انتقد بشدة انقلاب الشيخ على أهل الصيرفة الإسلامية
السالم يردّ على المصلح: الربا لا يجري في الأوراق النقدية عند المذاهب الأربعة
ردّ الدكتور حمزة السالم انتقادات الشيخ خالد المصلح حول حلقة طاش 18 "زيد أخو عبيد" التي تناولت قضية البنوك في السعودية، وأكد أن "الربا لا يجري في الأوراق النقدية في المشهور عند المذاهب الأربعة"، كما انتقد السالم بشدة انقلاب المصلح على أهل الصيرفة الإسلامية، وإدخالهم ضمن المرابين وهو لا يدري، بحسب وصفه.
وأشار السالم، مؤلف حلقة "زيد أخو عبيد"، في مقالين نُشرا أمس واليوم في صحيفة "الجزيرة" السعودية، إلى أن الشيخ خالد المصلح خرج في برنامج "نبض الكلام" الذي تعرضه قناة MBC ينتقد "طاش" ويرميه بالخطأ والجهل والكذب على المذاهب، وقال: "لا أزيد إلا أن أترك للقارئ المستقل الحكم".
وتحكي الحلقة قصة رجل يعمل في بنك "زيد"، حيث يبدأ أقرباؤه وحتى الذين يصلي معهم في المسجد في الابتعاد عنه وتحاشي الجلوس معه، بحجة أنه يكسب ماله من "الربا"، وهو المال الخبيث الذي لا يصح أن يختلط بالطيب، فيضطر بسبب الضغوط التي تمارس ضده إلى الانتقال إلى بنك "عبيد" الإسلامي، ليكتشف هناك أن البنك الإسلامي لا يختلف في طريقة عمل البنوك الأخرى إلا في المسميات وفي طريقة التعامل والتحايل على العميل، فبدلاً من منحه قرضاً مباشراً يتم بيعه حديداً بقيمة 100 ألف ريال، ثم يقوم هو بتفويض وكيل البنك ليبيعه له بسعر السوق، ومن ثم يتم إدخال المبلغ في حساب العميل، لأن إعطاء المال بالمال ربا ومحرم.
واعتبرت الحلقة، التي حملت اسم "زيد أخو عبيد"، أن البنوك تتبنى حيلاً ومحللات كثيرة، ليس بسبب الطابع الديني المحيط بها، بل من أجل تحقيق أرباح وتعاملات ضخمة.
زيد ليس أخو عبيد
وكان المصلح قد أكد لبرنامج "نبض الكلام" أن العارف بعمل البنوك يعلم جيداً أن عبيد ليس أخ زيد، وأن هناك فرقاً في المبدأ والمنشأ والنتائج، معتبراً أن البنوك الإسلامية تعتمد في رؤيتها ومنطلقاتها على الشريعة الإسلامية، ولكن هذا لا يعني سلامتها من كل شيء، بينما البنوك التجارية روحها الربا والفائدة، والتي هي روح المصرفية العالمية والرأسمالية.
واعتبر أن المصرفية الإسلامية تتحرى تطبيق الشريعة في كل ما تقدمه، وقد تصيب وقد تخفق، وهذا كله يعود إلى ممارسات واجتهادات قد يوافقون عليها وقد يخالفون، ولكن لا يمكن أن نقول إن هذه كتلك.
وركَّز السالم في ردّه على قضية عدم جريان الربا في الأوراق النقدية المتداولة حالياً، وأورد نص الشيخ صالح بن فوزان في بحثه عن الربا، الذي قال: "لا يجري الربا في النقود الورقية المستعملة اليوم ولا في الفلوس من غير ذهب أو فضة لأنها غير موزونة".
وأورد كذلك نصّ الشيخ ابن منيع في بحثه حول المسألة: "وذهب بعض العلماء الى أن علة الربا في الذهب والفضة غلبة الثمينة وهذا الرأي هو المشهور عن الإمامين مالك والشافعي فالعلة عندهما في الذهب والفضة قاصرة عليهما والقول بالغلبة احتراز عن الفلوس إذا راجت رواج النقدين فالثمينة عندهما طارئة عليهما فلا ربا فيها".
جواز تحديد قيمة الأرباح
وقال السالم في مقاله: "قد تجاهل الشيخ (المصلح) مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وأكد أنه لا يوجد مجمع أو منظمة قالت بعدم الربوية وحاول الخلط في كلام طنطاوي، وهذا من ظلم بعض طلبة العلم عندنا وعدم حياديتهم"، ثم أورد نصاً عن مفتي الديار المصرية في "الشرق الأوسط" ذكر فيه: "لقد حسم مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الجدل حول هذه المسألة وأصدر فتوى تجيز تحديد قيمة الأرباح مقدماً على الأموال المستثمرة في البنوك، لأنه منذ عام 1973 حدث في اقتصاديات المصارف ما يُسمى بتقويم العملة وتغيير قيمة الجنيه، فالمسألة البنكية قد تغيرت كثيراً بعد هذا التاريخ، فضلاً عن تغير البيئات، ونظراً لحدوث هذه الظروف فإنني أرى أنه يجوز تحديد قيمة الأرباح أو ما يسمونه بلغة البنوك (فائدة) مقدماً على الأموال المستثمرة في البنوك، وعموماً فهذه مسألة خلافية بين العلماء"، انتهى.
واستطرد السالم: "هل هؤلاء لا علم عندهم أم أنهم باعوا دينهم، بغض النظر عن خلافاتنا العقائدية معهم؟ وهل حجة الشيخ المصلح على طاش بقوله: "كيف نقول إن الملح بالملح ربا ولا نقول إن الريال بالريالين ربا؟"، هو منطق علمي أو شرعي يؤهله لتسفيه فقه مجمع بحوث الأزهر أو فقه مفتي مصر فلا يعتبر وجودهم.
وكان المصلح قد قال إن القلم بالقلمين بعد سنة جائز إن لم يكن قرضاً، وأقرَّ ما عليه الفتوى في المملكة بأن متر القماش بالمترين بعد سنة جائز ما لم تكن قرضاً. ثم قال: "ولكن إن كان القلم بالقلمين قرضاً فهو ربا".
وحول هذه المسألة علّق السالم: "لقد انقلب (المصلح) على أهل الصيرفة فأدخلهم ضمن المرابين وهو لا يدري. ولكن فضيلته لم يوضح ما هو الفرق قماش بقماش وقلم بقلمين يكون بيعاً ويكون قرضاً!؟ أوليست النية. فنوايا البنك والشركات ليست قروضاً يتلمس فيها الإحسان بل المعاوضة المحضة بين الفريقين".
وتساءل السالم: "لماذا الريال بالريالين من البنوك قرض، وليس كالقماش والقلم وهي أوراق أو أرقام؟! السبب الذي غفل عنه الشيخ هو أن الفتوى اليوم بأن الريال بالريالين ربا لأن الفتوى ألحقت حكمهما بالذهب والفضة، وهذا من باب ربا البيوع لا القروض، فلا يجوز الزيادة سواء أكانت مبادلتهما قرضاً أو بيعاً".
تحايل على الربا
وتابع في مقاله عبر "الجزيرة" السعودية مفنداً الفرق بين البنوك الإسلامية والتقليدية: "يقول الشيخ إن الفرق بين البنوك الإسلامية والتقليدية أن الإسلامية منطلقها الشريعة. هكذا! أصبح الإسلام نصرانية؟ يكفي أن تقول إسلامي ثم افعل ما تشاء! ثم يقول لا نعمم الأخطاء. وأقول أين الصح لكي يُذكر؟ فالشيخ يقول: إن ما رآه في الحلقة من الحصول على القرض من غير معاينة ونحوها تحايل على الربا ورفضته المجمعات والفقهاء. وأقول وهل هناك شيء غيره؟ اخرج فاسأل الناس، فهناك مئات الألوف في الشوارع من السعوديين الذين اقترضوا حسب "شريعة الصيرفة" وأكثر من 150 مليار ريال ديون على ظهورهم. اذهب واسألهم هل تجد منهم من أحد تعدى في أخذه لقرضه صورة ما صورته طاش في الحلقة".
وأكمل الدكتور السالم مخاطباً الشيخ المصلح: "أولم تقرأ لمن يدافع عن الصكوك ثم إذا بان فساد أمرها تبرأ منها ووضع شروطاً لصحتها، ثم لما نسي الناس عاد فأصدر صكوكاً كالتي نهى عنها من قبل. هل يستطيع الشيخ المصلح أن يأتي لي بصك واحد ليس صورياً والملكية فيه حقيقة. ثم يقول بريطانيا وفرنسا! عجيب إن كان الشيخ لم يقبل بصورية منتجاتنا فكيف بمنتجات الغرب "الإسلامية". هل الشيخ بسيط إلى هذه الدرجة أم أنه التغافل والتجاهل؟ أم يكفي القول إنه إسلامي لكيلا يكون زيد أخو عبيد. وأقول نعم فزيد ليس أخو عبيد، بل المحتال والمدلس على المسلمين من البنوك الإسلامية هو أعظم وأخطر على الدين والدنيا، وصدق فيهم قول شيخنا ابن عثيمين في تفضيل حيل اليهود على حيلهم".
وختم السالم في نهاية ما كتبه قائلاً إنه مازال هناك الكثير، والمحل لا يتسع، مؤكداً أن ناصر القصبي حادثه تلفونياً يستفسر عن بعض الأمور، وأن الشيخ المصلح حادثه بنفسه عدة مرات وراسله عن نفس الموضوع، وقال: "كلاهما سمع مني، فمن هو الأحق طاش متمثلاً بالقصبي أم الشيخ المصلح بغض النظر عن تقوى الشيخ وصلاحه، فهذا له، أما آثار الفتوى فهي للدين والأمة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق