الجمعة، مارس 30، 2012

شيخ الأزهر : الديمقراطية هي الصيغة العصرية للشورى

شيخ الأزهر : الديمقراطية هي الصيغة العصرية للشورى
الاسلام يقر الحريات السياسية آخر تحديث:الجمعة ,30/03/2012
1/1
تتحقق الحياة الطيبة التي ينشدها المسلمون  مثل غيرهم من شعوب العالم  بكفالة الحريات واحترام حقوق الإنسان، وتقدير رغباته المشروعة، واحترام اختياراته ما دامت تتم عن قناعة ورضا وبعد دراسة متأنية لكل ما يحيط به .

وهذا ما حرص الإسلام على تحقيقه لكل أتباعه ولكل من يعيش على أرضه، فقد كفل الإسلام كل حقوق الإنسان، وأعطاه حق الاختيار حتى في أخص أمور العقيدة والعبادة، فالإنسان لا سلطان عليه في اختيار العقيدة التي يؤمن بها، ولا سلطان عليه في ما يفعله من خير أو شر سوى ضميره .

وما يهمنا الوقوف عليه هنا هو موقف الإسلام من الحقوق السياسية، وإقراره أو رفضه الديمقراطية الغربية بصورها المطبقة في الغرب وفي بعض البلاد الإسلامية، ومساحة الحرية السياسية في الإسلام، تلك الحرية التي تساعد على الاستقرار السياسي والاقتصادي وتدفع الأنظمة الحاكمة إلى العدالة الاجتماعية .

في البداية يؤكد د . أحمد الطيب شيخ الأزهر انحياز الإسلام للنظام الديمقراطي، القائم على الانتخاب الحر المباشر، باعتباره الصيغةَ العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، بما يضمنه من تعددية ومن تداول سلمي للسلطة، ومن تحديد للاختصاصات، ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسؤولين أمام ممثلي الشعب، وتوخي منافع الناس ومصالحهم العامة في جميع التشريعات والقرارات، وإدارة شؤون الدولة بالقانون  والقانون وحده  وملاحقة الفساد وتحقيق الشفافية التامة وحرية الحصول على المعلومات وتداولها .

وثيقة الأزهر

ويقول: لقد أكدنا في وثيقة الأزهر  التي صدرت مؤخرا بشأن التطورات والأحداث التي شهدتها مصر  على كل هذه المعاني، وطالبنا بالالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، واعتبار المواطنة مناط المسؤولية في المجتمع .

والذي يساعد على تحقيق الحريات السياسية هو الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، مع اعتبار الحث على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة في حق الوطن، ووجوب اعتماد الحوار المتكافئ والاحترام المتبادل والتعويل عليهما في التعامل بين فئات الشعب المختلفة، من دون أي تفرقة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين .

ويضيف د .أحمد الطيب: لقد قرر الإسلام الشورى قاعدة، من قواعد الحياة الإسلامية، وأوجب على الحاكم أن يستشير، وأوجب على الأمة أن تنصح، حتى جعل النصيحة هي الدين كله، ومنها: النصيحة لأئمة المسلمين، أي أمرائهم وحكامهم .

كما جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة لازمة، بل جعل “أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند سلطان جائر”، ومعنى هذا أنه جعل مقاومة الطغيان والفساد الداخلي أرجح عند الله من مقاومة الغزو الخارجي، لأن الأول كثيراً ما يكون سبباً للثاني .

يقول الخليفة الأول أبوبكر الصديق رضي الله عنه في أول خطبة له: “أيها الناس، إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته، فلا طاعة لي عليكم” .

ويقول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوب نفسي”، ويقول الفاروق أيضاً: “أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجا فليقومني . .”، ويرد عليه واحد من الجمهور فيقول: والله يا ابن الخطاب لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد سيوفنا .

ولا يجد عمر رضي الله عنه غضاضة في أن تعترض امرأة على رأيه بل يقول: “أصابت امرأة وأخطأ عمر” .

ويقول علي بن أبي طالب  كرم الله وجهه  لرجل عارضه في أمر: أصبتَ وأخطأتُ “وفوق كل ذي علم عليم” .

حقوق الشعوب

د .نصر فريد واصل  أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، مفتي مصر الأسبق  يتفق مع العالم الكبير د . أحمد الطيب في رفض الإسلام كل صور الحكم الديكتاتورية، ويؤكد أن الإسلام  الذي أقر كل الحريات  يقر الحريات السياسية ويجعل الأمة هي نفسها مصدر السلطات، ومن أهم حقوق الأمة حتى تكون مصدرا للسلطات أن يكون لأفرادها عن طريق مباشر أو عن طريق ممثليها الحق في اختيار الحاكم والحق في مراقبته ومحاسبته على أعماله . ومن هنا كان هذا الحق مكفولا لكل فرد بالترشيح والانتخاب لتولي الوظائف العامة في الدولة، سواء كانت نيابية أو تنفيذية .

ولما كانت الحياة السياسية في الدولة تختلف من عصر إلى عصر  حسب البيئة والظروف التي تحيط بالناس والمشكلات التي تجد  فلم نجد في القرآن ولا في السنة نصوصا صريحة في إقرار حق اختيار الحاكم أو مراقبته، بل ولا طريقة ممارسة الحكم، وإنما وجدنا في الشريعة الإسلامية مبادئ واضحة قد أقرت في هذا الشأن . وذلك أن الشريعة لا تستمد أحكامها من الكتاب والسنة فحسب، وإنما من مصادر أخرى أهمها الإجماع . وقد انعقد إجماع الصحابة في عهد الخلفاء الأربعة الراشدين على أحكام صريحة في شأن الحرية السياسية وسار عليها نظام الحكم في العالم الإسلامي .

ويضم د . واصل صوته إلى صوت د . الطيب في مسؤولية الشعوب عن فساد حكامها ويقول: الإسلام ألزم الشعوب بمراقبة حكامها ومحاسبتهم، وقد طبق الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم هذا المبدأ تطبيقاً جيداً، بل اعتبروا تقصير الأمة في مزاولة هذا الحق خطأ كبيراً وإثماً عظيماً، واعتبروا أن تمسك الأمة معهم بحقها في المراقبة إنما هو علامة على أن الجميع يسيرون في الطريق السليم الذي يرضي الله ويحقق السعادة والأمن لأفراد المجتمع الإسلامي، ومواقف الخلفاء الراشدين وحكام المسلمين الذين فهموا مسؤولية الحاكم وعلاقته بشعبه فهماً صحيحاً خير شاهد على ذلك .

وهكذا يتضح لنا كيف سبق الإسلام الديمقراطية الحديثة بتقرير القواعد التي تقوم عليها العلاقة العادلة والمثالية بين الحاكم والمحكوم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف جديد هذه المدونة إلى صفحتك الخاصة IGOOGLE

Add to iGoogle

المتابعون