الاثنين، مارس 12، 2012

As-Safir Newspaper - غسان ريفي : المعاهد الشرعية: تدريس الفكر الجهادي.. ولا رقابة!

As-Safir Newspaper - غسان ريفي : المعاهد الشرعية: تدريس الفكر الجهادي.. ولا رقابة!
السعودية الممول الأول.. تليها الكويت ثم قطر
المعاهد الشرعية: تدريس الفكر الجهادي.. ولا رقابة!



غسان ريفي
بدأت «السفير» اعتبارا من الحادي والعشرين من شباط بنشر سلسلة تحقيقات حول تنظيم «القاعدة» وما أثير مؤخرا بشأنه لبنانيا، كان أولها حول سيرة التنظيم العالمي والبقية تناولت أرشيف هذا التنظيم في القضاء والأمن في لبنان وعرض تجارب تنظيمات إسلامية مثل «مجموعة الـ13» و«فتح الإسلام». كما شملت التحقيقات حتى الآن، استعراضا لواقع الحركات السلفية عموما وفي لبنان خصوصا، مع عرض لتجارب سلفية في البقاع والشمال، وفي هذا التحقيق استعراض لواقع المعاهد الشرعية في الشمال.

منذ أن أقفل الامن العام اللبناني في العام 1994 «معهد الهداية» في طرابلس وختمه بالشمع الأحمر بتهمة اعتماده كتاب تدريس يكفر بعض المذاهب الإسلامية، بدأت علامات الاستفهام تدور حول المعاهد الشرعية الاسلامية السلفية في لبنان.
وتتمحور الاسئلة حول مناهج تلك المعاهد وطرق تدريسها ومتخرجيها، لتتوسع حولها شيئا فشيئا دائرة الاتهام، بأنها تدرس الفكر الجهادي والتكفيري، مع الكشف في أعوام لاحقة عن مجموعة متخرجة من أحد المعاهد كانت تنوي اغتيال مفتي طرابلس السابق الشيخ طه الصابونجي وبعض الشخصيات عام 1997، وانضمام بعض متخرجي هذه المعاهد الى المجموعة التي واجهت الجيش اللبناني بما يعرف بـ«أحداث الضنية» مطلع العام 2000، وتورط آخرين بعمليات تفجير إرهابية من العام نفسه، ومغادرة عدد آخر منهم الى العراق للجهاد ضد المحتل الأميركي عام 2003، وتورط طلاب من هذه المعاهد مع تنظيم فتح الاسلام عام 2007، فضلا عن تنامي الخطاب التحريضي والمذهبي في الآونة الأخيرة.
وبرغم ما يعلنه مدراء هذه المعاهد عن التزامهم بالاعتدال ومحاربتهم للفكر المتطرف، لا يخفي كثير من المطلعين على أجواء بعض المعاهد الشرعية أن مدراءها يمارسون التقية، حيث يعلنون غير ما يضمرون، ويقدمون الى دار الفتوى المناهج الاسلامية العادية التي تدرس، لكن أحدا من هؤلاء لا يفصح عن طرق التدريس، وعن كثير من الكتب الخاصة التي تدرس من خارج المنهاج، وعن المحاضرات والخطب التي يتم استخراجها من المواقع التكفيرية ـ الجهادية عبر شبكة الانترنت، في وقت تغيب فيه رقابة دار الفتوى بشكل شبه كامل، ما يجعل الأمور خاضعة لأهواء بعض المشايخ القادمين من جامعات إسلامية في الخليج لتعميم أفكارهم بين طلاب تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة!
تعمل المعاهد الشرعية بموجب حجة تصدر عن المحكمة الشرعية في المنطقة التي تتواجد فيها، أو بترخيص من دار الفتوى في بيروت يسمح للجمعية الاسلامية المرخصة أو الحاصلة على العلم والخبر من الدولة اللبنانية بممارسة التعليم الديني ضمن معهد خاص مخول بمنح شهادات بمستوى تعليمي ثانوي، على أن يخضع لإشراف دار الفتوى وأن تلتزم إدارته بالامتناع عن تدريس الفكر المتطرف أو الجهادي ـ التكفيري.
وتتضمن المناهج التعليمية في هذه المعاهد تدريس مواد: القرآن الكريم، الفقه والعقيدة، العبادات، الحديث الشريف، السيرة النبوية واللغة العربية، كما تدرس بعض المعاهد اللغة الانكليزية، وتخرج في كل عام المئات ممن يحملون شهادة بكالوريا شرعية.
وتعتبر بعض الأوساط الاسلامية أن أكثرية المتخرجين هم بمثابة عاطلين عن العمل، حيث لا يملك معظمهم القدرة على إكمال دراسته ضمن الجامعات الاسلامية، فيلجأون الى التعاقد للتعليم في بعض المدارس بأجور زهيدة جدا بما يشبه البطالة المقنعة، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل أي جهة قد تستفيد من الخلفية الاسلامية المتشددة التي تربوا عليها والعمل على تطويرها نحو مزيد من التطرف.
وتعمل هذه المعاهد بشكل مجاني، وبعضها يضم طلابا ذكورا فقط، وبعضها الآخر يجمع الذكور والاناث في صفوف منفصلة، ومنها ما هو «داخلي للذكور» وهذا النوع من المعاهد يثير فضول الأجهزة الأمنية وكثير من المهتمين لمعرفة النشاطات التي يقوم بها الطلاب والمناهج التي يدرسونها وبماذا يمضون أوقات فراغهم.
وتعتمد هذه المعاهد في تمويلها بالدرجة الأولى على السعودية، الكويت ومن ثم قطر، ما يضطر إدارات هذه المعاهد الى أن تسير وفق خطة ورؤية ومناهج وعقيدة وسياسة الجهات الداعمة.
يستميت القيمون على المعاهد الشرعية في الدفاع عن أنفسهم أمام الاتهامات بأنهم يمارسون شتى أنواع التحريض المذهبي فضلا عن أنهم يخرجون مجموعات من المتطرفين يحملون الفكر التكفيري والجهادي والذي يتماهى الى حد بعيد مع فكر تنظيم «القاعدة» وبعض الحركات الاسلامية التي تتبع المنهج ذاته.
كما لا تستثني هذه الاتهامات دار الفتوى لا سيما في طرابلس والشمال (حيث العدد الأكبر لهذه المعاهد) بأنها لا تمارس دورها في الرقابة الفعلية عليها.
ويؤكد رئيس «معهد الدعوة والارشاد» الدكتور حسن الشهال أن معهده يدرس الفكر السلفي الوسطي والمعتدل، ويرفض فكرة الارهاب جملة وتفصيلا ويحرم القتل، لافتا النظر الى أن المعهد يتعاون مع الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة، ويتلقى دعما سعوديا رسميا، وهو يعمل منذ نحو نصف قرن في محلة أبي سمراء. ويقول: نحن نتعاون مع دار الفتوى ونخضع لرقابتها، وإن كثيرا من متخرجينا يتعاقدون مع دار الفتوى ويعلّمون في المدارس المختلفة.
من جهته، يرى القيم على «معهد البخاري» في عكار الشيخ سعد الدين كبة أن كل ما يشاع حول قيام المعاهد الشرعية بتصدير الارهاب والتطرف يهدف الى ضرب التعليم الديني الاسلامي، مشيرا الى أن إدارة المعهد أدخلت مادة جديدة على منهاج المرحلة الثانوية ضد الفكر المتطرف، وهي تجبر الأهل والطالب على توقيع تعهد يتبرأ فيه من التطرف والارهاب.
ويقول: نحن لا نتعرض للمذاهب، بل نرى أنه من أوجب الواجبات الحفاظ على الأمن في البلاد، ولا شك هناك خلاف بين السنة والشيعة وحلها لا يكون إلا بالحوار بين كبار علماء المذهبين، شرط أن تسلم كل طائفة من الطائفة الأخرى في دينها ومالها وعرضها وأمنها.
ويؤكد مدير مكتب مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، الشيخ ماجد درويش أن دار الفتوى تساعد بعض المعاهد الشرعية لكنها لا تمارس رقابة عليها، وليس لها علاقة مباشرة بأي منها، لافتا النظر الى أن هذه المعاهد تأخذ تراخيصها من المحاكم الشرعية ومن دار الفتوى في بيروت التي من المفترض أن تطلع على المناهج التي تدرس، أما بالنسبة لما يشاع حول هذه المعاهد من تدريس للفكر المتطرف فهذا يعود الى الأجهزة المعنية في الدولة اللبنانية وإلى دار الفتوى.
ويرى كثير من العاملين على الساحة الإسلامية والمطلعين على نتاج المعاهد الشرعية، أن تلك المعاهد تحتاج الى رقابة أكثر حزما، لافتين النظر الى أن الفكر التكفيري ـ الجهادي يدرس اليوم في لبنان بأساليب وعناوين مختلفة، وأنه وبعد كثير من الدراسات تبين أنه يأتي من مصادر ثلاثة، أولها سجن رومية الذي تحول الى غرفة عمليات لتعليم الارهاب، وعبر شبكة الانترنت ومن المعاهد الشرعية، وعلى دور الافتاء والأجهزة المعنية التنبه لما يحصل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون