تحدثت تقارير
غربية نشرت يوم أمس 25/5/2013، عن تراجع المسيحية أمام الإسلام في الولايات
المتحدة الأمريكية.العنوان ـ على هذا النحو ـ يخفي "الحقيقة" التي جاءت في
التفاصيل، فقد عزا مركز "بيو" الأمريكي الذي أعد الدراسة، ونقلتها عنه
مجلة "الأيكونوميست" البريطانية، التراجع إلى تغيير الأصول القومية
للمهاجرين.. بمعنى أن المسألة لا تتعلق بـ"حراك ديني" داخلي مستقل، إنما
تغيير في "التركيبة السكانية" بسبب الهجرات القادمة من دول تدين بالإسلام.
ويبدو لي أن الدراسة تتمتع بدرجة عالية من الصدقية، وربما تكون مقدمة، لفهم
علاقة الغرب بـ"الإسلام الأوروبي" إذا جاز التعبير.الحقيقة التي لازالت
غائبة عن الوعي العام، أن ثمة فارقا كبيرا، بين منزلة الإسلام في ضمير
"الشرق" الذي يدين به.. ومنزلة المسيحية في الوعي الجمعي الغربي.الإسلام ـ
هنا في الشرق ـ "عقيدة".. والمسيحية هناك ـ في الغرب ـ "هوية".. الشرق
المسلم لن يتنازل عن إسلامه لأنه "دين".. والغرب المسيحي لن يتخلى عن
مسيحيته.. صحيح أنها فقدت ـ في الغرب ـ "قداستها" كدين، إلا أنها تحولت إلى
"هوية" لا يمكن المساس بها لأنها مناط التميز الثقافي والحضاري عن
الآخرين.
هذا الافتراض ـ الذي اقتنع به ـ يحيلنا إلى السؤال الذي ما انفك، يستخدم في
تعزيز مشاعر الكراهية للغرب في العالم الإسلامي: لماذا تتشدد العواصم
الغربية إزاء تنامي انتشار "الإسلام الرمزي" مثل الحجاب ، المساجد
؟!.الإجابة الكسولة والمتسرعة، ستقول على الفور إنه التعصب الديني
المسيحي؟ّ!.. فيما تظل أوروبا تمثل مركز الثقل العلماني في العالم، والتي
من المفترض أن تكون فيها الدولة "محايدة" إزاء الأديان!
والحال أن الغرب ليس قلقا على المسيحية من الإسلام، وإنما هو يكابد آلام
"قلق ثقافي" من التمدد الإسلامي الرمزي.. فالغرب تخلى عن "المسيحية
الدينية" ولكنه شديد التمسك بـ"المسيحية الحضارية" كـ"هوية" أمام عالم جديد
يتحول من "الصدام العسكري" إلى "صدام الحضارات" أو "صدام الهويات".
الغرب يخشى من انتشار المساجد في مدنه، خوفا على "هويته المعمارية" التي
تُستقى من الموروث الثقافي والحضاري المسيحي واليهودي.. ويخشى من انتشار
الحجاب وتفوقه على التبرج، ليس كراهية لـ"العفة" ودفاعا عن "الانحلال"..
ولكن يخشى تحول المجتمع من "النصرنة" إلى "الأسلمة" فيفقد بالتدرج هويته
الحضارية.
من هذا الوعي يمكننا فهم خطاب رئيسة الوزراء الألمانية "انجيلا ميركل" أمام
الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني حين قالت إنها لن تسمح بأن تعلو قباب
المساجد أبراج الكنائس.. وتعهد الرئيس الفرنسي عشية انتخابه أمام بابا
الفاتيكان، بأنه سيحافظ على الهوية المسيحية واليهودية لدولة فرنسا.
يوجد ـ هنا في العالم الإسلامي ـ مبالغة كبيرة في فهم موقف الغرب
"العلماني" من الإسلام، تتجاوز كثيرا إلى حد إعادة إنتاج مفردات عصر الحروب
الدينية، وإهدار طاقة العرب والمسلمين في استعداء العالم عليهم، فيما
تستغل بعض النخب الدينية في العالم العربي هذا "الوعي العاطفي" استغلالا
يبلغ حد الحض على ارتكاب الجرائم باسم الإسلام.
ويبدو لي أن الدراسة تتمتع بدرجة عالية من الصدقية، وربما تكون مقدمة، لفهم علاقة الغرب بـ"الإسلام الأوروبي" إذا جاز التعبير.الحقيقة التي لازالت غائبة عن الوعي العام، أن ثمة فارقا كبيرا، بين منزلة الإسلام في ضمير "الشرق" الذي يدين به.. ومنزلة المسيحية في الوعي الجمعي الغربي.الإسلام ـ هنا في الشرق ـ "عقيدة".. والمسيحية هناك ـ في الغرب ـ "هوية".. الشرق المسلم لن يتنازل عن إسلامه لأنه "دين".. والغرب المسيحي لن يتخلى عن مسيحيته.. صحيح أنها فقدت ـ في الغرب ـ "قداستها" كدين، إلا أنها تحولت إلى "هوية" لا يمكن المساس بها لأنها مناط التميز الثقافي والحضاري عن الآخرين.
هذا الافتراض ـ الذي اقتنع به ـ يحيلنا إلى السؤال الذي ما انفك، يستخدم في تعزيز مشاعر الكراهية للغرب في العالم الإسلامي: لماذا تتشدد العواصم الغربية إزاء تنامي انتشار "الإسلام الرمزي" مثل الحجاب ، المساجد ؟!.الإجابة الكسولة والمتسرعة، ستقول على الفور إنه التعصب الديني المسيحي؟ّ!.. فيما تظل أوروبا تمثل مركز الثقل العلماني في العالم، والتي من المفترض أن تكون فيها الدولة "محايدة" إزاء الأديان!
والحال أن الغرب ليس قلقا على المسيحية من الإسلام، وإنما هو يكابد آلام "قلق ثقافي" من التمدد الإسلامي الرمزي.. فالغرب تخلى عن "المسيحية الدينية" ولكنه شديد التمسك بـ"المسيحية الحضارية" كـ"هوية" أمام عالم جديد يتحول من "الصدام العسكري" إلى "صدام الحضارات" أو "صدام الهويات".
الغرب يخشى من انتشار المساجد في مدنه، خوفا على "هويته المعمارية" التي تُستقى من الموروث الثقافي والحضاري المسيحي واليهودي.. ويخشى من انتشار الحجاب وتفوقه على التبرج، ليس كراهية لـ"العفة" ودفاعا عن "الانحلال".. ولكن يخشى تحول المجتمع من "النصرنة" إلى "الأسلمة" فيفقد بالتدرج هويته الحضارية.
من هذا الوعي يمكننا فهم خطاب رئيسة الوزراء الألمانية "انجيلا ميركل" أمام الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني حين قالت إنها لن تسمح بأن تعلو قباب المساجد أبراج الكنائس.. وتعهد الرئيس الفرنسي عشية انتخابه أمام بابا الفاتيكان، بأنه سيحافظ على الهوية المسيحية واليهودية لدولة فرنسا.
يوجد ـ هنا في العالم الإسلامي ـ مبالغة كبيرة في فهم موقف الغرب "العلماني" من الإسلام، تتجاوز كثيرا إلى حد إعادة إنتاج مفردات عصر الحروب الدينية، وإهدار طاقة العرب والمسلمين في استعداء العالم عليهم، فيما تستغل بعض النخب الدينية في العالم العربي هذا "الوعي العاطفي" استغلالا يبلغ حد الحض على ارتكاب الجرائم باسم الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق