الأربعاء، أغسطس 17، 2011

شبكة راصد الإخبارية - حوار مع السيد حسن النمر عن الفتنة الطائفية والعلاقة السنية الشيعية

حوار مع السيد حسن النمر عن الفتنة الطائفية والعلاقة السنية الشيعية
شبكة راصد الإخبارية - 17 / 8 / 2011م - 3:13 ص
السيد حسن النمر
السيد حسن النمر

نص الحوار الذي أجراه موقع «.... نت» مع السيد حسن النمر، أحد أبرز علماء الشيعة بالسعودية. وبعد أن بقي في الأدراج قريباً من سنة ونصف دون أن ينشره الموقع المذكور لأسباب مجهولة، فقد ارتأينا نشره الآن للتعرف على آراء السيد النمر حول الفتنة الطائفية التي يراد تأجيج نارها وما يجب أن تكون عليه العلاقة السنية الشيعية كمكونين أساسيين في الأمة الإسلامية.

علماً أن هذا الحوار قد أجري بعد ما حصل من إشكال في البقيع بين الزائرين الشيعة من جهة وبين متشددين سلفيين ورجال أمن من جهة ثانية، وفي زمن كانت الأجواء العامة مشحونة طائفياًّ بسبب توتر العلاقة بين السعودية وإيران، حينها، بسبب ما يجري في لبنان من خلاف سياسي بين الحكومة والمعارضة آنذاك. كما أن مصليات الخبر التي كانت مغلقة قد فتحت في شهر شعبان من هذا العام 1432هـ.

س: التوتر الحادث بين الشيعة والسنة في السعودية، ما هي أسبابه؟ ومن يقف وراءه؟

ج: ما سميته بـ «التوتر» بين الشيعة والسنة مصطلح فضفاض، ولا بد من تحديد مضمونه ومظاهره، حتى لا يكون السؤال في جهة والجواب في جهة أخرى. فما قد يكون مظهراً أو عنواناً للتوتر عند فريق قد لا يكون كذلك عند آخر.

فإن كان المراد بـ «التوتر» في السؤال ما نراه من الاختلاف الفكري بين الفريقين، فهو حاصل ولا مناص من التسليم به، بل إنه مشروع في كثير من جوانبه، لأن كل طرف من الأطراف يستدل على متبنياته الفكرية والمذهبية بأدلة وبراهين عقلية ونقلية، وقدرات الأفراد والمجموعات في التعامل مع الأدلة العقلية والنقلية متفاوتة.

أجل، قد يكون الاختلاف مضخَّماً ومبالغاً فيه، أي مفتعلاً ومصطنعاً من جهات لها مصلحة في تعميقه؛ لأنها تقتات على موائد الاختلاف والفرقة وشرعيتها الاجتماعية والسياسية تقوم على تغذية هذه الاختلافات التي تنتج توترات.

وأما تسمية هذه الجهات وتحديدها فمتعسِّر بل متعذِّر أحياناً، وهي قد تأخذ شكل أفراد حيناً وجهات حيناً آخر ودولاً في بعض الأحيان.

س: كيف يتم التقريب بينهم خاصة أن مؤتمرات الحوار لم تأت بالمأمول؟

ج: بالنسبة لجهود التقريب لا أعتقد أنها لم تجد نفعاً بالمطلق لأنها جهود مشكورة، وقد أسهمت في تخفيف حدة الاحتقان بشكل كبير. وفي هذا السياق يجب الإشارة والإشادة بجهود مجامع التقريب بين السنة والشيعة في كل من مصر وإيران والمغرب. ولكننا نسجل ملاحظة على ضعف المشاركة السعودية فيها، إن لم نقل إنها منتفية من الناحية الرسمية.

وأما مؤتمرات الحوار فإن كنت تقصد الحوار الوطني في السعودية فإنها لم تُعقد لغرض التقريب بين السنة والشيعة، وإنما عقدت من أجل معالجة مشاكل الوطن بين أطياف وطنية بعيداً عن المذهبية، وإن شارك فيها من هذا الطرف وذاك.

س: الهوة الكبيرة التي تزداد اتساعاً بين الشيعة والسنة في العالم الإسلامي وما يحدث في العراق ولبنان مثالا وحتى بقية دول المنطقة الأخرى كيف يتم تقليصها؟

ج: أعتقد أن تضييق الهوة يتم بالعمل على صعيدين:

الأول: التسليم بـ «التعددية المذهبية» في أوطاننا، فليس من حق طرف أن يستأثر بالمقدرات والثروات على حساب طرف آخر، ويجب النظر إلى أن أي مواطن مهما كان مذهبه الإسلامي هو رصيد يضاف إلى الرصيد الوطني العام. وقد جربت بعض أوطاننا الإسلامية الاحتراب المذهبي فذهب الأخضر واليابس. هذا على مستوى الدولة الواحدة.

الثاني: على مستوى علاقات الدول في ما بينها فاللازم أن نذعن بأن مصالح دولنا الإسلامية خصوصاً المتجاورة منها مترابطة ولا يمكن فصلها عن بعض، وأن مصالح العالم الإسلامي تتوقف على التنسيق والتعاون وهذا لا يتحقق إذا ما تكرست القطيعة والتوتر بين هذه الدول، وقد قال تعالى ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلا تَنَازَعُوا؛ فَتَفْشَلُوا، وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ. وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال/46].

س: برأي سماحة السيد ما هو سر التآخي والتعايش بين شيعة وسنة منطقة الأحساء على عكس بقية المناطق؟

ج: الذي نعرفه من معايشتنا للواقع المحلي هو أن الشيعة في السعودية عموماً مسالِمون؛ سواء في الأحساء أو غيرها، وليس هناك خصوصية للشيعة في الأحساء، وكذلك المدينة المنورة، دون غيرها، في هذا البعد، سوى أن القطيف في عمومها تنتمي إلى المذهب الشيعي عدا بعض ضواحيها وأطرافها، أما الأحساء فمنطقة مختلطة حيث يعيش الشيعة مع إخوانهم السنة في مناطق مختلطة. وبطبيعة الحال، سيكون هناك بعض الاختلاف النسبي في التعبير عن الانتماء المذهبي في المناطق المختلطة عنه في المناطق ذات الانتماء المذهبي الواحد. فالتعايش بين السنة من ذوي الانتماءات المذهبية المختلفة في مناطق الحجاز لا يشبه نظيره في بعض مناطق نجد حيث لا يوجد إلا منتمون لرؤية فكرية موحدة.

س: هناك اتهامات توجه لبعض مشائخ الشيعة والسنة بتغذية هذا التباعد ما هو رد السيد حسن؟

ج: سهلت عليَّ الجواب حيث عبرت عنها بأنها «اتهامات». ولست بصدد تبرئة الشيعة ولا السنة من مشائخ متشددين، ولكن يجب التفرقة بين الفعل ورد الفعل، فالشيعة في السعودية أقلية محكومة ومن عادة الأقلية المحكومة أن لا تكون صاحبة مبادرة في التباعد والتصعيد. ولا أفشي سراًّ أن مَن يمارس التكفير المعلن هو أتباع المؤسسة الرسمية من السلفيين، ولعل تصريحات الشيخ الكلباني إمام الحرم المعيَّن حديثاً نموذج لهذا التكفير الذي يؤصل للتباعد والفرقة، يضاف إلى ذلك ما نجده في المقررات المدرسية من نصوص تكفيرية تجاه الشيعة وغيرهم، وكذلك في النشاطات الجامعية ذات التوجه السلفي.

س: المطالب الشيعية السعودية التي أعقبت أحداث سقوط العراق هناك من ربطها بالنفوذ الإيراني في المنطقة، هل هناك بالفعل استقواء بالنظام الإيراني؟

ج: المطالب الشيعية قديمة قدم نشأة الدولة السعودية بما قامت عليه من إيديولوجية إقصائية للآخر، فتاريخ المواطنين الشيعة حافل بالمطالبة بالمواطنة الكاملة وبكفالة حق التعبد وفقاً لرؤيتهم المذهبية. وليس هناك مطالب خاصة بالشيعة بعد سقوط العراق، فوثيقة «شركاء في الوطن» المرفوعة لقيادة البلاد رفعت بتاريخ 28 صفر 1424 هـ الموافق لـ 30 إبريل 2003 م، كان قد أعد لها قبل فترة طويلة من سقوط النظام العراقي، وما فيها من مطالب يؤكد هذا المعنى، ولكن شاءت الأقدار أن ترفع بعد أيام من سقوط النظام. ومضمونها جاء في مطالبات سابقة لسقوط النظام العراقي بل لنشأته.

س: لماذا بدأت تتزايد مطالب الشيعة بعد سقوط العراق وتحديداً لماذا كان الصوت الشيعي غائباً في العالم الإسلامي حتى هذا الوقت؟

ج: يجب أن تُقرأ هذه المطالب بأنها عادلة أو ليست عادلة، ولا دخل لتوقيت رفعها في الحكم عليها. وأما أن يكون الصوت الشيعي غائباً فتلك مشكلة النظام الرسمي العربي الذي غيَّبه وهو صوتٌ وطنيٌّ في أي بقعة فيها مواطنون شيعة. وللمناسبة ليس الشيعة وحدهم ارتفعت أصواتهم بالمطالبة فالسلفيون يطالبون والليبراليون يطالبون وهكذا فلماذا يعاب على الشيعة أن يطالبوا بحقٍّ لهم مسلوبٍ.

س: دائماً ما يردد شيعة السعودية بأنهم مظلومون ما هو أبرز الظلم الذي يقع عليهم؟ ثم ألا يعتقد سماحة السيد أن ما يحدث للشيعة السعوديين هو ما يحدث دائماً للأقليات في أي بلد؟

ج: نعم، الشيعة مظلومون مذهبياًّ في السعودية فليس لهم أن يمارسوا طقوسهم المذهبية وفقاً لما تقتضيه قواعدهم الفقهية ومرئياتهم الفكرية، لأنها عند المتولين للشأن الديني وباختصار شديد «بدع»، فالحسينيات لا يسمح بها رسمياًّ، والمساجد لا يتاح تشييدها إلا بعد تخطي الكثير من العوائق، وثمة مناطق لم يرخص فيها سوى لمسجد واحد مع وجود عشرات الآلاف من الشيعة كالدمام والخبر والثقبة والظهران، وإذا رخص عرقل تنفيذه دون أن يعرف السبب وراء ذلك.

ثم إن هناك مشكلة في عالمنا العربي يمكن تلخيصها في استبداد الأكثرية على الأقلية، فهل يسوغ للأكثرية أن تضطهد الأقليات لأنها أقليات؟! وهل في منطق العدالة الإنسانية أن يُحرم المنتمي للأقلية العددية من حقوقه لأنه ينتمي للأقلية، أليس في ذلك تصنيف للمواطنة إلى درجة أولى وثانية... أو من حيث الحقوق إلى كاملة ومنقوصة!!!

س: هل يخشى الشيعة في الخليج تداعيات الاختلال الذي أصاب بروز الشيعة عقب سقوط بغداد بعد ما حدث في الانتخابات الإيرانية وهزيمة المعارضة في لبنان بقيادة حزب الله؟

ج: لعل ما يختلج في صدور الشيعة بسبب ما يقع من أحداث في المناطق المجاورة مقارب لما يختلج في صدور السنة، فالمنطقة متشابكة المصالح ومتداخلة في الانتماء المذهبي والعشائري، لذلك فإن من مصلحة الجميع أن يسود الوئام والتعايش والمحبة والسلام بين الجميع.

وللعلم فإن ما حدث في المناطق الثلاث المذكورة «إيران والعراق ولبنان» يجب قراءته كحالة حراك صحية تحتاجها الأمم الحية من ممارسة سياسية حرة ليكون لك المجال أن تعبر عن رأيك وتمارس المسؤولية اليوم ولغيرك غداً. والمرفوض هو الإخلال بالأمن والتعدي على الآخرين بأي شكل من أشكال العدوان.

س: لماذا ينظر العرب إلى الحق الشيعي في المشاركة في أوطانهم بنظرة ريبه؛ فملك الأردن يحذر من تمددهم، ورئيس مصر يقول بأن ولاءهم لإيران أكثر من شعوبهم؟

ج: هذه نظرة مريضة تشي بضعف أصحابها فكرياًّ أو انحراف في النوايا. كما أنها محاولة للبحث عن مشجب تعلَّق عليه المشاكل التي يعانون منها في إدارتهم لشؤون بلدانهم.

س: أيضاً هناك من يتهم الشيعة بالاستقواء بالخارج كما حدث مع شيعة العراق؟ كيف ترى ذلك؟ وهذا الاستقواء ينطبق على المعارضة الشيعية السعودية في أميركا التي تتهم بتأليب قوى معادية للسعودية داخل الإدارة الأميركية ضد المملكة؟

ج: مسألة الاستقواء هي أن يقوم الضعيف بالبحث عن مصادر قوة يحتاجها لتحقيق مآربه. والحكم عليها سلباً أو إيجاباً يتوقف على أن تكون تلك المآرب مشروعة فالاستقواء حينئذ مشروع، أو تكون المآرب ممنوعة فيكون الاستقواء حينئذ ممنوعاً. وكنموذج على ذلك حينما غزا النظام العراقي السابق دولة الكويت وخشيت دول الخليج على نفسها بادر العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز باستدعاء القوات الأجنبية بعد أن صدر قرار من هيئة كبار العلماء بذلك، أي إنه حصل استقواء.

فمسألة الاستقواء بالخارج بمعناها السلبي تهمة يمكن أن يلقيها كل طرف تجاه خصمه، ويمكن القول إن الحكومات تستقوي الخارج على شعوبها!! وما حدث في العراق هو أن بعض شيعة العراق المعارضين للنظام السابق كانوا مقيمين في إيران ونسجوا علاقات حسنة مع الإيرانيين، وأما الآن فإيران تعارض الاحتلال للعراق وأولئك المعارضون السابقون على وفاق حالياًّ مع عدو الإيرانيين وهو هذا المحتل!! فكيف يستقوي الشيعة بالخارج.

والشيعة في السعودية لم يستقووا ولا يستقوون بالخارج على بلادهم.

وأما المعارضة السعودية!! فالذي أعرفه أن هناك معارضين للسعودية يقيمون في الخارج؛ بعضهم من الشيعة وبعضهم من السنة، وإذا كان الشيعة منهم يستعينون بقوى معادية للسعودية داخل الإدارة الأمريكية، فالسعودية كنظام تستعين بالإدارة الأمريكية نفسها.

ونستطيع أن نقطع الطريق على هؤلاء وأولئك بإشاعة العدالة فلا يبقى مجال للمعارضة من الخارج ولا في الداخل.

س: برأي السيد حسن لماذا كان رد بعض الشيعة السعوديين منفعلاً بعد أحداث البقيع لدرجة المطالبة بالانفصال كما قال أحد أئمة الشيعة في الشرقية؟ ناصر العمر قال عن هذه الأحداث هو تمرد داخلي لإحراج السعودية؟ كيف ترى ذلك؟

ج: ما حدث في البقيع كفعل سلفي ورد فعل شيعي أمرٌ مؤسف تسبب فيه التضييق على الزائرين الشيعة حتى لا يقوموا بمراسم الزيارة بما يرونه مشروعاً، وقد مورس الإقصاء في تلك اللحظة كالعادة، غير أن الذي استجد حينها هو تصوير النساء ثم هياج الشباب والنساء «الزائرين» كرد فعل، وتعاقبت الأحداث بطريقة سعى علماء وأعيان الشيعة على تطويقه بمراجعة قيادة البلاد، غير أن هناك من استغل الحادث ولا يزال يستغله كمادة لتكريس حالة التباعد بين الشيعة والسنة وصب الزيت على النار لتأجيج فتنة طائفية تغذي وجوده ونفوذه.

وأما مسألة الانفصال فهي غير مطروحة من قريب ولا بعيد لدى الزعامات الدينية والاجتماعية الشيعية، بل هو أمرٌ نرفضه جملةً وتفصيلاً. وما صدر من تصريح عن الانفصال من بعض الشخصيات الشيعية كان خطأً ترتب عليه ضررٌ فادحٌ.

س: كيف ينظر السيد حسن إلى إغلاق المصليات الشيعية في بعض مدن الشرقية؟ وهل يتوقع السيد حسن أن يكون للشيعة مصلياتهم الخاصة في أنحاء المملكة قريبا؟

ج: أنظر إلى إغلاق المصليات الشيعية على أنه كبتٌ للحريات وحرمانٌ من حقوق المواطنة ومضرٌّ بالبلاد وسمعتها، في وقت نتمنى جميعاً أن لا نكون نحن السبب في إضعاف البلاد وإحراجها. والذي أتمناه وأنصح به هو أن يصدر قرارٌ جريء من أعلى مسؤول في البلاد بإقرار «التعددية المذهبية» والنص على الشيعية الإمامية والإسماعيلية والصوفية كمكونات أساسية من مكونات البلاد، ويترجم ذلك باستحداث مساجد رسمية للشيعة في مناطق تواجدهم، ليقطع الطريق على المتربصين شراًّ ببلادنا الحبيبة حيث الحرمين الشريفين.

س: كيف ينظر السيد حسن للتطبير وزواج المتعة المعروف لدى الشيعة والذي دائما ما يكون محل ازدراء الإعلام الغربي وحتى إعلام الطرف الآخر المسلم؟

ج: التطبيرٌ الذي هو جرح مقدم الرأس في مراسم العزاء ليسيل الدم منها بشكل خفيف مواساةً لشهداء كربلاء وتعبيراً عن الحزن، هذا التطبير هو طقسٌ يمارسه أقلية قليلة جداًّ من الشيعة، واختلف فقهاء الشيعة في جوازه وعدم جوازه بأدلة وبراهين كثيرة ذكرت في البحوث التخصصية، والذي أميل إليه هو المنع لعدة أسباب ليس هذا مقام ذكرها.

وأما «المتعة» فهو نكاح شرعي قام الدليل الفقهي على جوازه، وليس هنا محل ذكره، وهو يشبه إلى حد كبير نكاح «المسيار» ونكاح «المصياف»... الذي يمارسه إخواننا السنة. وازدراء الإعلام الغربي أو المحلي ليس هو المقياس في جواز أمر أو حرمته، لأن الإعلام موجَّه كما تعرفون.

س: هناك من يرى أن إيران خطر على أمن الخليج هل يرى السيد حسن ذلك؟

ج: قدرنا أن إيران كدولة هي جارٌ كبير لدول الخليج وليس لهم بد من التصالح معها، ولا أرى من المصلحة أن ينظر إليها كخطر محتمل، لأن من شأن ذلك أن يدفع بدولنا الخليجية أن تحتمي بالأجانب وهم «خطر» محقَّق، وأيا كان فإيران دولة مسلمة ومن سنحتمي بهم ليسوا مسلمين، وإيران يمكن أن تكون حليفاً صادقاً ورصيداً يضاف إلى الأمة، أما الآخرون فلا يمكن أن يكونوا رصيداً، فإيران التي تعلن العداء لإسرائيل أفضل لنا بكل المعايير من أمريكا التي تعلن التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل.

س: لماذا برأيك تُتهَم إيران بتهديد أمن الخليج؟

ج: هذا الاتهام إنما يطلقه من يبحثون عن أسباب البقاء في منطقة الخليج لامتصاص ثرواته، فإيران شئنا أم أبينا دولة من دول المنطقة ولها مصالح مشروعة ويمارس في حقها تهديد وهي تسعى إلى أن تكون قوية للدفاع عن نفسها، وليس في ذلك نوعٌ من أنواع التهديد، لأن من حق الدول الأخرى أن تكون قوية رعاية لمصالحها بنفس المقدار.

س: كيف ينظر السيد حسن لقيام بعض علماء الشيعة بسب بعض الصحابة؟

ج: إذا كان سب المسلم العادي محرَّماً فسب الصحابة محرَّم من باب أولى. ولكن هناك مَن يريد ممارسة وصاية فكرية على الآخرين بمنعهم من قراءة التاريخ الإسلامي بذريعة أن ذلك يستلزم الحكم على الصحابي الفلاني أخطأ هنا أو هناك وسيجرنا ذلك إلى تسجيل ملاحظة بطريقة أو بأخرى ثم إلى السب!

س: أخيراً الثورة التي قام بها الإيرانيون ضد رجال الدين قبل أيام وقبلها نقد السعوديين الحاد لرجال الدين وإبعادهم من التشكيل والتغييرات الوزارية الأخيرة على ماذا يدل برأيك، هناك من يرى أن سلطة رجال الدين بدأت تتقلص هل توافق على ذلك؟

ج: ما حدث في إيران ليس ثورة ضد رجال الدين، وإنما هو حراك ثقافي وسياسي لم تخل منه الساحة الإيرانية عبر تاريخها، وهذا واضح لمن يعرف خبايا المجتمع الإيراني والشخصية الإيرانية، وبعض القيادات المشاركة في هذا الحراك هم من رجال الدين.

وأما في السعودية فلم يُعرَف أن السلطة لعلماء الدين وإن كان لهم نفوذٌ واسعٌ لا أعتقد أنه تقلص عما كان عليه إن لم نقل إنه زاد.

والذي أراه أنه لا عيب في أن يكون لرجال الدين دورٌ في السلطة والنفوذ، فهم كأفراد مواطنون، وكمجموعة هم شريحة اجتماعية تختار الرأي وضده ولا يمكن منعهم من السلطة والنفوذ، ولكن العيب في أن يكون هذا النفوذ غير منضبط بـ «القانون» الذي اختارته الأمة بطريقة مشروعة ونـزيهة.

وأضيف أني أقرأ أن نفوذ علماء الدين في المجتمعات الإسلامية لن يتقلص بل سيزداد، والمطلوب هو العمل على إشاعة الفكر الإسلامي المتسامح والمستنير على حساب المتشدد والظلامي، وذلك لن يتحقق بغير الحرية والعدالة والتنمية الحقيقية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون