إنّ علاقاتنا برموز الإسلام هي علاقتنا بالإسلام نفسه، لأنهم كانوا الإسلام الذي يتحدث والإسلام الذي يتحرك، والإسلام الذي يواجه التحدي، ولذا نريد هذا اليوم أن نجلس في مجلس علم أبي الحسن الرضا لنكتسب من خطه الفكر والعاطفة والحياة، وسنتطرق إلى جهتين:
الأولى: رسالة التوحيد.
الثانية: رسالة الوحدة.
رسالة التوحيد:
عندما بدأ الإمام الرضا رحلته إلى خراسان، توقف في مرو، فاجتمع إليه الرواة الذين كان كلُ همهم أن يرووا عن رسول الله من خلال أئمة أهل البيت ، فقالوا: حدثنا يا بن رسول الله. وأطلّ عليهم - وكان في المحمل - وبدأ بسلسلته الذهبية المباركة فقال: "حدّثني أبي موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدّثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: حدّثني رسول الله قال: حدّثني جبرائيل عن الله وهو يقول: "كَلِمَةُ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ حِصْنِي، ومَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي"[الأحاديث القدسية المشتركة: ص 19 - 21].
قال أبو نُعيمٍ: "هَذَا حَدِيثٌ ثابتٌ مشهورٌ...، وكانَ بعضُ سَلَفِنَا من المُحدِّثينَ إذا رَوَى هَذَا الإسنادَ قالَ: لَوْ قُرِىءَ هَذَا الإسنادُ على مجنونٍ لأفَاقَ" [حلية الأولياء: ج 3 ص 191].
لقد أراد الرضا أن يؤكد التوحيد لله في عقول المسلمين، الذين زحف الشرك والغلوّ إلى بعض عقولهم بطريقة وبأخرى من حيث لا يشعرون، وليؤكِّد لهم ما قاله الله تعالى في حديثه القدسي لرسوله: من أنّ الحصن الذي يأوي إليه الناس فيحصلون على رضواني، ويأمنون من عذابي هو «التوحيد».
ويقول محمَّد بن زيد: جِئْتُ إِلَى الرِّضَا أَسْأَلُهُ عَنِ التَّوْحِيدِ، فَأَمْلَى عَلَيَّ: "الْحَمْدُ للهِ فَاطِرِ الْأَشْيَاءِ إِنْشَاءً، وَمُبْتَدِعِهَا ابْتِدَاعاً؛ بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، لَا مِنْ شَيْءٍ فَيَبْطُلَ الِاخْتِرَاعُ، وَلَا لِعِلَّةٍ فَلَا يَصِحَّ الِابْتِدَاعُ، خَلَقَ مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ، مُتَوَحِّداً بِذَلِكَ لِإِظْهَارِ حِكْمَتِهِ، وَحَقِيقَةِ رُبُوبِيَّتِهِ، لَا تَضْبِطُهُ الْعُقُولُ، وَلَا تَبْلُغُهُ الْأَوْهَامُ، وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، وَلَا يُحِيطُ بِهِ مِقْدَارٌ، عَجَزَتْ دُونَهُ الْعِبَارَةُ، وَكَلَّتْ دُونَهُ الْأَبْصَارُ، وَضَلَّ فِيهِ تَصَارِيفُ الصِّفَاتِ، احْتَجَبَ بِغَيْرِ حِجَابٍ مَحْجُوبٍ، وَاسْتَتَرَ بِغَيْرِ سِتْرٍ مَسْتُورٍ، عُرِفَ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ، وَوُصِفَ بِغَيْرِ صُورَةٍ، وَنُعِتَ بِغَيْرِ جِسْمٍ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ" [الكافي: ج 1 ص 105].
وأراد أن يسجّل ما يقوله ليبقى منهجاً للناس في التوحيد، كما يجب أن يتصوّره الناس ويعتقدوه.
وهو أن لا يكون هناك شرك في العقيدة، ولا في العبادة، ولا في الطاعة، ولا في أيّ إحساس وشعور، وكل مَن هو غير الله، حتى من رسله، فهم ﴿ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾، عظمتهم في أنهم ارتفعوا إلى مستوى العبودية الخالصة حتى لم يروا إلا الله، وذابوا فيه تعالى.
أي أنهم وصلوا إلى مقام التوحيد العملي، وهو التوحيد الذي يعبر عنه العلماء بـ «التوحيد في العبادة» وغايته إيصال الإنسان إلى الكمال. أي أنّ الإنسان يعتبر موحِّداً ما دام يمر في مرحلة التصور، غير أنه لا يعتبر موحداً حقيقياً إلا إذا كان موحِّداً في مرحلة الحياة ومرحلة الوجود.
وهذا ما رمت إليه السيدة الزهراء في خطبتها فقالت: "وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، كَلِمَةٌ جَعَلَ الإِْخْلاصَ تَأْويلَها، وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَها، وَأَنارَ في الْفِكَرِ مَعْقُولَها".
وتبين الزهراء في شهادتها هذه، اعتقادها بالتوحيد النظري، ولكنها ومن أجل أن توضح بأنّ التوحيد النظري غير منفصل عن التوحيد العملي في الإسلام، تقول: "كَلِمَةٌ جَعَلَ الإِْخْلاصَ تَأْويلَها". والتأويل يعني المآل بحسب التعبير القرآني. والشيء الذي تكون عودته ونهايته بل وحقيقته عائدة له يعتبر تأويلاً لتلك الحقيقة.
كما يدعو زين العابدين بذلك فيقول: "اَللّهُمَّ وَاجْعَلْني مِنْ أَهْلِ التَّوْحيدِ وَالإيمانِ بِكَ". و: "وَوَسيلَتي إِلَيْكَ التَّوْحيدُ". و: "وَدَلَّنا عَلَيْهِ مِنَ الإخْلاصِ لَهُ في تَوْحيدِهِ".
ولذلك، فإنّ ما درج عليه بعض الناس من التوجّه إلى الأنبياء أو الأولياء أو الأئمة بطلب الحاجات منهم بشكل مباشر ومستقل عن الله، كما يحدث في حركة الغلوّ، هو شرك.
نعم، نتوسّل إلى الله ببركتهم، مثلاً: "وَاجْعَلْ تَوَسُّلِي بِهِ شافِعاً يَوْمَ القِيامَةِ نافِعاً" [دعاء يوم الخميس للسجاد]، فالله جعل الشفاعة لمن ارتضى من عباده، لأنه لا تنفع الشفاعة إلا بإذنه، والله هو الرزّاق وهو الخالق والمدبِّر، هو كلُّ شيء ولا شيء معه، بل إنّ كلَّ الذين يمثلون مواقع القرب إلى الله إنما قربوا إليه بطاعتهم وعملهم، وكما قال الإمام الباقر : "مَنْ كَانَ للهِ مُطِيعاً فَهُوَ لَنَا وَلِيٌّ، وَمَنْ كَانَ للهِ عَاصِياً فَهُوَ لَنَا عَدُوٌّ، وَمَا تُنَالُ وَلَايَتُنَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْوَرَعِ" [الكافي: ج 2 ص 75]. هذه النقطة ينبغي أن يُفكَّر فيها، لأنه روح العقيدة الإسلامية والتوحيد.
بعد أن انتهى الإمام الرضا من حديثه أطلَّ مرة ثانية من المحمل، وقال لهم: "بِشُرُوطِهَا وَأَنَا مِنْ شُرُوطِهَا"؛ لأنّ الإمامة كانت تتجسّد فيه آنذاك.
وهذا درس نتعلّمه، أن نبقى مع توحيد الله في خط الرسالة، وأن نبقى مع خط الرسالة في خط الإمامة، وأن نبقى مع رسول الله والأئمة من أوصيائه حيث وضعهم الله في مواقعهم، فلا نغلو فيهم، ولا نرتفع بهم عما هم فيه؛ لأنّ الحبَّ قد يجعل الإنسان يرتفع بحبِّه حتى يغلو فيمن يحب، والأئمة لا يريدون لنا أن نغلو فيهم بل يريدون لنا أن ننفتح على الله، ونتحرك معهم من خلال الله.
وكان من دعاء الإمام الرضا في البراءة ممن ينسب إليهم ما لا يقولون: "اللَّهُمَّ إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ الَّذِينَ ادَّعَوْا لَنَا مَا لَيْسَ لَنَا بِحَقٍّ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا فِينَا مَا لَمْ نَقُلْهُ فِي أَنْفُسِنَا، اللَّهُمَّ لَكَ الْخَلْقُ وَمِنْكَ الرِّزْقُ وَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ خَالِقُنَا وَخَالِقُ آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ وَآبَائِنَا الْآخِرِينَ، اللَّهُمَّ لَا تَلِيقُ الرُّبُوبِيَّةُ إِلَّا بِكَ وَلَا تَصْلُحُ الْإِلَهِيَّةُ إِلَّا لَكَ، فَالْعَنِ النَّصَارَى الَّذِينَ صَغَّرُوا عَظَمَتَكَ وَالْعَنِ الْمُضَاهِئِينَ لِقَوْلِهِمْ مِنْ بَرِيَّتِكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا عَبِيدُكَ وَأَبْنَاءُ عَبِيدِكَ لَا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا نَفْعاً وَلَا ضَرّاً وَلَا مَوْتاً وَحَيَاةً وَلَا نُشُوراً، اللَّهُمَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّا أَرْبَابٌ فَنَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِلَيْنَا الْخَلْقَ وَعَلَيْنَا الرِّزْقَ فَنَحْنُ بِرَاءٌ مِنْهُ كَبَرَاءَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنَ النَّصَارَى، اللَّهُمَّ إِنَّا لَمْ نَدْعُهُمْ إِلَى مَا يَزْعُمُونَ؛ فَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا يَقُولُونَ، وَاغْفِرْ لَنَا مَا يَدَّعُونَ، وَلَا تَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّار".
رسالة الوحدة:
عُرف أهل البيت بحرصهم على بقاء مظاهر الإسلام، والدعوة إلى عزِّته، ووحدة كلمة أهله، وحفظ التآخي بينهم، ورفع السخيمة من القلوب، والأحقاد من النفوس.
ولا يُنسى موقف جدِّه أمير المؤمنين فلم يتوقف عطاؤه عندما كان خارج الخلافة؛ لأنه كان يشعر أنه مسؤول عن الإسلام خارج الحكم كما هو مسؤول عنه في داخل الحكم لأنّ عليه أن يحفظ الإسلام.. "فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً، تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلَايَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلَائِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ الْبَاطِلُ وَزَهَقَ وَ اطْمَأَنَّ الدِّينُ وَ تَنَهْنَهَ".
وكفى أن نقرأ وصية والده الإمام موسى بن جعفر لشيعته "لَا تُذِلُّوا رِقَابَكُمْ بِتَرْكِ طَاعَةِ سُلْطَانِكُمْ، فَإِنْ كَانَ عَادِلًا فَاسْأَلُوا اللهَ بَقَاهُ، وَإِنْ كَانَ جَائِراً فَاسْأَلُوا اللهَ إِصْلَاحَهُ، فَإِنَّ صَلَاحَكُمْ فِي صَلَاحِ سُلْطَانِكُمْ، وَإِنَّ السُّلْطَانَ الْعَادِلَ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ الرَّحِيمِ، فَأَحِبُّوا لَهُ مَا تُحِبُّونَ لِأَنْفُسِكُمْ، وَاكْرَهُوا لَهُ مَا تَكْرَهُونَ لِأَنْفُسِكُمْ" [أمالي الصدوق: ص 277 ح 21].
قال الشيخ المظفر «قده»: "وهذا غاية ما يوصف في محافظة الرعية على سلامة السلطان أن يحبوا له ما يحبون لأنفسهم، ويكرهوا له ما يكرهون لها" [عقائد الإمامية للمظفر: ص 119].
ولذا قال العلماء - في حدود طاعة السلطان -: "إذا كان الحاكمُ عادلاً، فطاعته إنما هي فيما يأمر من العدل، وبما يحفظ النظام العام. أما إذا كان جائراً، فلا طاعةَ له إلا فيما يتوقف عليه حفظ النظام".
وكذلك نقرأ في أدبيات الرضا هذا المنهج الوحدوي الرائع حيث سأل أحمد بن محمد بن أبي نصر - كما في رواية معتبرة - الإمام الرضا : عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ فِي مَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ أَوْ وَحْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟! فَقَالَ: "وَحْدَهُ" [الكافي: ج 4 ص 527].
وبعد هذا، فما أعظم تجنّي بعض كتاب وخطباء العصر إذ يصف الشيعة بأنهم جمعية سرية هدامة. أو طائفة ثوروية ناقمة.
يا علماء الحرمين سيروا على نهج علماء الأزهر:
بداية أريد أن أرسل تحية عطرة لجامعة الأزهر متمثلة في شيخها الأكبر: حيث أكدَّ شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حفظه الله، حين ذكر - قبل فترة وجيزة - أنه سيزور النجف إذا ذهب الى العراق، رافضاً في الوقت نفسه تكفير الشيعة، مشدِّداً على وحدة المسلمين شيعةً وسنة، وأنّ الدين الإسلامي واحد، وأضاف قائلاً: "نحن نصلّي وراء الشيعة" معتبراً أنّ الاختلاف مقصدٌ من مقاصد الخلق يقرره القرآن الكريم، مضيفاً: "لم نعد عرباً بثقافة عربية، ولا مسلمين بثقافة إسلامية، لذلك تتخطَّفنا بعض الأفكار التافهة، وتلبس معظمها عمامة الإسلام عن جهل وغرض، وهذا معناه أنّ الساحة لا يوجد فيها تأصيل على الإطلاق".
ورفض الدكتور الطيب - رفضاً قاطعاً - خروج بعض الفضائيات بفتوى تحكم بكفر الشيعة، مؤكداً "أنّ ذلك شيء مرفوض وغير مقبول، ولا نجد له مبرراً لا من كتاب ولا سنة ولا إسلام"، وأضاف حفظه الله: "نحن نصلّي وراء الشيعة، فلا يوجد عند الشيعة قرآن آخر كما تطلق الشائعات وإلا ما ترك المستشرقون هذا الأمر، فهذا بالنسبة لهم صيد ثمين"، وأوضح أنّ له بحثاً في هذا المجال، وأنَّ "جميع مفسري أهل السنة من الطبري وحتى الآن لم يقل منهم أحدٌ أنّ الشيعة لديهم قرآن آخر"، مؤكداً بأنه "لا يوجد خلاف بين السني والشيعي يخرجه من الإسلام. إنّما هي عملية استغلال السياسة لهذه الخلافات كما حدث بين المذاهب الفقهية «الأربعة» ".
أيها الأحبة:
صحيح إنّ الشيعة لا ينتظرون من أحد أن يشهد لهم بالإسلام، إلا أنّ لكلام شيخ الأزهر تأثيره الإيجابي البالغ في الساحة الاسلامية، الأمر الذي يفوِّتُ الفرصةَ أمام دعاة التكفير والاحتقان المذهبي وإثارة الفتن الطائفية، ويلتقي بالتالي مع المواقف الإسلامية الشيعية الصادرة عن العلماء والمثقفين والداعية الى نبذ أسباب الفتنة وتوظيفها إيجابياً نحو تحقيق المزيد من التقارب على يد عقلاء الأمة بأجمعها.
فتحية تقدير واحترام لشيخ الأزهر الذي يذكرنا بأسلافه الذين دأبوا على السير في طريق التقريب والتوحيد بين المسلمين، ولم تؤثِّر فيهم كل أصوات النشاز التي تنطلق من هنا وهناك.. لاكما يفعل خطباء الحرمين الشريفين الذين يستغلون هذا المكان الشريف لأجل كيل الاتهامات الباطلة ضد أبناء الشيعة أو طوائف إسلامية أخرى من دون مراعاة منهم لقدسية الحرمين الشريفين، وأنّ هذين الحرمين يجب أن يراعا فيهما جميع المسلمين بمذاهبهم وطوائفهم المتنوعة.
وفي هذا الجوّ، قال الإمام الرضا - كما في الصحيح -: "مِنْ عَلامَاتِ الْفِقْهِ الْحِلْمُ وَالْعِلْمُ وَالصَّمْتُ. إِنَّ الصَّمْتَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ، إِنَّ الصَّمْتَ يَكْسِبُ الْمَحَبَّةَ، إِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ". لأنّ الصمت الذي يتجلل بالفكر والتعمّق يجعلنا ندرس مواقع الأشياء وما نحتاجه لنضع الأشياء في مواضعها، والحكمة هي أن تضع الكلمة المناسبة في المقام المناسب، والفعل المناسب في الموقف المناسب، والشخص المناسب في المكان المناسب، والخطّ المناسب في اتجاه الهدف المناسب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق