرلمان في إقرار تطبيق الشريعة ومستعدة للتعاون معا في تنفيذ هذا القرار، كما أن الهيئة توصي الشعب الصومالي بالوقوف مع الحكومة في تطبيق الشريعة لكي تعود العزة والكرامة للأمة الصومالية المسلمة، ولا شك أن هذا الأمر يتطلب جهودا وتخطيطا، لذا نقترح مايلي:

1- استكمال الاجراءات الإدارية لقرار تطبيق  الشريعة.

2-  حدف وتعديل البنود المخالفة للشريعة  في الميثاق المؤقت. 

3- تكوين لجنة من الخبراء المختصين لتقنين الشريعة.

4- إختيار نخبة من القضاة المؤهلين علما وأمانة لتولي مهمة القضاء على كافة مستوياته.

5- تأسيس معهد القضاء لتخريج القضاة الأكفاء.

6-  فتح محاكم إسلامية في جميع البلاد.

رابعا: القوات الآجنبية في البلاد

إن الهيئة تكرر وتؤكد  ما جاء في بيانها الصادر في المؤتمر الأول للهيئة بشأن القوات الموجودة في البلاد، وتطالب السعي في إخرجها في المدة التي سبقت تحديدها في البيان الأول.

خامسا: المصالحة

إصلاح ذات البين واجب شرعي، وهو من أعظم ما يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: { لا خير في كثير من نجواهم إ لا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} وقال صلى الله عليه وسلم: " ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول إنها تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين" أخرجه أحمد والترمذي وابن حبان وغيرهم من حديث أبي الدر داء، لذلك:

أن الخلاف القائم بين الإخوة هو المتسبب في إراقة دماء الأبرياء، وإتلاف أموالهم ونزوحهم، لذالك نرى أن الإصلاح ذات البين هو حل الوحيد لتو حيد الصف وإعادة الأمن، وإنطلاقا من هذا ترى الهيئة:

1- إعلان وقف الحرب فورا من جميع الأطراف دون أي شرط.

2- وقف الدعايات وجميع ما يسبب الاشتباكات وتوسعة  فجوة الخلاف بين الإخوة.

3- قبول فتح باب التفاوض بين الإخوة لإجل التوصل إلى حل سلمي يرضي الجميع وذلك عن طريق التنازل والإيثار، لأن تعقيد الأمر من قبل الحكومة والمعارضة يفوت عليهم جميعا فرصة نجاج مشروع الإسلامي التي ربما لاتتكر ثانية ، كما نذكر الإخوة أن مسؤولية ما يترتب من ذلك يتحملها كاملة من يرفض المصالحة.

وبهذه المناسبة فإن الهيئة تقدم شكرها للأطراف التي أبدت استعداداها للمصالحة ووقف إطلاق النار، وتدعوا الآخرين للإنضمام إلى هذه المسيرة.

سادسا: الأخطار التي تواجه البلاد

1- إن الهيئة تحذر بشدة من جميع الأخطار التي تأتي من قبل أعداء الشعب الصومالي وخاصة من جانب العدو الإثيوبي الذي اعتاد دوما عرقلة مسيرة الشعب الصومالي، ومن الواضح أنها تعرقل الأمن البلاد واستقرارها وسيادتها، حيث أنها فتحت معاقل تدريب للفصائل الموالية لها المعارضة لسيادة الأمة ووحدتها.

2-             بالنسبة للقوات العالمية الموجودة في المياه الصومالية أو الإقليمية: فإن لهيئة تحذر من الخطورة التي تاتي من هذه القوات الموجودة في المياه الصومالية،  والتي تدّعي أنها تحارب القرصنة البحرية  لكن في الحقيقة لها أجندات خفية  تحت هذا الستار.

3- تدعو الهيئة الدول في المحيط الإقليمي والدولي  إلى عدم التدخل في شؤون الشعب الصومالي  والابتعاد عن كل ما يعرقل سيادته واستقراره.

4-    تدعوا الهيئة الحكومة إلى الحذر من كل ما يكون ذريعة لاستلاب جزء من الأراضي الصومالية برا وبحرا، أو يعطي طرفا آخر فرصة الطمع، أو ادعاء جزء من ذلك، وفيما يتعلق بمسألة الحدود البحرية بين الصومال وكينيا فإننا نرى تشكيل لجنة من الخبراء الأمناء لتقديم الصورة الصحيحة في ذلك، وعدم البت في القضية قبل عرضها على البرلمان.   

5-  تدعو الهيئة الشعب الصومالي ولاسيما الأطراف المعنية الى استشعار هذه الأخطار والسعي إلى توحيد الصفوف لمواجهتها.

6-  تقدم الهيئة للشعب الصومالي عموما ولمن تضرر في الحروب القائمة خصوصا التعزية، وتسأل الله تعالى أن يرحم موتاهم، ويشفي جرحاهم، ويجبر كسرهم، ويعوض خسائرهم، ويعجل لهم وللمسلمين عموما بالفرج القريب، إنه ولي ذلك والقادر عليه. 

وباللـــــه التوفيـــق 

المؤتمر الثاني لهيئة علماء الصومال

مقديشو – الصومال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون