السبت, 06 أغسطس, 2011, 18:54 بتوقيت القدس
عزيزي القارئ.. جولتنا اليوم ترصد بعيون ضيفنا "مقام السيدة زينب" في مصر، والذي يقول:"السيدة زينب.. تركيب لغوي يسافر بنا إلى مقام، وتاريخ، وعادات وتقاليد وسلوكيات، إنه ضريح يقبع في مصر القديمة (مصر الإسلامية) يستدعي إلى ذهن زائره حقبة في التاريخ المصري والعربي، كانت فيه المحروسة مأوىً نفسياً وروحياً لبعض أبناء فاطمة الزهراء رضي الله عنها".
ويوضح أن "السيدة زينب" هي إحدى حفيدات الحسين بن علي رضي الله عنه.. سكنت المكان، والتف حولها المصريون في حياتها، وبقي هذا الالتفاف حتى وفاتها وبشكلٍ أكبر".. وبداية الاحتفاء كانت بتشييد قبرها وفق هيئة معينة تميزه وتُبرِز الدرجة الكبيرة التي يُقدِّر بها المصريون أمثال هذه الشخصيات" وفق قوله.
يصف د. الروبي لحظة زيارته إلى الضريح: "البداية تمثلت في انبهاري عندما رأيت أضواءا خضراء اللون تنبعث من المكان بشكلٍ مُلفِت، ليقع في نفسي تساؤل حول السبب في اختيار هذا اللون إن كان امتداداً للون تلك البردة الخضراء لرسول الله سلى الله عليه وسلم أم أن هناك سبب آخر".. متبعاً:"وهناك أيضاً كانت أضواءٌ خافتة بلونٍ أصفر داكن تُنير جنبات المقام".
وحسب ما أوضح الروبي أن المكان ساكنٌ بالرغم من وفود الناس إليه فرادى وبشكل ثنائي، وجماعات..يقتربون كلهم لملامسة تلك الجدران الخشبية المحيطة بالقبر، ويتمتمون بأذكار، هي في الغالب أدعية تكشف عن تبرك بالمكان وساكنه، ويحرص الزائر على التضرع بخشوع، يدعو فيه ربه طويلاً، وفي القلب إدراك واعٍ للصلة التي تجمع من في القبر بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
تضرعٌ وعَبَرات
ويقول أستاذ الأدب والنقد في جامعة عين شمس:"حركة البشر حول الضريح تلفت النظر إلى سلوك بعض النساء التي تجد في المكان فرصة لسكب العبرات، للبكاء فرحةً وشوقًا وحنينًا، وكأن القلب لا يصدق أنه الآن بحضرة واحدة من أصحاب المنازل الرفيعة في شجرة آل البيت الوارفة؛ مما يجعل من القبلات التي تنهال على جدرانه ترجمة عملية لحالة الحنين هذه إلى عزيز غائب لا تصدق العين أنها الآن تراه".
ويُكمِل حديثه: " في هذا المكان تشتم الروائح العبقة، حيث تركيبٌ فريد من أنواع كثيرة من الطيب، تعكس طبيعة الطقوس التي تمارس عند الضريح وحوله، كأنه سباق يُظهر حرصًا مخلصًا على التقرب بالأفضل إلى المكان، ليس من باب التقديس ولكن من باب استحضار سيرة من يسكنونه وقدرهم في الأمة".
تلك الرائحة تدعوك إلى الاستراحة قليلا بالقرب منه، هواء بارد في يوم صيف قائظ، ورائحة عطرية رائعة، وهدوء يغلف جنبات المكان...كل ذلك يدعو النفس إلى الطمأنينة، إلى التفكر الحالم، إلى شرود ذهني يأخذ صاحبه يمينًا ويسارًا بين أرجاء الماضي والحاضر، والمستقبل المرجو أن يكون فردوسيًا جميلا".
"بسم الله.. اللهم تقبل"
إنها رحلة روحانية الطابع، بين كل صلاة وأخرى ستنظر العين إلى جديد لم تره، فثبات المكان، يقابله تغير المتحرك الوافد إليه، ألبوم مليء بصور لوجوه إنسانية، جميعها أعلن عن أمنيته بلقاء طالما اشتاقت النفس إليه وتجسده كلمات أدعية الداعين:" اللهم أكرمنا بالحج والعمرة وزيارة قبر حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم"، إنها كلمات قليلة العدد تظل أصداؤها تتردد في النفس من أول الزيارة إلى آخرها، حتى بعد انتهائها.
ذاك المكان مرآةٌ تعكس عمل الخير الذي يحرص عليه الكثير تجاه من يقصد هذا المكان من الفقراء والمساكين، فهناك يكثر الإنفاق والتصدُّق لنيل الثواب.
إن الزيارة تضع صاحبها أمام مشهد متعدد الأجزاء: صلاة، وصدقة، وتمسح، ودعاء..وفي المسجد حلقات ذكر لقراءة القرآن.. وللوعظ والإرشاد.. يستقبلها المتلقي بخشوع تقويه خصوصية المكان بمهابته ووقاره... تضاف إليها متعة روحية جمة إذا ما قدم موعد مولد السيدة زينب؛ لتجد الراوي المنشد الذي يروي من القصص والحكايات مما يجعل من الزيارة مزيجًا فريدًا من المتعة والترويض للنفس وصاحبها.
ويا للشعور الرائع حين تسمع أصوات الصدقات تسقط في صندوقها الخاص لتشعر بحلاوة كلمة "بسم الله.. اللهم تقبل".
إعداد- أسماء صرصور
تحظى مقامات الأولياء "الأضرحة" في مصر بمكانة في قلوب غالبية كبيرة من المصريين، تدفع إلى البحث المتأني عن العوامل المساهمة في تشكيل هذه المكانة، وقد تبدو المقولة الأثيرة "الأمة المصرية سنية المذهب شيعية الهوى" هي المفتاح في هذا الشأن وفق قول ضيفي د. أحمد يحيى الروبي أستاذ الأدب والنقد في جامعة عين شمس، والذي بيَّن أن الاحتفاء بالأولياء ينبع في المقام الأول من تقديس المصري للعقيدة منذ القدم، ومن ولعه بالتدين وعشقه الحميم وتقديره للصالحين المقربين. عزيزي القارئ.. جولتنا اليوم ترصد بعيون ضيفنا "مقام السيدة زينب" في مصر، والذي يقول:"السيدة زينب.. تركيب لغوي يسافر بنا إلى مقام، وتاريخ، وعادات وتقاليد وسلوكيات، إنه ضريح يقبع في مصر القديمة (مصر الإسلامية) يستدعي إلى ذهن زائره حقبة في التاريخ المصري والعربي، كانت فيه المحروسة مأوىً نفسياً وروحياً لبعض أبناء فاطمة الزهراء رضي الله عنها".
ويوضح أن "السيدة زينب" هي إحدى حفيدات الحسين بن علي رضي الله عنه.. سكنت المكان، والتف حولها المصريون في حياتها، وبقي هذا الالتفاف حتى وفاتها وبشكلٍ أكبر".. وبداية الاحتفاء كانت بتشييد قبرها وفق هيئة معينة تميزه وتُبرِز الدرجة الكبيرة التي يُقدِّر بها المصريون أمثال هذه الشخصيات" وفق قوله.
يصف د. الروبي لحظة زيارته إلى الضريح: "البداية تمثلت في انبهاري عندما رأيت أضواءا خضراء اللون تنبعث من المكان بشكلٍ مُلفِت، ليقع في نفسي تساؤل حول السبب في اختيار هذا اللون إن كان امتداداً للون تلك البردة الخضراء لرسول الله سلى الله عليه وسلم أم أن هناك سبب آخر".. متبعاً:"وهناك أيضاً كانت أضواءٌ خافتة بلونٍ أصفر داكن تُنير جنبات المقام".
وحسب ما أوضح الروبي أن المكان ساكنٌ بالرغم من وفود الناس إليه فرادى وبشكل ثنائي، وجماعات..يقتربون كلهم لملامسة تلك الجدران الخشبية المحيطة بالقبر، ويتمتمون بأذكار، هي في الغالب أدعية تكشف عن تبرك بالمكان وساكنه، ويحرص الزائر على التضرع بخشوع، يدعو فيه ربه طويلاً، وفي القلب إدراك واعٍ للصلة التي تجمع من في القبر بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
تضرعٌ وعَبَرات
ويقول أستاذ الأدب والنقد في جامعة عين شمس:"حركة البشر حول الضريح تلفت النظر إلى سلوك بعض النساء التي تجد في المكان فرصة لسكب العبرات، للبكاء فرحةً وشوقًا وحنينًا، وكأن القلب لا يصدق أنه الآن بحضرة واحدة من أصحاب المنازل الرفيعة في شجرة آل البيت الوارفة؛ مما يجعل من القبلات التي تنهال على جدرانه ترجمة عملية لحالة الحنين هذه إلى عزيز غائب لا تصدق العين أنها الآن تراه".
ويُكمِل حديثه: " في هذا المكان تشتم الروائح العبقة، حيث تركيبٌ فريد من أنواع كثيرة من الطيب، تعكس طبيعة الطقوس التي تمارس عند الضريح وحوله، كأنه سباق يُظهر حرصًا مخلصًا على التقرب بالأفضل إلى المكان، ليس من باب التقديس ولكن من باب استحضار سيرة من يسكنونه وقدرهم في الأمة".
تلك الرائحة تدعوك إلى الاستراحة قليلا بالقرب منه، هواء بارد في يوم صيف قائظ، ورائحة عطرية رائعة، وهدوء يغلف جنبات المكان...كل ذلك يدعو النفس إلى الطمأنينة، إلى التفكر الحالم، إلى شرود ذهني يأخذ صاحبه يمينًا ويسارًا بين أرجاء الماضي والحاضر، والمستقبل المرجو أن يكون فردوسيًا جميلا".
"بسم الله.. اللهم تقبل"
إنها رحلة روحانية الطابع، بين كل صلاة وأخرى ستنظر العين إلى جديد لم تره، فثبات المكان، يقابله تغير المتحرك الوافد إليه، ألبوم مليء بصور لوجوه إنسانية، جميعها أعلن عن أمنيته بلقاء طالما اشتاقت النفس إليه وتجسده كلمات أدعية الداعين:" اللهم أكرمنا بالحج والعمرة وزيارة قبر حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم"، إنها كلمات قليلة العدد تظل أصداؤها تتردد في النفس من أول الزيارة إلى آخرها، حتى بعد انتهائها.
ذاك المكان مرآةٌ تعكس عمل الخير الذي يحرص عليه الكثير تجاه من يقصد هذا المكان من الفقراء والمساكين، فهناك يكثر الإنفاق والتصدُّق لنيل الثواب.
إن الزيارة تضع صاحبها أمام مشهد متعدد الأجزاء: صلاة، وصدقة، وتمسح، ودعاء..وفي المسجد حلقات ذكر لقراءة القرآن.. وللوعظ والإرشاد.. يستقبلها المتلقي بخشوع تقويه خصوصية المكان بمهابته ووقاره... تضاف إليها متعة روحية جمة إذا ما قدم موعد مولد السيدة زينب؛ لتجد الراوي المنشد الذي يروي من القصص والحكايات مما يجعل من الزيارة مزيجًا فريدًا من المتعة والترويض للنفس وصاحبها.
ويا للشعور الرائع حين تسمع أصوات الصدقات تسقط في صندوقها الخاص لتشعر بحلاوة كلمة "بسم الله.. اللهم تقبل".
المصدر: فلسطين أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق