ماذا سنفعل لو لم يكونوا شيعة؟!
حسين أحمد بزبوز * - « شبكة والفجر الثقافية » - 10 / 9 / 2010م - 8:00 ص
من المؤسف والمحزن جداً، ومما يدفعنا لإجترار المزيد من الحزن والأسى والغبن، ومما يدمي القلوب حقيقةً، قيام بعض من ينتسبون للتشيع، ولمدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، في مدينة لندن البريطانية، بممارسة أنواع مختلفة، من الشتم والسب واللعن، لأم المؤمنين عائشة (رض)، ولبعضٍ كبار أجلاء الصحابه (رض)، المحترمين عند عامة المسلمين، في حفلٍ خاصٍ أعد لذلك.
وهي سابقة خطيرة - مع أنها قد لا تكون الأولى من نوعها -، طفت إلى السطح، حين تسابق لها بعض المتشددين، من القلة القليلة من متطرفي الشيعة، ممن يدَّعون انتماءهم لمدرسة أهل البيت (ع)، وللتشيع النقي والخالص. ورغم أن هذه الحالة الشاذة، لا تمثل الحالة العامة للشيعة، ولا تعبر عن الشارع الشيعي، بشكله العام والكامل، ولا عن جزءٍ معتبر، أو يسيرٍ منه. إلا أن هذه الحالة في الحقيقة، ستعكس صورة قاتمة وسلبية، في العالم الإسلامي، عن الشيعة والتشيع. وستترسخ انطباعات تلك الحالة والصورة القاتمة بالتأكيد، في أذهان البعض. وقد تقود فوق ذلك - لا قدر الله -، لما لا تحمد عقباه. وقد يطال شررها، من لا ناقة له فيها ولا جمل، من أبناء المسلمين، السنة والشيعة.
لقد فعلت "هذه الشرذمة"(1)، في حفلها سالف الذكر، ما تصبو إليه اسرائيل، وكل قوى الفتنة الظالمة، في هذا العالم المجنون. وأهدت لها - أيضاً -، وللمتطرفين السنة والشيعة، جائزة قيمة. قد تساعد أكثر في تمزيق المزيد من الأشلاء المسلمة، وفي إراقة المزيد من الدماء البريئة. وسيشحن بها الفضاء الإسلامي عموماً بالتأكيد، بالمزيد من جراثيم الكراهية والبغضاء. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد شاهدت، ما نشر على موقع اليوتيوب(2)، من مقاطع مخزية محزنة، ومبكية أيضاً - والله -، على واقع أمتنا الإسلامية المسكينة. التي ابتليت بأنواع الفتن. فهكذا أمة، لا يمكنها فعلاً، أن تحيا أو أن تزدهر أو أن تتطور، وهي حبيسة مثل هذه الفتن الخانقة والمهلكة والمحرقة.
وأنا هنا، إذ أستنكر، مثل هذا الفعل الأخرق، وهذه الطريقة العمياء. بهذا الإستنكار البسيط. فإنني أعلم - أيضاً - من الجهة الأخرى، أن الإستنكار هنا، ليس هو البلسم السحري الشافي. الذي سيعيد، أو قد يعيد للأمة، مجدها وتوازنها وحصانتها ومنعتها وقوتها. فهو، ليس هنا سوى، تنفيس بسيط. وبعضٌ يسيرٌ فقط، من الواجب والمطلوب، تجاه الأمة. لتهدئة ما في النفوس، من الشحناء والبغضاء والأحقاد. ولذا، كان لا بد هنا، من أن نستنكر، ومن أن نشجب. حيث لا يمكن الصمت هنا، عما قام به بعض من يدَّعون، أنهم من أبناء مذهبنا، وأنهم ينتمون لجلدتنا. فهؤلاء حقاً هم، أوجب من يجب أن نرفع عقيرتنا، لنصرخ ضدهم وفي وجوههم: "أنتم لا تمثلون مشروع الشيعة والطائفة".
ولو كان هؤلاء هنا، من متطرفي اخواننا السنة، لما صمتنا، ولتباكينا وبكينا وأبكينا. ولخرجنا للمحاكم والمحافل الدولية، رافعين رؤوسنا وأصواتنا عالياً. كما فعل البعض منا من قبل. والكل منا يفعل هكذا، السنة والشيعة.
وسل (جوجل) الشهير، فهو بنا، وعنا وعن مواقفنا، ضد كل من سبنا أو شتمنا، أو من أفتى بتكفيرنا، أو اراقة دمائنا، من مشائخ السنة وعلمائهم، أخبر. وسيخبرك حتماً، عنا وعن تصرفاتنا، في تلك الظروف، في وقتٍ قصير. خصوصاً حين يضع بين يديك وأمام عينيك، تلك العناوين والأخبار، التالية: (الشيعة يتجهون الى تقديم شكوى للملك عبدالله ضد علماء سنة)(3) - (المجلس الشيعي في مصر: نطالب بملاحقة المدعو سلمان العودة)(4) - (رئيس الشيعة في مصر يتوعد الشيخ الكلباني بمقاضاته أمام المحاكم)(5) - (شيعة يقاضون القرضاوي ويطالبون بـ"الحجر عليه")(6) - (شيعة يقاضون العلامة "ابن جبرين" أمام المحاكم الألمانية ويطالبون بتوقيفه)(7) - (شيعة بريطانيا يعتزمون مقاضاة الشيخ العريفي)(8).
وأنا هنا، لا أريد أن أدين أو أن أعارض، كل المخلصين، الذين وقفوا في تلك المبادرات والمناورات الشيعية الشجاعة، ضد الكراهية. لكنني، أريد أن أؤكد، ضرورة التحرك أيضاً، في الإتجاهات الآخرى، ضد المتطرفين، من أبناء جلدتنا. وأريد أن أشير أيضاً، إلى أنه من الواجب علينا، ونحن أتباع مدرسة أهل البيت (ع)، مدرسة الحق والعدالة والإنسانية، أن لا نكون مثل ذلك الأعور الدجال، الذي ينظر للعالم بعينٍ واحدة.
إن السؤال الجاد الذي يطرح نفسه علينا هنا، هو: "ماذا سنفعل لو لم يكن هؤلاء من الشيعة؟!".
وأنتم بالتأكيد تعلمون جواب ذلك، هنا. وهو المطالبة بالمحاكمة العادلة، وتجريم الكراهية. لذا، فلا بد من تحرك مشابه هنا.
وها قد عاد العيد بيننا مجدداً، بهذا الثوب الجديد القديم. الذي تعلمونه جيداً. لذا، سأختم هذا المقال، في هذه المناسبة، بالقول هنا - لعل في ذلك، عظة وعبرة، وموعظة وتذكرة، للبعض - : "ها هو العيد، قد عاد من جديد، في حياتنا. لنعيد فيه، خلافاتنا، حول زمان عيدنا، الذي اختلفنا حوله طويلاً، فلم نعرف له بعد توقيتاً صحيحاً. ونحن نعلم والله علم اليقين، أن ذلك العيد الصحيح، لن يكون أبداً حاضراً بيننا وفي قلوبنا، ما لم نتسامح، ونتخلص من سلوكياتنا وأفكارنا المشينة، وما دامت كل تلك البغضاء والتشاحنات، تملأ فضاءاتنا وقلوبنا".
وعلى العموم ... فعيد سعيد وكل عام وأنتم بخير.
(1) كما عبر الشيخ محمد عطية - حفظه الله -، في مقال استنكاري، حمل عنوان: (يا فضيلة الشيخ سلمان.. كلنا نستنكر!!؟؟) - ونشر في المواقع الإلكترونية، راجع موقع راصد الإخباري.
(2) موقع يوتيوب:
http://www.youtube.com/watch?v=9v9imf9gmxs&feature=related
و
http://www.youtube.com/watch?v=UsgY7j0Cbp0
(3) موقع سعوديون - (الشيعة يتجهون الى تقديم شكوى للملك عبدالله ضد علماء سنة) - يوم الإثنين 9/6/2008 م ، الموافق 5-6-1429 هـ.
(4) موقع البينة - (المجلس الشيعي في مصر : نطالب بملاحقة المدعو سلمان العودة) - 1/3/2004 م ، 10 محرم 1425 هـ.
(5) موقع سعوديون - (رئيس الشيعة في مصر يتوعد الشيخ الكلباني بمقاضاته أمام المحاكم) - يوم الإثنين 11/5/2009 م ، الموافق 16-5-1430 هـ.
(6) موقع البينة - (شيعة يقاضون القرضاوي ويطالبون بـ"الحجر عليه") - 22/9/2008 م ، 22 رمضان 1429 هـ.
(7) موقع مفكرة الإسلام - (شيعة يقاضون العلامة "ابن جبرين" أمام المحاكم الألمانية ويطالبون بتوقيفه) - الجمعة 8 مايو 2009 م.
(8) موقع مفكرة الإسلام - (شيعة بريطانيا يعتزمون مقاضاة الشيخ العريفي) - الثلاثاء 5 يناير 2010 م.
المملكة العربية السعودية – القطيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق