يحتاج الدارس لموضوع الشيعة في الكويت الى استخدام أسلوب علمي يبتعد عن الموقف المسبق، على النحو التالي: 1 - تاريخيا لم يكن هناك فرز طائفي ولا قبلي في الكويت، وما شهدناه في العقود الثلاثة الماضية هو شيء مستحدث، ولأسباب محددة، سنذكر بعضها.
2 - كانت الهجرات بين دول المنطقة شيئا مألوفا وفقاً للعوامل الاقتصادية، وأحيانا الأمنية، وقد تغير الحال بعد تدفق النفط لتصبح الكويت وجهة لهجرات مكثفة من دول الجوار، وتزامن ذلك مع الدعوة القومية العربية التي وجدت في الهجرة من إيران ـ تحديدا ـ قضية صراع، ولم يشمل الاعتراض بقية مصادر الهجرة، مثلما يقال اليوم عن كثافة وجود «العمالة الآسيوية» في دول الخليج تحديدا، رغم أن القائمة تشمل 192 جنسية.
3 - تسببت مرحلة الخلاف السياسي عام 1938 في إحداث أول فرز فئوي، ولم يكن الشيعة العرب معنيين مباشرة بهذا الفرز كونهم عربا، الى أن جاءت حقبة الإمام الخميني الذي اتبع سياسة تصدير الثورة، على النمط الثوري العربي في مصر وغيرها، فتوسع الفرز الفئوي في الكويت ليشمل جزءا كبيرا من الشيعة العرب وغير العرب.
4 - شجع النظام الانتخابي سائر شرائح المجتمع على الفرز لتجميع الأصوات، وتجذرت الفئوية بل ودخلنا في نظام المحاصصة في التشكيل الوزاري.
5 - المواطن الشيعي الكويتي بالعموم شخص منتج، تجد ذلك في المهن البحرية للعرب منهم وبالعمل في الإنشاءات والنشاط المالي لغير العرب، فهم مكون أساسي جنبا الى جنب مع اخوانهم من سائر شرائح هذا الوطن.
لقد علمتنا التجربة اللبنانية أن الاستقواء بدول الجوار مآله خراب الوطن، بل شهدنا ذلك في تجربتنا مع العراق والحال نفسه بين العراق وإيران، ولن يبحث أحد عن «خارج» يستقوي به إذا اطمأن للداخل، فالوعي بخطورة «الجار» وأطماع المغامرين فيه لا يجعل هذا الخيار مقبولا لدى أي فئة، والمرجو أن ترتفع نبرة العقل في هذا البلد، نعم يحق لنا أن نتفاعل مع قضايا دول المنطقة ومعاناة شعوبها، ولكن ليس من العقل أن ننقل تلك المعاناة إلى بلدنا بسبب ذلك التفاعل الزائد عن الحد، مثلما فعلت تلك التلميذة التي شارك والدها في حفل تكريم في مدرستها، فلما رأت ابنته أن أكثر من تلميذة صعدت لتسلم درع تكريمية لأنها ابنة شهيد، قالت لوالدها: «يبه، ليش انت مو شهيد؟». |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق