الشروق أون لاين - بن بريكة:لا أكفّر الشيعة.. والأرضية السنية الصلبة تحُول دون انتشار التشيّع في الجزائر
بن بريكة:لا أكفّر الشيعة.. والأرضية السنية الصلبة تحُول دون انتشار التشيّع في الجزائر
ما حقيقة الصوفية وإلام تهدف؟ هل صار التشيّع في الجزائر كابوسا مرعبا وجب التنبّه إلى مخاطره؟ ما موقع التيار السلفي في الجزائر؟ وكيف ينظر الأستاذ الدكتور محمد بن بريكة إلى سلوك التطرف عند أتباع بعض الديانات الأخرى؟(أحداث أوسلو الأخيرة نموذجا). في هذا الحوار الذي خصّ به الأستاذ الدكتور، محمد بن بريكة، الشروقَ إجابة وافية عن هذه الأسئلة وغيرها، ونظرته إلى بعض الشؤون التي تشغل المسلم، باعتبار بن بريكة صوفيا وباحثا من الطراز العالي، في شؤون التصوف في الجزائر وعبر العالم.
- دأبت الطريقة البلقايدية الهبرية بوهران على تنظيم الدروس المحمدية سنويا في رمضان، طبعة هذا العام هي السادسة، ما خصوصيتها؟ وما المساهمة التي ستقدمونها في هذه الطبعة؟
- _ الدروس المحمدية عبارة عن المنتدى الدولي المقام بالمركز العالمي للطريقة البلقايدية الهبرية بسيدي معروف بوهران، وتجري فعالياته سنويا بين 7 و22 من شهر رمضان. وقد مرت من هذا المنتدى 5 دورات بنجاح شهد به الجميع، أما عن محاور الدورات الخمس السابقة، فكانت كالتالي: الحضارة الإسلامية، القرآن الكريم، السنة النبوية، الخلفاء الراشدون، العلم، ومحور دورة هذه السنة هو العلم والحضارة في الإسلام، وستقام استثناء بمدينة تلمسان، ضمن فعاليات تظاهرة الثقافة الإسلامية. في برنامج هذا العام 20 محاضرة، أربع منها بالفرنسية، موجهة للمهاجرين والناطقين بهذه اللغة. وأشارك في هذه الدورة بالمحاضرة الافتتاحية وعنوانها "مفهوم الولاية في الحضارة الإسلامية ـ سيدي أبومدين الغوث نموذجا". كما سيتداول على منبر الروضة المحمدية جمهور من العلماء الأفذاذ، نذكر منهم الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم شيخ الأزهر سابقا، الدكتور أحمد فؤاد شاكر المحدث المصري المعروف، الدكتور أسامة السيد خطيب مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة. أما من المغرب الشقيق، فيحضر علمان متميزان هما الدكتور حمزة بن علي الكتاني من الرباط، الدكتور إدريس الفاسي الفهري من جامعة القرويين، ومن لبنان يحاضر مفتي عكار والشمال اللبناني الدكتور أسامة عبد الرزاق الرفاعي، يتلوه الدكتور أحمد اللدن من كلية الشريعة ببيروت. ومن تونس الدكتور الهذيلي المنصر، ومن فرنسا الدكتور عبد الله بونو، ودونيس غريل.
-
- تُعتبر الجزائر اليوم في نظر المتخصصين في الحركة الروحية عبر العالم، عاصمة الروحية كيف ذلك.. ولماذا؟
- - حازت الجزائر على هذه المكانة بوجود آثار بعض الصحابة، وكثرة مقامات الأولياء والزوايا والمساجد التاريخية، وهذا التصنيف يدخل ضمن مفهوم السياحة الدينية التي تهدف إلى أمرين أساسيين، أولهما التعريف بتاريخ البلد ومرجعيته الدينية والثقافية، وثانيهما تربية الأجيال على الاتصال بماضيها والاعتزاز به. وهناك هدف من خلال تشجيع السياحة الدينية، هو استقطاب أكبر عدد من السياح من داخل وخارج الوطن، للتعرف على هذا البلد الذي يرفع شعار التواصل والإخاء والسلام مع كل شعوب المعمورة. والمعلوم أن بعض الدول قبل ما يعرف بـ"الربيع العربي" كانت تدخل ميزانيتها مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، بوجود هذا النوع من السياحة، ولو قارنّاها بالجزائر، لوجدنا أن فضاء الساحة في الجزائر أكبر منها بكثير، فعلينا أن نبذل جهدا خاصا في هذا الاتجاه.
-
- ما رأي الدكتور محمد بن بريكة في شخصية المغيلي، التي أفردت لها وزارة الشؤون الدينية ملتقى خاصا يقام في سبتمبر المقبل بتلمسان؟
- _ إن الشيخ سيدي محمد بن عبد الكريم المغيلي جبل شامخ في مجال العلم والتربية الروحية السلوكية. أصله من مغيلة تلمسان، وهو دفين توات بصحرائها الكبرى "أدرار"، وقد صاهر الشيخ المغيلي سيدي عبد الرحمن الثعالبي الذي زوجه ابنته لالة زينب، كما أنه هو من نقل الإسلام إلى مملكة طومبكتو بإفريقيا، ويندرج اسمه ضمن سلسلة الطريقة القادرية الأم. وله كتب ورسائل في التوحيد والفقه والتصوف. ويجب بهذه المناسبة أن نرد الفضل إلى أهله، فقد اختار فخامة رئيس الجمهورية لجائزة الدولة للتراث التي تقام كل ثلاث سنوات، شخصية الشيخ المغيلي موضوعا، كما أن وزارة الشؤون الدينية قامت مشكورة بالتفكير في تنظيم ملتقى دولي حول هذه الشخصية الفذة، يُقام في تلمسان أيام 4 و5 و6 من شهر سبتمبر المقبل.
-
- كيف ترون التيار السلفي؟ وما موقعه على الساحة الوطنية؟
- _ أعتقد ابتداء أنّ السلفية مرحلة زمانية مباركة، وليست تيارا دينيا متميزا. والذي نلاحظه اليوم، هو تيار له منهجه الخاص وأفكاره ومظاهره، وأعتبره داخلا ضمن التنوع الديني في التفكير، مع اعتقادي أنه من واجبنا جميعا الاعتقاد بأن المسلم سواء كان صوفيا، أو رجل سياسة، أو متمظهرا باسم السلف الصالح، فلا يجب احتكار هذا اللقب. والتنوع ـ ما لم يجر إلى الفرقة والتناحر ـ فإنه لا يُسيء إلى الوحدة الدينية والوطنية، وتتفاوت التيارات في عرض أفكارها ومفاهيمها بين الشدة والمرونة، وأنا كمتصوف أدعو إلى بناء الإنسان أخلاقيا على سيرة النبي الأكرم، حتى يتم صلاح المجتمع، فلا عنف ولا قتال ولا تهجم على الآخر، مع احترام صريح لأهل الديانات السماوية الأخرى، بل لكل من يُخالفني في الفكرة والدين.
-
- كثر الحديث عن المد الشيعي في الجزائر منذ عشر سنوات، فما وجهة نظركم في هذا السياق؟
- _ يوجد مد شيعي في الجزائر، ولكنه يسير ببطء شديد، لأن الأرضية السنية الجزائرية تحول دون انتشاره الأفقي تحت عنوان "تصدير الثورة". فالجزائريون محبُّون لآل البيت، معظّمون للصحابة جميعا، موقّرون لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن. وعلى إخواننا الشيعة، أن يضعوا هذا في اعتبارهم، وأودّ أن أنبّه في هذا السياق إلى أن التشيّع دعوة نخبوية في تقديري، وأعداد أتباعه لا يتجاوزون في الوقت الراهن الألف إلى ألفين، ولكن هذه الأرقام قد تتضاعف في السنوات الخمس المقبلة، إذا لم نمكّن لمرجعيتنا الدينية، ونستخدم الأدوات الإعلامية بحكمة. ولست ممّن يكفّر الشيعة، فهم طائفة مسلمة، ولكنني أعتقد أن على أهل السنة والشيعة أن يحتفظوا بمواقعهم الجغرافية، علما أن التشيّع لم ينجح عبر التاريخ في أن يستحوذ على مغربنا الإسلامي.
الفصل الثاني: متى ظهر التشيع؟
ردحذفاختلفت أقوال العلماء من الشيعة وغيرهم في تحديد بدء ظهور التشيع تبعاً لاجتهاداتهم. وقد قدمنا بيان السبب في مثل هذا الخلاف، وحاصل الأقوال هنا:
1 - أنه ظهر مبكراً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى يديه حيث كان يدعو إلى التوحيد ومشايعة علي جنباً إلى جنب. وقد تزعم هذا القول محمد حسين الزين من علماء الشيعة وغيره (1). وهو ما ذكره النوبختي أيضاً في فرقه (2) وهو ما أكده أيضاً الخميني (3) في عصرنا الحاضر، بل ذهب حسن الشيرازي إلى القول: (بأن الإسلام ليس سوى التشيع, والتشيع ليس سوى الإسلام، والإسلام والتشيع اسمان مترادفان لحقيقة واحدة أنزلها الله، وبشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم) (4).
2 - أنه ظهر في معركة الجمل حين تواجه علي وطلحة والزبير، وقد تزعم هذا القول ابن النديم حيث ادعى أن الذين ساروا مع علي واتبعوه سمّوا شيعة من ذلك الوقت (5).3
- أنه ظهر يوم معركة صفين، وهو قول لبعض علماء الشيعة كالخونساري، وابن حمزة، وأبو حاتم. كما قال به أيضاً غيرهم من العلماء، مثل ابن حزم، وأحمد أمين (6) (7).
4 - أنه كان بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، وهو قول كامل مصطفى الشيبي وهو شيعي؛ حيث زعم أن التشيع بعد مقتل الحسين أصبح له طابع خاص (8).